من المؤسف ان نظل نسمع نفس العبارات البالية لسدنة النظام البائد، بأن الجيش خط احمر، وهو حامي حمى البلاد، وهو مؤسسة قومية، و... و...
نعم الجيوش كمؤسسات من حيث الشكل والمضمون في كل دول العالم لا يمكن الإختلاف علي انها حامية الحمى والدروع الواقية للاوطان..
السؤال اين وما شكل ومضمون الجيش الذي ورثناه من نظام الكهنة تجار الدين؟
بلا محسنات او مساحيق، الجيش اصبح مؤسسة غائبة تماماً عن المشهد، وهذا معلوم للجميع، وحتي السيد البرهان يعي ذلك..
الجيش يا سادة لا يعني عشرة او خمسين جنرال في مجلس السيادة، او الهيئات المختلفة، وابراج ومباني متعددة الطبقات..
الجيش هو الكتلة الصلبة التي يمكنها حصرياً إمتصاص كل الصدمات، والسيطرة علي اي وضع شاذ يتطلب تدخلها عندما تقتضي الضرورة ذلك..
تفجرت اوضاع مؤسفة في الإقليم الشرقي، ورأينا كيف كان دور الجيش، ومؤسسات الامن الاخرى كجزء من المشكلة، وذلك للخلل الكبير في هيكلها، وبنيتها، فتدخلت قوات الدعم السريع القبلية لحسم الموقف، والسيطرة الامنية، لتبقى النار تحت رمادها متقدة، ويأتي نجاح قوات الدعم السريع في بورسودان لأنها لعبت خارج ارض الصراع التي انتجتها..
تفجرت اوضاع مؤسفة في غرب دارفور، وهذه المرة ستعكس حقيقة خطورة الوضع، وهشاشة الدولة السودانية، و السبب:
قوات الدعم السريع المنوط بها حفظ الامن ولدت من رحم الصراع، والحرب الكريهة، في إقليم دار فور، وتدخل هذه القوات سيكون له آثار كارثية، وسيعيد للأذهان ماضي سيئ حيث بداية الصراع في 2003..
الواضح لا يمكن ان تلعب هذه القوات اي دور إيجابي لحفظ السلام في دارفور، او تحقيق الامن بشكل عام..
شئنا ام ابينا يبقى وجه الصراع في دارفور كما رسم له كهنة النظام البائد، والانظمة المتخلفة التي سبقته، صراع علي الارض، وفرض الإرادة بقوة السلاح، والنتيجة الحتمية كانت عشرات المعسكرات، التي تعج بعشرات الآلاف داخل وخارج ارض الوطن، وستظل عبارة عن قنابل موقوتة، ما لم تتم معالجة الامر، و عودة هؤلاء المواطنين لقراهم ومزارعهم وحواكيرهم وطرد المستوطنين الجدد حيث اتوا..
لا يمكن ان تتحقق اي عملية هدفها الإستقرار، وفرض هيبة الدولة، وتحقيق سلام عادل دون مؤسسة عسكرية قومية ذات عقيدة وطنية..
لا دعم سريع، ولا حركات مسلحة يمكنها ان تحقق قومية الجيش السوداني، وإن تم دمجها جميعاً في صفوفه..
يمكن ان تكون خطوة في إستحقاقات السلام، والمعروف شئنا ام ابينا كل الحركات المسلحة، والدعم السريع قوات قبلية مناطقية الكل يعرف اسباب وكيفية تكوينها..
القوات المسلحة التي نستهدفها ونريد لها ان تكون كتلة صلبة هي التي تفتح التجنيد وتعين الضباط بشكل قومي و بعين عمياء لا تنظر للفرد إلا من خلال ما تطلبه الشواغر من مؤهل او إستيفاء الشروط المطلوبة..
التأخير في وضع خطة واضحة للبدء في هيكلة وتحرير القوات المسلحة من هذا الضعف والهوان سينعكس في تفلتات، وحروب اهلية ادت و ستؤدي إلي تفكك الدولة السودانية..
الذي يدور الآن مؤشر خطير يمكن ان يكون مشجع لقوى إقليمية طامعة، او مؤسسات دولية لها اغراض في التدخل، وفرض الوصاية، بحجج واضحة نتعامى عنها بقصد او بغير قصد، حيث تكوين كل القوات الامنية والعسكرية في السودان تحكمها روح الصراعات..
يبقى الامل في مؤسسة عسكرية قومية، وما زال في الوقت متسع، حيث يجب إستعادة جيش المفصولين تعسفياً من آلاف الضباط، وضباط الصف، والجنود، كخطوة اولى في إتجاه تحقيق التوازن داخل المؤسسة العسكرية، التي ظلت حكراً علي الإسلاميين فقط لثلاثة عقود ولا تزال، ويجب ان تكون هذه الخطوة بقرار سياسي، كأحد إستحقاقات الثورة واجبة النفاذ لحمايتها، وتحقيق اهدافها..
اخيراً إلي حميدتي..
مهما تصل من درجات، او قل إن حكمت السودان، فستحكمه كفرد، و لا يمكن لقوة في الارض ان تجعل من هذا الوضع دائم، فالحقيقة التي يجب عليك معرفتها قد اوجدتك ظروف الصراع في إقليم دارفور، ستبقى لك مصلحة ولأهلك وعشيرتك في تحقيق سلام عادل تحكمه، وتحرسه مؤسسة عسكرية قومية، تقف في مسافة واحدة من الجميع، وتحمي الجميع، ولك ولأهلك مصلحة في ذلك..
نعلم بريق السلطة الذي اعمى المجرم البشير، لثلاثة عقود، يمكن ان يأخذك، ومن معك لذات المصير، ولكن هناك مصير آخر في إقليم دارفور، وكل اقاليم السودان..
ارجو ان يتواضع الجميع علي مصلحة البلاد العليا، للحفاظ علي وحدة الدولة، والامن الإجتماعي والتعايش السلمي..
تتعدد الكوارث في البلاد، و السبب واحد، هو غياب المؤسسة العسكرية، قسراً، يتبعه الإنهيار الكامل للدولة، في ابشع صوره..
قومية المؤسسة العسكرية تعني وحدة التراب والشعب والوجدان..
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة