منذ اليوم الأول قلنا ان هذا المجلس هو اللجنة الامنية للنظام المختفي ولا نقول السابق، لأنه لم يسقط، هذه اللجنة الامنية التي تحولت إلى المجلس العسكري حسبما تم الترتيب له من قبل قادة النظام مارست نفس ما كان يقوم به النظام السابق من كذب وخداع للشعب، قال وزير الدفاع في بيانه الاول ان رأس النظام قد تم اقتلاعه وانهم انحازوا للشعب، والحقيقة انهم لم يكن يوما يحترمون هذا الشعب حتى ينحازوا له ،فوزير الدفاع الذي أعلن اقتلاع رأس النظام ونائبه في المجلس رئيس الأركان السابق هم نفسهم من وصفوا المتظاهرين بشذاذ الآفاق والمندسين ومن قبلهم قال رئيسهم المختفي نفس هذه العبارات. اذن فكل ما قامت به اللجنة الأمنية هو قطع الطريق بكل مكر على الثورة حتى لا تصل الي غايتها بالإسقاط التام للنظام وأعوانه، فعندما زحف الثوار الي القيادة العامة للجيش واعتصموا أمامها كانوا لديهم عشم كبير في انحياز الجيش لثورتهم كما فعل سلفهم، ولم يتوقعوا ان خدعة دبرت يتم فيها انسحاب شكلي لقيادات النظام ليتركوا الأمر للجنة الامنية التي تحولت إلى المجلس العسكري. وقد ظلت هذه اللجنة تتظاهر بالحوار مع القوي التي تمثل االثورة طوال شهرين بعد ازالة الواجهة القديمة للنظام وهي تضمر الانقضاض على المعتصمين واتبعت طوال تلك المدة تكتيك المراوغة وشراء الوقت، فلم تقم باعتقال قيادات النظام وتركتهم يتسربون إلى الخارج، و لم تقبض على رموز الفساد بل تركتهم طلقاء ولم توجه لهم أي تهم بل أفرجت عن الذين كانوا رهن الاعتقال وتركت الوزارات والوحدات الحكومية تدار من الذين جاء بهم التمكين، وتحججت بعدد من الأعذار للوصول إلى اتفاق مع قوي الحرية والتغيير التي تطالب بحكومة مدنية ومجلس سيادي ذا أغلبية مدنية بحجج مثل لابد من أشراك كل القوى السياسية بدون إقصاء بما فيها الأحزاب التي كانت مع النظام حتى اختفائه، ومن أجل ذلك سمحت لأجسام من جماعات دينية تزعم انها تدافع عن الشريعة وتكوين أجسام من الادارات الأهلية التي كانت جزء من النظام السابق واخرى من تجمعات صغيرة سمت نفسها أحزاب تلك التي كانت مشاركة النظام في ما سمي بالحوار الوطني، ومن هذه الأجسام يحاولون خلق جسم موازي لقوى الثورة يكون مواليا للمجلس يطالب باستمراره في الحكم وتكوين حكومة من سماسرة السياسة وتجاوز قوي الثورة. كل هذه المماطلات التي تمت تؤكد ان المجلس لم يكن صادقا في كل مافعله في الفترة الماضية، ورغم ذلك ظلت قوي الحرية والتغيير تواصل التفاوض معه للوصول لاتفاق تنتقل معه البلاد الي وضع جديد ، ثم اتضح ان كل هذا التماطل كان لكسب الوقت والتخطيط لضرب الثورة وفرض رؤية المجلس التي هي في الأساس إعادة إنتاج النظام، وكانت ساعة الصفر في ليلة التاسع والعشرين من رمضان حيث انقضت قوات الدعم السريع ومليشيات تابعة للنظام على المعتصمين في ساحة القيادة العامة للجيش لفض الاعتصام واعملوا اسلحتهم على المعتصمين بدون رحمة مخلفين ورائهم عشرات القتلى. هذه المؤامرة التي قام بها المجلس العسكري ثم محاولة التبرؤ من الجريمة عمل لا أخلاقي لا يشبه الجيش السوداني الذي يرتدون زيه، و يتحدثون باسمه، و يحكمون باسمه، ومن قبل تحدثنا عن الجيش السوداني الذي يكن له الشعب كثير من الاحترام فالذين ينخرطون في هذه المؤسسة يهبون أنفسهم لهذا الوطن، وبمجرد ارتداء الزي الرسمي يكون الولاء للوطن ولشرف هذا الزي، واحترام تقاليد المؤسسة الراسخة وتراثها المجيد، والذي في مقدمته احترام الشعب، وبالتالي فإن ما حدث في يوم الاثنين الثالث من يونيو لا يمكن أن يكون قد امر به من ينتمون الي هذه المؤسسة العريقة التي يعرف السودانيون تاريخها وتقاليدها وتراثها عبر التاريخ، انه جيش الإنقاذ وليس الجيش السوداني الذي اكتسب سمعة في الداخل والخارج خلال تاريخه ولتوضيح الفرق نستحضر هنا موقف قائد الكتيبة السودانية المشاركة في الكويت ضمن قوات دولية الذي رفض المنحة المالية لكتيبته من الحكومة الكويتية بعد انتهاء مهمته، وما قام به قادة جيش الانقاذ الذين أصبحوا مقاولين لتصدير الجنود الي اليمن اليوم والتهافت على قبض الثمن وبأوامر من رئيس النظام المختفي وترتيب من َذلك العميل ، مما غير نظر كثير من الدول للسودان، بعد ان أصبح يطلق على جنود السودان في اليمن المرتزقة بعد أن كانوا جنود السلام. و يستمر مسلسل الاذلال والخزي فالذين اعطوا الأوامر بفض الاعتصام ومنفذو مجزرة الاثنين الثامن والعشرين من رمضان ينتمون الي جيش الإنقاذ، و هذه الجريمة على بشاعتها لا يقل عنها بشاعة الاذلآل الذي يتم في الشوارع بضرب المواطنين، هذا الاذلال الذي تمارسه قوات الدعم السريع والميلشيات التابعة للنظام لم يحدث في أيام الاستعمار وقد شاهد العالم تلك الصورة التي هزت ضمير كل حر والتي يظهر فيها أربعة من قوات الدعم السريع يلهبون بالسياط جميعهم وفي وقت واحد جسم رجل كبير في السن كان يقف في الشارع، أن هذا المجلس الذي يسمح ان يقتل ويذل المواطنون بهذه الطريقة البشعة غير الإنسانية و اعتماده على المليشيات التي لا تلتزم بالقوانين المدنية ولا تحكمهم قوانين عسكرية، لأنها اساسا وجدت لقمع المواطنين واذلالهم، يتسق تماما مع فكر و أيديولوجية الإنقاذ التي جاءت لقهر للمواطن واذلاله.
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
د.الصادق محمد سلمان
فيس بوك
تويتر
انستقرام
يوتيوب
بنتيريست