|
|
 الكنداكة رمزي و كوش هويتي بقلم نادية حسن سيدأحمد
|
06:11 PM October, 13 2019 سودانيز اون لاين
نادية حسن سيد أحمد-Sudan
مكتبتى
رابط مختصر
تعقيباً على مقال السيد الطيب مصطفى بعنوان "كنداكة ما رمزى" فى عموده زفرات حرى بتاريخ 23 يوليو 2019 بصحيفة الإنتباهة, اقول له و لشاعرته التي إحتفى بأبياتها " إن الكنداكة رمزي و كوش هويتي" و أنتما معاً لستما مضطرين لأن تكون الكنداكة رمزكما و لا أيٍ من عظماء ملوك سودان كوش. فالكنداكة الكوشية العظيمة هي حقيقة عزة بلادنا و مجدها, و لن ينتسب إليها من هو أصلاً مفتقد للإنتماء لعظمة تاريخ سوداننا ... و أن من يعظم الإنتماء لحضارة كوش و ثقافتها يعزز إنتمائه للسودان. فكوش هي أصل السودان و لا أقول نوبيا لأن كلمة نوبيا مصرية الأصل تعني أرض الذهب و هي كلمة تعكس التربص الأزلي للحاكم المصري بموارد بلادنا من ذهب و أرض و ماء. و كوش هي مجد ماضينا و حقيقة حاضرنا , بل و منارة مستقبلنا لأن نُحيِي مجدها التليد, فيا سيد الطيب أخطاءت الرمية و أخطاْت شاعرتك حين حاولتما أن تفصلا مهيرة و رابحة الكنانية و بنونة بت المك عن مليكاتهن الكنداكات و تعاميتما عن إنتمائهن الكوشي, فمهيرة و الكنانية و الأميرة مندي التي لم تذكرها لم يستمددن الجسارة و العزة و الكبرياء إلا من جدتهن الكنداكة و هي من ينتسبن إليها حضارياٍ و عرقيا . و تجاهلك للأميرة مندي يعني أشارتك لأسلاف مهيرة و رابحة من العرب. و يبدو أنك نسيت أن العرب حين قدموا لأرض كوش لأئذين و مستجيرين من بطش و تنكيل مطارديهم وجدوا من ذرية كنداكات و ملوك كوش الإيواء و الملاذ. لأن ديدن الكوشيين الأماجد من قديمٍ و حاضرٍ: إيواء المستجير و إكرام الغريب. فأحتمى اللأئذون بسماحة الكوشيين و تمازجوا و تزاوجوا بهم و بذا تملكوا الأرض وفق قانون لتخصيص الأرض هو الأقدم في الإنسانية و لا زالت سلطات الأراضي في بلادنا تستند إليه. و لو أنهم دخلوا غازين أو مهاجمين لما أستقروا في أرض رماة الحدق و لكن كان التمازج هو مدخل لأمانهم و إستقرارهم. أقاموا و تعلموا الحرف من فلاحة و تصنيع و تقانة... و أستوعب المجتمع الكوشي هذا الخليط الناشئ و صهره في بوتقته الحضارية فأتسم بسمات و قيم و مكارم أخلاق المجتمع الكوشي و تشكلت منه مفاخره من كرم و سماحة و كبرياء و شجاعة, المفاخر التي لا زال السودانيون حتى اليوم يتميزون بها .
و حين تحاول بمقالتك تلك المزايدة علىى تدين الكوشيين و تذكر وثنية الكنداكة لعلك لا تدري بأنها سليلة كوش إبن حام بن سيدنا نوح الذي أختار أن ينزل إلي أرضٍ بعث فيها سيدنا النبي إدريس عليه السلام, و لأ أظنك تعرف بأن كل قوم النبي إدرريس كانوا موحدين. و كوش هذا العظيم ينتسب إليه جل أهل السودان من ماضٍ و حاضر و إليه ينتسب العظماء من كنداكات و ملوك أنشأوا دولة أمتدت من كادقلي حتى أسوان و من مارنجان حتى حلايب. و أرسوا دعائم حضارة و ثقافة هذة الأمة منذ أكثر من خمس آلاف سنة و لا زالت فينا حية, حضارة من عظم مكوناتها الثقافية و الإجتماعية قدرتها أن تدمج و تصهر في بوتقتها كل وافدٍ جميلٍ و جيدٍ؛ ثقافياً, دينيا كان أوعرقياً, فتمزجه بمزاجها و تصبغه بصبغتها و يضحى الوافد ممتزجأ في ثقافة كوش مضيفاً إلي أسباب تميز أهل السودان. و هذا تفسير إرتضاء الكوشيين لللغة العربية, تبنوها حتى يصح فهمهم للإسلام الذي تقبلوه و لم يفرض عليهم بسيفٍ أو بغارةٍ. ساح الدعاة و العلماء ضمن الوافدين بين سهول و أراضي كوش لا يخافون بطشاً و لا تضييقاً , فالعدالة و السماحة كانت و لا تزال صفة مجتمع السودان الكوشي و صفة حضارته. و لا أظنني أصدق أن ما يسمي ببقط عبدالله إبن أبي السرح له سند تاريخي حقيقي بل أظنه فبركة تفتقر إلي الصدقية والموضوعية العلمية قصد بها تشويه تاريخ بلادنا. لأن رماة الحدق لم يكونوا ليقبلوا بأتفاق كهذا يشترط دفع رؤوس من العبيد لسببين: الأول أن الحضارة الكوشية منذ بدءها إلي حين الغارة العنجية الهمجية على حاضرة علوة لم تعرف الرق و لم تعرف السخرة أو إذلال الإنسان و لا أظن أن أجدادنا كانوا يجهلون أن عدوهم إبن أبي السرح هو رجل فتنة تسبب في مقتل خليفتين راشدين وهو من أهدر النبي عليه الصلاة و السلام دمه و ما كان ليمنع صحابته لو أنهم وثبوا عليه فقتلوه حتى و هو يتشفع عنده. السبب الثاني أنه لم يذكر أي مؤرخ حتى الآن أي مترتبات أنثروبولوجية ديموقرافية أو مادية على هذا البقط المزعوم.
أعود لوصمك للكنداكة بأنها وثنية و أتساءل كيف تستطيع إثبات زعمك و أذكرك بأن كوش هي أرض لقمان الحكيم و أصل أمنا السيدة الكوشية العظيمة هاجر التي وفدت مصراً مع حملة بعانخي المتجهة لتأديب الملك النمرود. و إن وصف أمنا هاجر بأنها جارية إنما أتى به اليهود ليحطوا من شأن سيدنا النبي إسماعيل. أما كيف تزوجها سيدنا النبي إبراهيم فهي حقيقة ضمن الحقائق الضخمة المطمورة عن تاريخ أكبر و أول حضارة إنسانية لا زالت تمشي على قدميها و تتحكر داخل ثقافة و وجدان شعب السودان. حقائق حضارة عجزت كليات و أقسام التاريخ و الآثار في جامعاتنا عن كشفها, لأن مشاريعها الكشفية ترقد رهينة عون البعثات الأجنبية و علمائهم, منهم من صدق و منهم من أستغل السانحة ليسرق الآثار و يهدم رؤوس أهراماتنا و لا مسئول من بعد تكسيره يرمم . كليات و أقسام عانت القصور الذاتي, يعوزها الكثير من التحديث لتشمل حملات كشوفها الآثارية تخصصات علماء الأحياء, الجيولوجيين, التشكيليين, اللغويين, المهندسين, علماء الإجتماع و كلِ من يمكن أن يضيف علمه إلى نفض الغبار عن تاريخنا المادي و يرفد التفسير و التوثيق لتكوين سوداننا الإجتماعي و الثقافي بالعلم و الحقائق .
و حتى و إن كانت الكنداكة وثنية فهل سنتبرأ منها و نسحب إحتفائنا بعظمتها, لا و ألف لا , و لنا في رسول الله (ص) أسوة حسنة حينما رجز: " أنا إبن عبدالمطلب, أنا النبي لا كذب". و حين لم يدع سيدنا سلمان إلى نبذ فارسيته بل عده من آل البيت و أستفاد من أرثه الحضاري. مرة اخرة لن تنجح حين تزايد على الدين.. لأن من عظماء سوداننا ممن إقتدي بملوك كوش الإمام محمد أحمد عبدالله الذي هب في ثورة إصلاح مقتدرة ليصحح ما إنداح من مترتبات الغارة العنجية الهمجية من ترهات بإسم الدين, و مثله فعل الداعية ماجد ساتي في مدينة المكأئن بالولايات المتحدة. و كذلك إقتدت الطليعيات من كواكب الإتحاد النسائي إلى ثُائرات ديسمبر اللأتى تجملن بلقب الكنداكة فكان من أسباب نصرهن.
كفاك مزايدة باسم الدين, فلست أهلاً أنت و لا شاعرتك لتبخيس قدر كنداكاتنا و أنصحكما بمزيد من الإطلاع و التمعن في تاريخ حضارتنا الكوشية. و تجاهلك للإرث الكوشي يضعك فيمن ينادي بثنائية الغابة و الصحراء. و أنا أسمي هذة الثنائية بالفكر الفلولي لأن من يقول بالصحراء نفر لم تتأصل فيهم عزة كوش و شموخها و يتملكهم الإحساس بالدونية تجاه العرب ,كونهم نسل فلولِ أعرابٍ مستجيرين وفدوا على كوش, فجهر علينا شاعرهم بهزلية الهوية العربية و قابلهم من طرف آخر نفر من نسل فلولِ نازحين من غرب أفريقيا جهر بمقولة الأفريقانية شاعرهم الذي هو سيان عنده أن يعبد رباً أو عجلاً, فنادي بأكذوبة الهوية الأفريقية. و من عجب أن أفريقيا ليست إلا جغرافيا تحتشد بأشتات عديدة من ثقافات و قبليات و لا يوحد بينها رابط واحد يمكن الأستناد إليه في زعم الهوية. لكليهما ممن تخلقوا بقدرٍ عظيمٍ من الجحود و إنكار الجميل. أقول أن العربية كلسان و أفريقيا كمكان لم تستطع أياٍ منهما زحزحة الثقافة الكوشية بل كان و لا زال إندماج الوافدين و إنصهارهم في المكون الثقافي الكوشي هو الحقيقة و الواقع. فيا أيها المارون بين الكلمات العابرة ممن لا يرتضي كوش هويةً و إنتماءاً و لا يحتمل الكنداكة رمزاً, أحملوا أشياءكم و أنصرفوا... أو إلحقوا بالكتاحة التي رمت بكم إلى أرض كوش, فثقافة كوش لا تقبل الجحود و النكران بل تزدهي بشارع الحوادث , شباب النجدة , جوانا أمل و غيرها من مكارم المبادرات. و أبشركم بقرب إعلان تدشين حركة نهضة سودان كوش.
نادية حسن سيدأحمد
[email protected]
|
|
 
|
|
|
|
نادية حسن سيد أحمد
فيس بوك
تويتر
انستقرام
يوتيوب
بنتيريست