* الثورة البلشفية في روسيا والثورة الإيرانية هى اكثر الثورات نجاحاً في القرن العشرين .. لأنها إستطاعت أن تسقط أقوى الأنظمة العسكرية وقادت إلى تغيير جذري ليس في السياسة فقط بل شملت تغييرات اجتماعية واقتصادية ومجالات أخرى أدت في النهاية إلى تغيير التركيبة البنيوية للدولة نفسها .. وثورة السودان الآن بدأت تأخذ نفس سناريو الثورة الإيرانية لتشابه المعطيات رغم اختلاف الزمن .. لنطّلع على بعض محططات الثورة الإيرانية حتى نستفيد من بعض تجاربها في مثل هذه الظروف الصعبة .. * إنتفض الإيرانيين على (الشاه ) آخر أباطرة إيران وأسسوا قيادة للثورة اطلقوا عليه ( المجلس الثوري) وهو ما يعادل قوى الحرية والتغيير في ثورة السودان مع إعتبار الخميني اباً روحياً وقيادة كارزمية لثورتهم .. ومع استمرار الضغط الجماهيري بالمظاهرات والعصيان المدني أُضطر الدكتاتور ( الشاه ) لنشر الجيش في المدن وتعيين رئيس وزراء من القوميين اسمه ( باختيار) .. وكان تسليم البلد للجيش خطأً جسيماً ارتكبه الشاه اتت بنتائج عكسية ، بالرغم من الجيش الإيراني كان أقوى جيش في اسيا والشرق الاوسط الا انه لم يكن مدرباً على حرب الشوارع والتعامل مع المدنيين .. وجدت حكومة (باختيار) الدعم من كارتر رئيس الولايات المتحدة حينها وارسل الجنرال الأمريكي (هايزر) لتنفيذ الانقلاب عند الضرورة وفعل كل شيء ممكن للحفاظ على دولة الشاه التي لديها مصالح كبيرة مع امريكا وقتها ( تماماً كما تفعل السعودية مع السودان الآن ).. لكن حكومة رئيس الوزراء الجديد (باختيار) لم تجد الإعتراف من الشعب بل تم وصفها بالغير شرعية وتمت مقاومتها .. * وبالمقابل اعلن الثوار رئيس وزراء وحكومة موازية لحكومة الدولة العميقة وتم تعيين المهندس بازركان رئيساً للوزراء (وهو رئيس حركة تحرير إيران حينها ) .. وفي اليوم التالي خرج الملايين من الشعب في تظاهرات مؤيدة لبازركان رئيس الوزراء الذي اختاره الشعب ومنددين ضد (باختيار) رئيس وزراء الدولة العميقة .. * مع استمرار المظاهرات والعصيان المدني الشامل بدأت فرق من الجيش تنشق وتنضم للمتظاهرين وتدافع عن المدنيين بالسلاح اثناء إستخدام الدولة للعنف .. ومع استمرار الضغط الجماهيري توجه طاقم من قيادة القوات الجوية بعدد كبير من الضباط والقت التحية لقادة الثورة واعلنت إنحيازها الكامل للثورة .. شكّل هذا الحدث نقطة تحول وقاصمة ظهر لجيش الدكتاتور ..ومع استخدام الجيش للعنف بدأ الجنود المنحازين للثورة بالدفاع عن المواطنيين وبدأت القواعد العسكرية تسقط في يد الشعب الواحدة تلو الأخرى .. *ومع استمرار انضمام اعداد كبيرة من الجنود إلى صفوف الثورة اعلن الجيش الحياد وعصيان أوامر رئيس وزراء الدولة العميقة وانسحب الجيش من الشوارع .. وفوراً هرب (باختيار ) .. دخلت القوات الثورية إلى مواقع الإذاعة وأعلنوا " انتصار الثورة " * أسس الثوار جيشاً اطلقوا عليه (الحرس الثوري الايراني) مهمتها الأساسية حماية الديمقراطية وقيم الثورة ضد أي انقلاب من الجيش أو أي تدخلات خارجية .. ومن يومها يتم انتخاب رئيس الوزراء من قِبل الشعب ..
* قد نتفق او نختلف مع الثورة الإيرانية واهدافها في كثير من النقاط .. لكن الخلاصة التي يمكن ان نستفيد منها هو انتصار ارادة الشعب رغم قوة الجيش الايراني المنظم وتلقيه للدعم من أقوى الدول .. إذن من السهل جداً ان تنتصر الشعوب السودانية وتهزم مليشيات الجنجويد وما تبقى من جنرالات الجيش وكفيلهم الخليجي لأنهم اضعف بكثير من الجيش الإيراني حينها والذين دعموا استمراره. * والملاحظ ان قادة الثورة الإيرانية لم يفاوضوا قادة الجيش الايراني ابداً بالرغم من ان الجيش الإيراني كانت مؤسسة وطنية محترمة لم ترتكب أي جرائم كبيرة غير الوقوف مع الدكتاتور.. لكن قادة الثورة كانوا ينظرون إلى الجيش كجسم يحتاج للتغييرات داخلها قبل ان يكون طرفاً في الدولة الجديدة .. * والمفارقة الغريبة ان قادة الثورة في السودان يفاوضون جنرالات المجلس العسكري بالرغم من ان المجلس هو الذراع الايمن للبشير في تنفيذ كل الجرائم .. ليس هذا فحسب بل لا يوجد اساساً مؤسسات جيش وطني في السودان كما كان في إيران .. فالموجود في السودان هي مليشيات الجنجويد ذات العقيدة والعضوية العرقية وجنرالات الجيش السوداني الذين ينتمون إلى اقليم واحد من اقاليم السودان الستة وكل تاريخهم ملطخ بحروب ضد الاقاليم الخمسة الأخرى التي لا ينتمون لها .. هؤلاء الجنرالات لا يستحقون غير السقوط واي استمرار لهم في الدولة الجديدة دون اعادة هيكلة مؤسساتهم المختلة يعتبر خنجراً مسموماً في قلب الثورة ..
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
مقالات سودانيزاونلاين
فيس بوك
تويتر
انستقرام
يوتيوب
بنتيريست