|
Re: غنوات لحليوة: محمد طه القدال - تأمّل فى معنى القصيد: (Re: abdelmoniem ali)
|
وهذا المنهج الذى اتّخذه القدال فى يفاعه إنّما اعتمد على البديهة الشعرية ، قبل اكتمال المعرفة بالمناهج الأخرى التى تتيسر للمبدع بعد احتكاكه بالمبدعين ، وقراءة المراجع ، وغنى التجربة ولكنّه لا يقلّ بصيرة عنه. فالمعروف علمياً أن مرحلة البديهة أو الفطرة، المعتمدة على المرجع الاجتماعى السابق والسائد وقتها ، لها نفس العمق والوضوح بمرحلة المعلّم ، وتقع بينهما مرحلتى أنصاف المتعلمين والخبراء. فالمعلّم من يدرى أنّه يدرى ويتفكّر أثناء وبعد العمل وما ينتجه مرئى بعينى البصيرة والبصر وقائم على ومدعوم بالحقائق والقرائن. أمّا نصف المتعلّم فهو الذى فقد بوصلة البديهة ولا يملك أدوات الخبير بعد ، بينما الخبير يمتلك أدواتٍ عدّة ويؤدى عملاً جيّداً ولكنّه عند الانتاج يعتمد على اللاّوعى أو ما قبل الوعى ، ولذا يظلّ حبيساً فى قوالب معينة يكررها بدون رؤية كاملة تمكنه من كسر الطوق ، والإبداع بوعىٍ كاملٍ مكتشفاً قمماً جديدةً وأعماقاً فريدةً تدهش من يراها والمثل لمثل هذا المبدع تجده فى بابلو نيرودا أو محمد عبدالحى حال المعلم. وارتباط القدال بمجتمعه وعيشه فيه واختلاطه به ينعكس فى تأثّره بهذا الوسط وتأثيره فيه. فاختيار مفرداتٍ ومواقف بعينها ، تعتمد على الواقع وكيفية التعبير فيه ، مثل شعر البادية المعروف بالدوبيت ، تؤكد ارتباط القدال بهذا المجتمع وتؤصّل لجذوره الاجتماعية والشعرية وتضعه فى خانة المبدع المتصل بأهله والمنتمى إليهم منذ بداياته ، حتى وإن كان ذلك فى قصيدة عاطفية. فالذى لا جذور له لا عراقة له ولا رؤيا. لذا فقد أفلح القدال فى تحويل الكلام السماعى إلى صورٍ مرئية ومعانٍ واضحة ومخفية. وعندما خلق المولى عزّ وجلّ السمع والبصر والفؤاد بهذا الترتيب لم يكن إلاّ تنبيهاً لنا أنّ من سمع ولم ير لم ولن يفهم. فالأفئدة هى المخ والقلب وكلاهما له منهج للبصر والعقل يقوم على التفكّر فى معانى الاستقبال السمعى والبصرى واللمسى والشمّى والتذوقى واستنتاج النتائج والعمل بها تفاعلاً مع المجتمع. وبهذا الحس المرهف ، والموهبة الفذة ، وتفتّح مداركه على الجانب الآخر من واقعه ، بعد أن سقطت ورقة التوت الرومانسية عن بصره وانفتحت أبواب بصيرته على واقعٍ آخر ، لم يجتهد كثيراً ليعبّر به فهو لم يكن أبداً مبدعاً فوقياً يكتب من وراء فاصل زجاجىّ ولكنّه كان يتقاسم اللقمة ، وعرق الكفاح والأفراح والأتراح مع أهله ولكنّه اكتشف لاحقاً أنّ العالم ليس حليوة فقط وإنما كلّ العالم حليوة ، ولذا فقد زادت بردته طولاً وعرضاً فطوى العالم تحتها يهبه نفس الدفء الإنسانى النابع من قلبه. فهو يكتب من وليس عن واقعه الذى ينتمى إليه ومن داخله وداخل رؤيته له ، لا كما فعل بعض المبدعون الأوائل فكتبوا عن الفتاة السودانية يصفون خدودها بحمرة المغيب وشفاهها بورق الورود وفى مثال شوقى وحافظ فى مصر أوضح مثال.
وسنواصل بإذن الله..... د. عبدالمنعم عبدالباقى على
|
|
|
|
|
|
|
العنوان |
الكاتب |
Date |
غنوات لحليوة: محمد طه القدال - تأمّل فى معنى القصيد: | abdelmoniem ali | 12-16-08, 02:55 PM |
Re: غنوات لحليوة: محمد طه القدال - تأمّل فى معنى القصيد: | abdelmoniem ali | 12-17-08, 02:26 PM |
Re: غنوات لحليوة: محمد طه القدال - تأمّل فى معنى القصيد: | abdelmoniem ali | 12-18-08, 05:01 PM |
Re: غنوات لحليوة: محمد طه القدال - تأمّل فى معنى القصيد: إضافة | abdelmoniem ali | 12-21-08, 09:45 PM |
Re: غنوات لحليوة: محمد طه القدال - تأمّل فى معنى القصيد: إضافة | Elkhawad | 12-21-08, 10:00 PM |
Re: غنوات لحليوة: محمد طه القدال - تأمّل فى معنى القصيد: إضافة | Elkhawad | 12-24-08, 03:45 PM |
Re: غنوات لحليوة: محمد طه القدال - تأمّل فى معنى القصيد: إضافة | Elkhawad | 12-24-08, 03:51 PM |
Re: غنوات لحليوة: محمد طه القدال - تأمّل فى معنى القصيد: إضافة | abdelmoniem ali | 12-24-08, 07:05 PM |
Re: غنوات لحليوة: محمد طه القدال - تأمّل فى معنى القصيد: إضافة جديدة | abdelmoniem ali | 12-24-08, 07:58 PM |
Re: غنوات لحليوة: محمد طه القدال - تأمّل فى معنى القصيد: إضافة جديدة | بدر الدين الأمير | 12-24-08, 08:30 PM |
Re: غنوات لحليوة: محمد طه القدال - تأمّل فى معنى القصيد: إضافة جديدة | baha eassa | 12-24-08, 09:06 PM |
Re: غنوات لحليوة: محمد طه القدال - تأمّل فى معنى القصيد: إضافة جديدة | abdelmoniem ali | 12-25-08, 05:12 PM |
|
|
|