لا أعرف إن فاتت صورة أستاذنا عبد الخالق محجوب في اذهان جيله ومن بعده صورته الجهمة كسكرتير عام للحزب الشيوعي يسدد اللكمات لخصومه مثل عوض عبد الرازق ب"يسار اليمين" كما زعم صلاح أحمد إبراهيم في قصيدته "أنانسي". أذكر أن المرحومة سعاد أحمد إبراهيم استغربت يوماً له في حضوري لظهوره (وهو الأصلع المسمى كلنغ اب صلعة عزة به من الرفاق) في صورة ما بشعر يكسو حتى أذنيه. فقال لها: يا سعاد إنتي قائلاً ولدوني بصلعة. لم يطرأ لنا أن نسالمرحومة سعاد أحمد إبراهيمأل ما فريقه الرياضي المفضل؟ وهو المريخ يشغب به مع أبيه الذي كان من مؤسسي نادي الهلال. وما أغنيته المفضلة؟ الطير المهاجر. في 1965 وجه الموسيقار المرحوم مكي سيد أحمد لعبد الخالق طائفة من الأسئلة عن قضايا الأدب والفن. واحترز عبد الخالق في الإجابة لعدم تمكنه من مسائلهما وخشية "ألا يقع الأدب والفن في نطاق ضيق تحدده القيادات السياسية". وطال الحديث مع ذلك. وجاء إلى مسألة الغناء ومزاجه فيه فقال: أعجبني كثيراً من المحدثين "الطير المهاجر" للشاعر صلاح أحمد إبراهيم. فقد صاغها بلغة الشعر حقاً بعيداً عن السوقية والتعابير اليومية. وهذا ما ينقص الكثير من أغانينا الحديثة التي هي أقرب للمجادلة العامية منها للشعر. وأجاد الأستاذ محمد وردي ايضاً في غنائها. ويبدو أنه لم يعش القصيدة وحسب بل عاش التجربة، تجربة الشعب النوبي الصديق وهو يُرحل إلى ديار الغربة. أما في الغالب فانا أميل لأغاني حقيبة الفن لأني لم أعد اسير مع الجديد وفقدت وزن الخطى معه. بل لأني أحس أن تلك الأغاني شعر حقاً في تراكيبها وفي لغتها إذا ما قورنت بالشعر الغنائي المعاصر الذي تدنى إلى حوشي (القول؟) وسواده (؟) أمثال "أقيف قدامها واشرح وجدي" و"وأحبك بكثرة". وهذا بالطبع ليس من الشعر في شيء (الميدان 11 يونيو 1965). دحين أستاذنا ما ظلم ديوان الشعر الغنائي الحديث على زمن الذي احتشد بالأغنية الفصيحة الغراء حتى أصدر الدكتور النور حمد ديواناً حوى شعر أبو زرعة وقرشي محمد حسن ودوليب وحسين عثمان منصور وغيرهم؟ ولهذا السبب ربما قال ألا يخضع الفن والأدب للسياسة رحمه الله.
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة