* من مآسينا المستدامة أن قوانين و لوائح النظام (المنحل) هي القوانين و اللوائح الحاكمة في جميع المؤسسات العامة، و في المحاكم، حتى الآن.. و هي قوانين تسمح لمن سرق المال العام أن يطالب بإعادة ما سرقه أو تعويضه عن فقدان ذلك المسروق بحكم ما يُعتبر تحت تلك القوانين المعيبة بأنه طلبٌ قانونيٌّ..؟
* تداولت الأنباء، مؤخراً، أن المحكمة أمرت بالحجز على أيِّ مبالغ تخص محلية الخرطوم في حدود مبلغ التنفيذ و قدره 26 مليار جنيهاً (بالقديم) و توريدها للمحكمة في أو قبل جلسة الثامن من ديسمبر الجاري، و ذلك تعويضاً مالياً طالب به اليسع عثمان بسبب إزالة المحلية لعدد 500 محلاً تجارياً باسم شركته المسماة ”ميلينيوم”.. بزعم أن بالعقد المبرم بين شركته و بين المحلية أخطاء إدارية ومالية نفذ من خلالها ”اليسع” إلى القضاء..
* ذاك بمثابة مكافأة لص سطا على ما لَكَ من ممتلكات، و لما استرددتها، أتى يطالبك بالتعويض عنها..
* في يوليو ٢٠١٦م عقد معتمد الخرطوم، الفريق أبو شنب وقتها، مؤتمراً صحفياً ذكر فيه أنه اكتشف أن فرداً واحداً يمتلك 1000 دكاناً ومحلاً تجارياً في ولاية الخرطوم دون وجه حق.. بالإضافة الى فدان على كورنيش النيل..
* ذاك الشخص (الفرد) صاحب الألف دكاناً و محلاً تجارياً المزعوم هو المدعو اليسع عثمان أبوالقاسم، رئيس اتحاد شباب المؤتمر الوطني، و الذي أتى في اليوم التالي لينفي ما قاله المعتمد عن الألف محل؛ لكنه اعترف بأنه يمتلك ٥٠٠ محلاً (و بس!)، و أن لديه فداناً واحداً على كورنيش النيل.. و أنه يفتخر بتحويل شارع النيل إلى منتجع للأسر..
* لكن من أين لأليسع بالقدرة المالية التي مكنَّته من الحصول على كل هذا العدد من الدكاكين و المحلات التجارية و فدان واحد على الكورنيش، و هو لا يزال حينها في شرخ الشباب؟
* للثراء الذي هطل على اليسع عثمان قصة من قصص الفساد و النفاق و إنفاق من لا يملك على من لا يستحق.. ففي أبريل ٢٠٠٧ أصدر مورينهو أوكامبو، المدعي العام السابق للمحكمة الجنائية الدولية، مذكرة اعتقال بحق عمر حسن البشير و آخرين.. و أحدثت المذكرة ضجة في جميع أنحاء السودان.. و لم تتوقف (المليونيات المُعَبَّأَة) عن التنديد بالمذكرة و بأوكامبو و المحكمة الجنائية و أمريكا التي دنا عذابها..
* و يقول موقع (مدن السودان تنتفض) بالفيسبوك أن ثراء اليسع بدأ منذ صدور تلك المذكرة :- " حيث وقف (اليسع) مخاطبا المهاويس قائلا : من يأتيني برأس اوكامبو له 100 الف دولار والمساكين كبرو وهللو وذهب اليسع ليتوسع في تجارته يوما تلو الاخر حتى وسعت سيطرته الاسواق وضفاف النيل.."
* هل كان لدى اليسع ما كان يفوق ذلك المبلغ بمراحل حتى يتبرع بجزء منه للحصول على رأس أوكامبو.. علماً بأنه لم يكن سوى رئيسٍ لاتحاد شباب المؤتمر الوطني.. و ليس رئيساً لجمهورية السودان الكيزانية و لا وزيراً في نظامها المنحل؟!
* أيها الناس، كان نظام البشير يصرف البترودولارات، صرف من لا يخشى الفقر، على كتائب علي عثمان و ميليشيات أخرى متعددة.. و لإتحاد طلاب المؤتمر الوطني و ميليشياته نصيب وافر من العملات الصعبة و المحلية للتدريبات العسكرية و الأسفار الداخلية و الخارجية.. و لا أحد يعرف أوجه صرف البترودولار سوى عوض الجاز و عمر البشير..
* و من لاشيئ (out of thin air) إغتنى من إغتنى من الكيزان.. و لا يزالون يمتلكون ناصية المال و الأعمال و يتحكمون في أسعار السلع و الخدمات عبر تحكمهم في قيمة صرف العملات الصعبة بالسوق الأسود..
* لذلك، على الحكومة الانتقالية تفعيل قانون من أين لك هذا الذي قتلوه.. و شبع موتاً.. و لذلك لا تزال الثورة تمشي على ( الحُرُكْرُك) حتى اليوم..
* لو تم تفعيل قانون (من أين لك هذا؟) لما تجرأ اليسع على الواقع باللجوء إلى المحكمة للمطالبة بتعويضٍ عن محلات امتلكها من غير وجه حق!
* و ما حدث من تعويض لأليسع عثمان إستفزاز لمشاعر الشارع السوداني.. لكن الأكثر منه استفزازاً مطالبة هيئة الدفاع عن اللص القاتل عمر البشير من المحكمة أن تسدي الشكر له على " ما قدمه لهذا الشعب من عمل كبير وقيم في حفاظه على المال العام وإنفاقه على القضايا الوطنية وعلى احتياجات البلد"!
* لا أملك، ختاماً، إلا أن أكرر المطالبة بوجوب تفعيل قانون من (أين لك هذا؟) على وجه السرعة حتى لا تستفزنا المافيا الكيزانية أكثر مما هي تستفزنا يومياً.. يا حكومتنا الانتقالية..
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة