ان الثورة السودانية الفتية التى غرز بزورها كآفة السودانيات والسودانيين وسقت بدماء شبابية حاره كحرارة اشعة شمس تعامدت على خط الاستواء، ماهى الإ تعبير شعبي واسع الغبن العميق على تردى احوال البلاد التى اصبح واهن الجسد وعاجز عن توفير ابسط مقومات سبل العيش الكريم والذي يعتبر الاساس لإستمرارية حياة الناس، ولقد فقد السودان عزه ومجده ومكانته المرموقة بين الامم، تسبب فيه النظام البائد بأن يكون معزولاً عن المحيط المحلى والاقليمي والدولي، حتى اصبح السودان سجناً كبيراً، وشعبه إما مشردا في المنافي خارج هذا السجن الكبير او داخل هذا السجن يصارع الجوع والمرض، ويدب على الروح الموت البطئ، فكان لا بد التصدي والتحدي لسياسات نظام حكم الجبهة البائد، وهذا النظام الذي دفع كل سودانية وسوداني ثمناً باهظة لبقاءه طيلة ثلاثون عاما لم يتزوق احد طعم فيه الحياة ولا معنى الحرية، ولقد استولى النظام البائد على كل شئ، استباحاً واغتصاباً للأرض والعروض. وعلى الرغم من اشتداد الظلام الا انه ظلت هنالك بوارق أمل موجودة في الافق البعيد، علق عليها الملايين من السودانيين آمالهم في ان النور سوف يعاود الغد المظلم. وها لقد تحقق الحلم وعانق الشعب النور في صباح الثورة والتغيير، هذه الثورة العظمة كعظمة السودان شارك فيها ملايين السودانيين على طول وعرض هذا الوطن الجميل، تدفقوا في شوارع المدن والقرى وبوادي الوطن كامواج نيلها العظيم، موجُ فوق موج داوى يكاد ان يقتلع الهتاف الحناجر، حتى تنفس الصبح قولاً وفصلا جديدا، وانتصر ارادة الشعب وأسقط النظام. ومنذ تاريخ سقوط النظام الى يومنا هذا يعد ما يقارب ال٦ اشهر، تم تحقيق بعض الانجازات المشهودة، نزكر منها على سبيل المثال، تشكيل المجلس السيادي، وتعين الوزراء ورئيس الوزراء، اقالة عدد من رموز النظام السابق من مناصبهم وبدء محاكمة المعتقلين منهم، والتوقيع على اتفاق اطاري مع الحركات المسلحة في جوبا تمهيدا للدخول في عملية سلام شاملة. وعلى الرغم من تحقيق هذا التغيير الجزئ، إلا ان هنالك الكثير من المياه جرت وتجري تحت هذا الجسر، ونحن نقدر ان هذه الحكومة ورثت عبئاً ثقيلاً من المشاكل المتفاخمة وامامها تحديات جسام، وبمقياس الزمن تعتبر هذه الفترة قصيرة جدا للحكم عليها، ومع ذلك لا يمكن ان نبحث للحكومة الاعزار او نبرئتها حيال العديد من الاحداث التي حدثت مؤخرا، فهى تتحملها جملة وتفصيلا، بداية من تردي الاوضاع المعيشية والضيق الخانق الذي تشهدة البلاد، واحداث بورتسودان، ونيالا ومجزرة زالنجي …الخ. وعليه اذا ارادت هذه الحكومة ان تخطوا خطاوى حثيثة نحو تحقيق التغيير المنشود والعمل الجاد لمعالجة المشاكل، عليها اولاً إعادة النظر في التعامل مع قيادات النظام البائد وتنظيمهم العميق، وقد لا يشك احد بان للدولة العميقة ايادي وراء الاحداث التى تشهدها البلاد، واذا هى التى مكنة نفسها على مدى ثلاثون عاماً في الحكم، حيث تخلخلت في كل مفاصل الدولة، وسيطر قيادتها على كل مداخل ومخارج البلاد خاصة الجوانب الأمنية والاقتصادية، وغافل من يظن ان قيادات النظام البائد استسلمت ورضخت للأمر الواقع، والذين لهم فهم عميق لسلوك النظام البائد، يدركون كيف ان قياداته يفكرون، كما ان من الملاحظ ان قيادات هذا النظام لم يتوقعوا ان يسقط نظامهم بهذه الطريقة، وهذا ادى الى احداث صدمة كبيرة جدا في قلب التنظيم وتعطيل وحدة العقل المفكر والمدبر فيه، وتبعثرة صفوفهم، فأصابهم الارتباك، حتى وقت قريب، الا انه الان نراهم يريدون استعادة ترتيب اوضاعهم التنظيمية، وهذا ليس من اجل مصلحة الدولة، كما لا يهمهم الامر في شئ، ولكن من اجل المعامرة ووضع العراقيل امام الحكومة الانتقالية، وافتعال المشاكل والازمات التى تؤدي الى تأزيم الاوضاع الداخلية بقرض افشال الحكومة، اضافة الى عمل الحملات المنظمة ضد الحكومة واعضائها لتشكيك الشعب في عدم مقدرة هذه الحكومة في وضع حلول لمشاكل الدولة والسيطرة عليها، وجميع كوادر النظام البائد ينشطون الآن في المواقع الالكترونية ومواقع التواصل الاجتماعي، كما ملاحظ ويقومون بنشر الاكاذيب والاخبار المفبركة عن الحكومة واعضائها، بل حتى في اللقاءات الجماهيرية وونساتهم اليومية، يصنعون الازمات ويتهمون الحكومة بالعجز والقصور من اجل تعبئة الشارع للخروج ضدها، كما شهدنا العديد من المسيرات التى لا احد يعرف الجهه المصدرة او المسيرة لها. والاخطر من هذا هو عندما يتم فتح الجامعات، سوف تشهد ساحاتها احداث قد تكون مؤسفة ومهددة للاسقرار الاكاديمي، فهؤلاء الاخوان لا يأبهون فعل كل شئ واستخدام شتى الوسائل لضمان مصالحهم، لذلك من الأصلح للوطن والأءمن للمواطنيين هو حظر النظام البائد واعتقال جميع كوادر صفه الاول ومصادرة دوره وتصفية ممتلكاته لصالح الدولة، وحظر جميع انشطتهم في هذه الفترة الانتقالية، عسى ولعل قد يسهم هذا في اعادة دمجهم في المجتمع وتغيير سلوكهم الذي لا يمد الى الشعب السوداني بصلة، وعلى الحكومة ان تضع الحيطة والحذر حتى لا يحدث ما لا يحمد عقباه من قبل هؤلاء الافاعي، وأفاعى السحت حيث مذابل التاريخ كما غنى الاستاذ سيف الجامعة.
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
محمد عبدالله ابراهيم
فيس بوك
تويتر
انستقرام
يوتيوب
بنتيريست