يجب أن ترتقي مستويات العقول بالقدر الذي ينهض بالسودان لمصاف الدول العصرية المتقدمة .. وتلك المعارك الهامشية قد طالت في السودان .. وأصبحت إرثاُ تتداوله الأجيال تلو الأجيال .. وهي معارك لا تشرف إطلاقاُ ذلك المثقف السوداني .. ويندر في بلاد العالم ذلك النوع من المناكفات العقيمة التي تؤكد ضحالة العقول عندما تجتهد لتعالج قضية من القضايا .. وذلك المثقف السوداني الذي يكتفي بالقليل من المعلومات ثم ينتهج نهجاُ كالجهلاء لا يفرق كثيراُ عن ذلك الإنسان العادي البسيط الذي قد يعذر على قلة حظوظه في التلقي والتعلم .. جاء الوقت ليفكر المثقف السوداني بطريقة مغايرة عن ذلك المعهود في الماضي .. وبطريقة شمولية أعمق في تناول المفاهيم .. وعليه أن يترك تلك الطريقة السطحية التي تتناول القضايا بأسلوب ضحل ومضحك لا يليق بإنسان العصر .. والمراقب المتفحص لأساليب ذلك المثقف السوداني يكتشف أن الانحياز الغير مسئول لقضية من القضايا يمثل ذلك العيب الكبير عند تناول القضايا .. ولابد أن يتحول المثقف السوداني من مرحلة التعصب الأعمى في تناول القضايا إلى مرحلة المعالجات الفكرية الحكيمة .. وبطريقة شاملة تراعي كل جوانب وأطراف القضية .
من شروط المهنية : ( عدم التطاول ) على مهنة الآخرين بالقوة والإقصاء .. وخاصة إذا كانت تلك الشروط ملزمة بنصوص القوانين الصريحة المكتوبة .. كما هو الحال في القوانين العسكرية في كل دول العالم .. حيث في الكثير من دول العالم نجد أن القوانين العسكرية تمنع منعاُ باتاُ منسوبي القوات النظامية أن تمارس أي لون من ألوان المهن الأخرى الغير عسكرية .. والجريرة تكون كبيرة للغاية حين يزاول العسكري النظامي مهنة السياسة في البلاد بطريقة مفضوحة ومقرونة بالجرأة والتطرف !.. وتتعاظم تلك الجريرة درجات حين يتعلق الأمر بمخالفة للشرعية الدستورية القائمة في البلاد .. حيث استخدام القوة العسكرية للاستيلاء على السلطة .. ثم فرض الأمر الواقع على الشعوب المنكوبة .. وتلك المخالفات للقوانين واللوائح الدستورية للبلاد هي معهودة للغاية في تجارب السودان منذ استقلال البلاد .. وكذلك هي معهودة في الكثير من تلك الدول النامية والمتخلفة .. ويلاحظ أن منظمة الدول الأفريقية لا تعترف إطلاقاُ بتلك الانقلابات العسكرية في دول الأعضاء وخلافها .
واليوم يجري الحديث عن ضرورة محاكمة هؤلاء الذين أعدموا 28 ضابطاُ .. والنظرة يجب أن تكون شمولية وعادلة من كل الجوانب .. وذلك من أجل تحقيق العدالة الشاملة المنشودة في البلاد .. وليس من أجل القصاص لفئة مقصودة بعينها .. وعند ذلك نجد أن الحقائق تؤكد بأن الذين نفذوا تلك الإعدامات ليسوا بالأبرياء الذين لم يخالفوا الشرعية الدستورية والقوانين العسكرية في البلاد .. وهم يماثلون في ذلك العشرات والعشرات من النظم العسكرية السابقة .. وقد جرت إعدامات عديدة في أعقاب تلك المحاولات الفاشلة في الماضي .. وهنا نعود للمرة الثانية ونذكر القارئ الكريم بضرورة النهج الشمولي في تفكير المثقف السوداني .. حيث يجب عليه أن يجتهد من أجل التعمق في مواقف الأطراف دون الانحياز المقيت .. وأن يجعل تحقيق العدالة هو الهدف الأساسي وليس من أجل عدالة تنصف فئة بعينها دون أخرى .. ولذلك فإن الضرورة تقتضي تناول تلك القضايا بطريقة منطقية وعقلانية بعيدة عن العواطف الهوجاء .. وهي الضرورة القصوى العادلة التي تدين كل من يخالف تلك القوانين المنصوصة .. وكذلك تدين كل من يخالف الشرعية الدستورية في البلاد .. وعند ذلك فإن الحقائق تقول بالواضح الصريح الجازم أن هؤلاء الذين قاموا بإعدام 28 ضابطاُ هم في الأساس كانوا مخالفين للقوانين العسكرية .. وكذلك كانوا مخالفين للشرعية الدستورية في البلاد .. وبنفس القدر فهي الحقائق التي تؤكد أن هؤلاء ال 28 ضابطاُ الذين أعدموا كانوا أيضاُ مخالفين للقوانين العسكرية والشرعية الدستورية للبلاد .. حيث أنهم تحركوا للسطو على السلطة من منطلق القوة .. مخالفين بذلك تلك القوانين العسكرية تعمداُ وكذلك مخالفين الشرعية الدستورية في البلاد تعمداُ .. وقد أرادوا أن يحكموا البلاد من منطلق الانقلاب والقوة العسكرية كالآخرين من قبلهم .. ولا يوجد إطلاقاُ فرق بين هؤلاء وهؤلاء .. فما الذي يبرر محاكمة فئات دون أخرى من أجل القصاص ؟؟ .. في الوقت الذي فيه أن الكل قد استخدموا نفس الأسلوب والمخالفات القانونية والدستورية ؟؟ .. وكل الأدلة والبراهين تؤكد أن ( القاتل مخالف للقوانين والدستور ،، وكذلك المقتول مخالف للقوانين والدستور ) .. وفي مقدور أي محامي متواضع في المهنة أن يثبت أن هؤلاء جميعاُ قد ارتكبوا الجريمة الكبرى .. وقد خالفوا الدستور والشرعية والقوانين في البلاد .. وهؤلاء مثلهم ومثل غيرهم ممن مارسوا تلك الانقلابات الفاشلة منذ الاستقلال .
والمحصلة في نهاية المطاف تؤكد بطريقة جازمة وحاسمة بأن الجميع ينتمون لمهنة ( العسكرية ) .. وأن الجميع مخالفون للقوانين العسكرية والشرعية في البلاد !! .. وتلك الحقائق تؤكد بما لا يدع مجالاُ للشك بأنه لا يوجد طرف من الأطراف يستحق أن ينال نوعاُ من القصاص في تلك المحاولات .. حيث الجميع مشتركون في نوع الجريمة .. وتلك المحاولات من البعض التي تحاول أن تنصف جهة من الجهات دون الجهات الأخرى لا تجتهد من أجل تحقيق العدالة بقدر ما هي تجتهد من أجل نزعة العواطف الهوجاء .. أو من أجل الدفاع عن فئة بعينها بنية الإخاء أو صلة القرابة .. وتلك هي العيوب الكبرى التي نتحدث عنها حين نتناول أسلوب المثقف السوداني .. ذلك المثقف الذي يدافع بطريقة أعمى لموقف من المواقف .. ولا يفرق بين العدالة الفعلية في البلاد وبين الانتقام من فئة مقصودة بعينها !.
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
عمر عيسى محمد أحمد
فيس بوك
تويتر
انستقرام
يوتيوب
بنتيريست