يا زعماء الاحزاب السياسية مضت خمسة وستون عاماً منذ أن إستقل هذا البلد العملاق ، إستلمتموه كاملاً غير منقوص يسوده الثراء والعدل والأمان والعلم والمحبة بين ابناء شعبه ، فكان أول ما قابلتكم هي مشكلة الجنوب التي كان من الممكن التعامل معها بالحكمة والمنطق والدهاء السياسي لتجبروا الخاطر المكسور وتأمنوا العدل المطلوب وتحتووا الضعيف قبل القوي فيشعر كل منا بأن تنوعنا قوة وثراءاً لبلدنا ، وعاداتنا ألوان زاهية وزخرف جزاب في مزهرية الأمة الواحدة ، وشعبنا يسوده التلاحم والتعاضد ضد كل غريب ويعم التجانس والود في كل ربوعه ، ولكن التعالي والغطرسة الجاهلة قادتكم الي إزدراء شعب الجنوب الذي رفض تعاملكم له بالدونية فثأر لكرامته وعزته وظننتم أنكم ستعيدونه بقوة السلاح فتحاربنا بفعل هذا الغباء وقتلنا بعضنا بلا رحمة ولا هوادة حرباً قضينا فيها علي زهرات شبابنا الطموح القادر علي الإنتاج والإبداع وبددنا فيها الكثير من ثرواتنا في شراء سلاحاً ما كان له داعي ولا سبب وهدمنا فيها الكثير من مقدارتنا من غابات وحيوانات برية ومصانع وسكك حديد وفي النهاية إنفصل الجنوب وفي النفوس ضغائن وأحقاد وجراحات تحتاج لزمن كثير قبل ان تلتئم ، حتي ولو كنا الآن جيراناً ولسنا دولة واحدة ، وقبل أن تجف الدماء في الجنوب ، بدأت تتعاظم مشكلات التهميش والظلم الإجتماعي والغبن في جنوب النيل الأزرق وكردفان والشمالية ودارفور وبنفس الغباء السياسي واللامبالاة الإنسانية كان القتل لمواطنيكم بديلاً للحكمة وكان التعنت والتصلب بديلاً للإقناع ، وتكرست الأنانية وحب الذات وأصبح الظلم بديلاً للقانون والتجبر والقوة سمة تمنع إحقاق الحقوق ، بلغ بنا الحال الي أن يباع شبابنا في سوق المرتزقة بأبخس الأثمان فماتموا كما يموت الضأن ، ونحن الآن علي أعتاب تغيير كبير كنا نأمل أن نحقق فيه (حرية سلام وعدالة ) ، ولكن للأسف الشديد نقول لكم (تالله إنكم لفي ضلالكم القديم) ، أنظروا هذا الغباء السياسي الذي يجري هذه الأيام الذي لم يردعكم عنه هذا الماضي الذي مازال يجرجر خيباتكم الكثيرة وبلا إستحياء ، فاليوم أنتم تكررون نفس الأخطاء القاتلة في المجتمع ، ولوكانت لكم نظرة ثاقبة ودهاءاً سياسياً لرأيتم أين تكمن المصلحة وطنية كانت أو حزبية ، ولإرتضيتم منذ البدأ وضع أياديكم في يد كل الأحزاب التي إنسلخت من المؤتمر الوطني ، ووحدتم الهدف بإقتلاع المجلس العسكري بكل يسر وسهولة ، ثم لتوافقتم بأن تقود الحكومة كوادر وطنية غير حزبية ، ولكان ذلك قوة لشوكة الثورة وما أنتقص هذا التكاتف من حقوق الحرية والتغيير مثقال زرة ، ولما قتل أبنائنا في ساحات الإعتصام ولما طمع العسكري في شق الصف ، وهذا يسجل عليكم غباءاً سياسياً ، وخبثاً سيئاً لا يغتفر ، ثانياً الآن تشنون الحرب الشعواء علي شباباً كانوا يقودون حراك هذه الثورة ، علم الله لم نقابل منهم أحداً في حياتنا ولا نعرفهم إلا من خلال مشاهداتهم علي منصات التواصل الإجتماعي شباباً قدموا لهذه الثورة مالم تقدموه أنتم من نضال فأشعلوا الحماسة في النفوس وهيؤا الشارع الذي زحف حتي إقتلع النظام ، توسدوا الحجر والتحفوا السماء ، ومنهم من هاجر ليقود الثورة من شتي دول العالم ومنهم بقي هاهنا يقابلون الرصاص بالصدور العارية ، في وقت كنتم أنتم تحاورون في غرف الإجتماعات المكيفة ، إن عطاء هؤلاء الشباب لا ينكره إلا ظالماً أو حسود وعندما رفع هؤلاء الشباب صوتاً يحتج علي بعض تصرفاتكم لم تعرفوا كيف تحتوونهم بالحجة والمنطق وتعيدونهم للصف بالسياسة والحكمة التي يبدوا أنكم لا تعرفونها ، فبدلاً عن ذلك سلطتم عليهم بعض الجهلة والأغبياء ليوسعوهم شتماً ولعناً ، وصنعتموهم صناعة ليكونوا أعداء وأجبرتوهم إجباراً ليقفوا في الشاطئ الآخر ، فأي خبال أكثر من هذا؟ عليكم أن تعلموا أن هذا الشباب قد برهن للجميع أن لديه من الغيرة الوطنية والتجرد من الغرض أكثر مما لديكم من مطالب للكراسي والهيمنة ، واذكر منهم أحمد الضي ومصعب الضي ، محمد سراج، عثمان زنون ، خالد الإعيسر، وبالأمس تهددون علي هباني بحرق الشخصية إذا تحدث في شأن السياسة ، فياسادتي هذا الشباب قادر ومتحمس وتصرفكم هذا هو عين ما فعلتم لإضرام نار الحرب بالجنوب ودارفور والنيل الأزرق وغيرها ، وكما قال أبو الطيب المتنبئ ( كل الحوادث مبدأها من النظر ** ومعظم النار من مستصغر الشرر ) وبهذا تصبحون أنتم أشبه بحميدتي مهما إدعيتم الوطنية ، هذا الوطن للجميع وإذا بدأتم هذه النعرات الإقصائية التي دمرتم بها ماضي السودان فأعلموا أنكم مجرمين ولا خير فيكم ، وتصبحون بذلك جهلة أغبياء لا تصلحون للقيادة وهذا الشباب الذي كان من المؤمل أن تعتبروه وتناقشوه ، إعلموا أنه لن يسكت علي الظلم ، وإذا كنتم تعتقدون أن هذه الثورة تؤمن لكم التسلط علي هذا الشعب فوالله أنتم اضعف من البشير ومن الكيزان ، وهؤلاء الشباب يستطيعون أن يقلبوا عليكم ألف طاولة وماهي إلا شهور ، ولهذا أنصحكم أن تلجأوا للحكمة ولمعرفة كيف تقاد الأمم ، ثم عليكم أن تسكتوا هؤلاء الجهلة أمثال ابو رهف وغيره من هذه الأدوات التي تؤصل الغبن في النفوس ولا تحسن صنعاً ، نحن لسنا بحاجة للفرقة ولسنا بحاجة لما تعتقدون أنه حرق للشخصيات بل نحن بحاجة لصنع وتفخيم الشخصيات ، وبحاجة لكل فكر وصوت وساعد وقبل ذلك محتاجين فيكم للعقل السياسي الحكيم الذي يجمع ولا يفرق ، العقل الذي يؤمن بأن الرئاسة تكليف وليست تشريف ، العقل الذي يصلح المكسور ويطيب النفس ، ولا تحلموا بعد الآن برعاية قطيع من البهائم البشرية ، فإن الوعي قد تبلور وعليكم ان تنصتوا لمن يهدي لكم عيوبكم فأنتم لم تبلغوا الكمال والله وراء القصد يوسف علي النور حسن
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
يوسف علي النور حسن
فيس بوك
تويتر
انستقرام
يوتيوب
بنتيريست