الانجليز او البريطانيين كحكومة رسمية ليسوا طرفا في صناعة المهدية وان تم ذلك بواسطة كرومر عضو الحكومة والذي كان يمثل مصالح الدائنيين للخديوي بشكل اساسي. كرومر سيطر علي الخديوي المفلس وعلي مصر ووجد ان الزبير رحمة لديه موارد مالية من الرق يمكن استخدامها في مشروعه الخاص لانه يتعذر علي الخديوي سداد الديون ولا السماح بالرق.
كما ادرك كرومر ان نظام الخديوي فاشل وغير قادر علي توظيف موارد جنوب وادي النيل وان جوردون مثالي ويعرقل سداد الديون وتحقيق ارباح. لذلك قرر كرومر اثارة العنف والمهدية والتخلص من جوردون وخلق وضع خطير يضع السودان تحت اشراف وادارة بريطانيا مباشرة وفيه مساهمة صورية للخديوي تمكن الطرفين من سداد الديون للبنوك اليهود
مؤشرات قوية جدا تدل بأن غزو المهدية كانت من تخطيط وإدارة ايفلين بارينج وهو اللورد كرومر وبتمويل من الزبير رحمة منصور اكبر صياد وتاجر رقيق. وهدف كرومر اولا الي استدراج وقتل جوردون لوقف مساعيه المعارضة لاستغلال الموارد ولسعيه لاقامة عدالة في مستعمرة السودان. وكان الهدف الرئيسي للفولاني هو الاستيلاء علي مستعمرة السودان من الخديوي المفلس وللتخلص من جوردون الذي يعارض الرق ولكن كان هذا أيضا هدف كرومر لسداد ديون الخديوي لبنوك اليهود
ومن اقوي الأدلة لدور كرومر في المهدية هو تجاهله لهجرات الفولاني الكثيفة لأقاليم أنهار النيل ودارفور من سلطنة سكوتو التي كانت تعج بأعمال الرق. ففي عام 1880 بدئت بريطانيا في غزو جنوب نيجيريا وهي المصدر الرئيسي لفولاني سلطنة سكوتو لصيد والاتجار بالرقيق. فإنقطعت موارد الفولاني من الرق وأخذوا في التحرك شرقا لأنهار النيل لممارسة الرق.
وفي 1879 قام جورج توبمان جولدي بدمج المشاريع البريطانية لتشكيل شركة النيجر المتحدة وكانت بداية تشكيل مستعمرة نيجيريا. وكان قد أعيد تسمية شركة النيجر المتحدة إلى الشركة الوطنية الأفريقية في عام 1881 وتحولت الي الشركة الملكية الأفريقية في عام 1886. كان من المستحيل بالنسبة لشركة خاصة أن تواجه مستعمرات فرنسا وألمانيا المدعومين من الدولة. لذلك في عام 1900 باعت شركة النيجر الملكية أراضيها إلى الحكومة البريطانية بمبلغ 865000 جنيه إسترليني.
وأصبحت المناطق التي تسيطر عليها الشركة محمية جنوب نيجيريا والتي كانت بدورها دمجت مع محمية شمال نيجيريا عام 1903 لتشكيل مستعمرة ومحمية نيجيريا في عام 1914 (التي أصبحت جمهورية نيجيريا في عام 1960). في عام 1929 أصبحت الشركة جزءًا من شركة المتحدة الأفريقية والتي أصبحت تحت سيطرة شركة يونيليفر في الثلاثينيات واستمرت لتكون شركة تابعة لشركة يونيليفر حتى عام 1987 ، عندما تم استيعابها في الشركة الأم يونيليفر
في عام 1876 أفلست مصر وتولت مجموعة من المفوضين الماليين بقيادة إيفلين بارينج ادارة مصر بحجة محاولة تسديد ديون للبنوك. لم توجد الأموال اللازمة لتنفيذ الإصلاحات التي أرادها جوردون مع دفع أكثر من نصف دخل مصر لدفع فوائد 7 ٪ على الدين بقيمة 81 مليون جنيه مصري علي الخديوي اسماعيل الذي يدعم خطط جوردون للإصلاح لكنه غير قادر على التمويل لأنه يفتقر إلى المال لدفع رواتب موظفي الخدمة المدنية والجنود في مصر واصعب بكثير لدفعها في السودان.
سافر جوردون إلى القاهرة للقاء بارينج واقتراح بأن تعلق مصر مدفوعات فوائدها لعدة سنوات للسماح لإسماعيل بدفع المتأخرات لجنوده وموظفي الخدمة المدنية في السودان بوعد أنه بمجرد استقرار احوال الحكومة المصرية يمكن أن تبدأ في سداد ديونها دون خوف من التسبب في ثورة. كتب محللون ان خطط جوردون كانت "بعيدة النظر وإنسانية" ، لكن بارينج لم يكن له مصلحة في خطط جوردون لتعليق مدفوعات الفائدة. استاء جوردون ولم يعجبه بارينج حيث كتب أنه متعالي وغير انساني. كان لدينا بضع كلمات معًا ... عندما يختلط الزيت بالماء ، سنختلط معًا".
كانت العبودية أساس الاقتصاد السوداني ومحاولات جوردون لإنهاء الرق كانت ضد الزبير المعروف ب "ملك الرق" لأنه كان أغنى وأقوى من جميع صيادي وتجار الرقيق في كل السودان. اندلعت ثورة في ولاية دارفور بزعامة زبير وذهب جوردون للتعامل معها. وتزايدت الضغوط المالية لوقف مكافحة الرق فاستقال جوردون وعاد لبريطانيا عام 1880 محطما نفسيا
وبينما كان الخديوي توفيق حاكم صوري بلا اي سلطة ولا قوة نجد ان الطلب من جوردون عام 1884 لاجلاء الادارة التركية وانقاذهم من المهدية جاء من توفيق وليس من الحاكم الفعلي لمصر وهو كرومر والذي كان يمكنه اعداد قوات من اي جهة لسحب التركية بدلا من الاستعانة بعدوه جوردون وهو معارض لسياساته. فلماذا طلب توفيق ولم يطلب كرومر؟ ولماذا لم يجد كرومر قوات اجلاء ويستعيد السيطرة علي السودان؟ وكيف نمت قوي الفولاني المهدية بينما كرومر لديه الزبير رحمة في يده وهو لديه قوات قوية واموال ونفوذ علي الارض؟ انه البيع للفولاني لسداد ديون خديوي. https://wp.me/p1TBMj-x3https://wp.me/p1TBMj-x3
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة