|
تور الساقية وسودانيز اون لاين
|
كانت رحلته اليومية مثل ثور الساقية روتينية من الحقل الى الساقية وبالعكس، ينهمك في عمله وعندما يفرغ منه يعود بنفس الطريق الذي سلكه بالامس وقبل الامس وقبل بضعة اعوام، حفظ معالم الطريق، لم يعد فيها ما يسترعي انتباهه ، حتى الاشارات الضوئية قد حفظت ملامحه0 كان كل شيء قائما كما هو رماديا، الملل ممتزج بالهواء الذي يتنفسه، تواصله مع بعض معارفه يخرجه لبضع ساعات من بوتقة الضجر ليعود راضيا مرضيا0 ثور الساقية اسعد حالا منه لان هنالك من يرعاه0 منذ بضعة ايام احس ان التواصل معها يشحذ همته، ولم تعد الاشياء امامه رمادية، واكتشف ان له روحا وثابة ونفس تواقة للتفاعل مع الآخرين0 كل ذلك تم بمحص الصدفة0 وجد قائمة الراغبين في المراسلة بموقع سودانيز اون لاين ورغم توجسه فقد اختار رمزا ما، هي محاولته الثانية ليراسل عبر الانترنت، المرة الاولى قبل عام حاول ان يقيم صداقة مع شاب مثله عبر الانترنت، الآخر بارض الوطن وهو بهجير الغربة، تبادلا بضع رسائل ثم فجأة توقف ذلك الشاب واختفى ولم يعد له أثر0 احس صاحبنا وقتها بالاسى ثم نسى الامر، هذه المرة اختارها دون قصد، خبط عشواء، لم يكلف نفسه ان يكتب لغيرها ، أكسلا منه أم أن دواخله تدرك انها سترد، لم يكن يدرى 0كتب اليها رسالته0 الاولى الى انسانة عبر الانترنت، وكاد ان ينسى وحين فتح بريده لمح ردها، وكدأبه الروتيني رد عليها ، لا زال الثور بين الساقية والحقل، داهمته الصبية ، بهرته تعليقاتها الذكية، واسلوبها الهاديء، أعجزه ان يجاريها، تذكر صاحبنا ان له مخا، حك رأسه،لا يدري هل حكه باحثا عنه ام يائسا منه0 انه لم يستخدمه منذ امد بعيد، تفحص صلاحيته ، لحظه الحسن لم يعطب بعد، ولكن بنت العناكب حوله قصورا وبيوتا0 حين خرج من غرفته هذا الصباح لمح امام شقته شجرة مخضرة وسمع عصافيرا تغرد ورأي أخرى تتقافز بين الاغصان، غمره احساس بالفرح، اين كانت هذه الشجرة من قبل؟ صفعته نفسه: بل اين كنت انت ايها الثور؟
في الطريق الى الشركة شاهد احواضا من الازهار والورود على جانبي الطريق حمراء، صفراء بنفسجية تسر الناظرين، مر بها آلاف المرات ولكنه اليوم يلتفت ليراها0 ما أرق مشاعر الذين زرعوها0 في طريق عودته الى البيت دخل مكتبة وخرج يتأبط كتبا وقال لنفسه ضاحكا: لم اعد ذلك الثورالذي يحترق بين الحقل والساقية0
|
|
|
|
|
|
|
|
|