|
حرية التبعير
|
الى متى الى متى ؟ اما آن لنخب المجتمعات المسلمة المقتفية باستسلام لأثر الغرب من خلال تلقي منجزاته بواسطة عقل استهلاكي فرح بما اوتي من منتجات مادية وفكرية دون ان يقدم او يؤخر فيها شيئا؟! ودون ان يكون له اي اسهام في بلورتها وانتاجها الابداعي الفكري؟.. أما آن لهم ان يترجلوا قليلا عن المطية نحو ارض الواقع الذي يريدون النهوض به كما يزعمون؟ هذا الواقع بتاريخه وجغرافيته وثقافته ومزاجه وقابلياته الممكنة جميعا؟ فلقد بلغت روح الاستهلاك واعادة الاستهلاك زباها حقا، دون ان يلتفت احد الى ان الاساس والاصل في عمارة الارض وحضارة الانسان عليها هو الانتاج او على الاقل اعادة الانتاج وليس الاستهلاك. فهذه الطريقة ( السهلة ) اعني طريقة الاستهلاك بنهم وجنون ، حتما سوف لن تنهض بشئن بل تحولت الى نوع من الارتهان الارادي الطوعي للاغيار. لم؟ اولا دعوني اقرر انني احصر كلامي ههنا في جانب محدد جدا من جوانب منجزات الفكر التي تقوم عليها علاقات المجتمع وتنبني فوقها برامج ومشاريع نمائه الشامل.. اقول ان هذه الطريقة الاستهلاكية في التعاطي مع انتاج الآخر الفكري بحجة ان حضارة الانسان حيثما كان قابلة لأن يرثها الانسان اينما كان .. فهذه الطريقة الانتهازية او لنقل الطفيلية تعتبر - منطقيا - بمثابة ممارسة نقل واستنبات نباتات جاهزة - ولا اقول بذور - اختصارا لعناء تطويرها والصبر عليها وتنقيتها وتغذيتها ، الأمر الذي قام بعبئه غيرنا بالوكالة هي نباتات منقطعة عن جذورها وبيئتها وشروط تطورها الطبيعي، فأنى لها ان تنبت في سياق غير سياقها وتتلقى رعاية عشوائية مفتعلة ومتخلفة غير ما ألفت وتكيفت معه ؟ أليس هذا نوعا من الفساد في الارض ونوعا من الركون الى البوار الفكري ومحاولة لرهن قدر ومصير مجتمعاتنا بمشيئة وتقديرات مجتمعات اخرى هي الفاعلة وهي المبدعة وهي القائدة؟ وضع محزن أليس كذلك؟! انه قبول بالمسكنة والتبعية المطلقة لنموذج مكتمل وجاهز، وفوق ذلك نبذل الغالي والنفيس نحو دفع مجتمعاتنا العاطلة عن الموج بالقوة والتدابير والنضال نحو الخضوع لصفعات رياح المجتمعات الفاعلة، ولكن النتيجة دائما هي احداث ( جلبغة ) وعواصف هوجاء تفقد مجتمعاتنا توازنها وسرعان ما تعود الى الركود مجددا ، ودونك الحال. فالرياح غير طبيعية ولا تهب من جهتنا ولا من سمائنا وفصولنا وبالتالي فهي تزول بزوال الصدمة القسرية و بعد وقوع كثير من الاضرار والخسائر الى متى اذاً؟ الى متى نجتر اسس ومناهج ادارة حراكنا الفكري والسياسي من هذا الغرب ؟ لقد ركنا طويلا الى الاستهلاك المادي الغذائي والتكنولوجي والرفاهي ولكن حتى النظريات الفلسفية والفكرية نتلقاها باستسلام وتسبيح فنستهلكها حامدين شاكرين ، وفوق ذلك نعتبر ان من يرفض هذه المسكنة مجرما وقبيحا وانتهازيا معيقا لتطور البلاد و لمصلحة الشعب ؟ هذا ببساطة وقناعة مطلقة !! يحدث ذلك دون شعور احد بالقلق او الحاجة الى اعادة النظر في المشهد خذ مثلا اين حرية التعبير منا ؟ التعبير بمعناه الشامل : التعبير عن القدرات والمواهب والافكار الجديدة والمكنونات الايجابية كافة؟ كيف حولناها بعبقرية نخبنا الى سلعة مستوردة؟ لماذا حرية التعبير عندنا في حد ذاتها استهلاك مركب ؟ لماذا هي : عملية استهلاك لحرية التعبير التي في مصدرها الاصلي/الغرب لماذا لا تكون وسيلتنا في اخراج مكنوناتنا النافعة بما يشكل اولا اسهاما تنمويا ينسجم ويتساوق مع ظروف مجتمعاتنا وخصوصية حضارتنا وتاريخنا مما يضمن لها القبول والنجاح .. وثانيا يشكل اضافة لمنجزات الحضارة الانسانية على اوسع نطاق. ان عقليتنا الاستهلاكية السلبية ازاء قيمة حرية التعبير تتجلى على نحو فاقع في كوننا استجلبناها نباتا مترعرعا تماما في الغرب ثم حصرناها حال شتلنا اياها كما هي وباخلاص تام وسط مجتمعنا حصرناها في اصيصين لا ثالث لهما وهما: حرية تعبيرنا عن الجنس بلا قيود او حدود والدفاع عن ذلك وحرية تعبيرنا عن فشل واعاقة المقدسات والشرائع الدينية. فقط هذا ما نفهمه عن جدوى وضرورة ( حرية التعبير ) ولعل من اهم علامات سوء فهمنا الاستهلاكي ازاء تلك المفردة من مكونات الثقافة الليبرالية الغربية، جعلنا اياها هدفا ومنجزا بحد ذاته، وثانيا نفينا للآخر اثناء ممارسة مقتضيات حرية التعبير على هذا النحو !! بمعنى اننا حينما نطالب وندافع ونتحدث عن حق الآخر في التعبير عن نفسه ورأيه وتوجهه فاننا نقصد انفسنا باعتبارنا نحن المعرضين للقمع من جانب مؤسسات مجتمعاتنا القبلية والديكتاتورية والدينية الخ وننسى اثناء ذلك ان خصومنا المحافظين يشكلون (آخر) ايضا له حقوق يجب الالتزام بها ، واقلها احترامنا لتوجهه وعقيدته ورأيه الذي هو ضدنا بوقوة، علاوة على حقه في تطبيق هذه العقيدة والرأي والتوجه الفكري على ارض الواقع نفسه هذه المسلمة - مليا - غائبة وان ابديت على استحياء لماما مع انها ابجدية واساسية فدعاة كفالة حرية التعبير المستهلكة في مجتمعاتنا- بواقع الحال والممارسة الماثلة - يقصدون انفسهم دائما ولا يتذكرون ان الآخر يمكن ان يكون سواهمن فهم فقط هذا الآخر الذي له حقوق.!! لماذا هذا الوضع؟ ذلك لأنهم استهلاكيون ، ومطالبهم ليست نابعة عن تكوينهم وانما هي استنساخات لمطالب وقعت خلال تاريخ تطور الغرب السياسي والاجتماعي . اجل .. التعبير عندنا هو عمل احتجاجي تمردي دائما وبالضرورة ، ولم يتناه الينا جيدا ان ذلك جانب ضئيل من نعمة التعبير التي هي اساسا عملية بناء ووسيلة انتاج نضيف ونسهم بها في ازدرهار الحياة.
يكفي مثلا ان تجلس الى اي جيل من اجيال النخب المثقفة في بلادنا ..استمع كيف يتحدثون بحنين عميق عما كانت ( تقدمه الدولة) لهم من امتيازات وخيرات وخدمات ، دون ان يطيلوا حديثا عن اسهامهم هم الفكري والابداعي والعملي في بناء صروح نماء تلك الدولة وتقدمها اللهم الا جانب واحد : هو اسهامهم المعبر عنه في صورة احتجاجات وثورات وتمرد ضد نظام الحكم .. فهذا غاية ما يعرفون عن ايجابية التعبير الفكري والتغيير الخلاق ! والغريبة انها جميعا كانت ثورات تمخضت عن انتاج فئران وقوارض اخذت مجددا في الحفر ضد اسس الدولة ومشاريع الرفاه الفقيدة !. هذا مبلغ حدنا من العلم بالتعبير والحرية وضرورتها ووظيفتها. رغم وجود ثرثرة لا حد لها عن انه لا بناء ولا تنمية بلا حريات !! لم يلتفت احد الى ان هذا كلام صحيح في مكانه وغير صحيح في حالتنا ، لأن الحرية اشمل من اختزالنا لها في مجرد الاحتجاج العاطفي والتمرد ووالدفاع عن التمرد ضد القيم المحافظة وكفى الحرية لا قيمة لها اذا لم تتحرر من هذا المفهوم الضيق الذي يحولها الى سلعة استهلاكية لا جدوى منها قط اذا لم يعبر عنها في صورة عمل ايجابي وواقعي وبناء ينفع الناس ويمكث في الارض. اقول قولي هذا واستغفر الله لي ولكم. ___________________ رب اشرح لي صدري
|
|
|
|
|
|
|
العنوان |
الكاتب |
Date |
حرية التبعير | محمد عبدالقادر سبيل | 07-21-09, 12:52 PM |
Re: حرية التبعير | عزاز شامي | 07-21-09, 01:39 PM |
Re: حرية التبعير | عبدالله شمس الدين مصطفى | 07-21-09, 01:47 PM |
Re: حرية التبعير | محمد عبدالقادر سبيل | 07-27-09, 08:23 AM |
Re: حرية التبعير | محمد عبدالقادر سبيل | 07-28-09, 12:51 PM |
Re: حرية التبعير | محمد عبدالقادر سبيل | 07-21-09, 02:01 PM |
Re: حرية التبعير | مهيرة | 07-21-09, 02:15 PM |
Re: حرية التبعير | محمد عبدالقادر سبيل | 07-23-09, 07:22 AM |
Re: حرية التبعير | عزاز شامي | 07-21-09, 02:24 PM |
Re: حرية التبعير | محمد عبدالقادر سبيل | 07-21-09, 03:15 PM |
Re: حرية التبعير | عزاز شامي | 07-21-09, 05:48 PM |
Re: حرية التبعير | كمال عباس | 07-21-09, 05:53 PM |
Re: حرية التبعير | esam gabralla | 07-21-09, 06:43 PM |
Re: حرية التبعير | محمد عبدالقادر سبيل | 07-22-09, 11:46 AM |
Re: حرية التبعير | كمال عباس | 07-21-09, 06:49 PM |
Re: حرية التبعير | كمال عباس | 07-21-09, 08:26 PM |
Re: حرية التبعير | عزاز شامي | 07-21-09, 08:45 PM |
Re: حرية التبعير | محمد عبدالقادر سبيل | 07-22-09, 09:14 AM |
Re: حرية التبعير | محمد عبدالقادر سبيل | 07-22-09, 10:29 AM |
Re: حرية التبعير | محمد عبدالقادر سبيل | 07-25-09, 08:56 AM |
Re: حرية التبعير | محمد عبدالقادر سبيل | 07-26-09, 08:52 AM |
Re: حرية التبعير | كمال عباس | 07-26-09, 01:56 PM |
Re: حرية التبعير | كمال عباس | 07-27-09, 01:14 PM |
|
|
|