لعلنا لم نُصغْ جيداً لصدى أصواتٍ أولجناها بغتة في فضاء حياتنا، وما كان لها أن تكون لولا أننا تحولنا تماماً إلى كائنات تسمرت أبصارها، وتفاعلت أرواحها كلية بشاشات ناطقة.. أضحت تلك الشاشات محور حياتنا، ومحرضها، ووقودها الداعم، فمن غناء، إلى مسرح وسينما، وبرامج متنوعة... تجعل المرء مِنا يدرك ما يجري في القرية الكونية، وما يحيكه الإنسان للإنسان...
وبضربةٍ مُحكمةٍ تحولنا إلى الإنترنتِ وفضاءاته الإلكترونية التي تحولت في ذواتنا إلى حياة مضافة، طوت مسافات شتى، ومنحتنا مساحات ضوء ونضار أعاننا على التخفف من أعباء تطحننا.. و حملنا مذ جئناها بمحمل الجدِّ، ولم نتوان نقطف ونلتهم رغم شساعة المعروض، ما يلقى في النفس هوى، أو ينفع لب، ويجتث جهالة... لبثنا فيها كبيوتٍ لنا، يغشانا حُزنُ أحدنا لمرضٍ، أو موتٍ، أو هجر، أو حتى لمِزاجٍ رمادي، وتنفك أساريرنا من عبوسها المقيم لميلادٍ، أو خِطبةٍ، أو نجاحٍ، أو إصدارٍ جديدٍ، أو أ
أنظر الآن إلى حياتي -ذا رغم أني ليس بمتتبعٍ جيدٍ حصيفٍ لأسبابٍ متباينةٍ- فلا أعثر ولو قليلا على ما كنته قبل تسمري، اللهم إلا ما أنا عليه من حالٍ ومآلٍ، لكنما مداراتي باتت فضائية محضة: كتابة، مهاتفة، حوار، لقاء، . . . والجميع كان شخوصاً أمرق إليها عبر التقاء الحروف، وها أنا أجيل الكف على الكفوف وقد يمتد لي أو لغيري أو يقصر الالتقاء وقد يتحول لأواصر قُربى
ولما كُنتُ بالكادِ ألقى بضع سويعات أدلف خلالها لبعض الأمكنة هنا وهناك أستريح من وعثاء الكد والكدر بين جنباتٍ حروف وارفة أنظر عبرها لأرواح باسقة مانحة وتتفاوت تلك السويعات بين يوم وآخر وقد لا يكون هناك ثمة مجال لعدة أيام
ولما كنت لا أملك ولا أقدر على رد الظلم والعدوان الذي حيك بليل ونال من مكان انطبق عليه كلية ما تقدم.. فإني أملك سلطة الإدلاء باستهجاني الشديد اللهجة على ما اقترف بحق هذا الكيان وأهله وقاطنيه جميعا من إهدار للجهد الذي بذل والوقت الذي استنفد والمال الذي وجه
لكأنه/م بعمل لا يمت للإنسانية بصلة كهذا أهدرت/م حق غيركم لأنك/م ملكت/م الوسيلة التي بها يمكنك/م ذلك فما أنت/م فاعل/ون لو كنت/م مكان من أُلحق بهم الضرر الجسيم المعنوي والمادي؟
ومن هنا أيضاً وبينما الفضاء ناله ما ناله من ارتباك وبقي به ما بقي فإني أحولُ ملفي (بأنفاسٍ لاهِثةٍ) والذي نالت منه يدُّ الإثم والعدوان والمكر إلى هذا الملف تذكرة بأن هناك من يمكنه في غفلة منك أن يفسد عليك بعض ما بمقدوره أن يبث في بؤس روحك لحظة فرح وفي الوقت عينه نصرة للعزيز بكري وهو يجابه كل هذا بالصبر والمكابدة لإعادة الأمور إلى نصابها وقد كان كافياً عليه لو تعلمون إدارة هذا المكان والماء يجري سلسبيلا
أعانك الله بكري وإليك ذات ما بدأت به وأتلفته يدُّ العبث..
11-01-2008, 02:20 PM
انور الطيب
انور الطيب
تاريخ التسجيل: 10-11-2003
مجموع المشاركات: 1970
Quote: هنا أيضاً وبينما الفضاء ناله ما ناله من ارتباك وبقي به ما بقي فإني أحولُ ملفي (بأنفاسٍ لاهِثةٍ) والذي نالت منه يدُّ الإثم والعدوان والمكر إلى هذا الملف تذكرة بأن هناك من يمكنه في غفلة منك أن يفسد عليك بعض ما بمقدوره أن يبث في بؤس روحك لحظة فرح وفي الوقت عينه نصرة للعزيز بكري
معك بأنفاس لاهثة أخي بلة محمد الفاضل ونصرة للعزيز بكري ... مع خالص الشكر والتقدير
11-03-2008, 12:35 PM
بله محمد الفاضل
بله محمد الفاضل
تاريخ التسجيل: 11-27-2007
مجموع المشاركات: 8617
نفسُ الأنفاسِ، خلعتُها قبل ليلتين.. والطريقُ لم يك ينتهي عند الجِدارِ، أو كُنا -حين تشتهينا الإيحاءاتُ- نُمعنُ في ركلِ الحصى.. إن كُنا حينها انتهينا، ما رشق الجِدارُ خلاياهُ الطينيةَ اكتفى بإشارةٍ اضطراريةٍ تحولنا إلى مسارٍ جديدْ... 14/10/2008م
11-01-2008, 08:15 PM
بله محمد الفاضل
بله محمد الفاضل
تاريخ التسجيل: 11-27-2007
مجموع المشاركات: 8617
- الدّنيا ظلمة.. قهقهَ الحُزنُ بانتِظامٍ، وأرسلَ ضَفائرَهُ. - هُناك من قرعَ الطُبُولَ، وأنتظرَ النَّهارَ، فما أتى. - تسترسلُ الأحلامُ، - خلسةً – وتبدو مُبهمةً، ترتعدُ. - لا تأخذكَ حين يمنحكَ الرذاذُ ارتعاشا: بارقةُ أملٍ. أمضي في ثنايا الظُلمةِ مُبتهِجا، فقد تآكّلت خواطركَ، ذاك قدرك. ابتسم في وجهِ الطُوفانِ الأتي، ولا ترتدّ. - الضوءُ يلِّجُ بغتةً، - دوننا – بين أُولي النّهي والرِّياش، لا بأحضانِ الصعاليكِ. - لتمتدّ يدكَ تُنعشَ تآكّلَ الرأسِ، قد تورّمَ الجلدُ، ولا تدمّيه. انتعلَ أفكاركَ الهزيلةَ، وأمضي. - تلك التعاسةُ ما بها، لماذا لا تبتسمْ في وجهي، ترسلُ أفيونَها المدسوسَ في ذاتي، كالبريقِ !! فقد أدمنتَها.
الكُؤوسُ في يدي تترّا، ولا تجادلْ، ترتجفُ وتُغادرُني في العُمقِ.
أزرعُ في جوفي هدوء، أطوي المسافاتَ على الكُرسي، في سُكُون.
تأخذُني الأيَّامُ في الدفءِ/ تعصَّرُني / تذوَّبُني/ ولا أنجو.
أستجدي الطُرُقاتَ مُبتسِماً... هل هُناك ظِلّ؟
تنفلتُ السُخريَّةُ، ترسمُ نفسها على محيَّاهم، - إني غريبْ – - سِيّان... إذا مضتْ بِكَ الأيَّامُ، أو مضيتَ مُنتعلاً الصبرَ، فالمسارُ على لظًى. - تُكبَّلُني الطُرُقاتُ المُتوثّبةُ، والموجُ الهادرُ والبُركانُ. أتلوَّى على مضضٍ، ألوانُ الحرباءِ تستهويني.
تلك الزخارفَ تبدو كالرمزِ، على حنطةِ الكلِماتِ. - لم يتوقَّفْ... مسّتهُ الأنامِلُ فتحوَّرَ وتشكلَ، في نشوءٍ. - من يستدين! فقد مضتْ أعوامٌ قبل البون، من غيرِ ارتياد... لقد أدمنتُها!!
الحُزنُ الميتُ في الأحداقِ، ألمٌ، أحزانٌ دافئةٌ. والصرخةُ تموتُ في أحشاءِ الليلِ، ولا أسفْ!!
عيوني بريشةِ فنانٍ، أتقنْ دفنَ الأشياءِ خلفها.
احتكمْ الليلُ إلى الصّمتِ، فأنصفتهُ الأضواءُ، وأندحر.
أين ضاعْ القمرُ؟
تلك الليلةُ النّهاريةُ، سألجُ إليكِ، وأقبضُ في شوقٍ على شيءٍ، وقد صمدْ السُكُونُ.
أحاولُ إخفاءَ وجهي، أنفاسي وأحاسيسي، فما استعطتْ. وأبدو كأني بلا حراكٍ، يتسمّرُ في جُدُرانِ شغبي خُفُوتٌ، فلا تنفلتْ الذراعُ لضيقِ القُيودِ، ولا ترتفعْ. - يبدو عليكَ الأرّقُ، وقد اندثرتْ عن مِعصميكَ، أصواتُ الخُضُوعِ. وبلا رتاجٍ.. ها قد اِرتفعتْ يداكَ إلى الرأسِ، اندهشتْ. - يُخالُ إلىَّ أني كالنعامِ، ببطنِ يديّ أخفي رأسي، وأغدو بعيداً .... بعيداً.. عن بابِ الحياةِ، وأقرعُ باباً يضجُ انفِلات، وأدخلُ دارّاً تُسمي انطلاق، أجوبُ وحيداً بمُنحناه، وأسري كطيفٍ بكُلِّ السُهُولِ والمُرُوجِ والظِلالِ. . . . هكذا وصلتُ الانفلاتَ، مُهترِئ الأقدامُ والإحساسُ، مُدمّى الخواطرُ، وأطرقُ الأبوابَ، ولا تستجيبْ سِوى الأحزانُ، في المدى صريراً... 24/7/1997م
11-03-2008, 01:32 PM
بله محمد الفاضل
بله محمد الفاضل
تاريخ التسجيل: 11-27-2007
مجموع المشاركات: 8617
Quote: والرُّوحُ روضَها هذا الطريقُ، وإن أبدتْ نواجذَها... فشتانَ بين القَطعِ، والحبسِ..!!
الأديب الراقي الرائق بلة محمد الفاضل ، شكرا جزيلا لك ولبنانك الذي يذهب بالكلمات إلى الوجهة التي يريدها ونتقاطع معها في كثير من الأحيان ، فالأرواح جنود مجندة تلتقي وتأتلف ، تتباعد وتختلف ، وتظل سرا يحيرنا إلى الأبد "وإن بدت نواجذهافشتان بين القطع والحبس !!!!
لك الشكر والتقدير .... .
12-27-2008, 01:26 PM
بله محمد الفاضل
بله محمد الفاضل
تاريخ التسجيل: 11-27-2007
مجموع المشاركات: 8617
لعمري لو كنت أعلم أن مذاق عتابك حلو هكذا ؛ شهد المذاق لتركتك تعاتبني فأنا صديقك الأحمق .. ولعمري أن حرفك من أرقي الحروف القلائل التي تنضح بها الساحة- لا تقل لي سم لي ما تقصد بالساحة !!- وخاصة عندما تسكنك الفكرة .. فالغربة إثم كبيرة ولكننا نرتكبه..للإثم طعم نعرفه..ثماره ناضجة.. أخاذة ومغرية.. جميعنا قضموا منها..وأكلوا منها في البطون..فانتفخت ..وتدلت أمامهم. الإثم ابن المعصية.. كذا قال أجدادنا الذين إغتربوا ثم وضعوا لعبة الحياة الدنيا في كفهم.. تأملوها باستهزاء.. بصقوا فوقها.. ثم ألقوا بها وراء جبل شاهق.. قالوا عنه إنه جبل تتجمع خلفه الشياطين.. الإغتراب إثم كبير فالإثم يولد من رحم المعصية.. كذا قالت الأسفار القديمة..المتوارثة عن السلف .. يولد الإثم مخلوقا مشوها.. أدري أنني أحمق قد أنكد عليك يومك فاغفر فالقلوب النبيلة لا تمل الغفران بينما أنت أسعدتني فهل جزاء "الإحسان إلا الإحسان "!! فما عساك فاعلٌ بأحمق؟ ربما لأن فينا نزعة من سنمار ؛ هذا قدرك !!.. مودتي
إن المبدعون شزر يتناثر بفوهات الأقلام ، طلقات تصيب من تصيب وتُدهش من تُدهش بمساحات متفاوته وإن كان الجنون يلازم المجنون لما عقل العاقل بِبواطن الإمور ،والفن لوحة كل مار يرشق عليها بلون ومجمل الألوان تتمحور لترسم لنا بريشة الفنان إطار لوحة كلا منا يقرأوها بزاويته كن بخير صديقي حيث تلون لنا مساحة متفرده بحرفك الراقي عتاباً أم مدح .
،،،،أبوقصي،،،،
11-22-2008, 06:56 PM
Muna Khugali
Muna Khugali
تاريخ التسجيل: 11-27-2004
مجموع المشاركات: 22503
العزيز الغالي أبوبكر تداهمني صاحبي غبائنُ ماضيةً تتلفُ خطو روحي حيال الحرف بين الفينة والأخرى بل قل أنها تلازمني كقدري أو بقول أقل كأنتظاري مُترفاً بالمرايا لهذا القدر إذ تظلني رغبةُ الإتلاف يجابهها سكونُ الأصابِعِ لما لا أعلمه والمحصلة فرار الوقت وما من ما يشفي وما من ما يميت بالروح طعن الغبائن
وأعلم صاحبي أني لا أعلم عن صفة كتلك التي أصبغتها على روح تحلق بمزن الجمال وتبعث ما يُضيف إليه، وإنما أعلم أنها صفة تلازم هذه الروح من منحى الإغراق في كل باهٍ باهر، ولن أخذ شهادتك المجروحة بحق حرفي وأن كنت سألتفت فيها إلى التنبيه الحذق
أما عن الغربة فكف بالله عليك عن هذا الحنين الجارف فما الأوطان إلا ما أحصيته لك ببلاد وبلاد وليس ثمة عتاب
وعني فإني لا ألقى الأخيرة حتى بخيالي بعد أتصدق ذلك!!!
وأعلم أنما هو يقين أننا غرباء ما نتزود به لمجابهة كل هذا الخراب الكوني بالأرواح وعشمي فقط أن تبقى متمحاكة في ما من شأنه أن يمضي بها للمنتهى دونما التحاق لها بالركض عشمي
ولك الحب كله
12-22-2008, 02:29 PM
بله محمد الفاضل
بله محمد الفاضل
تاريخ التسجيل: 11-27-2007
مجموع المشاركات: 8617
وطرقنا حتى شقشقتِ الشمسُ: مشارِبَ شتى.. أطلقنا منها للرِّيحِ: الغيبة.. وتلهينا بالضحكِ المذمومِ، لكن الرِّيح تدلت في الأرجاءِ.. ومالت بالصوتِ المختبئ، غمرتهُ بالضوءِ.. فلا معنىً للسِّرِ، إذا هشمهُ الشغبُ المحموم..
28/10/2008م
01-18-2009, 02:17 PM
بله محمد الفاضل
بله محمد الفاضل
تاريخ التسجيل: 11-27-2007
مجموع المشاركات: 8617
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة