في الساحة السودانية يتواجد صنفان من هؤلاء ( تجار العملة ) .. صنف يمارس تلك المهنة لتحقيق أهداف سياسية معينة .. وهؤلاء غالباُ ما يخسرون مالياُ ليحققوا نجاحات معنوية ليس إلا .. ويمكن تصنيفهم بالتجار المؤقتين للعملة .. ولكن هنالك صنف آخر من تجار العملة هو ذلك الصنف الخطير الذي يحتاج منا الكثير والكثير من الوقفة والتمحيص .. فهؤلاء فئات من الناس يتخذون تجارة العملة كمهنة تجارية أساسية في حياتهم .. وفي الغالب الأعم هم مجهولي الهوية .. يمارسون نشاطهم في غفلة الأعين .. هم في واد والعالم في واد آخر .. لا ينتمون لحزب من الأحزاب .. ولا يمارسون لوناُ من ألوان السياسة .. ولا يبالون بهموم الشعب السوداني إطلاقاُ .. يضحكون كثيراُ حين يتهمهم البعض بأنهم ينتمون لجماعات كذا وكذا أو ينتمون لجهات كذا وكذا .. ويفرحون كثيراُ من ضحالة عقول البعض من أفراد الشعب السوداني .. لأن تلك الاتهامات الجزافية تبعدهم عن الشبهات !.. وتلك نكسة من نكسات الشعب السوداني الذي تعود دائماُ أن يتهم ويرمي جزافاُ .. وقد تعود أن يربط كل الأمور في الحياة بالسياسة وبأهل السياسة !.. وهؤلاء تجار العملة مهما يهتز العالم هولاُ وفظاعة من حولهم لا يبالون ولا يكترثون بالمجريات .. بل يمارسون تلك المهنة بمنتهى البراءة وكأن شيئاُ لا يدور في الساحات من حولهم !.. وفي عرف هؤلاء فإن تلك المهنة هي مهنة الشطار من الناس .. والمضاربة بين أفراد هؤلاء التجار للعملة قوية للغاية .. وهي تلك المضاربة التي ترفع أسعار العملات الصعبة في البلاد من وقت لآخر .
الخطوات في تجارة العملات كالآتي : هؤلاء ( تجار العملة ) يشترون من المالكين للعملات الصعبة في داخل البلاد .. وذلك بتشغيل مجموعات كبيرة من الشباب الذين يبحثون عن العمل ,, وهؤلاء الشباب يتجولون في أسواق المدن وفي المرافق العامة يسألون المارة عن العملات .. وهم يملكون مهارات فائقة في معرفة من يحمل العملات الصعبة ويريد بيعها .. وكذلك يعرفون من يريد أن يشترى تلك العملات الصعبة .. بجانب الشهرة لبعض الأفراد في الأحياء والأسواق والمحلات الذين يعرفون بالتعامل في العملات .. وقد يسأل سائل من أين يحصل هؤلاء المالكون للدولار في داخل البلاد ؟؟.. والإجابة بمنتهى البساطة أن هؤلاء يحصلون على الدولار من خارج البلاد عن طريق منافذ عديدة وكثيرة .. ومن تلك المنافذ إمدادات أبناء السودان المغتربين بالخارج للأهل بالداخل .. أو القادمين للسودان من المغتربين وغير المغتربين .. وكذلك البعض من هؤلاء العاملين الأجانب الذي يتواجدون داخل البلاد والذين يتقاضون الأجور بالعملات الأجنبية .. وتاجر العملة بعد أن يشتري تلك العملات الصعبة فأنه يبيعها في المقام الأول لتجار السودان الموردين للسلع من خارج البلاد .. وهؤلاء التجار الموردين للسلع حين يشترون تلك العملات الصعبة من تجار العملة يوردون تلك العملات في البنوك لتغطية قيمة الاعتمادات المالية في مقابل توريد تلك السلع من الخارج .. وتلك الاعتمادات المالية لا تتعامل إلا بالعملات الصعبة ولا تتعامل إطلاقاُ بالجنيه السوداني .. وهنالك أيضاُ فئات من الناس تشتري العملات الصعبة من تجار العملة في حالات عديدة .. منها حالات داخل البلاد تتطلب وتشترط إيجاد العملة الصعبة .. وفي بعض الحالات إيجاد العملة الصعبة أو ما يعادلها بالجنيه السوداني .. وهنالك حالات تتطلب العملات الصعبة عند السفر لخارج البلاد .. حيث لا بد من الحصول لتلك العملات الصعبة .. كحالات السفر من اجل العلاج والتعليم وخلافها .. وكحالات حاجة الجاليات الأجنبية المتواجدة داخل البلاد التي تشتري تلك العملات الأجنبية لزوم الصرف في بلادها .
إذا عرفنا تلك الدورة لتجارة العملة الصعبة في البلاد فأين موقف الحكومات والدولة في كل ذلك .. رجال المال والاقتصاد يؤكدون أن الدولة تستفيد من تجارة العملات الصعبة مادياُ ومعنوياُ بطرق عديدة .. فهي تكسب مادياُ حين تحصل رسوم الاستيراد الرسمية العادية بالعملة الأجنبية والمحلية في مقابل توريد تلك السلع للبلاد من الخارج .. وفي نفس الوقت هي تكسب معنوياُ حين تتوفر تلك السلع للشعب في الأسواق .. وفي كل الأحوال فإن الناظر المتعمق للأمور يجد أن الطرف الوحيد الذي يخسر المعركة في تلك الخطوات الطويلة من البداية للنهاية هو ذلك المواطن السوداني الذي يمثل المستهلك الرئيسي لتلك السلع .. فهو يتحمل في نهاية المطاف كافة تلك التكاليف والزيادات والمأهولة التي ترافق وتلازم تلك الخطوات .. يتحمل كافة أرباح تجار العملة والمضاربات ،، وكذلك يتحمل كافة مستحقات السماسرة الذين يشتركون في تداول السلع .. وكذلك يتحمل كافة رسوم الدولة على تلك السلع .. بجانب تحمله لزيادات الأسعار من تجار السودان !!.. ( وسبحان الله ) ،، فإن ذلك الإنسان داخل السودان يتحمل الكثير والكثير في هذه الحياة .. وذلك الشعب السوداني مظلوم ظلم الحسن والحسين .. ولا يجد تلك الدموع في عين السيد حمدوك ووزرائه .. وهي تلك الدموع التي لم يجدها الشعب السوداني في عين البشير ووزرائه في يوم من الأيام .
العلاج في محاربة تجار العملة في أيدي الحكومات إذا أرادت ذلك .. فيجب عليها أن تكون حازمة بذلك القدر الكبير .. وعليها كذلك أن تراقب بحرص شديد تدفقات العملات الأجنبية في البلاد دخولاُ وخروجاُ .. بجانب الأحكام الصارمة التي يجب أن تمارس في هؤلاء الذين يتاجرون في العملات .. ويجب على هؤلاء الذين مازالوا يؤمنون بفكرة تحرير التجارة في البلاد أن يحاربوا تلك الفكرة بكل الطرق ويهجروها كلياُ .. فهي سياسات أخونا عبد الرحيم حمدي الذي أراد أن يطبق في السودان نظرية حرية التجارة .. وهي تلك النظرية التي أهلكت السودان كثيراُ .. لأن السيد عبد الرحيم أراد أن يطبق نظرية متقدمة في دولة متخلفة ومتأخرة .. وتلك كانت قفزة ليست في محلها .. وليست بالمناسبة إطلاقاُ في بلد مازال يحبو !!!!!!!!!
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
عمر عيسى محمد أحمد
فيس بوك
تويتر
انستقرام
يوتيوب
بنتيريست