في المجتمعات المستباحة والمصادرة حقوقها السياسية والإقتصادية والإجتماعية من الأصوليات الظلامية والرأسمالية الطفيلية وقطعان التخلف الفكري والثقافي التي تُمارس الوصاية والقهر والكبت السياسي والثقافي في حق المجتمع للدرجة التي تجعله يقبل التعايش والتكيف مع أزمات قاتلة ومدمرة لحياته الخاصة والعامة . فالسودان كبلد وشعب قد تمت إستباحته من قبل نظام الإنقاذ ثلاثون عاماً بخطاب سياسي غوغائي إنتهازي أجهز على مكتسباته السياسية والثقافية والإجتماعية لصالح مشروع الأصولية الظلامية والرأسمالية الطفيلية تحت شعارات التوجه الحضاري، التي غيبت الديمقراطية وصادرت حقوق الناس والحريات العامة، وإستأثرت بموارد البلد لصالح مشروعها الظلامي الذي عمق الازمة الوطنية ونجمت عنه مضاعفات إقتصادية وإجتماعية في حياة الأغلبية من الشعب، وتزايد أعداد ضحاياه من الحروب والتعذيب في السجون والمعتقلات وإستمرار تدفق أعداد اللاجئين والنازحين والمشردين وإتساع الهوة بين الفقراء والأغنياء، بإنتشار ثقافة الفساد التي أشاعها النّظام التي إستباحت حرمة المال العام، مسنودة بفتاوى من شيوخ الظلام ورموز الإسلام السياسي، فأصبح المجتمع السوداني محاصر بعصابات المال والسلاح التي نشرت خطاب سياسي غوغائي مارس إزدراء النَّاس، ووصم مناوئيه السياسيين بالخونة والعملاء والكفار . . ! في مناخ سياسي وإجتماعي وثقافي كهذا مسكون بالقهر والظلم والتخوين والكبت الذي إستمر ثلاثة عقود مظلمة حالكة في كل شيء ليس غريباً ألبته أن نسمع خطاب غوغائي إنتهازي مريض، من بعض ضحايا وبقايا النظام في الوسط الإعلامي والفني والثقافي . . ! بعد قيام الثورة الشعبية، وتطلعها لبناء سودان الحرية والديمقراطية، لا نريد أن نمارس سياسة الحجر والكبت، تجاه المرأة ومنعها من التعبير عن آلامها وتوجعاتها وإحتياجاتها العاطفية والنفسية والشعورية ، لا توجد أثنى في الكون عصية على الإنكسار والتوجع حينما تتوقف سفينة حياتها الزوجية على ضفاف الجليد والحياة الباردة . ولسنا ضد الإعلام الحر والنزيه الذي يسعى للتعبير عن هموم الناس ومشاكلهم، عبر خطاب إعلامي وعلمي وموضوعي من أجل تنوير الرأي العام بالأحداث والمواقف المؤثرة في حياتهم، لكن ما أطلقته داليا لا يأتي في هذا السياق وإنما هو خطاب له علاقة بالنظام السابق ونهجه القديم البارع في إطلاق الإتهامات التعميمية . أختنا داليا أطلقت إتهاماً ظالماً، بحق أبناء السودان، وجعلتنا في نظر العالم مجرد رجال ديوث . . ! نحن بقدر رفضنا لهذا النوع من الخطابات التعميمية، لا ننكر في الوقت ذاته، أن لكل مجتمع سواء متخلفاً، أو متقدماً مشاكله الإجتماعية، لكن هناك أقنية للتعبير عن هذه الهموم والآلام والخبيات التي تواجهها المراًة مع شريك حياتها. المرأة في الغرب الدستور والقوانين، لا تميز بينها وبين الرجل، بل تكفل لها حقوقها بلا تمييز ، وهي قادرة على إتخاذ قرارها الخاص الذي يصون كرامتها ويحفظ حقوقها ويحقق سعادتها ويمكنها من إنهاء علاقتها الزوجية مع شريك حياتها بكل هدوء دون ضجيج وبروباغندا تروج لخطاب شبقي مفضوح . . ! أما في مجتمعاتنا المحافظة فهناك الأسرة والأصدقاء والجيران والأجاويد، وأخيراً المحاكم . فلو إفترضنا أن هناك ظاهرة إجتماعية تستدعي تسليط الأضواء عليها، فهذا الأمر لا يعطي أختنا داليا الحق في أن تعمم الظاهرة بهذه الطريقة الفجة . . ! لا ننكر أن ما نعيشه في وسطنا السياسي والإجتماعي والثقافي من ظواهر سليبة هي نتيجة طبيعية لحقبة سياسية مظلمة حكمت السودان لمدة ثلاثة عقود، نشرت الفساد والأمراض وحاربت القيم السودانية السمحة، ولاحقت العقل وحكمت عليه بالموت، حياً أو ميتاً . . وهكذا فعلت تجاه الخيال ورموز الفن والثقافة والإبداع . . ! ما قالته داليا خطاب يخدم جهود المخربين والمشوهين والمعادين للثورة وتوجهاتها، فهو مسعى خائب لن يقلل من عظمة الثورة وتفردها، ولا يقلل من دور أبناء السودان شيباً وشباباً الذين دفعوا أرواحهم ودمائهم وتحملوا البطش والقهر والإهانات والإستفزاز والتعذيب، تحملوا كل هذه التحديات بكل شموخ وعزة وعنفوان ورجولة، ولن يقلل من شأنهم وقدرهم إتهامات مدسوسة ومغرضة. فأبشري يا داليا نحن قدر التحدي، بنسدها ونقدها، بعد أن أجهزنا على الإنقاذ، وأرسلناه إلى مزبلة التاريخ غير مأسوفاً عليه، وقادرون على مواجهة مخلفاته وأمراضه، بتوفير البيئة المناسبة لعلاجها، سياسياً وإقتصادياً وإجتماعياً وثقافياً، وبناء السودان الجديد الراقي والحضاري والصحي، بالعقول النيرة والسواعد القوية، والخيال الحر الخلاق . الطيب الزين
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة