لا أدرى لماذا لا يرجع السودانيون أو بالأخص النخبة التى تتولى حكم البلاد والعباد الى تجاربها السابقة فى القضايا المماثلة التى تواجههم فى حاضرهم ومستقبلهم؟ ولا أدرى لماذا يلجأون لحل مشاكلهم مستعينين بالآخرين فى دول الجوار والمجتمع الدولى وكأنهم لم يبلغوا الرشد؟ ولا أدرى هر يدرون أو لا يدرون أننا الأكثر وعياً من كل دول الجوار الأفريقى والعربى وأننا نلنا أستقلالنا قبل كثير من الدول الأفريقية التى نلجأ لها الآن للمساعدة فى حل مشاكلنا؟ وهل لا يعلمون أننا كنا الداعمين والمساعدين لكل حركات التحرر الأفريقية لنيل أستقلالها من ربقة الأستعمار؟ فكيف أنقلبت الآية وصرنا نتجول لحل مشاكلنا فى دول الجوار والأستعانة ببعض دول المجتمع الغربى؟ وهؤلاء مهما صدقوا فأنهم تحكمهم مصالحهم أكثر من مصالح الشعب السودانى. وهل نحن فقدنا كل الرشد الذى يمكننا من حل مشاكلنا بأنفسنا؟ وهل مشاكلنا بذلك التعقيد الذى يجعلنا أن نتجول بها فى دول الجوار والعالم بحثاً عن الحل والتعضيد؟ هذه أسئلة مشروعة أتمنى ان تقوم حكومة الفترة الأنتقالية بعد ثورة ديسمبر بالأجابة عليها حتى نتمكن من حل قضايانا بأنفسنا ولا نرتهن لأحد. كانت هذه المقدمة الأجابة على أسئلتها لترجعنا نتدبر تجاربنا الناجحة وكيفية الأستفادة منها وتطويرها بما أستجد. لقد كانت تجربة مؤتمر المائدة المستديرة فى عام 1965م بعد ثورة أكتوبر تجربة ناجحة تحاور فيها السودانيون بين بعضهم البعض دونما تدخل من أى قطر مجاور أو غير مجاور. وانبثقت من ذلك المؤتمر لجنة الأثنى عشر التى عالجت مشكلة جنوب السودان من كل أوجهها وكان المفترض أن تدخل حيز التنفيذ بعد أجازة كل قرارات لجنة الأثنى عشر من حكومة السودان والأخوة حاملي السلاح فى جنوبنا العزيز وكان تطبيق ما خرجت به سيكون الحل الأبدى لمشكلة الجنوب. ولعن الله العسكر فجاء أنقلاب مايو بقيادة جعفر نميرى والغى بها عرض الحائط ووصل مع جوزيف لاقو قائد الأنيانيا الى سلام على مدى عشر سنوات ليقوم النظام الشمولى الديكتاتورى بخرق ذلك الأتفاق وتقسيم الأقليم الجنوبى الى ثلاثة أقاليم مما جعل الحرب تندلع مرة ثانية بقيادة جون قرنق فى الحركىة الشعبية لتحرير السودن. فلماذا لا يمكن الأستفادة من تلك التجربة وتبنى قرارات لجنة الأثنى عشر والأضافة لها بما أستجد من ذلك التاريخ وحتى الآن؟. ويقينى أن قضية الجنوب كانت أكثر تعقيداً من قضية الهامش فى دارفور والمنطقتين وشرق السودان للقواسم المشتركة الكثرة لهم مع بقية سكان السودان. وأعتقد أن مخرجات مؤتمر المائدة المستديرة ستساهم كثيراً فى الوصول للحل الناجع الشامل. ويمكن أيضاً الأستفادة من بعض بنود أتفاق نيفاشا خاصة فى كتابة الدستور الدائم للسودان وبخاصة باب الحريات فى أتفاقية نيفاشا وليتها كانت أتفاقية جوبا قبل الأنفصال. نقول لحل مشكلة الحرب والسلام فى السودان بعد أنتصار ثورة ديسمبر أن ينعقد مؤتمر مثل مؤتمر المائدة المستديرة فى داخل السودان ليتم حوار ثر وعميق لعلاج كل مشكلات الحرب والسلام وأن يكون مؤتمراً جامعاً يتمثل فيه كل حاملى السلاح وأؤلئك الذين وقعوا من قبل أتفاق الدوحة وكذلك قيادات اللاجئين فى المعسكرات وشيوخ القبايل فى دارفور والمنطقتين وشرق السودان وكردفان. بمعنى أن يكون مؤتمراً ليس فيه فيتو أو أقصاء لأى مجموعة أو أفراد لهم تاثيرهم داخل مناطق الهامش وحاملى السلاح وأتركونا من التجوال بهذه القضية بين أديس أبابا وجوبا والقاهره وغيرها. يجب أن تكون قيادات حاملى السلاح وقيادات الحكومة المدنية الأنتقالية على مستوى وقدر هذا التحدى الوطنى وأن نبرهن للجميع فى دول الجوار والمجتمع الدولى أننا شعب واعى وراقى ومدرك وقادر على حل قضاياه بنفسه ويكفى فخراً أن ثورته لم يحدث لها مثيل فى المجتمع الدولى قديمه وحديثه ووقفوا لها تجلة وأعجاباً وأكراماً وأشادوا بالشعب السودانى ووعيه وقدرته الفائقة فى اسقاط الشمولية بثورة شعبية سلمية أنحنى لها العالم أجلالاً وكثير من الشعوب التى تتوق للحريات من النظم الشمولية والأتوقراطية جعلتها نبراساً لها وتقتدى بمسارها. من هذا المنطلق فأننا نوجه نداءنا لأخوتنا حاملى السلاح فى الحركات المسلحة وقد خضنا معهم جولات وجولات من قبل منذ ميثاق الفجر الجديد وحتى أعلان باريس الذى كنت من الفاعلين لصياغته وأن يجمع عليه الآخرين وحملنا رايته مبشرين به فى داخل السودن رغم عسف النظام لنا ومطاردتنا. أتمنى أن يكونوا قدر التحدى والكرامة وعزة النفس السودانية الا يبحثوا للحلول عند الآخرين ولتكن الحلول بأيدينا نحن السودانيون خالصة لنبنى وطن نحن على يقين بموارده يكفينا كلنا ويفيض علينا. وأشدد فى مقالى هذا وندائي هذا على الأخوة فى الجبهة الثورية مالك عقار وعبد العزيز الحلو ومنى أركو مناوى وجبريل ابراهيم وأخوتنا بشرق السودان أن يأتوا الى كلمة سواء مع حكومة الثورة وبعد الفترة الأنتقالية الحكم على كل شئ بيد الشعب السودانى فى أنتخابات حرة نزيهة أن كانوا فعلاً مؤمنين بالديمقراطية والحريات الكاملة الغير منقوصة. ولمشوارى معهم أنى على يقين أنهم صادقون ويرغبون فى الوصول للحل والسلام فقد عانوا هم كثيراً وعانى من يرفعون رايتهم أكثر ولكن تبقى الحقيقة أن السودان بحضنه الدافئ سيحتضننا جميعاً وتكون فترة المعاناة تلك ذكريات وصقل وتجلية للنفس الأمارة بالسوء. وأوجه ندائي لرئيس حكومة الفترة الأنتقالية الأخ رئيس الوزراء حمدوك أن التبعة جد ثقيلة وتحتاج لأصرار وتحدى لتجاوز كل العقبات وأن يعمل هو وتيمه أقصى ما يمكن أن يجعلوا حل قضية الحرب والسلام سودانية خالصة دونما تدخل أى أيادى خارجية أن كانت صديقة أو غير صديقة وهذا هو السبيل الوحيد الذى يجعلكم تكتبوا أسماءكم من نور مع الرعيل الأول الذى كافح وناضل من أجل الأستقلال وليكون أستقلالاً مستمراً نظيفاً نتمنى أن تحل كل مشاكلنا بأيدينا وليس بيد زيد أو عمرو.
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
محمد زين العابدين عثمان
فيس بوك
تويتر
انستقرام
يوتيوب
بنتيريست