سودانيون في المكسيك!

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 05-29-2024, 08:18 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف الربع الاول للعام 2008م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
02-14-2008, 08:02 AM

هشام هباني
<aهشام هباني
تاريخ التسجيل: 10-31-2003
مجموع المشاركات: 51288

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
سودانيون في المكسيك!

    Quote: سودانيون في المكسيك

    بقلم ر. كيرك R. Kirk ترجمة: بدر الدين حامد الهاشمي [email protected] تقديم: نشرت ترجمة لقطعتين تتعلقان بقصة الجنود السودانيين الذين تم نقلهم للمكسيك بناء علي أوامر والي مصر ليحاربا بإسم إمبراطور فرنسا نابليون الثالث (و الذي كان يحارب أهل المكسيك بإسم أرشدوق النمسا!) و ذلك عن كتاب "صفوة الفيلق الأسود" لريتشارد هل و بيتر هوق) وفيما عدا الكتاب المذكور فإنه يبدو أن الكتابة في هذا

    المبحث التاريخي باللغة الإنجليزية لا تتعدي ما كتب في عام 1941 في السودان في مذكرات و مدونات (أو مذكرات و مدونات السودان Sudan Notes and Records) في ورقة صغيرة (هي موضوع هذه الترجمة)، وهناك ورقة صغيرة سابقة لهذه (دلني عليها بروفسير إبراهيم صغيرون) كتبها ها. ب. توماس ونشرت عام 1940 في مجلة يوغندا (Uganda Journal). وأفادني الأستاذ حيدر الهاشمي أن لأحمد حسن مطر (الرحالة السوداني الشهير/ المجهول) كتابا بالعربية عن ذات الموضوع تم نشره في أوائل الستينات. أود الإعتذار عن أي خطأ في ترجمة الأسماء الأسبانية والفرنسية للمدن والأشخاص وذلك للجهل (الشنيع) باللغتين، وآمل في أن يراجع القطعة من هو في اللغتين ضليع. وأشير هنا إلي أنني فشلت في العثور علي ورقة كيرك في "مذكرات و مدونات السودان" من السودان بينما أفلحت "ممايلة" (e-mail) صغيرة لمكتبة دراهام في إرسالها لي تبرعا لوجه التاريخ حتي كدت أن أتفهم دوافع من دعا أن "يا الإنجليز ألفونا"..... History matters……. S. J. Gould Study history, study history. In history lies all the secrets of statecraft. Winston Churchill ___________________________________________________________ 1 نبهني مقال صغير للسيد توماس في " مجلة يوغندا" عن الفرقة السودانية في المكسيك (1863 – 1867) إلي حقيقة أن ما كتب بالإنجليزية عن هؤلاء الجنود السودانيين الذين بعث بهم سعيد باشا (أسمه الكامل محمد سعيد باشا محمد علي، و قد حكم مصر من 14 يوليو 1854 إلى 18 يناير 1863- المترجم) إلي المكسيك لمساعدة الإمبراطور ماكسميليان Maximilian قليل جدا و يصعب الحصول عليه في أحايين كثيرة. لسبب ما لا تشير الكتب العسكرية الفرنسية القديمة التي تناولت حرب المكسيك إلي جنود سودانيين أو مصريين عند الحديث عن الفرق و الوحدات التي بعثت بها فرنسا إلي المكسيك ،بينما أشارت بعض المصادر الطبية إلي أن كثيرا من الجنود الفرنسيس كانوا قد وقعوا فريسة للحمي الصفراء عند قدومهم للمكسيك بينما قاومت أجساد الجنود السودانيين ذلك المرض، و كان ذلك مصدر إهتمام و إختلاف بين الأطباء فعزا بعضهم ذلك لإختلاف عرقي يتمثل في مقاومة طبيعية إفترضوا وجودها لدي الزنوج. و أيد ذلك الزعم طبيب أمريكي هو ها. ر. كارتر في كتابه الشهير عن الحمي الصفراء و الصادر في 1931، بينما رأي الطبيب البريطاني هوير في مقال له في المجلة الطبية لانست Lancet عام 1934 أن مقاومة الجنود السودانيين للحمي الصفراء قد تعزي لتعرض هؤلاء الرجال لعدوي ذات المرض في وقت سابق لسفرهم للمكسيك مما قد يكون قد أكسبهم مناعة ضد ذلك المرض. رصد بعض المؤرخين الفرنسيس كتابات متفرقة عن تاريخ الجنود السودانيين في المكسيك، بيد أن ما كتبه الأمير عمر طوسون عام 1933 عن "بطولة الأورطة (الكتيبة- المترجم) السودانية في المكسيك" يعد من أكمل ما كتب عن الموضوع، و لما كان مقال الأمير بالعربية، فإنه لم يك معروفا لأغلب الباحثين و المهتمين بتاريخ تلك ا الكتيبة. ركز مقال توماس المنشور في "المجلة الأوغندية" علي بقايا أغراض تم العثور عليها في الإستوائية و يوغندا لبعض أولئك الجنود العائدين من المكسيك. و في ما عدا ذلك فإن ما هو موثق لأولئك الجنود لا يتعدي بعض الوثائق المطمورة في أضابير أرشيف الحكومة أو في رسائل قديمة منسية لبعض الأفراد أو في بعض الكتابات التاريخية التي خطها بعض الجنود السودانيين مثل عبارة "بسم الله الرحمن الرحيم" علي جدران بعض الكنائس في Gomez Palacio و المعابد القديمة المتهالكة في فيرا كيرز Vera Cruz. نشرت جريدة لايف Life الأميركية الشهيرة في عددها الصادر في يوم 2 / 7/ 1941 صورة للعقيد Francisco Javier Llanas و كان يومها قد بلغ التاسعة والتسعين من عمره. كان الرجل قد حارب في صفوف الجيش المكسيكي ضد الفرنسيين في بيوبلا Puebla ، و بما أن المناطق التي حارب فيها الجنود السودانيين كانت تقع بين في القري بين منطقة بيوبلا و فيرا كيرز فإنه من المحتمل جدا أن ذلك العقيد قد حارب ضد أولئك السودانيين و يتذكرهم جيدا. لا أظن أن هنالك كثيرا من الجنود أو الضباط من الذين شهدوا تلك الأحداث البعيدة التعيسة قبل نحو ثمانين عاما لا زالوا علي قيد الحياة. إن تاريخ تلك الحملة ليس بعيدا جدا عن واقع اليوم حيث أظهر الجنود السودانيين أصالة معدنهم الحقيقي في ميادين القتال (في الحرب العالمية الثانية – المترجم) ، و لكن هذه المرة كانت أرض المعركة قريبة من ديارهم. أري أيضا أن حملة السودانيين في المكسيك ذات صلة وثيقة بمرض الحمي الصفراء. قام السيد هوق بترجمة أجزاء كبيرة من ما كتبه الأمير عمر طوسون عام 1933 عن بطولة الكتيبة السودانية في المكسيك، و إهتم السيد نيوبولد بتاريخ تلك الكتيبة، ليس فقط لأنه مؤرخ ومهتم بالشأن السوداني، بل لأنه والدته الأسكتلندية هي من صلب العقيد ديفيد فيرجسون الذي خدم في الجيش الأميركي وولد في المكسيك في 1897، و كان لها نفس المربية التي تولت أمر حفيدة من رشحه الأمبراطور ماكسميليان ليخلفه ، و كان زوجها وليام نيوبولد موجودا في المكسيك عندما كان في الخامسة والثلاثين أثناء الحرب الفرنسية. جمع نيوبولد بعض آثار الأمبراطور ماكسميليان بعد موته و من ذلك سرج حصانه والذي أحضره نيوبولد معه للخرطوم و ظل يستخدمه في تنقلاته. قدم نيوبولد وهوق لي معلومات إضافية قيمة عن الكتيبة السودانية في المكسيك مما سأورد بعضه هنا. 2 شهد تاريخ المكسيك منذ سقوط الأمبراطوريات الأيبيرية في العالم الجديد إلي عند قيام الإنتخابات الثانية لبورفيرو ديازPorfirio Diaz ثم إلي عند قيام الجمهورية في 1884 تشاحن ملتهب و تمرد عنيف و صراعات مدمرة كانت أمبراطورية ماكسميليان تمثل فقط أحد فصولها الدامية. كانت أوصال المكسيك تتمزق بين عامي 1858 – 1861 في رحي حرب أهلية بين حكومتين متناحرتين، إحداهما دينية محافظة يقودها محارب طموح قدير يسمي ميجيل ميرامون Miguel Miramonوكانت الأخري تقدمية علمانية يقودها رجل هندي يمتاز بوضوح الفكرة و البيان و يدعي بنيتو يوريز Benito Juarez (قيل أن بنيتو موسوليني قد سمي عليه) وكان رجال الكنيسة الكاثوليكية لا يكفون عن الهجوم عليه لقيامه بإجراءات عنيفة و شاملة هدفت إلي تقليم أظافر الكنيسة و سلطتها و ثرواتها الطائلة. لجأ الطرفان إلي السلاح و إحتكما إليه وفي ذلك إعتمدا علي المال الذي كانا يقترضانه من أوروبا، و لم يقصركل طرف من الطرفين المتحاربين في بذل الوعود السخية بدفع تلك الديون حالما تضع الحرب أوزارها وينتصر علي عدوه اللدود. كانت الولايات المتحدة تعترف بحكومة بنيتو يوريز و تقف في صفها، بينما ظفر الطرف الآخر بعون رجال المال في أوروبا، فقام مصرفي سويسري يقيم في باريس أسمه جيكير Jekker بإقراض حكومة ميجيل ميرامون 750000 دولار أمريكي مقابل أن يعطيه ميرامون سندات (بفائدة 6 %) قيمتها الأسمية نحو 15 مليون دولار أمريكي! خسر ميرامون الحرب في 1861 بيد أن ذلك لم يمنع ذلك المصرفي السويسري من أن "يقنع" بوسائل فاسدة القنصل الفرنسي في المكسيك ديبو دي سالقني Dubois de Saligny بحقه في إسترداد أمواله من من قدر له الإنتصار و حكم المكسيك، و تبني الشقيق الأصغر للإمبراطور نابليون الثالث مطلب جيكير في أسترداد أمواله مضاعفة أضعافا كثيرة من من يحكم المكسيك، بعد أن ينال هو 30% (كحقه) في العملية! لم يك من العسير إثارة إهتمام نابليون الثالث بالمغامرة في المكسيك، فلقد ظل الرجل في معتقله في هام Ham يحلم بأمريكا وسطي متحضرة و منتعشة إقتصاديا و منفتحة علي التجارة العالمية و الأسواق بواسطة بقناة تصلها بالمحيط. و ساهم رجالات الدين المكسيك المهاجرين في باريس (و منهم بطريك المكسيك) في إستمالة الإمبراطورة أيوجيني Eugenie (و هي من أصل إسباني) "لتقنع" زوجها الإمبراطوربمساندة إنشاء مملكة وكنيسة متحدة مركزية في المكسيك. بدا أمر طرد الهنود الملحدين من المكسيك و إنشاء إمبراطورية كاثوليكية تحت إمرة التاج الفرنسي هدفا جاذبا وذا منافع مادية مغرية لرجالات الكنيسة المكسيكية. كانت المكسيك بالنسبة للفرنسيين بلدا غريبا بعيدا لا يعلمون عن طقسه و جغرافيته الإ النذر اليسير و الذي لا يتعدي أن المكسيك بلد واسع شاسع مترامي الأطراف و به من الثروات ما به. كان الوقت ملائما لفرنسا للقيام بمغامرة غزو المكسيك إذ أن الولايات المتحدة كانت في شغل شغال بحربها الأهلية بين الشمال و الجنوب، و مثلت الفوضي الحادثة في المكسيك و التعدي علي الأجانب من قبل الطرفين المتحاربين ذريعة مواتية للتدخل الأجنبي، فلقد إعتدت الحكومة المكسيكية علي ممثلي السفارة البريطانية و البابوية وعلي وزير إسباني و تم طرد ممثلي جواتمالا والإيكوادور لإتهامهما بالتدخل السافر في شئون البلاد لصالح القوى الرجعية. و أوقف برلمان تلك الحكومة دفع ديون بريطانيا المستحقة في 1861، وتم في مرات عديدة إستهداف أرواح و ممتلكات الأوربيين دونما تعويض أو حتي مجرد تفسير. تحالفت فرنسا مع بريطانيا العظمي و إسبانيا علي العمل سويا علي هدف محدد و محدود الآ و هو إسترداد الأموال التي أقرضوها للمكسيك مع أرباحها، و تم التوقيع علي ميثاق ذلك التحالف في لندن يوم 31/ 10/ 1861. و ما أن حل يوم 14 /12 من ذات العام حتي كانت القوات الأسبانية تحت إمرة الجنرال بريم Prim تحتل فيرا كرز و أعقب ذلك بفترة وجيزة وصول الأسطول الفرنسي محملا بالجنود الفرنسيين لإحتلال كامل شواطئ و موانئ خليج المكسيك و تحصيل الجمارك لصالح الدول الثلاث إلي حين التوصل إلي تسوية شاملة. بعثت بريطانيا العظمي بسفنها للمنطقة ولكنها إكتفت بإنزال 700 فقط من جنودها في المكسيك. و لما كان الطقس وخيما في فيرا كرز فلقد قر رأي الدول المشاركة في الحملة بعد عقدهم لمؤتمر مشترك مع الحكومة المكسيكية في سولي داد Soledad علي أن تعترف هذه الدول بإستقلال المكسيك شريطة أن تسمح الأخيرة لجنود أجانب بالتقدم نحو أوري زابا Orizaba. هنا بدأ الخلاف يدب بين الدول الثلاث المتحالفة في مستقبل حملتهم المشتركة و طبيعتها و أهدافها النهائية. و لما كانت فرنسا هي التي أخذت زمام المبادرة بإستضافتها لقادة المعارضة من الرجعيين المكسيك و تبنيها لمطلب المصرفي السويسري جيكير و إظهارها لشهية عظيمة في التدخل في الشئون الداخلية للمكسيك فلقد آثرت كل من بريطانيا العظمي و إسبانيا الإنسحاب من المكسيك في مارس عام 1862 و ترك "الجمل المكسيكي" بما حمل لفرنسا. بعثت فرنسا بمزيد من جنودها للمكسيك و تصدت لهم قوات زاراقوزا Zaragoza و بورفيرو ديازPorfirio Diaz في معركة سنكو دي مايو Cinco de Mayo في يوم 5/5/ 1862 .و في سبتمبر 1862 أمدت فرنسا جيشها في المكسيك بثلاثين ألفا من الرجال تحت إمرة الجنرال فوري Forey . و قضت تلك القوات الشتاء في أوري زابا ثم تقدمت في 17/ 2/ 1863 نحو بيوبلا و دخلت عاصمة المكسيك في السابع من يونيو. وضح من واقع الحال أن الأمر إن هو إلا حرب إحتلال سافرة تهدف إلي قلب حكومة جوريز و إحلال إمبراطورية كاثوليكية في المكسيك تحت إمرة فرنسا. و تم إقناع ماكسميليان (وهو شقيق إمبراطور النمسا) ليكون إمبراطورا علي المكسيك (وفي الواقع إمعة و دمية في يد الحكومة الفرنسية). كان ماكسميليان رجلا وسيما محسنا لين الجانب رقيق الحاشية، و من النوع المتحرر الذي لا يتوقع أحد أن يرفض أي شعب توليه لمقاليد حكمه. بيد أن شعب المكسيك لم يرض به و ثار عليه و كلف ذلك كله الحكومة الفرنسية أموالا طائلة ورجالا كثيرين لم تك تتوقع خسارتهم. 3 فقدت فرنسا في الفترة بين نوفمبر 1861 – يونيو 1873 ما يقارب من 37000 من الرجال علي شواطئ المكسيك الموبوءة بالأمراض. مات من أولئك الرجال نتجة الحمي نحو 1410 رجلا بينما لم يمت نتيجة القتال المباشر سوي 330 رجلا فقط. فتكت بأولئك الرجال الحمي الصفراء و الدوسنتاريا. و عجزت المقابر في فيرا كرز– علي إتساعها- عن إستيعاب الموتي من الجزائريين و الفرنسيين، و أطلق بعضهم ساخرا علي المقبرة التي ضمت أجساد أولئك الجنود "حديقة التأقلم Garden of acclimatization" . عند ذلك طلب نابليون الثالث من سعيد باشا والي مصر والأبن المفضل لمحمد علي باشا مد يد العون له بفرق سودانية علي أمل أن تتحمل أجساد أولئك الجنود الزنوج أمراض المكسيك بأفضل مما فعل الفرنسيس، و لقد نما لعلم الأمبراطور أن أن الجنود السودانيين قد تم "إستخدامهم" من قبل و بنجاح باهر من قبل محمد علي في موري Morea (تسمي أيضا Peloponnesus وهي في اليونان - المترجم) و من قبل إبراهيم باشا في الجزيرة العربية. إستجاب سعيد باشا لذلك الطلب بيد أنه بعث فقط بكتيبة واحدة من فوج المشاة التاسع عشر تتكون من 453 من الضباط و الجنود. كان علي رأس تلك القوة البمباشي جبر الله محمد أفندي مع نائبه اليوزباشي محمد الماظ أفندي. أبحرت السفينة من تولون Toulon في يوم 23/ 12/ 1862ووصلت إلي الإسكندرية في الفاتح من يناير 1863. تم نقل الكتيبة السودانية سرا إلي ميناء الأسكندرية بين ليل السابع و الثامن من يناير ووإتجهت إلي المكسيك حيث وصلت إلي فيرا كيرز يوم 23/2/ 1863 أي بعد 47 يوم في عرض البحر. كانت الكتيبة مكونة من قائد واحد و رائد و ملازم واحد وثمانية من الرقباء و 15 عريفا و359 من الجنود و 39 من المجندين و 22 من الأطفال تراوحت أعمارهم بين 10 – 15 عام. كان المجندون – و الذين بعثت بهم شرطة الأسكندرية مساء يوم الرحيل – شبه عراة، بيد أن بقية رجال الكتيبة– و غالبيتهم من كردفان و دارفور- كانوا في كامل زيهم العسكري و هم يحملون عدتهم و عتادهم. مات في عرض البحر 7 من الرجال، ربما بسبب حمي التايفويد أو أمراض صدرية، و بعد الوصول إلي فيرا كيرز بقليل مات 15 رجلا آخرا، و لم يتحدد إن كان هؤلاء الجنود قد ماتوا بسبب الحمي الصفراء أم لا. كان الكثيرون يعتقدون بأن تلك الحمي لم تكن موجودة في منطقة فيرا كيرز بين يناير وأبريل 1863 لذا فلقد ساد الإعتقاد بأن أولئك الجنود قد ماتوا لأسباب ليست الحمي الصفراء واحدة منها. لم يكن ثمة دليل أن المجندين التسعة وثلاثين الذين دفعت بهم شرطة الأسكندرية سودانيين أصلا أو أن لهم مناعة ضد الحمي الصفراء. و مع حلول شهر إبريل عاودت الحمي الصفراء الظهورفي فيرا كيرز بضراوة شديدة و استمرت في الإنتشار حتي ديسمبر من ذات العام. قضت تلك الحمي علي قائد القوات الفرنسية في المنطقة و أحد عشر من كبار الضباط و كثير من الجنود الفرنسيين، و لسبب ما لم تصب تلك الحمي أي من الجنود السودانيين عدا قائد الجنود السودانيين البمباشي جبر الله محمد الذي كان الوحيد من بين السودانيين الذين تسببت الحمي الصفراء – حسب السجلات الرسمية- في موته. بل إن بعض المصادر الفرنسية عزت سبب إصابته بتلك الحمي لحالة كونه مصريا و ليس سودانيا! ترك البمباشي جبر الله محمد بعد موته 5667 فرانك فرنسي تم إرسالها إلي حكومة مصر لتقوم بإرسالها لورثته. تمت ترقية نائب القائد محمد الماظ أفندي إلي رتبة البمباشي و تولي القيادة مكان البمباشي الراحل جبر الله محمد. 4 لم يسلم السودانيون تماما من الآثار الممرضة لطقس المكسيك رغم أنهم أبدوا مقاومة أشد لها من رصفائهم الفرنسيين، بل والمكسيكيين أنفسهم. فعند نهاية 1863 مات 47 من الجنود منذ سفرهم من الأسكندرية، بينما سقط نحو 43 منهم فقط فريسة لأمراض أخري و قد عزاها البعض لعدم الإهتمام الذي لقيه أولئك الجنود عند وصولهم لأول مرة في فيرا كيرز، فلم يحاول أحد أن يتعرف علي لغتهم أو أذواقهم أو طباعهم. لم تكن عملية تنظيم إطعام هؤلاء الجند كافية و كان الطعام المقدم لهم قليلا لا يتناسب مع الأعمال الشاقة تاتي كان عليهم أدائها. وصل المجندون الذين دفعت بهم شرطة الأسكندرية جياعا و شبه عراة في مساء يوم الرحيل إلي فيرا كيرز وهم في حالة مزرية يرثي لها و كانت أغلب حالات الموت وسط الجنود من هؤلاء المجندين. تم بعد فترة قليلة من وصل الجنود إدخال بعض الإصلاحات علي الأوضاع. تمت عملية إعادة تنظيم للكتيبة علي النسق الفرنسي فتم تقسيمها إلي أربعة فرق و صرفت أوامر محددة تحدد واجبات كل فرقة وتمت ترقية العديد من أفراد الكتيبة . بعث لخديوي مصر بنسخ من هذه الأوامر والترقيات للمصادقة عليها. بعث الخديوي بهذه الواجبات و الترقيات لوزارة الحربية المصرية في 16/3/ 1864 و سرت تلك الترقيان بأثر رجعي من يوم 11/3/ 1863. كانت أسلحة الجنود السودانيين ممتازة بيد أن بنادقهم كانت من نوع مختلف عما هو مستعمل في الجيش الفرنسي و كان ذلك يمثل عقبة في ما يتعلق بالذخيرة مما دعا الفرنسيين إلي إعطاء الجنود السودانيين بنادق فرنسية و الإحتفاظ بالبنادق التي جلبها هؤلاء الجنود لحين إنتهاء الحملة. مثلت لغة الجنود السودانيين عقبة أخري، إذ لم يكن هنالك من يفهم لغتهم و لم يكن من السهل شرح كيفية إستعمال هذه البنادق الفرنسية الجديدة لهم. بيد أن الفرنسين قد إكتشفوا وجود بعض المترجمين وسط الجزائيين في الجيش الفرنسي و كانوا هؤلاء خير عون لقادة الجيش الفرنسي في معرفة إحتياجات الجنود السودانيين. أشاد الجميع بإنضباط هؤلاء الجنود و بالسرعة الفائقة التي تأقلموا فيها علي الأوضاع الجديدة و ذلك عقب معرفة الفرنسيين بإحتياجاتهم و معالجة مشاكلهم الصحية الصغيرة و إكتشاف مواطن القدرة و القوة و التميز عندهم. سرعان ما إكتشف الفرنسيون نشاط و همة هؤلاء الجنود و أنهم أكثر إجادة من غيرهم في المراقبة و الرصد و شجاعتهم تفوق الوصف عند إحتدام الوغي و أنهم يخاطرون بأرواحهم في مواضع يتوجس و يجفل منها الجنود الفرنسيين. نجح الجنود السودانيون نجاحا باهرا في تعقب الفدائيين ورجال العصابات المكسيكية الذين كانوا لا يكفون عن مهاجمة القوافل التي كانت تحمل الزاد و المؤن في الأراضي المنخفضة في فيرا كرز و يعتدون علي نقاط الدفاع قليلة الحماية. خلال حصار بيبالا (ثانية أكبر المدن المكسيكية) و التي تم الإستيلاء عليها و علي حاميتها المكونة من 26 جنرلا و 900 ضابط و 12000 فردا من مختلف الرتب في يوم 17 / 5/ 1863 أمر الجنود السودانيين بحماية خطوط الإتصالات بين تلك المدينة و الساحل و التي حاول المكسيك مرارا قطعها. و كلف الجنود السودانيون أيضا بحماية خط السكة حديد الذي كان في طور التشييد مما عجل بإكماله في وقت وجيز. رافق بعض الجنود السودانيين القائد العام للجيش الفرنسي مارشال بازين Marshal Bazaineعند دخوله لمدينة ميكسيكو العاصمة يوم 7/6/ 1863 و شاركوا بفعالية في معارك سبقت و أعقبت سقوط العاصمة، و عندما أقام الفرنسيون إحتفالا ضخما حضره كل ممثلي السلطات المدنية و العسكرية بمناسبة الإستيلاء علي العاصمة وقع الإختيار علي فرقة سودانية لتكون حرس الشرف، و بعد الإحتفالات قام الجنود السودانيين بعرض عسكري في أكبر ساحة عامة في العاصمة. أثبت الجنود السودانيون كفاءة و إقتدارا عظيمين لفتا نظر القادة الفرنسيين مما دعا القائد العام الفرنسي لينتقي من بين الجنود السودانيين فرقة "قوة خاصة" و أن يصرف لكل فرد من أفراد هذه القوة الخاصة علاوة قدرها 65 سنت (تعادل قرشين و نصف) في اليوم وأن يشرف و يميز أفرادها بلبس شارة صفراء خاصة علي الذراع. ساهم هذا الإجراء في رفع الروح المعنوية للجنود و الضباط إذ أنه أثبت أن الجنود السودانيين قد نالوا إحترام و تقدير رؤسائهم الفرنسيين. و مع إنصرام عام 1863 كان الجنود السودانيون قد خاضوا ثمانية معارك سجلوا فيها أعلي درجات الإمتياز. كتب عنهم حاكم فيرا كيرز و هو يصف معركة خاضوها في 2/10/ 1863 : " لقد حمل الجنود السودانيون العبء الأكبر من تلك المعركة، و لقد توجتهم تلك الموقعة بأكاليل الفخار. لم يبال أحد منهم بالنيران الكثيفة التي كان العدو يرميها عليهم من كل صوب. كان عدد أفراد جيش العدو يفوقهم بتسعة أضعاف، ورغما عن ذلك فلقد نجحوا في إجتثاثه". كان أهم إنجاز للكتيبة السودانية هو إحتلال فيرا كيرز و حماية خطوط الإتصالات بين تلك المدينة و الوحدات المتقدمة في داخل البلاد. وتكمن أهمية فيرا كيرز في أنها الميناء الذي تأتي عبره القوات الغزية و المواد التموينية. لذا كان من المهم جدا تأمين تلك المدينة و الإتصالات بينها و بين بقية البلاد. و قام الجنود السودانيون بتلك المهمة دون كلل أو ملل من فبراير 1863 إلي حين مغادرة الجيش الفرنسي للمكسيك في 1867. علقت أميرة في بلاط الإمبراطور ماكسميليان علي الجنود السودانيين قائلة: " هؤلاء السود من أبناء أفريقيا شديدى الإحتمال لطقس المكسيك وخيم الهواء"، و قامت ذلك الأميرة برحلة من فيرا كيرز إلي ميدلين Meddelin كان حراسها الشخصيين فيها من الجنود السودانيين. و صفت الأميرة الرجال بأنهم طوال نحفاء و أقوياء الجسم يرتدون زيا أبيضا ناصع البياض و يعتمرون عمامات أنيقة و في أيديهم بنادق طويلة و في أحزمتهم خناجر. وقالت ما معناه: يا لروعة أن تكون في حراسة هؤلاء "الأسود السود" الذين يمنحونك شعورا عظيما بالأمن و الأمان. وصفهم أحد القواد الفرنسيين بأنهم رجال شديدي التنظيم و أضاف ببعض المبالغة أن أحدا منهم لم يمرض أبدا، و كان يشاهدهم و هم رقود في منتصف النهار القائظ يغطون في نوم عميق تحت أشعة الشمس الحارقة و يستيقظون دونما أي إحساس بألم أو صداع. و كان يقول أن أي فرنسي يحاول أن يفعل مثلهم لن يستيقظ من نومته تلك أبدا. ووصفهم قائد آخر بأن :"لهم روحا قتالية لا تدعهم يتركون أسيرا ليعيش. لم أر في حياتي روحا قتالية كالتي رأيتها عند هؤلاء السودانيين. تري إصرارهم في نظرات أعينهم و شجاعتهم تفوق الوصف. إنهم ليسوا ببشر بل أسود ضارية" منح الأمباشي عبد الله حسين باشا ميدالية حربية عرفانا بشجاعته و إقدامه و شراسته عند الوغي و لتكبيده العدو أفدح الخسائر. ذكر أن ذلك الأمباشي طعن بسنكي بندقيته رجلا مكسيكيا و رفعه بيد واحدة و السنكي ما يزال منغرزا في جسده. رفع قائد الجيش الفرنسي في المكسيك و محمد الماظ أفندي تقريرين لوزارة الحربية المصرية بإنجازات الجنود السودانيين في حرب المكسيك و بخسائرهم و بتفاصيل أخري. رفع الوزير التقرير للخديوي إسماعيل و الذي فرح كثيرا بإنجازات جنوده و قوتهم و مهارتهم و قرر صرف معاشات لأرامل و عوائل من قتلوا أو ماتوا من الجنود و ترقية بعض من تميزوا من أفراد الكتيبة ووعد بإقامة إحتفالات ضخمة عند أوبتهم لمصر "سالمين غانمين إن شاء الله". 5 أشاد الفرنسيون بحسن إنضباط الجنود السودانيين فذكر أحد كبار قادتهم أن كل فرد من أفراد الكتيبة معفم قلبه بحسن أداء الواجب علي أتم وجه، وأنه لم تسجل حالة واحدة لسوء سلوك من أي فرد فيها و لم يتم القبض علي جندي واحد وهو نائم عن حراسة ليلية أو غافلا عن واجب أو غائبا بدون عذر. و تمت الإشادة علي وجه الخصوص بالتالية أسمائهم: ملازم فرح الزين، و ملازم أول محمد سليمان و الذي ظل واقفا يقاتل رغم تلقيه لستة طلقات نارية أدت لجروح خطيرة و نزف دم كثير. نال ذلك الضابط فيما بعد ميدالية العشرين من ديسمبر و تمت ترقيته إلي يوزباشي. كان الجنود السودانيون يزيدون – من تلقاء أنفسهم- من أعداد من عليهم الحراسة دون أن تصدر أوامر لهم بذلك حتي لا يؤخذوا علي حين غرة. و في ذات مرة كان الملازم صالح حجازي يقود عشرين من الرجال في مهمة معينة، و في الطريق إعترض طريقهم 200 من الجيش المكسيكي. لم تثن السودانيين قلة عددهم فمضوا في مقاتلة العدو و تمكنوا من الإنسحاب المنظم دونما خسائر. و بما أن سمعة هؤلاء الجنود السودانيين في المكسيك قد عمت في المكسيك و فرنسا و مصر فلقد أعطي لبعض أولئك الجنود شرف إطلاق مدافع الشرف تحية للإمبراطورة شارلوت (Charlotte) عند وصولها لفيرا كيرز في ديسمبر 1865. و كان 50 منهم يمثلون حرس الشرف للأميرة الزائرة و التي نقلت لبعلها ماكسمليان إعجابها بمقدرات هؤلاء الرجال الإستثنائية و عن حسن مظهرهم و نظافتهم أيضا. عندما بلغ مكسميليان ذلك أمر لهم بزيادة في الراتب بلغت ثلاثا و ثلاثين و نصف سنتا (تعادل قرشا و ربع) يوميا. و عند أوبة الأميرة إلي أوروبا في يوليو من عام 1866 كان الجنود السودانيون هم الجنود الوحيدين بالمدينة و نالوا شرف توديعها رسميا. و مع نهاية عام 1865 كانت الكتيبة السودانية قد خاضت 37 معركة، كان أغلبها في الشهور الأخيرة لتلك السنة. و خاضت في 1866 إحدي عشر معركة أخري. كانت أعداد الثوار المكسيك تزداد يوما بعد يوم و أشتد رحي حرب العصابات حتي أنه هاجمت ذات ليلة قوة مؤلفة من 200 من الثوار نقطة مراقبة كان بها 26 من الجنود السودانيين. أتي الهجوم المكسيكي مباغتا، إلا أن السودانيين – رغم قلة عددهم – صمدوا و مضوا في الدفاع عن موقعهم حتي الساعة الخامسة و النصف صباحا. حينها إنسحبت قوات العدو مخلفة العديد من القتلي و الجرحي ورائها. و مع التزايد اليومي لعدد الثوار المكسيك إتضح جليا ضرورة الدفاع عن مدينة فيرا كيرز خشية من سقوطها في يد الثوار إلي حين إرسال مدد جديد من فرنسا بالرجال و العتاد. 6 نقل للخديوي إسماعيل باشا تقارير عن وضع جنوده في المكسيك و فكر في إرسال كتيبة أخري لمعاونة الكتيبة المتواجدة هنالك، فأصدر أوامره في 27 فبراير 1865 لجعفر باشا مظهر الحاكم العام للسودان حينها لينتقي من بين مشاة قوة السودان أفرادا صغار السن أقوياء البنية حسني المظهر كي يبعثوا عن طريق سواكن إلي مصر. و في 12/4/1865 بعث الخديوي لقائد الكتيبة السودانية بالمكسيك برسالة يقول فيها: " الرجاء إعلام كل رجالنا معكم بضرورة الجلد و الصبر حتي يحافظوا علي السمعة الحسنة التي إكتسبوها في المكسيك و أن يواصلوا أعمالهم بكل جد حتي يعودوا لديارهم و يحصلوا علي عظيم التقدير و الإمتنان من إخوانهم، و سوف نقوم بتجهيز مزيد من القوات لعونهم و سيصلهم هذا المدد قريبا إن شاء الله. عندها سنأمر بعودتكم إلي أوطانكم بعد أن تطاول بقائكم في المكسيك". و بعث الخديوي مع ذلك الخطاب بالميدالية المجيدية من الطبقة الرابعة إلي الجنرال الفرنسي مارشال، و هو الضابط الفرنسي المسئول عن الكتيبة السودانية، و لم يتسلم الجنرال الفرنسي الميدالية إذ أنه كان قد قتل في إحدي المعارك في الثاني من مارس 1865! أرسل الخديوي السفينة "الأبراهيمية" إلي سواكن إستعداد لجلب مزيد من الجنود السودانيين ليرسلوا للمكسيك و بعث برسائل مستعجلة لحاكم التاكا و سواكن لإستعجال بعث أولئك الجنود. لم تجد "الأبراهيمية" عند وصولها لسواكن أي أثر لجنود. و بعد أيام سري في سواكن وباء (لم تحدد طبيعته) أضطر معه قائد السفينة للعودة خالي الوفاض إلي مصر بدلا من الإنتظار إلي ما لا نهاية. كان إسماعيل باشا قد أمر في هذا الأثناء بإختيار جنود من حاميتي بربر و دنقلا و نقلهم لمصر عبر نهر النيل دونما تأخير. رغما عن كل المحاولات التي بذلها الخديو لإرسال مزيد من الجنود السودانيين للمكسيك إلا أنه لم يتمكن من إرسال جندي إضافي واحد لذلك البلد. كذلك لم ينجح ماكسميليان في الحصول علي أي عون من أوربا رغم ندائته العاجلة المتكررة. 7 وضعت الحرب الأميريكية الأهلية أوزارها في ربيع 1865، و في خريف ذات العام أيقن الجميع فشل الحرب المكسيكية. و قامت الحكومة الأميريكية التي هزمت ولايات الجنوب بمطالبة الحكومة الفرنسية بسحب قواتها من المكسيك و رفضت الإعتراف بالحكومة العميلة التي نصبها الفرنسيون. و أتبعت واشنطن القول بالعمل فحركت قواتها في بدايات 1866 نحو ريو جراندى (Rio Grande) ). بعدها أيقن نابليون الثالث أن لا قبل له بأمريكا و جنودها فأعلن صاغرا عن نيته في سحب جنوده من المكسيك. أحس ماكسميليان بأنه بقي وحيدا بعد خذلان الفرنسيين له فإلتجأ إلي الحزب الكاثوليكي ثم فكر في التنازل عن العرش رغم ضعوط زوجته شارلوت والتي سافرت لفرنسا لحث نابليون عي نصرة زوجها، فلم تلق منه الإ الإعراض والصدود فصوبت وجهها نحو روما و تشرفت بالسلام علي البابا و حادثته في أمر زوجها، و لم يك حظها مع البابا بأفضل من ما كان مع نابليون الثالث. إنتهي الأمر بالأمبراطور ماكسمليان أن يخونه أقرب رجال المكسيك له و أن يقع في أسر الثوار و الذين سجنوه لمدة قصيرة قبل تقديمه للمحاكمة و أعرض الأمبراطور – في نبل و إباء- عن محاولة الهرب من الأسر رغم عديد الفرص التي "أتيحت" له. حوكم الأمبراطور بتهم تضمنت التمرد و القتل و السطو المسلح و أعدم رميا بالرصاص في 19 يونيو 1867 رغم إحتجاج ملوك أوروبا و شخصياتها البارزة من أمثال فيكتور هيجو و جاريبالدي. و لم تسمح الحكومة الثورية بإعادة جثمانه لأوروبا إلا بعد لأي شديد. 8 غادرت الكتيبة السودانية المكسيك مع باقي القوات الفرنسية في فبراير من عام 1867 و آبت لمصر عن طريق فرنسا. وخلال الأعوام الأربعة التي قضاها الجند في المكسيك كانت جملة المعارك التي خاضوها 48 معركة كسبوا جلها و نالوا عظيم التقدير و الإشادة من السلطات العسكرية الفرنسية. وصلت الأورطة إلي باريس في أبريل 1867 و تم إستقبالهم إستقبالا شعبيا ورسميا ضخما وأنعم عليهم بأنواط الشرف وتم عرضهم علي نابليون الثالث و الذي تفقد شخصيا طابور الشرف الذي إصطفوا فيه في يوم 2/5 و كان برفقته شهيم باشا وزير الحربية المصري. صافح الإمبراطور يد قائد الأورطة البمباشي محمد الماظ و قلد العديد من الضباط و الجنود الأوسمة و منح من جرح منهم الكثير من العطايا. غادرت الكتيبة فرنسا متجهة لمصر في مايو من ذات العام و كان عدد أفرادها 313 (من أصل 453). ولحق بأفرادها ثلاثة آخرون بعد أن كان أحدهم قد أحتجز في مستشفي بباريس و بعد أن أطلق سراح أثنين كانا قد وقعا في أسر ثوار المكسيك. و في 28 مايو 1867 قدموا عرضا عسكريا أمام الخديوي إسماعيل أمام باحة قصره في رأس التين بالأسكندرية. و أقام لطيف باشا للضباط منهم حفل إستقبال وسهرة شرفها بالحضور شريف باشا وقنصل فرنسا و غيرهما من كبار الشخصيات.و زينت صالة الإحتفالات بالأعلام المصرية و الفرنسية. أعلن إسماعيل باشا عن ترقيات واسعة في صفوف تلك الكتيبة ورقي محمد الماظ إلي رتبة الأميرالاي. كتب السير صوميل بيك لاحقا عن بعض جنود الكتيبة السودانية في كتابه "الأسماعيلية" والصادر في لندن عام 1879 إستعان ببعض أولئك الجند في حملته للقضاء علي تجارة الرقيق في الأستوائية و كانت حملته مكونة من الجنود السودانيين (و معظمهم من العائدين من المكسيك) و من الجنود المصريين. و كون السير صميل حرسا خاصا به من السودانيين العائدين من المكسيك أطلق عليهم "الأربعين حرامي"، و يبدو أنهم ظلوا يحتفظون بمناعتهم ضد الأمراض المدارية، إذ أنهم قاوموا أمراضا ينقلها البعوض في المنطقة بين ملكال و قندروكو بينما تساقط فريسة لها الجنود المصريون. ولاحظ بيكر أن الجنود المصريين كانوا في حالة كربة بائسة نكدة، بينما كان الجنود السودانيون يتلذذون بشرب العرقي (grog) ليلا و هم في أتم صحة و أطيب مزاج. ظل الجنود السودانيون في منطقة أشولي Acholi بعد أن غادرها صمويل بيكر في 1873. زار العقيد الفرنسي لونج فاتيكو في 1874 و شاهد معسكر الجنود السودانيين و لم يملك إلا أن يبدي إعجابه الشديد بنظافة أولئك الجند العامة و الشخصية و عن ملابسهم ناصعة البياض تحت ظروف لا تساعد علي ذلك، بل و لاحظ إحتفاظ أولئك الجنود بصابون فرنسي معطر للإستحمام و هم في وسط أدغال أفريقيا. حضر القائد الفرنسي عرضا عسكريا مميزا لأولئك الرجال وعلي صدورهم النايشين و الأوسمة التي حصلوا عليها خلال حربهم في المكسيك و منها وسام جوقة الشرف الفرنسي. إستمع القائد الفرنسي في إعجاب إلي الرائد بابا توكا في منطقة فويرا Foweeira وهو يحكي بشغف عن ذكرياته في المكسيك و عن حياته الباريسية القصيرة. عين مرجان أغا ( وهو أحد أفراد الكتيبة السودانية في المكسيك) في جيش أمين باشا بينما عمل بعضهم في دارفور و كردفان و كسلا و أرتريا، و قتل أثنان من هؤلاء الجند بنيران جيش المهدي وهما يحرسان غردون في قصره بالخرطوم. المصدر: سودانايل

                  

02-14-2008, 08:06 AM

هشام هباني
<aهشام هباني
تاريخ التسجيل: 10-31-2003
مجموع المشاركات: 51288

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: سودانيون في المكسيك! (Re: هشام هباني)

    Quote: ألقيت محاضرة تحت هذا العنوان في النادي الاجتماعي للجالية السودانية في مسقط قبل سنوات وقد رأيت أن أنشر ملخصا لها في منتدياتنا النوبية علها تفيد الجميع و خاصة شريحة الشباب.

    من المؤسف جدا أن المكتبة السودانية لم تتعرض حتى الآن بشكل أو بآخر على دور السودان في أفريقيا رغم أهمية الموضوع و لم بتابع ما هية مصطلح (النوبيين) المتعارف عليه حتى الآن في أفريقيا الاستوائية و الساحل الشرقي و تحديدا زنجبار و أوغندا و منطقة البحيرات هذا المصطلح الذي يشمل النوبيين في الشمال و النوبيين المستعربين في المنطقة الممتدة من الشمال حتى سنار و المصادر شحيحة للغاية. المقصود من التعبير الإنجليزي The Arabized Nubians في كتب التاريخ و الأبحاث التي تكرم بها العلماء من ألمانيا و فرنسا و أمريكا هم (قبائل الشايقية بطونهم و أفخاذهم في المرتبة الأولى للارتباط الجغرافي ثم قبائل الجعليين بطونهم و أفخاذهم .. الخ الخ حتى منطقة جنوب الوسط من سودان اليوم.
    لقد بذلت جهدا لتجميع ما يمكن من حقائق على أمل فتح الباب أمام مثقفينا نوبيين كانوا أو مستعربين لمواصلة البحث و التوثيق في هذا الموضوع.و قد اعتمدت على أهم المصادر على الإطلاق Nubia the Corridor to Africa (النوبة رواق أفريقيا) الكتاب الذي أشرف على ترجمته و نشره مركز الدراسات النوبية و الذي طال انتظارنا للحصول على نسخ منه رغم نداءاتنا للاستاذة أم النوبيين سعاد ابراهيم أحمد (سآد آشا) متعها الله بالصحة و العافية. و قد اعتمدت أيضا على كتابات برفسر/ابراهيم الزين صغيرون أستاذ التاريخ الحديث بجامعة السلطان قابوس بمسقط و كذلك العالم البروفسر/سيد حامد حريز مدير معهد الدراسات الأفرو آسيوية بالخرطوم سابقا و الذي من خلال عمله في زنجبار لاحظ وجود تيارات ثقافية نوبية واضحة المعالم في حياة المجتمعات المحلية هناك حتى الآن فكتب مشكورا كتابه ( المؤثرات العربية في الثقافة السواحيلية)

    في منتصف القرن التاسع عشر إبان الحكم التركي في السودان هاجر عدد كبير من النوبيين و على وجه الخصوص (الدناقلة) من ديارهم هربا من الضرائب الباهظة التي فرضت عليهم من النظام التركي الظالم و استقر بهم المقام في المديرية الاستوائية ثم امتدت هجرتهم إلى منطقة البحيرات ثم إلى شرق أفريقيا و عملوا في التجارة و النقل النهري و الجندية.
    وفي خلال هذه الفترة تم تعيين أمين باشا (نمساوي الجنسية) حاكما على منطقة البحيرات فاعتمد على قدراتهم العسكرية و كون منهم فصائل عسكرية عرفت ب (فصائل أمين باشا العسكرية النوبية). وقد ذكر أمين باشا في تقاريره أن هذه المجموعات النوبية أبدت اندماجا كاملا في المجتمعات المحلية بالزواج و المصاهرة و أن تأثير ثقافتهم النوبية كان واضحا و كبيرا جدا.

    أما غردون باشا و الذي عمل مديرا للمناطق الاستوائية فقد ذكر في أحد تقاريره الإدارية أن اللغة العربية يجب أن تكون لغة هذه المناطق لما لاحظه من استخدام المجتمعات المحلية هناك للغة عربية (أشبه بلغة عربي جوبا الحالية) مما يؤكد التأثير الثقافي النوبي على هذه المجتمعات المحلية.

    أما في الجانب العسكري يجدر الإشارة إلى طلب نابليون الثالث من محمد سعيد باشا إرسال كتيبة عسكرية سودانية لمساعدة قواته في المكسيك حيث أنه كان يريد تنصيب ماكسميليان حاكما للمكسيك. و قد واجهت القوات الفرنسية صعوبات جمة. فأرسل محمد سعيد باشا كتيبة (أورطة) سودانية من مجموعة أمين باشا العسكرية النوبية. و بالفعل ذهبت هذه الكتيبة العسكرية إلى المكسيك و أبلت بلاءا حسنا كعادتهم فهم ( رماة الحذق). و هنالك مصدر هام جدا يبين (بطولات الكتيبة السودانية في المكسيك ) وهو كتاب أصدره (عمر طوسون) وهو من أحفاد محمد علي باشا في عام 1934 (بطولات الكتيبة السودانية في المكسيك) و عن إشادة قائد القوات الفرنسية هناك و الذي قال بالنص الإنجليزي Never in my life have I seen such steadiness in a battle; their bravery was incredible. They are not men but LIONS.
    لم أر من قبل في حياتي ثباتا في المعارك مثل ثباتهم، إن شجاعتهم لا تصدق، إنهم ليسوا ببشر بل إنهم أسود.
    في نهاية حرب المكسيك التي امتدت من1863 إلى 1867 استدعاهم نابليون الثالث إلى فرنسا لتكريمهم في عرض عسكري مهيب حيث تم توزيع النوط و الأوسمة و قد نال بعضهم أعلى الأوسمة (وسام الشرف الإمبراطوري)
    ( The Ribbon of Honour )

    المستوطنات النوبية في أوغندا:-

    لقد عادت هذه الفرقة النوبية من المكسيك إلى مواقعها مرفوعة الهامة و عملت في الاستوائية و خاصة في مركز (الأشولي) شمال أوغندا و جميع الرحالة الأوروبيين الذين زاروا هذه المنطقة في تلك الفترة أشادوا بالمعسكرات و الحاميات و منهم المستر غرانت الذي وصف هذه المعسكرات (بواحة حضارية في بحر من الظلمات.)
    (Oasis of Civilization in sea of Darkness)
    و المهم إن هذه الاشادات جاءت لأنهم شاهدوا بعض المظاهر الثقافية داخل المعسكرات. و السكان في أوغندا و شرق أفريقيا يشيرون دائما إلى هذه المستوطنات (بالمستوطنات النوبية) و هذه المجتمعات (بالمجتمعات النوبية ) وهي مسألة ثقافية و ليست مسألة عرقية.

    بعد قيام الثورة المهدية و سقوط الخرطوم و مصرع غردون باشا، اضطر أمين باشا إلى الانسحاب جنوبا إلى منطقة بحيرة ألبرت.ونسبة إلى أنهم انقطعوا عن العالم الخارجي، أرسلت الحكومة المصرية بعثة إنقاذ لأمين باشا لإجلائهم من تلك المنطقة و لكن أمين باشا وجد صعوبة في إقناعهم بالانسحاب خاصة لأن الانسحاب كان عن طريق الساحل إلى مصر. وافق أمين باشا إلا أن الضباط السودانيين (النوبيين) رفضوا الانسحاب و اعتبروا أن المسألة قد تكون مؤامرة للقضاء عليهم و على أسرهم. انسحب أمين باشا و بقي هؤلاء بعد أن رفعت الفرقة العسكرية العلم المصري التزاما بخدمة الخديوي و بعد فترة دخلوا الجيش البريطاني بعد التأكد من موافقة الخديوي.

                  

02-14-2008, 08:08 AM

هشام هباني
<aهشام هباني
تاريخ التسجيل: 10-31-2003
مجموع المشاركات: 51288

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: سودانيون في المكسيك! (Re: هشام هباني)

    Quote: لعل من عجائب الأخبار وغرائب قصص التاريخ ان يجبر السودانيون في النصف الثاني من القرن التاسع عشر على الإنخراط في الجيش الفرنسي والسفر إلى امريكا اللاتينية لمقاتلة المكسيكيين تحت راية نابليون الثالث. ولعل الشهرة التي نالتها الجندية السودانية ونالها الجندي السوداني ليس فقط في القرن التاسع عشر بل حتى قبل ذلك بكثير أي منذ ايام الدويلات والممالك التي قامت في شمال السودان مملكة مروي ومملكة المقرة وعلوة وكان السبب في غبتلاء المستعمرين الوربيين للقارة الإمريكية بعض الجنود السودانيين للسفر والقتال بعيدا عن الوطن.
    وقديما أطلق على الجنود السودانيين رماة الحدق وذلك لبراعتهم في إستخدام القوس ودقة التصويب , ففي ابان فترة قيام الممالك النوبية القديمة ( مملكة مروي ) قامت عدد من المعارك بين الجيوش المروية والجيوش الغازية التي جاءت من الشمال ( مصر ) فدارت معارك بين المرويين جيوش الفرس والبطالسة والرومان , وفي كل تلك المعارك ابدى الجندي النوبي بسالة وإقداما ردت الأعداء على اعقابهم وبعد غنقسام بلاد النوبة إلى ممالك ثلاث هي مملكة نوباديا أو الماريس ومملكة المقرة ومملكة علوة وكانت من الممالك التي اعتنقت الديانة المسيحية .. ثم دخول الإسلام في بلاد النوبة ولم يكن ذلك نتيجة لمعارك حربية إنما جاء عن طريق العلاقات التجارية بين العرب والنوبة وإختلاطهم وتزاوجهم , وعندما أرسل حاكم مصر العليا عبد الله بن أبى السرح حيث في عام 641م نتيجة لتعدد غارات النوبيين على حدود مصر الغربية لم يستطيع ذلك الجيش هزيمة النوبيين في تلك المعركة نسبة لاستماتة النوبيين في القتال وبراعتهم في رمي السهام حتى أطلق عليهم العرب ( رماة الحدق ) وفي حروب المهدية (1898-1883 ) م أبلى الجندي السوداني بلاء طيبا واظهر ضروبا من الفروسية والشجاعة والبطولة فقد وقف أولئك امام الآلة الجهنمية ( مدافع مكسيما ) والبنادق السريعة الطلقات والتي تم تصنيعها في ذلك الوقت غير هيابين مدافعين عن بلادهم ووطنهم وعزتهم واستقلالهم وكتب أولئك المرافقون لحملة النيل في حرب النهر ومنهم السياسي البريطاني ونستون تشرشل الذي وصفهم وقفتهم وشجاعتهم واستهانتهم للموت.
    رحلة المكسيك : هنا في هذه الصفحات نستعرض رحلة الأورطة السودانية إلى المكسيك عندما كان السودان تحت الراية المصرية وذلك من خلال متاب وضعه في مطلع القرن العشرين الأمير عمر طوسون محاولا من خلال تخليد هذه المجموعة من العسكريين الذين وصفهم بالمصرييين وهم في مجملهم من السودانيين وكان السودان يومها تحت العلم المصري ويحمل الكتاب عنوان ( بطولة الورطة السودانية في حرب المكسيك ) وهو بمثابة سجل لما يسميه الأمير بطولات أمكن تسجيلها وتوثيقها وشهد بها الأعداء والأصدقاء على حد سواء أنها بطولة الجندية السودانية , وعلى الرغم من أن هذه هذه الحرب التي فرضت على تلك الفرقة التي سيقت إلى المراكب وسافرت إلى ما كان يعرف ببلاد هند الغرب دون مشاورتها ودون أي اسباب مقنعة لتخوض حربا لا تمثل سوى حلقة من منظومة الحروب الإستعمارية والتوسع الأوربي في أنحاء العالم في تلك الفترة أولئك الجنود وجميعهم من السودانيين زج بهم في أتون تلك الحرب ولم يكن يدركون مراميها ولا أهدافها وبالطبع ما كانوا يملكون مناقشة مشاركتهم في تلك الحرب فقد كانوا مجندين في الجيش المصري الذي يملك الحق في نقلهم من مكان إلى آخر تحت الشمس ولا حق لهم في الإعتراض أو الرفض , وأي بادرة من هذا القبيل لا تفسر بسوى العصيان والذي كان يقابل بالمحاكمات الميدانية الفورية وهذه تصل أحكامها إلى حد الإعدام. كانوا جنودا ملتزمين لا يعرفون سوى الطاعة العسكرية العمياء لرؤسائهم ولا يترددون في تنفيذ كل ما يطلب منهم دون جدل لأو مناقشة وهذه واحدة من سمات العسكريين تنفيذ الأوامر , ولذلك يؤخذ هذا الكتاب وقصصه وأحداثه في إطار البطولة والجندية السودانية والأداء العسكري الذي تميزت به الك الفرقة.
    كتاب ( بطولات الأورطة السودانية في حرب المكسيك ) يقيم أحداثا ومواقف لأولئك السودانيين الذين اخذوا بعيدا عن ديارهم ليشاركوا في حرب لا ناقة لهم فيها ولا جمل ... فما هم إلا ثلة من الجنود ارتادت الأفاق ونقلت عبر الأمكنة في اقسى الظروف والأحوال .. والكتاب الذي تعمل ( دار السويدي بأبوظبي ) على غعادة تحقيقه وطباعته من شأنه أن يكشف عن حقائق الصراع الإستعماري والأدوار التي لعبها السودانيين في تلك الحرب المدمرة التي خاضوها في أبعد مكان عن وطنهم الأفريقي وهو في الوقت نفسه وقفة وفاء وإجلال لأولئك الجنود الأشداء الذين دفعوا حياتهم ثمنا لوظيفتهم ومهنتهم وولائهم والعزاء في كل ذلك بان الفرقة لم تكن في أي وقت بالمكسيك فرقة هجومية , فقد كانت في كل الأوقات فرقة مدافعة تحرس المدن وسبل المواصلات وكبار الشخصيات وبالتالي لم تنخرط في الحرب من منطلق الهجوم , فضلا عن ان افرادها لم ينخرطوا في لعبة النهب الإقتصادي ولم يكن لديهم مشروع لذلك فقد كانوا جنودا شرفاء ينفذون الأوامر. إن إعادة طباعة قصة هذه الأورطة السودانية إلى النور يكشف عن جانب مهم من الأدوار التي انخرطت فيها شعوب ضد شعوب من دون أن تكون هذه الشعوب صاحبة قرار في تلك العدوانية. وخروج الرحلة إلى النور في هذه الظروف بالذات من حرب الأشقاء في السودان.
    أسباب حرب المكسيك :
    حسب ما جاء في التقرير المصري الفرنسي الذي سبق إرسال الجنود السودانيين إلى المكسيك فقد اساءت حكومة المكسيك معاملة كثير من رعايا فرنسا وانجلترا وإسبانيا ونهبت اموالهم إثر مطالبتهم لها بوفاء ما عليها من الديون فكان ذلك السبب الظاهر لهذه الحرب ويقال إن الغرض الذي كان يسره نابليون الثالث في قرارة نفسه ويرمي إليه من وراء هذه الحرب وإنما هو تأسيس حكومة ملكية كاثوليكية في المكسيك ليضمن بذلك وجود التوازن في هذه البلاد مع نفوذ الولايات المتحدة الأمريكية .وقد عقدت هذه الحكومات الثلاثة النية على استخدام القوة المسلحة للحصول على مطالب رعاياها ووجهت كل منها حملة المكسيك في سنة 1861 ولكن لم يلبث الخلاف دب بين هذه الدول فسحبت انجلترا واسبانيا جنودهما من المكسيك في أبريل سنة 1862 وقامت فرنسا وحدها بأعباء هذه الحرب.

    --------------------------------------------------------------------------------

    dawoud200506-22-2006, 02:22 PM
    نابيليون وسعيد باشا :
    وخطر بفكر نابليون الثالث أن يرجو سعيد باشا والي مصر في ذلك الحين أن يمده بعدد من الجنود السودانيين فقبل سعيد باشا رجاءه غير انه لم يرسل سوى أورطة مؤلفة من (453) جنديا بين ضباط وصف ضباط وعسكر وهذه الأورطة مكونة من أربعة بلكوات وهي من المشاة التاسع عشر وقد اشتركت في حرب المكسيك من عام 1763 إلى عام 1867م . هنا ورقات من رحلة الأورطة إلى المكسيك عام 1863 في 8 يناير سنة 1863 اقلعت النقالة الفرنسية لاسين بهذه الورطة من الأسكندرية مارة بطولون وصولا إلى فيراكروز وهي أكبر فرضة في المكسيك وذلك في 23 فيراير بعد سفر استمر 47 يوما وقد مات منها اثناء السفر سبعة جنود وكانت بقيادة البكباشي جبرالله محمد افندي ووكيله اليوزباشي محمد الماس أفندي وجاءت في التقارير الفرنسية عنها إنها كانت ذات ملابس حسنة وسلاح جيد وهيئة انيقة واستعداد عسكري يثير إعجاب كل ما يراها. إلا أن سلاحهم كان يختلف عن أسلحة الجنود الفرنسيين فنجم عن ذلك متاعب وعراقيل من جهة الذخيرة فوزعت القيادة الفرنسية عليهم اسلحة فرنسية وأودعت أسلحتهم في المخازن ثم أعادتها إليهم عند رجوعهم إلى مصر كما أن التفاتهم معها في بادي الأمر كان متعذرا لجهل أفرادهل باللغة الفرنسية فدعت الحالة إلى استخدام بعض الجنود الجزائريين الذين كانوا معهم في حرب المكسيك للترجمة بينهم وبين سائر الجنود الفرنسيين هناك فأمكن بذلك معرفة احتياجاتهم والإستفادة من أهليتهم وكفاءتهم وقام جنود هذه الورطة بأعظم الخدمات واجلها لشجاعتهم وبراعتهم في الرماية وضرب النار وبذلك أمكن التمويل عليهم في المواقع التي كانت الجنود الفرنسية لا تستطيع المقام فيها فصدوا غارات العصابات التي كانت تجوس خلال هذه الديار وتشن الغارات على قوافل المؤونة والذخيرة وعلى المخافر التي بها قليل من الحرس. وما كادت الأورطة تستقر ببلاد المكسيك حتى صدرت الأوامر لها وللكتائب الجنبية وفرق المتطوعيين من المكسيكيين الفرنسيين بتطهير الراضي الحارة من زمرة اللصوص الذين كانوا يعيثون فيها فسادا. ولما حوصرت مدينة بوبيلا وهي المدينة الثانية في الأهمية من مدن المكسيك من 23 فبراير إلى 17 مايو 1763 حيث سقطت واستسلم من حاميتها 26 جنرالا و900 ضابط و12 الف جندي كان من اللازم الإحتفاظ بالمواصلات التي كان المكسيكيون يحاولون دوما قطعها بين الساحل وهذه المدينة . فكانت الأورطة السودانية أهم قوات صيانة المواصلات في الأراضي الحارة حتى قال القائد العام في فيراكروز عن جنودها أن ليس لديه ما يبديه بشانهم إلا الإطراء والثناء من كل الوجوه ز ثم استخدام قسم من الذين وقعوا في السر في بوبيلا في أشغال السكة الحديد وكان كثيرا ما يزعجهم المكسيكيون فدعت الحالة إلى تكليف بلوك ونصف بلوك من الأورطة السودانية لحراستهم فقاموا بذلك خير قيام وتقدمت الأعمال سريعا.
    وفاة قائد الاورطة :
    في مايو 1863 فجعت الأورطة السودانية بوفاة قائدها البكباشي جبرالله محمد أفندي على أثر اصابته بالحمى الصفراء فخلفه القائد الثاني لها الصاغ محمد الماس أفندي بعد أن منح رتبة البكباشي. وكان لوفاة هذا الضابط العظيم رنة آسى عند الجميع وجاء تابين السلطة الفرنسية له انه كان على جانب كبير من دماثة الأخلاق والتحلي بصفات عسكرية نادرة . وانه كان محترما من الجميع لسلوكه الحسن وقيامه بواجباته على الوجه الأكمل وتقديره ما على عاتقه من المسؤوليات وبلغت قيمة تركته ( 5667 فرنكا ) أرسلتها السلطات الفرنسية فيما بعد إلى الحكومة المصرية لتسلمها إلى ورثته مع مبلغ 5000 فرنك على سبيل المنحة منها لهم.ويدرك المرء مقدار وخامة الأراضي الحارة وفساد مناخها إذا علم أنه مع متانة بنية جنود الأورطة السودانية المصرية ومقاومتها لوخامة ذلك الجو أكثر من المكسيكيين أنفسهم , كان لا يوجد في كل بلوك منها اقل من (42) مريضا على الدوام ( 30) في المستشفى و(12) في الثكنات.ومع أن هذه النسبة بالنظر لمجموع عدد الأورطة إلا انه عند مقارنتها بنسبة عدد مرضى فرق الجيوش الفرنسية الأخرى نجدها أقل بكثير منها بكثير. ولما احتلت الجيوش الفرنسية مدينة مكسيكو عاصمة المكسيك اقيمت الإحتفالات في كافة المدن التي في قبضة هذه الجيوش.
    رسائل من المكسيك :
    في العام 1864م كتب قائد فيراكروز إلى القائد العام في شأنهم يقول ( لقد سلك السودانيون مسلكا برهن على بطولتهم فقاتلوا عددا يربو على عددهم اضعافا مضاعفة ولبثوا محتفظين بما بلغوه من قبل من الدرجة السامية في الشجاعة. وقد جاء في التقرير ( لقد قاتل السودانيين قتلا باهرا أدام ساعة واحدة وليس بين الجنود القدماء من لا يذكر مثل هذا الفوز بالإكبار والإعجاب وقد نوه في تقريره باسماء : الملازم فرج عزازي والجاويشية حديد فرحات ومرجان والدناصوري والانباشي الحاج عبدالله حسين باشا والجندي كوكو سودان كباشي ومنح الأنباشي عبدالله حسين وساما عسكريا لبسالته التي ابداها في هذه الواقعة والجرح العميق الذي اصيب به وعدد القتلى الذين أجهز عليهم ولطعنه بحربة ( سنكه ) بندقيته جنديا مكسيكيا فلما نشبت به رفعه بها وذراعه غير مثنية .
                  

02-14-2008, 08:12 AM

هشام هباني
<aهشام هباني
تاريخ التسجيل: 10-31-2003
مجموع المشاركات: 51288

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: سودانيون في المكسيك! (Re: هشام هباني)

    Quote: إكتشافات ومؤلفات وكتابات الأمير عمر طوسون

    اتجه عمر طوسون إلى الكتابة والتأليف وإنتاج علمي الغزير بالعربية والفرنسية، ونشر فى الصحف بحوثه العلمية الدقيقة ، وكان مجال أنتاجه المفضل هو البحوث التاريخية والجغرافية والأثرية ،

    ودارت كلها حول مصر والسودان ، فكتب عن الجيش المصري

    وكما كان طوسون شديد الولع بمطالعة كل ما له علاقة بتاريخ مصر والسودان فقد كان مغرما بالبحث في مجال الصحراء (2) ، محبا للتنقيب عن الآثار، وكانت مدينة الإسكندرية وما حولها هي محل عنايته في البحث والتنقيب، فقام برحلات كثيرة إلى الصحراء الغربية، ودرس طبيعة هذه الجهات وما فيها من الواحات دراسة مستفيضة، ووفق إلى كشف آثار لها أهميتها، فاكتشف في أطلال بناء قديم في جنوب غرب واحة الدالة صليبا قبطيا من البرونز يرجع عهده إلى القرن الخامس أو السادس الميلادي، بالإضافة إلى بعض الأواني الفخارية الأثرية، كما اكتشف بقايا أديرة للرهبان في عرب وادي النطرون، وقد نشر عنها بحثا مستفيضا مع الصور الفوتوغرافية في مجلة الجمعية الملكية للآثار.

    ومن اكتشافاته الهامة عثوره على رأس تمثال الإسكندر الأكبر بخليج العقبة، واكتشافه لبقايا مدينة مغمورة بالماء على عمق خمسة أمتار بخليج أبي قير سنة 1933، وقد نشر هذا الاكتشاف في مجلة الجمعية الملكية للآثار سنة (1353هـ= 1934م).

    1 - الجيش المصري البري والبحري في عهد محمد علي ,

    2 - نبذة عن المدارس الحربية والمعامل العسكرية وحالة الجيش المصري في عهد محمد علي. , 3 - الصنائع والمدارس الحربية والبعثات العلمية في عهد محمد علي , تناول الصناعة في عصر محمد علي والبعثات العلمية التي أرسلها إلى أوروبا، وسجل ذلك في كتابه "الصنائع والمدارس الحربية في عهد محمد علي باشا" و"البعثات العلمية في عهد محمد علي وفي عهدي عباس وسعيد", 4 - مصر والسودان. , 5 - كلمات في سبيل مصر , 6 - مذكرة عن مسألة السودان بين مصر وإنجلترا. 7 - كتاب بطولة الأورطة السودانية في حرب المكسيك"صفحات من تاريخ مصر والجيش البري والبحري" تناول أحداثا حربية قل من يعرفها لعدم الاهتمام بها ، مثل مشاركة مصر في الحملة العسكرية التي أرسلها نابليون الثالث إلى المكسيك ، وذلك في عهد محمد علي والخديوي إسماعيل، وقد أبلت هذه الكتيبة المصرية بلاء حسنا، وفقدت نحو ثلث رجالها هناك في عهد محمد علي كتابا بعنوان ، وقد سجل عمر طوسون بطولات هذه الكتيبة في كتابه "الأورطة السودانية المصرية في حرب المكسيك" . 8 - يوم 11 يوليه عام 1882. , 9 - البعثات العلمية في عهد محمد علي ثم في عهدي عباس الأول وسعيد. , 10 - الأطلس التاريخي الجغرافي لمصر السفلى منذ الفتح الإسلامي إلى الآن 11 - خرائط حائط , 12 - وادي النطرون ورهبانه وأديرته ومختصر تاريخ البطاركة. , 13 - المسألة السودانية. , 14 - الجيش المصري في الحرب الروسية المعروفة بحرب القرم. , 15 - تاريخ مديرية خط الاستواء المصرية من فتحها إلى ضياعها. , 16 - تاريخ خليج الإسكندرية وترعة المحمودية. , 17 - مذكرة عما صدر منا منذ فجر الحركة الوطنية المصرية. , 18 - مذكرة حول التشريع لتنظيم الوقف. , 19 - محاربة الجنود المصرية النظامية للدروز في حوران. , 20 - أراضي الدومين والدائرة السنية. , 21 - الحرب السودانية الثانية. , 22 - الجنود المصرية في حرب القرم كما تناول تاريخ الجيش المصري الذي اشترك مع الدولة العثمانية في حرب القرم في كتابه "الجيش المصري في الحرب الروسية المعروفة بحرب القرم". , 23 - الأورطة السودانية المصرية في حرب المكسيك. 24 - الحملة المصرية في البوسنة. , 25 - ثورة العسير. 26 - مذكرة عن تاريخ النيل - 22 صورة. , 27 - جغرافية مصر (مذكرتان). , 28 - مصر السفلى كما ورد تاريخها في الروك الناصري. 29 - مذكرة عن الصحاري المصرية. 30 - نهاية المماليك. 31 - الآثار المغمورة بالماء في "أبو قير". 32 - رحلة الإسكندر إلى واحة جوبيتر آمون. , 33 - الصحراء الليبية - سليا وأديرتها. , 34 - وصف منارة الإسكندرية كما أورده مؤلف عربي في القرن الثاني عشر. , 35 - صعود إلى قمة عمود بومبي. , 36 - جغرافية مصر في العهد العربي. , 37 - خرائط موقعة حمص. 38 - خرائط موقعة بيلان. , 39 - خرائط موقعة قونيه. , 40 - قصر القطاجي. , 41 - طوابي الإسكندرية وضواحيها. , 42 - الفتح الإسلامي لسيوة سنة 1820 م , 43 - خرائط موقعة نزيب. , 44 - مذكرة مسألة السودان. , 45 - الإسكندرية عام 1868م , 46 - ضحايا مصر في السودان وخفايا السياسة الإنجليزية . , 47 - فتح دارفور. , 48 - تحقيقات عن البلدان المصرية الواردة في الباب الثالث من كتاب قوانين الدواوين لابن مماتي الذي طبعته الجمعية الزراعية الملكية عام 1944 "لم تطبع". , 49 - تحقيقات جغرافية عن بعض بلاد الجزيرة العربية أيام حروب إبراهيم باشا في بلاد العرب "لم تطبع". , 50 - مذكرة عن أعمال لجنة تربية المواشي. , 51 - تقرير عن لجنة تربية المواشي. , 52 - تقرير عن سير أعمال لجنة تربية المواشي. , 53 قلة نظافة القطن العفيفي. , 54 - تحقيق في زراعة الدخان بمصر. , 54 - مذكرة عن فروع النيل القديمة - ركز على مصر ونهر النيل فيما كتب، ومن مؤلفاته في هذا المجال كتاب ضخم بعنوان "مذكرة عن تاريخ النيل" تناول فيه منابعه ومجراه وأفرعه وفيضانه، واستعرض فيه آراء المؤلفين القدماء والمحدثين، وكتاب "جغرافية مصر في العصر العربي" وصف فيه الأدوار المختلفة التي مرت بها جغرافية مصر من الفتح الإسلامي حتى الفتح العثماني، مدعما أسانيده بما ذكره جغرافيو العرب ومقارنا بينهم.. , 55 - فتح مصر لابن عبد الحكم. , 56 - الإسكندر المقدوني وقبر النبي دانيال. , 57 - لقب الخديوي ولقب عزيز مصر. , 58 - موقعة أبي قير البحرية. , 59 - مقتبسات من تاريخ مديرية خط الاستواء. , 60 - صفحة من تاريخ مصر في عهد محمد علي. , 61 - صفحة من تاريخ الجيش المصري في حرب القرم. , 62 - حرب جزيرة العرب. , 63 - حرب اليونان سنة 1823 – 1828م , 64 - حرب سوريا الأولى سنة 1832م , 65 - تمرد فلسطين سنة 1834م
    وفاته
    توفي الأمير عمر طوسون يوم الأربعاء (30 من محرم 1363هـ= 26 من يناير 1944م)، وكانت وصيته ألا تقام له جنازة، ونفذ له الملك فاروق وصيته (2) ، مقتصرا على تشييع الجثمان الذي شارك فيه الوزراء والأمراء وكبار رجال الدولة

    .وقبل وفاته بأكثر من عشر سنوات كتب وصية تخص مكتبته العامرة ، وكان تضم نحو ثمانية آلاف مجلد من نفائس الكتب والمخطوطات والصور والخرائط، والتي يندر أن تجتمع عند أحد ، وقد أوصى أن تهدى هذه المكتبة إلى المتحف الحربي والمتحف اليوناني الروماني بالإسكندرية ومكتبة بلدية الإسكندرية

    حفيده يطالب بإسترداد أملاك جده المصادرة

    فى 20 /10 / 1998 م حفيد عمر طوسون ووريثه الوحيد عزيز محمد عمر طوسون باسترداد ممتلكات وقصور جده ومقتنياته الأثرية النادرة, والغاء قرار لجان المصادرة بمصادرتها عام 1953م وتطعن الدعوى القضائية في قرار المصادرة لتناقضه مع موقف ثورة 23 يوليو 1952 تجاه الأمير عمر طوسون واعترافها بوطنيته ودوره المشهود في النضال ضد الاحتلال البريطاني, ودعم الحركة الوطنية المصرية, والدفاع عن وحدة وادي النيل, واثرائه المكتبة العربية بكتاب نادر عن نهر النيل. وتستشهد الدعوى القضائية لاسترداد ممتلكات الأمير عمر طوسون بموقف مجلس قيادة الثورة وعدم ادراج اسم طوسون ضمن قائمة افراد أسرة محمد علي المصادرة ممتلكاتهم المنهوبة من الشعب المصري حيث اقتصرت القائمة على أبناء وأحفاد الخديوي اسماعيل ومن بعده الملك فؤاد ونجله الملك المخلوع فاروق. ويؤكد الدكتور الغتيت في مذكرته ان صغار موظفي لجنة المصادرة بالاسكندرية انتزعوا أمراً شفويا من وزير العدل آنذاك بضم اسم عمر طوسون الى قوائم المصادرات مخالفين بذلك قرار مجلس قيادة الثورة. وتقاضي الدعوى المرفوعة من حفيد عمر طوسون كلاً من رئيس الوزراء المصري الدكتور كمال الجنزوري ووزراء العدل والمالية والأوقاف والثقافة ورئيسي جامعتي القاهرة والاسكندرية. ويطالب عزيز حفيد عمر طوسون الحكومة المصرية توفير مقر اقامة له بالاسكندرية وسيارة خاصة وراتب شهري لايقل عن ألفي جنيه لمصروفات اقامته.
    وعزيز طوسون يتكلم العربية بطلاقة كأنه لم يغادر مصر اطلاقا .. رغم مغادرته لها مع باقي أفراد أسرته عام 1958 م وكان عمره سبعة أعوام, حيث ولد بالاسكندرية عام 1951 م وتوزعت أسرته بعد اسقاط الجنسية المصرية عنهم الى باريس وجنيف, ورفضوا عروضا أوروبية وعربية يمنح جنسية أخرى, ومات سعيد طوسون والد عزيز عام 1991 م ودفن في باريس .. وكان أمله كما يقول ابنه استعادة جنسيته المصرية وعزيز وحده الذي تمكن من الحصول عليها بعد مقابلة له مع الرئيس المصري السابق أنور السادات في باريس. وبلهجة مصرية طليقة قال عزيز في اتصال هاتفي مع (البيان) ليس المهم في القضية الشق المادي, بل الجانب التاريخي والقيمة المعنوية, ويضيف ان جده الأمير عمر طوسون طبقا لقرار لجنة المصادرة واحد من الذين نهبوا أموال الشعب المصري, وأحد الذين أفسدوا الحياة السياسية في مصر أيام الملك فاروق, وللحقيقة والتاريخ أحرص على تصحيح هذا الخطأ لأن جدي كان مصريا ووطنيا في المقام الأول. ما هي الحقيقة فيما يتعلق بالجانب الوطني الذي يراه كرد اعتبار لجده.
    =====================================================================

    المـــــــــــــــــــراجع

    (1) الأهرام 3/10/2006 م السنة 131 العدد 43765 عن مقالة بعنوان " عمر طوسون يبحث عن أديرته‏! " بقلم : د‏.‏ عمرو عبدالسميع

    (2) ويكيبيديا الموسوعة الحرة - صفحة عمر طوسون

                  

02-14-2008, 08:29 AM

حيدر حسن ميرغني
<aحيدر حسن ميرغني
تاريخ التسجيل: 04-19-2005
مجموع المشاركات: 25297

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: سودانيون في المكسيك! (Re: هشام هباني)

    Quote: لعل من عجائب الأخبار وغرائب قصص التاريخ ان يجبر السودانيون في النصف الثاني من القرن التاسع عشر على الإنخراط في الجيش الفرنسي والسفر إلى امريكا اللاتينية لمقاتلة المكسيكيين تحت راية نابليون الثالث


    Quote: في منتصف القرن التاسع عشر إبان الحكم التركي في السودان هاجر عدد كبير من النوبيين و على وجه الخصوص (الدناقلة) من ديارهم هربا من الضرائب الباهظة التي فرضت عليهم من النظام التركي الظالم و استقر بهم المقام في المديرية الاستوائية ثم امتدت هجرتهم إلى منطقة البحيرات ثم إلى شرق أفريقيا و عملوا في التجارة و النقل النهري و الجندية


    كان الله فى عونهم

    غايتو بشتنة السجم والرماد بإنسان السودان فى ذلك الزمان

    الغريبة ياهشام لم يخرج إلينا من نسلهم من يضاهي منزلة المهاجرين الاوائل من اللبنانيين والسوريين الى دول امريكا اللاتينية

    بالتحديد .. حيث تقلَد الكثير منهم مناصب سيادية وقيادية فى تلك الدول مثل الرئيس الارجنتيني السابق كارلوس منعم وغيره ممن ترشحوا

    لانتخابات الرئاسة هناك .. هذا بخلاف فئة رجال الاعمال المرموقين.

    ترى هل أكتفى مهاجرينا او (من احبر على الهجرة منهم) بممارسة نفس المهن التي كانوا يمتهنونها فى السودان قبل الهجرة؟

    هذا بالطبع يتطلب معرفة الكثير من الجوانب التى شكلت ملامح حياتهم .. كالتعليم مثلا
                  

02-14-2008, 02:43 PM

هشام هباني
<aهشام هباني
تاريخ التسجيل: 10-31-2003
مجموع المشاركات: 51288

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: سودانيون في المكسيك! (Re: حيدر حسن ميرغني)

    حيدوري


    Quote: غايتو بشتنة السجم والرماد بإنسان السودان فى ذلك الزمان

    الغريبة ياهشام لم يخرج إلينا من نسلهم من يضاهي منزلة المهاجرين الاوائل من اللبنانيين والسوريين الى دول امريكا اللاتينية

    بالتحديد .. حيث تقلَد الكثير منهم مناصب سيادية وقيادية فى تلك الدول مثل الرئيس الارجنتيني السابق كارلوس منعم وغيره ممن ترشحوا

    لانتخابات الرئاسة هناك .. هذا بخلاف فئة رجال الاعمال المرموقين.

    ترى هل أكتفى مهاجرينا او (من احبر على الهجرة منهم) بممارسة نفس المهن التي كانوا يمتهنونها فى السودان قبل الهجرة؟

    هذا بالطبع يتطلب معرفة الكثير من الجوانب التى شكلت ملامح حياتهم .. كالتعليم مثلا


    هسع اخوك بجمع في المعلومات دي حول اولئك السودانيين الحاربوا في المكسيك قبل اكثر منة ميتين سنة مع الفرنسيين وعندي معلومات ربما انقطع منهم جماعة بي هنا وزاغوا امريكا من ديك وعيك وربما اسسوا مدينة (سودان) الامريكية في غرب تكساس واخووووك قريبا ماشي هنااااك اقوم بالتحري حول اسم( سودان) ده من وين جاءوهل توجد مقبرة تدلل علي انو في سودانيين اسسو المدينة دي وهل هناك يوجد بعض من احفادهم!؟
    ودي واحتراماتي
                  

02-15-2008, 03:17 AM

هشام هباني
<aهشام هباني
تاريخ التسجيل: 10-31-2003
مجموع المشاركات: 51288

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: سودانيون في المكسيك! (Re: هشام هباني)

    الاخوة القراء

    ارجو كل من توافرت لديه اية معلومات حول هذه الكتيبة السودانية
    ارجو رفدنا بها في هذا البوست التوثيقي وذلك لامر هام يتعلق بدراسة حول هذا
    الموضوع.
                  

02-15-2008, 08:56 AM

Zakaria Joseph
<aZakaria Joseph
تاريخ التسجيل: 11-27-2007
مجموع المشاركات: 9005

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: سودانيون في المكسيك! (Re: هشام هباني)

    أستأذ سلأمأت
    هل يعقل بإنك تعيش فى تكسأس و لم تسمع ب celebration أليوم ألخأمس من مايو أو مأ يسمى سينكو دى مأيو بالإسبأنية? هذأ هو آهم أليوم فى تاريخ ألولأيأت ألمتحدة ألمكسيكية و هو شبه رسمى فى ألولأيأت ألمتحدة و خاصة, ألولأيأت ألجنوبية ألغربية مثل تكياس و أريزونأ و نيو مكسيكو و كأليفريأ. أليوم ألخأمس من مأيو هو يوم موقع بيبلأ, حيث إنتصرت ألقوأت ألمكسيكية ألتى كأنت تتكون من ألسكأن ألأصلين على ألقوأت ألفرنسية ألتى كأنت تتكون من " مرتزقة ألعبيد ألأفأرقة جلبت من مستعمرأت فرنسية فى تلك ألقارة." ألكلأم ألفى ألكود دأ جاء فى ألكتأب موقع ألبوبلأ, تأريخ وصدآ أو la Historia de la Batalla de Puebla, Reprecusoines.
    بمعنى آخر, ألسودأن فى قلب تأريخ ألدولةألمكسيكية. حسى, somebody يجينى و يقول لى ترجم شوية من thisكتاب و أتا بكتب بمأوس.
                  

02-18-2008, 10:03 AM

Zakaria Joseph
<aZakaria Joseph
تاريخ التسجيل: 11-27-2007
مجموع المشاركات: 9005

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: سودانيون في المكسيك! (Re: هشام هباني)

    آستأذ هبأنى سلأمأت
    لم آوفق بعد فى ألحصول على آدلة دأمغة توثق وجود سودأنى فى ألمكسيك قبل و بعد أمعركة بويبلأ آلشهيرة. لكن يوجد ذكر للسودآن فى ألدرأسأت ألتى تنشرهأ Instituto Cultural de Raices Mexicanas ألتأبع ل Universidad Nacional Autonoma de Mexico حيث كتب غونزألو أقيرى, و هو بأحث فى ألتأريخ أن



    Se llegó así a determinar como los primeros contactos culturales entre negros, indígenas y españoles se realizaron al través de los negros islamizados del area cultural del Sudán Occidental; como Ilegó la invasión masiva de negros proveentes del área cultural del Congo, de habla bantú para, finalmente, en los inicios del útimo siglo de la Colonia, sobrevenir el contacto con unos cuantos grupos negros extraidos del area cultural del Golfo de Guinea."

    و ملخص كلأمه هذأ هو أن ألأحتكأكأت ألثقأفية آلأولية بين ألسود و ألسكأن ألمكسيك ألأصلين و ألأسبأنين حدثت مع ألسود ألمسلمين من منطقة ألسودأن western و ألمجموعأت ألمتحدثة بألبأنتو من منطقة Congo إلى جأنب ألذين جلبو من خليج ألغينى فى آوأخر ألقرن ألإستعمأرى.

    و أغلب ألظن أن ألسودأن ألغربى ألمذكور فى ألبحث هو ألسنغأل و مألى فى غهدنأ هذأ.

    (عدل بواسطة Zakaria Joseph on 02-18-2008, 10:06 AM)
    (عدل بواسطة Zakaria Joseph on 02-19-2008, 01:53 AM)

                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de