في قوة الثقافة بقلم د. قاسم نسيم حماد حربة

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 04-19-2024, 02:36 AM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
08-10-2019, 04:31 PM

قاسم نسيم حماد حربة
<aقاسم نسيم حماد حربة
تاريخ التسجيل: 07-31-2019
مجموع المشاركات: 45

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
في قوة الثقافة بقلم د. قاسم نسيم حماد حربة

    04:31 PM August, 10 2019

    سودانيز اون لاين
    قاسم نسيم حماد حربة-السودان
    مكتبتى
    رابط مختصر





    لا نزال ولعلنا نظلُّ طويلا نضرب في حقول ومفاهيم الثقافة وإشكالاتها في السودان، لأنها –عندي- أسُّ إشكالات السودان وسبب اصطراعاته السياسية والاجتماعية، بل لها سبب وكيد في قلق نفسية السوداني وشخصيته، واليوم نتناول مدى قوتها وأثرها في تشكيل الأشياء كمدخل جيد ينبئنا على خطرها، خاصة إذا كان ذلك الشيء المتأثِّر بها هو العقائد، وعلى الرغم من أني لا أحب المداخل المدرسية، لكن لا بأس ونحن سنصطحب هذه القضية طويلا أن نضع تعريفها كعتبةٍ أولى ومدخلٍ للولوج إلى تفرُّس قوتها في هذه المقالة.

    الثقافة هي الكل المركب الذي يشمل المعرفة والمعتقدات والفن والأخلاق والقانون والأعراف والقدرات والعادات التي يكسبها الإنسان باعتباره عضوا في المجتمع حسب تعريف الإنثربلوجي الكبير إدوارد تايلور، ولها تعاريف كثيرة كلها تدور في هذا الفلك، بالتالي فالثقافة هي التي تتحكم في المرء وتوجه إراداته وتسيطر على تصوراته.

    وللثقافة أثرٌ في كل شئ مهما علا شأنه أو سَفَل، فليس ثمة شيءٍ أكبر إعظاما وتقديسا بين البشر مثل الأديان، فكل صاحب دين أو مذهب أو طريقة يجهد في إظهارها خالصةً مما التصق بها من الزوائد والخرافات والبدع، ويؤكد أنه ينهل من نبعها الصافي، لكن رغم ذلك فللثقافة قوة على صبغها وتشكيلها وفق تصوراتها، فتتجلى تلك الصبغة الثقافية في الدين فيما يسمى خبرات التدين مصبوغة بها ظاهرة فيها، ومثال ذلك واضح في أثر الثقافة المصرية واليونانية القديمتان على المسيحية، فمما لا شك فيه أنَّ لمصر دوراً كبيراً في تشكل المسيحية في القرون الأولى، وكانت فلسفة الديانة المصرية القديمة تضع للحياة مفتاحاً يرمز لها يسمى (عنخ) وشكله يشبه الصليب أو هو هو، وكان الرومان يعدمون على الصليب كذلك، فتجلى كلا ذلك في عقيدة الصليب كما يؤكد بعض الفلاسفة المشتغلين بتصورات الأديان، وكانت الألوهة تبدأ بسقف أعلى محتجب يمثله (آمون)، في الديانات المصرية والسودانية القديمة، وتكون الصلة بينه وبين البشر عبر الآلهة التي كانت تشكل أسراً، فنجد مثلاً ثالوث (منف) الذي يتكون من (بتاح – سخمت - نفرتوم)، فسخمت زوجة بتاح ووالدة نفرتوم، وهكذا فالثالوث في الوعي المصري القديم أسرة مكونة من أب وأم وابن، مثل الثالوث الشهير أيضا (أوزيرة – إيزة - حور) ونرى تجلي مفهوم التثليث في المسيحية في الأقانيم الثلاثة (الأب والابن وروح القدس) ونجد تواطؤاً في استقبال اليونان للمسيحية مع المصريين أيضا في تصور الإله، فقد كان لليونان آلهة وأنصاف آلهة في دياناتهم القديمة؛ وهم الذين يولدون من نتاج نكاح الآلهة للبشر كالإله (زيوس) رب الأرباب عند الإغريق القدماء، ورئيس مجمع آلهتهم الأولمبية فقد عشق ذلك الإله الأميرة السورية أوربا (Europa) التي تجلى لها في هيئة ثور اختطفها من شاطئ مدينة صور، وغاص بها في البحر ليظهر في جزيرة كريت حيث أنجب منها ملك الجزيرة الأسطوري (مينوس)، كما أنجب من الأميرة الإسبارطية (ليدا) أجمل النساء (هيلينا) التي كان اختطافها سببا في حرب طروادة، ومن زوجة ملك طيبة أنجب ابنه هرقل أشهر أبطال الإغريق، لذا تجلى مفهوم بنوة السيد يسوع المسيح بوضوح ولم تكن فلسفة مفهوم البنوة عسيرة عندهم، حيث الآلهة عندهم يتناكحون مع البشر ويُنجب لهم أبناء، لكن استقبال العرب للمسيحية اختلف نسبة لأن تصوراتهم من قبل كانت ترى مفارقة الخالق لمخلوقاته، لذا انتشرت فيهم الأبيونية والأريوسية والنسطورية، فآريوس كان يعتقد بأن يسوع المسيح مخلوق ويقول: إن يسوع ابن الله بالتبني وليس ابنا بيلوجيا - بالمصطلح الحديث - وانتشر اتباعه في سوريا وفلسطين والجزيرة العربية. وأكاد أجزم أن تجليات الإسلام السوداني المتشح بالتصوف ليست لأن حملته الأوائل إلينا كانوا من المتصوفة، بقدر ما هو نتاج لتفاعل وجدان السودان الصوفي مع الإسلام الذي استقبله ووسمه بميسمه، والتصوف الذي أعنيه هنا ليس التصوف الإسلامي وإلا كيف يكون وجدان السودان صوفيا من قبل الإسلام، إنما أعني به المفهوم العام للنزعة العرفانية، فالتصوف في أساسه نزعة إنسانية ترى الحقائق في التأمل وصفاء النفس، وهو نزعة إنسانية وجدت قبل الديانات الإبراهيمية ووجدت فيها، فلها تجلياتها في الوثنية كالغنوصية والهرمسية، وتجلت في اليهودية فيما عرف بالكبالا أو القبالة، وفي المسيحية فيما عرف بالرهبنة وفي الإسلام بالتصوف والإشراق، ولا يخلو أي عمل عظيم منه وله وجود في العلوم والفنون والفلسفة أيضا. ولعلنا نفرد للتصوف بمفهومه الواسع مقالة قريبة نبسط فيها القول.

    فالناس لا تتفق حتى في الدين الواحد على تصور واحد، وذلك لاختلاف الثقافات، بل حتى في تصور الذات العليا ولذلك وجُدت المذاهب فمذهب أهل السنة مثلا في محور أسماء الله وصفاته يثبتونها من غير تعطيل، والأشاعرة يثبتون الصفات السبعة فقط (الحياة والعلم والقدرة والإرادة والكلام والبصر والسمع) والمعتزلة يثبتون الأسماء وينفون الصفات كما هو معلوم، وهكذا يبرز عظم دور الثقافة في بناء التصورات، بل نجد للثقافات أثراً واضحاً في الفقه الإسلامي، فقد كان الإمام الشافعي يفتي بفتيا في المسألة الواحدة ويفتي بفتيا غيرها في العام المقبل فيقولون له لقد كنت قد قلت في العام الفائت غير هذا فيقول ذلك ما قلنا وهذا ما نقول، لاختلاف الزمان ولما كان في الحجاز كان له مذهب ولما تمصر –أي ارتحل إلى مصر- وأقام فيها أنشأ مذهبه الثاني الذي اختلف عن الأول لاختلاف عنصر المكان، فثقافة المصريين تختلف اختلافا بيناً عن ثقافة الحجازيين.

    لقد أورنا تلكم الاستشهادات لندلل على قوة الثقافة فنوطئ النفوس حين الحديث عن دور الثقافة كحجر زاوية في صراعاتنا، لتُتقبَّل أقوالنا، فغالب الظن عندي أن قضية الثقافة هذه ودورها في المشكل ليست واضحة بالقدر الكافي، حتى لدى السياسيين أنفسهم-فضلاً عن العامة- ولا يدركون خطرها ودورها الكبير، رغم أنها صارت نغمة لازمة في أحاديث كثير منهم.
























                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>

تعليقات قراء سودانيزاونلاين دوت كم على هذا الموضوع:
at FaceBook




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de