لم أكن أود ان أكتب عن شيخ ومفتى النظام البائد عبدالحى يوسف، وذلك حسبما أعتقد اننى في حوجة لإستثمار هذا الزمن في انجاز مهام آخر عسى ان تنفعني أو انفع به آخرين، وخاصة ان الوطن يمر بمرحلة جديدة وهنالك العديد من القضايا المهمة هى اولى بالزمن بدلا عن الكتابة عن عبدالحى، ولعل معظم السودانيين يعرفون ان عبدالحى هو من علماء السلطان وشيخ النظام البائد واشترى بعهد الله ثمناً في الدنيا وركن نفسه لظلمهم حتى سخر الله لهم الشعب واسقطهم بظلمهم، ولكن ما دفعني لأن اكتب هو لقد شاهدتُ تسجيل فديو لبعض الناس خرجوا بعد أداء صلاة الجمعة في احدى المساجد يوم الجمعة ١١ اكتوبر يكبرون ويهللون بطريقة هستيرية لمبايعة عبدالحى يوسف أميرا للمؤمنين ، كما اطلعتُ على بيان صادر من عبدالحى يرفض فيه المبايعة لاسباب زكرها في بيانه ازكر منها حيث قال ان الامر لم يكن بتنسيق معه ولا رضى منه ولا علم له به، لذلك وددتُ ان اضع بعضاً من النقاط على أحرف حتى تستبين الحقائق. اولا اذا كان هاؤلاء الناس يعتقدون انهم فقط على دين الاسلام دون الآخرين وما يقمون به هو تعبير عن خوفهم للدين فهذه مصيبة اما اذا كان لديهم دين آخر فالمصيبة أكبر، اذ لا يعقل ان نرى في هذا الزمن قوماً لهم دين وما يفعلون من سلوك مخالفاً لدينهم شرعاً وسنه، وهل نحن محتاجين لأن نهرج ضد الآخرين في دين الله دون ان نعلمه فهماً وفقهاً ودون ان نصدقه قولاً وفعلاً حتى؟ ان هذا السلوك هو نفسه سلوك نظام الاخوان المسلمين البائد وهو الاسلام السياسي الذي ليس له ادنى صلة بدين الاسلام بل كان ضد الاسلام نفسه. الم يعلم هاؤلاء الناس ان الدين الاسلام جاء ليحدث تغييراً جزرياً في المجتمعات يعاد من خلاله صياغتها من جديد وعلى نهج جديد بعد ان كان الناس في جزيرة العرب يعمهون في جهلاً وطغيان مبين، يشربون الخمر ويلعبون الميسر ويسرقون ويسفكون الدماء ويقتلون النفس الذي حرمها الله … الخ، اولم يسمع هاؤلاء الناس قول الله تعالى ( ادعوا الى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة) اي ان الدعوة إلى الله لا بد ان تكون بالحِكمة والموعظة الحسنة واستخدام الكلمة الطيّبة في الحديث مع الناس، والتلطّف والأدب الجمّ في حوارِهم، والرسول (ص) يحثنا على ان نتعامل مع الناس برفق وهدوء وهذا داع لأن يؤمنوا بالله ورسوله لأن دين الإسلام دين الرحمة والرفق ويقول (ص) " انما بعثت لأتمم مكارم الاخلاق " ونجد في التاريخ الاسلامى ان هنالك عدد من البلدان لم يعتنق اهلها الاسلام بفصاحة الدعاة ولا بسيوف المسلمين وانما بأخلاق التجار المسلمين وسلوكهم وذلك عندما تعاملوا مع اهل اندونيسيا وماليزيا والفلبين، حيث تعاملوا بالاخلاق العالية والصدق والامانة والعدل، ومكارم الأخلاق تشمل الصدق، والامانة، وحب الغير، والحرص على الناس، وعلى أموالهم، وحيواتهم، وممتلكاتهم، وأعراضهم، ومكارم الأخلاق لا تحصى ولا تعد. اين انتم من هذا يا عبدالحى؟ هل كنتم صادقين مع النظام ام مع دين الله؟ عندما كان النظام السابق يمارس القمع ضد الشعب السودان ويزجهم في المعتقلات وبيوت الاشباح، ويمارس عليهم اشد العذاب هل قمتم بإصدار بيان كأضعف ايمان يدين سلوك النظام الاجرامي؟ هل خرجتم ضد النظام البائد تدينون قتل المواطنيين العزل والاطفال وابادة القرى في دارفور وكردفان والنيل الازرق؟ اين كنتم عندما كان النظام البائد يمارس اغتصاب النساء في دارفور؟ يعلم الجميع انك قد افتيت بضرورة قتل ثلث المتظاهرين حيال الثورة السودانية، مبررا انكم مالكية والمالكية تجوز ذلك، ونعلم ان هدفك هو الانتقام واستماع لتشاهد القتلى كما شاهدته سابقا في دارفور والنيل الازرق وكردفان ولم تحرك ساكنا في وجه النظام وذلك من اجل ان تحافظ على منفعتك لتكتنز المزيد من الاموال. اليس لديكم مكارم اخلاق تحدثون به النظام البائد عن الحفاظ على اموال الناس وحياتهم وممتلكاتهم واعراضهم؟ الم يحزركم دينكم عن الابتعاد من الظالم حيث قال تعالى: "ولا تركنوا إلى الذين ظلموا فتمسكم النار وما لكم من دون الله من أولياء ثم لا تنصرون" صورة هود الاية 113. وفي الحديث عن جابر بن عبدالله عن النبي (ص) قال: " اتقوا الظلم فان الظلم ظلمات يوم القيامة واتقوا الشح فانه اهلك من كان قبلكم حملهم على ان سفكوا دماءهم واستحلوا محارمهم". ألا تعلم ان الاسلام يحثنا ان لا نركن للظالمين ولا نعاونهم ولا نكن في صفهم، فمن اعان ظالم فقد ظلم ومن اعان على قتل مسلم ولو بكلمة فقد قتل، والرسول (ص) بيّن ان مصاحبة الظالمين والمشي معهم اجرام وافساد فد ورد في الأثر ان من مشى مع ظالم فقد أجرم، والرسول حدثنا عن كيفية التعامل مع الظالم حيث ورد عن انس رضي الله عنه قال قال (ص) انصر اخاك ظالما او مظلوم قالوا يا رسول الله هذا ننصره مظلوما فكيف ننصره ظالما قال تاخذ فوق يديه. راوه البخاري أى ان اعظم ما نقدمه للظالم هو النصيحة له ونمنعه من ظلم الناس، هل فعلتم هذا؟ لقد صدق سيدنا علي حين قال ان الناس ثلاثة عالم رباني، ومتعلم على سبيل النجاة، وهمج رعاع، اتباع كل ناعق ثم قال هاهنا علماً جما لو وجدت له حملة، بل اجد طالبا غير مامون يستعمل آلة الدين في طلب الدنيا، ويستطيل بنعم الله على أوليائه، ويستظهر بحجته على خلقه. لماذا يا عبدالحى تستعملون آلة الدين في طلب الدنيا؟ الا تعلم ان في عام الرمادة كان سيدنا عمر لا ياتدم بالسمن بل كان ياتدم بالزيت حتى صدر من بطنه صوت قرقرة فخاطب بطنه قائلا قرقري او لا تقرقري والله لا ائتدم بالزيت والناس جياع. كم تملك من المال والامارت الشامخة والعربات الفارهة والناس جياع يا عبدالحى نعلم انك يا عبدالحى تملك قنوات فضائية تفوق الست قنوات ويتكون مبناني قنوات طيبة من اربع طوابق تكلفتها تقدر بأكثر من ثلاثة ملايين دولار ناهيك عن اشتراكات القمر الصناعي الذي يقدر بملايين اخرى تمتلك مجمع خاتم الانبياء بجبرة تمتلك عمارة بكافورى هدية من عبدالله البشير تمتلك عمارة ثلاثة طوابق بالمشتل استاجرتها الى ادارة الصيدلة والسموم بمبلغ عشرة الف دولار تمتلك فيلتين في جبرة واحده لزوجتك السودانية والاخرى لزوجتك الاجنبية تمتلك مشروع الاندلس للانتاج والتوزيع الاعلامي والذي يعمل فيه اجانب يحملون جناسيات وجوازت سفر سودانية هذا ما نعلمه وما خفي فهو أعظم. حدثنا يا عبدالحى هل هنالك صحابى ودعاة مسلمين كانوا يملكون ما تملكه انت في بلد مسلم واهله جياع؟ هل يا عبدالحى انت شيخ عادي ام يتنزل عليك الوحى بالدولارات؟ هل يا عبدالحى كل هذه الثروات من صلاتك وصيامك؟ لقد شهدنا العديد من ائمة المساجد وقد دخلوا سجون ومعتقلات النظام فقد لانهم قالوا كلمة حق في وجه سلطان جائر، لماذا لم تقل الحق في وجه سلطان ظالم وتدخل السجون والمعتقل اذا كنت صادق فيما تقول؟ لماذا يا عبدالحى لم تناصر اخوتك في الدين وهم أئمة مساجد في سجون النظام؟ هل يا عبدالحى وانت نائما على فراشك الفاخر وغطائك الفخيم الذي يقدر ثمنه بملايين الجنيهات انتابك احساس خطر على بالك ان هنالك الملايين من فقراء المسلمين في السودان يفترشون الارض في منازل عرشها لا تقوى على حمايتهم من البرد وامطار الخريف الذي يأتيهم من كل جانب. هل تعلم يا عبدالحى ان قيمة ثمن فراشك يمكن ان يعالج عدد عشرين طفل من اطفال الفقراء؟ اذا لم تكن رجل في ثوب دين هل يمكن ان تكتنز كل هذه الاملاك والثروات؟ هل يا عبدالحى قمت بزيارة المستشفيات وتصدقت على مرضى الفقراء من المسلمين الذين لا يملكون ثمن الدواء؟ هل تعلم يا عبدالحى ان هنالك ملايين المسلمين في معسكرات النزوح داخل السودان يحتاجون الدعم وتقديم الصدقات؟ أعلم يا عبدالحى ان مسلمى السودان لم يعتنقوا الاسلام بحد السيف ولا إكراه من احد، وانما بالفطرة، والاسلام موجود في السودان قبل ان تخلق انت يا عبدالحى، والمسلم السوداني ليس في حوجة لهذا الهرج والمرج، يكفي انهم تزوقوا مرارات تجار الدين وظلم الاسلام السياسي عشرات السنين، والسودانيين لا يقبلون ان يتجرعوا نفس الكأس مرتين، ونحن نراك تريد ان تستمر في استثمار الدين، حتى يقع الناس في الفتنة وهذا هدف يعمل له نظامكم الاسلامي السياسي البائد لتحقيقه، حتى يبلغ الشهوات اشباع الغرور في متاع الدنيا. ولعل المتابع للذين خرجوا في المسيرات ويناصرونك ويبايعونك اميرا للمؤمنين هم كيزان وهم انصار نظام الاسلام السياسي البائد الذين وهبوا انفسهم للحياة الدنيا يمارسون الظلم واستثمار الدين الذي يخدعون به الناس و يخادعونا الله، كما قال تعالى في صورة البقرة ( يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَمَا يَخْدَعُونَ إِلَّا أَنفُسَهُمْ وَمَا يَشْعُرُونَ (9) فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ فَزَادَهُمُ اللَّهُ مَرَضًا ۖ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ بِمَا كَانُوا يَكْذِبُونَ (10) وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ لَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ قَالُوا إِنَّمَا نَحْنُ مُصْلِحُونَ (11) أَلَا إِنَّهُمْ هُمُ الْمُفْسِدُونَ وَلَٰكِن لَّا يَشْعُرُونَ (12) ). ونعلم يا عبدالحى انك وجماعة الهوس الديني انكم من المفسدين، وما تفعلون اليوم من هرجلة هو ليس من اجل الدين او الخوف على دين الاسلام ، وانما هو خوفكم من المحاسبة على ما اكتنزتم من ثروات باسم الدين الذي ظللتم طيلة سنوات تتجارون وتستثمرون فيه، واعلموا ان الدين في السودان ليس في خطر وانما انتم الخطر على الدين، واذا منى الله عليكم بتوبة وارديتم الدعوة الخالصة لدينه، عليكم بالحكمة والموعظة الحسنة، كما قال جل تعالى في سورة النحل الاية (١٢٥) ( ادْعُ إِلَىٰ سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ ۖ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ ۚ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَن ضَلَّ عَن سَبِيلِهِ ۖ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ ) صدق الله العظيم
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
محمد عبدالله ابراهيم
فيس بوك
تويتر
انستقرام
يوتيوب
بنتيريست