مع دخول ثورة ديسمبرـأبريل شهرها السابع تكشفت نوايا المجلس العسكرى الخبيثة تجاه الثورة. لقد أصبح واضحاً لكل ذو بصيرة أن المجلس العسكرى ينوى الاستئثار بالسلطة رغم نفيه لذلك مراراً و حديثه المتكرر عن إنتخابات. حتى عندما يدعى المجلس حرصه على تشكيل حكومة كفاءات بسرعة و فى أقرب وقت من قوى الحرية و التغيير او من غيرها فإنه لا يعنى ما يقول. المجلس يريد فرض وصايته على حكومة الكفاءات. بمعنى أن المجلس ينوى أن يجعل حكومة الكفاءات مجموعة من الموظفين الذين يقدمون الخدمات للشعب بينما يقوم المجلس بممارسة السلطة الفعلية و التحكم فى القرارات السيادية (الوصاية على الحكومة) و هذا هو سبب رفض قوى الحرية و التغيير لهيمنة العسكر على المجلس السيادى. المجلس العسكرى الآن تحت ضغط كبير من المجتمع الدولى لتسليم السلطة لحكومة مدنية و الا فإنه سيواجه العواقب المترتبة على عدم الوفاء ببهذا الإلتزام. و هو ما يفسر النشاط المحموم لنائب رئيس المجلس حميدتى فى محاولات مستميتة لإيجاد قاعدة شعبية مؤيدة له و للمجلس العسكرى بأى طريقة و لو كان الثمن الرجوع الى القبلية و الجهوية بهدف تشكيل حكومة كفاءات (موظفين) مدنية تحت وصاية المجلس العسكرى يخدع بها المجتمع الدولى. و بذلك يتجنب العوقبات الدولية. ثم يمارس حميدتى و المجلس العسكرى صلاحيات الحاكم الفعلى من وراء الكواليس و يا دار ما دخلك شر (او هكذا يظن الأحمق). الهدف من كل ذلك كما لا يخفى هو أولاً تجنب المسائلة عن الفساد و التجاوزات و الإنتهاكات أثناء حقبة الإنقاذ و ثانياً الإستمرار فى أحلافهم الإقليمية و الإحتفاظ بمصالحهم الخاصة و مصالح حلفائهم و لتذهب مصالح الشعب السودانى الى الجحيم. لكن المجلس العسكرى نسى أن السودان بعد مجزرة فض الإعتصام غير السودان بعدها. لقد تغيرت المعطيات و المعادلة السياسية. بضلوعهم فى التخطيط لفض الإعتصام (الثابت بإعتراف المجلس) أصبح جميع أعضاء المجلس العسكرى فى دائرة الإتهام بإرتكاب جرائم ضد الإنسانية و بالتالى لم يعد المجلس العسكرى أخلاقياً و لا قانونياً مؤهلاً لمشاركة قوى الثورة فى السلطة ناهيك عن أن تكون له السلطة المطلقة او النافذة فى إدرة شؤون البلاد. إصرار حميدتى و المجلس العسكرى على عدم تسليم السلطة لحكومة مدنية من ممثلى القوى التى قادت الحراك الشعبى لا يترك لقوى الثورة الا خيار المواجهة. و عليه يجب على قوى الحرية و التغيير العمل على أربع محاور من أجل إفشال مخطط المجلس العسكرى و إجباره على تسليم السلطة: ١- توسيع قاعدة الثورة لتشمل جميع الاحزاب و القوى السياسية ما عدا الذين كانوا مشاركين فى النظام البائد حين سقوطه. هذا الإجراء أصبح ضرورياً الآن لتحييد الحانقين على قوى الحرية و التغيير بسبب إعتقادهم أنها أقصتهم من المشاركة فى الثورة و لتفوييت الفرصة على المجلس العسكرى أن يستقطبهم كحلفاء يساندونه فى مسعاه لتأسيس حكم شمولى جديد. و لنعتبر من دروس و تجارب الماضى القريب. ٢ـ تصعيد النضال السلمى بكل وسائله من تظاهرات و إضراب سياسى و عصيان مدنى. و لنستفيد من الدروس المستقاة من التجربتين الناجحتين للإضراب السياسى و العصيان المدنى فى شهر مايو و يونيو. إضافة الى ذلك الإستعانة بكل المبادرات الجديدة و الأفكار الخلاقة التى تثرى تجربة النضال السلمى و تزيد من فعاليتة. ٣ـ على قوى الحرية و التغيير و من خلفها داعمى الثورة من السودانيين بالخارج و العاملين بالمنظمات العالمية كالامم المتحدة و الإتحاد الأوروبى و المنظمات ذات الصلة، يجب عليهم التركيز فى هذه المرحلة على جمع و تقديم الأدلة و البراهين و الحجج الكافية على الإنتهاكات التى حدثت فى مجزرة فض اعتصام القيادة العامة يوم ٣ يونيو ٢٠١٩ و إثبات ضلوع المجلس العسكرى و قوات الدعم السريع فى التخطيط و التنفيذ و المطالبة بتحقيق دولى مستقل اذا استدعى الأمر حتى يتثنى إصدار القرار بإتهام أعضاء المجلس العسكرى و قوات الدعم السريع و قائدها بإرتكاب جرائم ضد الإنسانية و إصدار أوامر بتوقيفهم. ٤- القيام بحملة إعلامية و حملة علاقات عامة لتنوير الرأى العالمى بحقيقة المجلس العسكرى و قوات الدعم السريع و ما حدث فى ٣ يونيو ٢٠١٩ و مطالبة المجتمع الدولى بمقاطعتهم و عدم التعامل معهم او تقديم اى معونات لهم. اذا نجحت قوى الثورة فى إستصدار هذا القرار من الجهات ذات الأختصاص فى المنظمة الأممية سيترتب على ذلك أمور ثلاثة نتائج ذات أهمية كبيرة فى تحديد مسار الثورة و وصولها الى مبتغاها و هى: أ- دول محور الشر ستجد نفسها مجبرة على النأي بنفسها عن التعامل مع نظام او افراد متهمون بإرتكاب جرائم حرب و مطلوبون للمثول أمام العدالة الدولية. و بالتالى ستضطر الى قطع دعمها لحميدتى و قوات الدعم السريع و المجلس العسكرى بالمال و المعدات. ب- سيتوقف الإتحاد الأوروبى عن دعمه المالى لحميدتى و قوات الدعم السريع مقابل قيامهم بمنع الهجرات غير الشرعية الى أوروبا عبر السودان. ج- توقف الدعم المالى و اللوجيستى من محور الشر و الإتحاد الأوربى عن حميدتى و قوات الدعم السريع مما سيعنى عملياً فشل حميدتى و المجلس العسكرى فى الإحتفاظ بالسلطة لتأسيس حكم شمولى جديد.
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
د. محمد شمو
فيس بوك
تويتر
انستقرام
يوتيوب
بنتيريست