لا شك ان الثورة السودانية هى ثورة غضب ورفض للنظام البائد وسياساته التى تضرر منها الشعب السوداني، حيث بدأت الثورة في شكل احتجاجات شعبية واسعة تطالب بتوفير ضروريات الانسان اللازمة لاستمرارية حياته، مثل الأكل والشرب والادوية المنقذة للحياة والوقود، وسرعان ما تطورت الاحتجاجات المطلبية الى ثورية شعبية عارمة تطالب بإسقاط النظام واحداث تغيير شامل في سياسات وهيكل الدولة السودانية، يعاد من خلالها إعادة بناء نظام جديد قادر على تحقيق رغبات السودانيين في توفير الخدمات الاساسية من تعليم ورعاية صحية وغذاء صحى للإنسان والحيوان … الخ، والنهوض بالبلاد سياسيا واقتصاديا واجتماعيا الى مصافي الدول الديمقراطية الكبرى التى تحترم القانون وتصون حقوق الانسان. وعلى الرغم من إسقاط النظام وتكوين حكومة فترة انتقالية جديدة، إلا انه ظلت هنالك بعد الشواهد السالبة لم يطالها التغيير الذي حدث، حيث لا يزال نقص السلع الاساسية مثل الخبز والوقود تسيطر على المشهد في العاصمة الخرطوم والولايات، وكان سبباً في قيام عدة مظاهرات شعبية قبولت بعضها بقمع كما حدث في نيالا ولاية جنوب دارفور، مما حذي ببعض قيادات الثورة ان تطالب بتشكيل لجنة لتحقيق وإقالة الوالي. وايضا من الشواهد السالبة شح الوقود الذي احدث اثراً بالغ الصعوبة في حركة النقل والمواصلات داخل العاصمة الخرطوم والولايات والتنقل بين المدن السودانية المختلفة، وتصاعد اسعار التزاكر بمتوالية هندسية، حيث زكر لى صديق يسكن الثورات بأمدرمان انه منذ الساعة السابعة صباحا يرصف الطريق مصطفا في انتظار المواصلات، والى ان يصل لمكان عمله في السوق العربي تقارب الساعة من الثانية ظهراً، حيث قال لى انه يصل المكتب في وقت متأخر لا يمكنه من ان يعمل، ثم يخرج بعد دقائق معدودة ليصطف ثانيا في انتظار المواصلات للرجوع، وغالبا يقطع مسافات طويلة مشياً على الاقدام. ويعلم الجميع بان للوقود أهمية قصوى خاصة في القطاعات الخدمية والإنتاجية، لعل سكان الريف يدركون الامر، حيث يتحصل الاغلبية على مياه الشرب عن طريق آبار ومحطات مياه تعمل بالوقود وهى تمثل المصدر الرئيسي للمياه، وسكان الريف يعتمدون على الحبوب الغذائية كطعام رئيسي وهى تحتاج لعملية طحن عن طريق طواحين آليه تعمل بالوقود، وشح الوقود وعدم الحصول عليه ساهم في توقف بعض الطواخين وارتفاع اسعار الطحن. وبما ان الزراعة تحتاج ايضا لوقود، وهى تمثل المصدر الرئيسي للدخل لدى ملايين السودانيين، تأثرت تأثير مباشر من شح الوقود، ولا سيما ان المزارعين مقبلين على موسم الحصاد فلا شك في حالة عدم توفر الوقود سوف يتأثر موسمهم الزراعي. ونعلم ان فصل الخريف يؤثر في انخفاض التوليد الكهرمائي، والكهرباء لها اهمية قصوى في حياة الناس، ولضمان توفره في فصل الخريف تستخدم معظم المحطات الكهربائية التوليد الحراري، وهذا يحتاج الى توفر الآلآف من برميل الوقود يومياً. ايضا من الشواهد السالبة نلاحظ وجود ارتفاع خيالي لأسعار السلع في الاسواق والمتاجر، ولقد ألقى بظلاله على معايش الناس في ظل عدم توفر السيولة ومحدودية الدخل الذي جعل من الانسان آلة تدور طول النهار واوقات متأخرة من الليل يبحث عن المعايش. ايضا من الشواهد السالبة التى لا زالت موجودة هى جرائم القتل الذي شهدها البلاد بعد الثورة خاصة في دارفور، ولقد اودت بحياة العديد من المواطنين دون ان يتم القبض على الجناة المجرمين وتقديمهم للمحاكمة. واذا ما تفحصنا الاوضاع جيدا اعتقد اننا سوف نكتشف ان للدولة العميقة والثورة المضادة باع طويل في كثير من هذه المشاكل والجرائم، ورغم سقوط النظام الا ان لديه ازرع وخلايا لا زالت تمارس انشتطها في مرئ ومسمع الحكومة، ولقد طالعنا في الاسافير الاعلامية احاديث عن قيام بعض الجهات المجهولة بدفع مبالغ مالية كبيرة لسائقي المواصلات وتحريضهم عن العمل من اجل خلق ازمة مواصلات طاحنه في الخرطوم، وصرح بعض الاعلاميين عن ان الكميات المنتجة في مصفاة الخرطوم من البنزين يوما تفوق الثلاثة الف طن يومياً، واعترفوا بان هنالك خلل اداريخاصة في جهات توزيع الوقود وضعف في الرقابة. وعلى الرغم من الاوضاع المعيشة الضائقة إلا اننا نجد المواطن مدرك لها وصابراً عليها مقدراً الظروف الدقيقة التى تمر بها البلاد، الا ان هذه الظروف لا يمكن تستخدم شماعة يعلق عليها المشاكل، بل لابد ان يتحمل القائمين على أمر الحكومة هذه المشاكل وتعمل على وضع حلاً لها، والعديد من هذه المشاكل تستند حلولها على وقوف ودعم الحكومة، وطالما الدولة العميقة موجودة، نجد ان السعى الجاد لتحقيق التغيير يحتاج الى تكوين لجان رقابية لمتابعة سير دولاب الدولة، ولا سيما القطاع الاقتصادي خاصة جانب السلع والبضائع والخدمات ووضع آلية لضبط السوق، وهذا يحتاج ان يقوم الدولة بمسؤولاتها على وجه أكمل، وتقدم الدعم السريع اللازم لمعالجة الازمات الحاليه التى يعاني منها المواطن، والشعب يريد هذا الدعم السريع ليتجاوز المعضلات والتحديات الموجودة الآن ويعبر الى مرحلة الاستقرار، والسلام يمثل رمح الإستقرار.
10-11-2019, 07:03 AM
عمر عيسى محمد أحمد عمر عيسى محمد أحمد
تاريخ التسجيل: 01-07-2015
مجموع المشاركات: 1825
الأخ الفاضل / محمد عبد الله إبراهيم السلام عليكم ورحمة الله وبركاته :
أثابكم الله خيراُ فقد عزفت جيداُ في تلك الأوتار الحساسة .. ويعجبني كثيراُ ذلك الكاتب الذي يلامس مواضع الجرح والألم يتلك الشفافية المفرطة التي تنصف الغلابة من الشعب السوداني .. وقد مل وكل الشعب السوداني من هؤلاء الذين يتجردون من الإحساس والشعور ليخوضوا في مواضيع جانبية غير ذي جدوى .
صدقني يا أخي الفاضل أن الكثيرين من الكتاب يخوضون في تلك الشكليات الجانبية التي لا تقدم ولا تؤخر.. ولا تقول شيئاُ عن ضرورة تلك الحلول والقرارات العاجلة التي ترفع المعاناة عن كاهل الإنسان السوداني .. ذلك الإنسان الذي يواجه حالياُ أصعب ظروف الحياة فوق وجه الأرض .. ومع الأسف الشديد فهؤلاء يخوضون في مراسيم التحولات الجديدة كما يخوضون في مواقف القيادات والشخصيات أكثر مما يخوضون في معاناة الشعب السوداني .. وهنالك من يفعل ذلك تعمداُ لإلهاء الشعب السوداني حتى يسكت عن حالات البكاء !!. وخاصة هؤلاء العاجزين عن إيجاد الحلول .
الأخ الفاضل : كما تشير أنت فإن الأمور والقضايا التي حركت الشارع السوداني للانتفاضة الثالثة واضحة كوضوح الشمس في كبد السماء .. وهي تلك الظروف المعيشية القاسية التي حركت الجميع .. ومازالت تلك الظروف قائمة حتى هذه الساعات .. بل تزداد سوءُ يوماُ يوم .. وهنالك المزيد والمزيد من المؤامرات لإذلال الشعب السوداني لإقدامه على تلك الانتفاضة .. ومع الأسف الشديد فإن كافة تلك الجهات التي تدعي دفاعها ووقوفها مع الشعب السوداني تراوغ كثيراُ وتتهرب .. ثم تمارس تلك الشكليات الفارغة المملة الممجوجة للغاية .
أخي الفاضل في موضوع نقص ( الوقود ) الذي تصفه أنت بأن له أهمية قصوى : السؤال الهام الذي يتداول في أوساط الشعب السوداني هو : ( ماذا فعل ذلك الجيش الجرار من الوزراء الذين زاروا دول الخليج وغيرها قبل أيام ؟؟؟ ) .. ألم يفترض جدلاُ بأن قضية ( نقص الوقود بالسودان ) من الأولويات القصوى في كل الحوارات والخطوات ؟؟؟؟ ولم يسمع الشعب السوداني بأن هؤلاء قد أبرموا اتفاقيات رسمية مع دول الخليج أو مع دول العالم لتوفير حاجة السودان من الوقود والمحروقات والقمح والدواء لعشرات السنين . تلك المعالجات الإستراتيجية المستقبلية التي تنهي المشاكل كلياُ في الحاضر وفي المستقبل . . ما هذا بالله عليكم ؟؟؟ .. هل ذهب هؤلاء لدول الخليج فقط لمجرد النزهة والاجتماع بالأشخاص والأفراد ؟؟
الشعب السوداني حالياُ يترقب كثيراُ بتلهف شديد إعلان قرارات الطوارئ التي تمثل الإسعافات الأولية .. ولا تفيده كثيراُ تلك الممارسات الشكلية الباهتة العقيمة .
10-16-2019, 11:35 AM
عبدالله الشقليني عبدالله الشقليني
تاريخ التسجيل: 03-01-2005
مجموع المشاركات: 12736
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
محمد عبدالله ابراهيم
عمر عيسى محمد أحمد
عبدالله الشقليني
فيس بوك
تويتر
انستقرام
يوتيوب
بنتيريست