اتخذ النضال ضد نظام الإنقاذ أشكالا عديدة، وشارك فيه أفراد وجماعات وتنظيمات سياسية وحركات مسلحة حتى وصل الأمر إلى ثورة اندلعت في ديسمبر من العام ٢٠١٨ قادها الشباب، ثم انضمت إليهم شرائح الشعب من مختلف الأعمار رجال ونساء واطفال، وتحدثنا من قبل عن تميز هذه الثورة وما التزمت به من شعارات مرفوعة وسلوك حضاري وانساني وانضباط مما اكسبها الاحترام والإعجاب في الداخل والخارج ، لكن يلاحظ في الفترة الأخيرة ظهور نغمة سادت أجواء الثورة يرددها بعض شباب الثورة هذه الأيام دون وعي ترفض كبار السن وتقلل من دورهم ونضالهم ضد هذا النظام ، بل ولا ترى أن يكون لهم اي اسهام في المرحلة المقبلة لبناء الوطن، وقد يكون هذا احد الفبركات التي يروجها أعداء الثورة، حتى يجعلوا ظهر الشباب مكشوفا، لكن ايا كان مصدرها فهي تنتهك حق هذه الفئة من المجتمع. تواصل الاجيال يعتبر من أهم العناصر في استمرار وانتقال عناصر الحضارة والمعرفة والثقافة ، إذ فرضت سنة الحياة أن يكون ذلك التسلسل لتستمر الحياة في هذا الكون جيل وراء جيل يعطي فيه جيل الكبار لجيل الشباب ما تراكم لدية من خبرات ومعرفة في كافة المستويات الحياتية من حرفية و مهنية وثقافة ومهنية و قيم وعادات ومعتقدات دينية تسود المجتمع، لكن يبدو أن البعض الذي يردد هذه المقولات لا يدرك أهمية التواصل بين الاجيال الذي يمثل وسيلة من وسائل نقل الخبرة والمعرفة والفكر، فالمعرفة والفكر ليس هما فقط ما تعلموه في المدارس والجامعات فقط ، فهناك مصادر اخري مثل الأسرة والمجتمع والشارع العام، وهي مؤسسات وجدت لتقوم بهذا الدور لتنقل المعرفة والمدارك العامة للفرد في المجتمع حتى يكون متوائما مع المجتمع ، وللأسف ما ظل يعبر عنه بعض الشباب من تقليل لدور الكبار فيه اجحاف كبير لما قام به جيل الكبار، وينطوي على كثير من الجحود وهو خلق لا يليق بالثوار والمناضلين، هذا سلوك يحمل سمات ثقافة المؤتمر الوطني الرائجة، فقادة الجبهة الإسلامية الذين علمهم الشعب السوداني وهيأ لهم كل السبل ليصلوا ما وصلوا اليه تنكروا لهذا الشعب واذلوه واهانوا كرامته وعيروه بالفقر واساءات أخرى كالشحدة والعري. ومن قبل كتبنا عن هذه الثورة وكيف انها خلقت وعي وثقافة جديدة تشبعت بقيم الوطن ومسحت بعض قيم الفردية والاستعلاء والجحود الذي اتصفت بها ثقافة النظام ، وانها ردت الكرامة لهذا الشعب . لكن الحديث عن جيل الكباربتلك الطريقة يبدو نشاز من ثقافة الثورة ويتعدى النطاق السياسي الي منظومة القيم الاجتماعية والنظام الإجتماعي. فالقيم والأخلاق السودانية التي تربت عليها الاجيال السابقة بما فيهم هؤلاء الشباب اهم ركائزها احترام وتوقير الكبار، سواء كانوا من قادة المجتمع او من الأقارب او من بقية الأعضاء في المجتمع فهم الجد والجدة و الاب والام والعم والعمة والخالة والخال وكل من في مقامهم من أفراد المجتمع. والامثال السودانية تذخر بالعديد من الأمثال التي تقرر هذه القاعدة ( الماعندو كبير يفتش ليهو كبير / اكبرمنك بيوم اعرف منك بسنة / الشجر الكبار فيهو الصمغ) فعبارة لا نريد أن هؤلاء الكبار في الساحة فيه تنكر لما قامت به هذه الاجيال الذين اوجدوا لكم هذا الوطن، والكبر ليس في العمر فقط لكنه يعني الخبرة والحكمة، فهل ابناؤنا من الشباب لا يريدون الخبرة والحكمة.؟ عبنا على النظام السابق انه افرغ أجهزة الدولة من اهل الخبرة والدراية واستبدلهم بموالين لهم من عديمي الخبرة والهواة، وادي ذلك الي انهيار الأداء في جهاز الدولة، فهل تريدون اقتفاء درب الإنقاذ.؟ نعم انتم قلب الأمة النابض بحكم سنن الكون لديكم القوة والفتوة، و الجرأة لكن هل انتم في غنى عن عقل تشكله إضافة إلى العلم والخبرة، المهنية والحكمة والقيم والأخلاق.؟ الثورات التي قامت من قبل في أكتوبر وابريل فجرها شباب مثلكم لكن لم تكن هذه النغمة موجودة ان الكبار لا مكان لهم، ان هذه الثورة لم تتخلق في يوم واحد بل كانت نتاج لتراكم نضالات لكثر من ابناء هذا الشعب منذ أن جثم كابوس الإنقاذ المشئوم على البلاد وأكثر فيها الخراب والفساد وازهقت فيها الأرواح من كافة قطاعات الشعب ومن كل جهات السودان غربه وشرقه وشماله وجنوبه، وقام العديد منهم بمصادمة النظام بشتى الطرق وتعرض للتشريد والاعتقال والتعذيب مما يعني إن هذه الثورة ثمرة لنضال الشعب السوداني فلا تصابوا بالغرور وتمنوا على أهلكم ووطنكم لأنكم كنتم رأس الرمح في تفجيرها وواجهتم القتل والضرب والتعذيب، اضيفوا التواضع الي ثقافة الثورة ولا ترددوا مثل تلك المقولات التي لا تشبه هذه الثورة والتي يريد منها أعداء الثورة أحداث الفرقة بين مكونات الشعب، إن العدو للشعب السوداني هو المؤتمر الوطني وحاضنته الجبهة الإسلاموية، الذين استباحوا هذا الوطن وأهله، فتلك العبارة التي يرددها البعض فيها انتهاك لحقوق كبار السن وتمييز لا يجدر بالثوار فهم فصيل من الشعب له سهمه في هذه الثورة الذي لا ينكره الا جاحد.
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
د.الصادق محمد سلمان
فيس بوك
تويتر
انستقرام
يوتيوب
بنتيريست