|
Re: كليلة و دمنة" التاريخ و المضمون (Re: wedzayneb)
|
أخوتي و أخواتي
أهديكم هذه القصة القصيرة المليئة بالعبرة من كتاب " كليلة و دمنة"،مع الاختصار غير المخل. و ردت القصة تحت العنوان: باب الجرز و السنور. و لكم أن تسمونها : " حيلة العقدة الأخيرة "1
كان بأرض سرنديب دوحة في أصلها جحر لسنور اسمه رومي و بالقرب منها جحر لجرز يسمي فريون. و أن صيادا مر و نصب حباله ذات يوم فوقع فيها رومي. و خرج الجرز يبتغي ما يأكل و هو مع ذلك حذر يتلفت و ينظر. فلما رأي السنور مقتنصا في الحبال فرح. لكنه عندما التفت خلفه أبصر ابن عرس قد تبعه، ثم نظر فوقه فاذا بومة علي الشجرة ترصده. فخاف ان انصرف راجعا أن يثب عليه ابن عرس، و ان ذهب يمينا أو شمالا أن تأخذه البومة، و ان تقدم فالسنور أمامه.000 فقال الجرز : هذا بلاء قد اكتنفني و شرور قد تظاهرت علي، ولا مفر لي الا عقلي و حيلتي، ثم دنا الجرز من السنور و قال: لعمري كان يسرني ما ساءك، لكن اليوم شاركتك في البلاء، فلا أرجو خلاصا الا بالأمر الذي أرجو لك به الخلاص. و أنت تري مكان ابن عرس كامنا لي، و البومة تريد اختطافي، و هما يخافانك و يهابانك. فان أنت جعلت لي أن تؤمنني، ان أنا دنوت منك، فأنجو بذلك منهما فاني مخلصك مما أنت فيه.000 فلماسمع السنور مقالة الجرز سر بها و وافقه عليها. قال الجرز: فاذا دنوت منك فلير ابن عرس و البومة ما يعرفان به صلحنا فينصرفا اّيسين. و أقبل أنا علي قرض الحبال. فلما دنا الجرز من السنور أخذه فالتزمه. فلما رأت البومة و ابن عرس ذلك انصرفا خائبين.000 و أخذ الجرز في قطع حبال السنور فاستبطاه السنور و قال للجرز: ما أراك جادا في قطع رباطي، فان كنت حين ظفرت بحاجتك تبدلت عما كنت عليه و توانيت في حاجتي، فليس هذا للكريم بخلق. قال الجرز: الأصدقاء صديقان: طائع و مضطر، و كلاهما يلتمس المنافع و يحترس من المضار. فأما الطائع منهما فليسترسل اليه فيها و يوثق به علي كل حال، و أما المضطر فان له حالات يسترسل اليه فيها، و حالات يتقي فيها. و أنا واف لك ما جعلت علي نفسي، و محترس من أن يصيبني منك كثل الذي ألجأني الي صلحك. و أنا قاطع حبالك لوقتها، غير أني تارك عقدة واحدة أرتهنك بها، فلا أقطعها الا في الساعة التي أعرف أنك عني فيها في شغل. ففعل ذلك. و باتا يتحادثان حتي اذا أصبحا اذا هما بالصياد قد أقبل من بعيد. فقال الجرز : الاّن جاء موضع الجد في قطع بقية حبالك. فقطع حباله. و لم يدن منهما الصياد حتي فرغ الجرز، علي سوء ظن من السنور و دهش. فلما أفلت عاد الي الشجرة فصعدها، و دخل الجرز الجحر، فأخذ الصياد حبائله مقطعة و انصرف خائبا.000 و مرت الأيام و كل من فريون و رومي مشغول بما هو فيه من أمور الحياة، ثم التقيا ذات مرة فقال السنور: أيها الصديق ذا البلاء الحسن، ما يمنعك من الدنو مني لأجزيك بأحسن ما أبليتني؟ هلم الي و لا تقطع اخائي. فأجابه الجرز أنه رب عداوة باطنة ظاهرها صداقة، و هي أشد ضرا من العداوة الظاهرة. و أن من كان أصل أمره عداوة، و تحدث صداقة لحاجة حملته علي ذلك، فانه أذا ذهب الذي أحدث ذلك، صار الي أصل أمره، كالماء الذي يسخن بالنار فاذا رفع عنها عاد باردا. فلا عدو أضر لي منكو قد كان أضطرني و اياك أمر أخرجناالي ما صرنا اليه من المصلحة. و قد ذهب الأمر الذي احتجت الي و احتجت اليك فيه. و أخاف أن يكون معك ذلك عود العداوة بيني و بينك. و البعد لك من الصياد، و البعد لي منك من أحزم الرأي. و أنا أودك من بعيد، و لا عليك أن تجزيني بمثل ذلك، ان رأيت.و السلام.00000
|
|
|
|
|
|
|
|
|