|
الحراك السياسى بين الاقلية المنظمة و الاقلبية المبعثرة الجزء الخامس
|
الصراعات الداخلية التى تحدث فى الدولة غالبا ما تكون بين ثقافات محلية مختلفة تريد فرض او اثبات وجودها بين الثقافات المسيطرة على واقع الحال . فهى اى تلك الثقافات المحلية قديمة الوجود و لكنها مغمورة و مضهدة لا تملك اليات الصراع او الظهور و لعب ادوار مؤثرة داخل مجتمعات الدولة الواحدة . و لدينا امثلة لذلك مثل الثقافة الزنجية و التى تمثلها ثقافة الجنوب والفور { دارفور مثلا }و ثقافة الشرق و الثقافة النوبية . قد يكون لتلك الثقافات عوامل مشتركة بينها ان كان ذلك فى التقاليد او العقيدة او اللغة و قد لا يكون بينها اى روابط غير الوجود فى مكان واحد او بلد واحد . و ظهور تلك الصراعات و تحريكها ياتى غالبا عندما يحل الاضهاد و الشعور بالظلم و التهميش . فالثقافة المسيطرة او الحاكمة و هى الان الثقافة العربية الاسلامية عليها التعامل مع تلك الثقافات المضهدة والمتمردة بكل حذر و ذكاء فاما ان تحتضنها و الالتفاف حولها و اعطائها مساحة للظهور و التعبير عن نفسها بايجاد قواسم مشتركة فى الادارة و الثروة . او محاربتها بشتى الطرق للقضاء عليها . و من التجارب و الحراك السياسى الظاهر ان الحل الاول هو الانسب و الصحيح فمشكلة الجنوب انتهت بالمصالحة و الاتفاق و كذلك مشكلة دارفور يجرى الان العمل على حلها سلميا و الوصول الى اتفاق لاعطاءها مساحة للمشاركة في ادارة البلاد و اثبات و جود ثقافتها و كذلك مشكلة الشرق و التى تم حل جزء منها و لازال بقية الصراع يتحرك لايجاد الحلول المناسبة . المهم فى الامر هو كيفية ادارة تلك الصراعات و تحييدها لكيلا تحدث شرخا او تمزيقا للبلاد و توسيع رقعة الخلافات بينها و التى يمكن بالحكمة و الهدوء و الصبر و التروى و قراة التاريخ القديم و الجديد المعاصر لتلك الثقافات قراة صحيحة و حيادية فاننا قد نصل الى حلول ناجعة و اتفاقات ترضى جميع الاطراف . و فى بلد كالسودان متعدد الثقافات و الاعراق و اللغات و التقاليد لابد من العمل على اتاحة الفرصة لتلك الثقافات للظهور و التالف و ايجاد قواسم مشتركة و مساحات ظهور متعادلة لتنتج منها حضارة سودانية مميزة تستطيع المنافسة وفرض وجودها بين الثقافات المختلفة . اذا لابد للسلطة الحاكمة من التفكير الجاد فى توسيع مواعين الحكم باتاحة الفرصة للاخرين بالمشاركة و هذا ما يفرضه الواقع و تمليه طبيعة الحياة و الوجود . فالثقافات السودانية المختلفة تتحرك ايضا فى عضوية الاحزاب رغم عدم مقدرتهاعلى الاقل حتي الان فى ربطها او توحيدها فهى اى الاحزاب تملك حيزا فى الساحة الاجتماعية و السياسة و لابد من الاستماع اليها و اتاحة الفرصة لها للمشاركة فى الحكم و الثروة هذا اذا اصلحت من حالها و لملمت اطرافها المبعثرة و جماهيرها و تسلحت بالاليات قادرة على الصدام و اثبات الوجود . فكل هذا التنوع و التباين يمكن ان يكون حضارة سودانية مميزة و قادرة على الصراع بين الحضارات المختلفة و هذا ليس مستحيلا او ضربا من الخيال و الوهم بل يمكن بالتصالح و الجدية و الاعتراف بالاخر و القبول به . و على المختصين و المهتمين بدراسة الثقافات السودانية العمل على ايجاد الصيغ المناسبة لتوحيدها وذلك بافساح الحكومة لهمالمجال بعقد المؤتمرات واللقاءات لصناعة ثقافة سودانية واحدة تجمع ذلك الشتات و هذا التباين لزراعة بستان متنوع الثمار و الاشجار و انتاج باقة من الزهور عطرة الرائحة تسر الناظرين و لا مستحيل تحت الشمس . و اذا نظرنا للحضارة الاوربية و الامريكية نجدها تكونت فى رحم المجتمع بعد صراعات و حروب و تنازلات جعلتها تسيطر على العالم باسره بالتوافق السياسى و الاجتماعى وبناء العنصر العسكرى القوى بجانب الاختراعات والبحث العلمى و التى جعلت منها حضارةقوية و مسيطرة . و السودان بلد يتمتع بكل مقومات البناء الحضارى من موارد و ثروات طبيعية و بشرية و تاريخية قادرة على جعل المستحيل حقيقة واقعة اذا التزمنا جميعا بالعدالة و المساواة و قبول الاخر و البعد عن الاستعلاء و الانانية و الاستخفاف بموروثات و تقاليد الاخرين رغم حسها البدائ و صغر حجمها الاجتماعى و قد نجد فى دواخلها عند دراستها و تقييمها ما يفيد الثقافة العامة و يضيف لها من ابداعات تكملها و تؤثر فيها و هذا متروك لذوى الخبرة و التخصص و هم كثر . فقد سبق لهذه الفكرة ابراذ العروض و الابداعات الفنون الشعبية و التى اهتمت بابراذ الغناء و الرقصات الشعبية و لم تهتم بالتراث الفنى و التاريخى و التقاليد و الممارسات الاجتماعية اليومية من افراح و اتراح و انتاج مسرحى وادبى يعبر عن الحياة اليومية لتلك الثقافات و دراسة اللغات المحلية و ترجمتها للغات السائدة و كل ذلك يصب فى و عاء الوحدة الوطنية و التالف لتجنب الاحتراب و الفرقة و الشتات و يساعد فى تكوين الحضارة السودانية المميزة التى نتطلع اليها ..
|
|
|
|
|
|