ربما لم يعد بالامكان تجاهل النظام لورطته الاقتصادية التي تتفاقم يوما بعد يوم ، وهو كالشخص الذي يتعرض للاحتراق فيهرول متخبطا كمن تخبطه الشيطان من المس فيضع ماء على جسده دون أن يدري أن الماء سيفاقم آثار الحريق المميتة فكل وزير مالية يأت يضع خازوقا للاقتصاد القومي عبر سياسات مالية عشوائية محاولا اطفاء اللهب المتصاعد وهو في الواقع يزيده اشتعالا. لقد كان الركابي أصدق وزراء المالية عندما أعلنها صراحة بأنه لجأ حتى للنصابين فلم يحصل منهم على شرو نقير. ثم تلاه صاحب الصدمة التي حققت نتائج باهرة باغماء جثة الاقتصاد الوطني ثم دخولها في موت اكلنيكي. وهاهو الوزير الجديد ينحت دماغه ويمخمخ محاولا أن يأت بالشمس من المغرب حتى يهزم نور الحقيقة المحزنة. لقد توقعنا كل ما حدث اليوم قبل حتى أن يشعر المواطنون بأن هناك مشكلة ، وكما قلنا بأن الحكومة ستعود لعهدها الأول وربما سنشهد جرجس ومجدي وخلافهما آخرين يتدلون من حبال المشنقة فكل ذلك -إن حدث وسيحدث بالفعل إن أصر النظام على إغماض عينيه كالطفل حتى لا يراه الآخرون- فستكون المعالجة الأخيرة ليست الكي بالنار بل الضرب بالنار ، وشعب هذه الألفية ليس نفسه شعب التسعينات ، ففي زماننا ذاك كان الشعب لا زال أكثر قساوة وصلادة من اليوم ، تحملنا البقاء دون كهرباء لشهور وأما الماء فاسألوا عنه صلوات الاستسقاء التي كانت تقام دون جدوى ، وبحث الناس داخل أخاديد بيوت النمل للخروج بذرة من بقايا خبز مدفون... كان الناس قادرين على تحمل العيش وهم يسرقون من النمل ولكنهم اليوم ليسوا هم أنفسهم أبناء الماضي ، فالعالم صار مفتوحا اعلاميا واصبح المواطن يرى الشعوب الأخرى ترفل في النعيم ، يلتقيهم عبر التكنولوجيا الحديثة فيرى ويسمع ويتعلم ويفهم. لذلك فهو لن يتحمل ذات تصرفات الانقاذ الدارسة ، ولذلك فأنا أنصح الرئيس أن يتخذ قرارات حاسما بنقل السلطة الى لجنة قضائية خماسية كمجلس سيادي تمهيدا لتسليم السلطة للقوى المدنية عبر دستور دائم وديموقراطية حقيقية في مناخ صحي معافى... إن هذا سيحدث شاء الرئيس أم أبى ، لا بسبب ثورة الشعب ولا بسبب انقلاب عسكري ولكن لسبب وحيد: المجتمع الدولي (اقليميا متاخما وبعيدا ، او دوليا) قد اتخذ قراره النهائي بذلك وبات واضحا أن اللعبة قد انتهت. وأن الولايات المتحدة تهيء شخصا ما لاستلام السلطة كقرظاي او المالكي أو آبي أحمد وخلافه. أمريكا حسمت موقفها فقط تنتظر تهيئة بطانة الرحم لتخصيب بويضة الرئيس القادم. وهذه الشخصية البديلة أولا لن تتمتع بأي انتماء لأحزاب محددة ؛ وبالتأكيد لن تكون شخصية لها ماض شيوعي أو اسلامي ، لقد أخبرني صديق بأن الشيوعيين حين يقدمون للفيزا الامريكية يجيبون على سؤال انتمائهم للشيوعية بالانكار (بينكروها حطب) . أما الاسلامويون فقد احترق كرتهم تماما ولن تقبل به دول التخوم كمصر والسعودية ، ولا دول أخرى أبعد كالامارات وغيرها ، بل أن الشعب نفسه لن يقبل بها. لنكن أكثر وضوحا فالرئيس القادم لن يكون أحدا من هؤلاء: - لا أحد صاحب تاريخ اسلامي او شيوعي. - ليس الصادق ولا الميرغني ولا أحد ابنائهم. - ليس عرمان ولا عقار ولا مناوي. - ليس عبد الواحد ولا جبريل ولا الحلو... - ليس أحدا من أحزاب قطع الرحط. - ليس الدقير ولا ابراهيم الشيخ لأنهم في الواقع أثبتوا أنهم لا يملكون أي فكر جاذب رغم نضالهم المشهود لكنهم يملكون مالا أكثر مما يملكون فكرا كما يملكون علاقات مالية وتجارية مع مؤسسات النظام. فمن سيكون رئيس السودان القادم؟ هل هو أسامة داوود؟ بالتأكيد لا فتنفذه داخل اقتصاد التمكين حجر عثرة كما أنه ليس سياسيا ، بل رجل أعمال ناجح. ولن يكون أحدا من الجمهوريين ولا العروبيين ، ولكن الرئيس القادم يجب أن يتميز بما يستطيع اقناع الشعب به ؛ وبحسب الدراسات السايكولوجية للشعوب المقهورة أمثال شعوبنا فلا بد أن يكون للرجل خلفية عسكرية أو أمنية ولن يكون صلاح قوش لأن قوش استنفد الأغراض التي كانت تعطيه حظوة لدى ال CIA ، بالتأكيد لن يكون حميدتي ولا وزير الدفاع الحالي ، ولا أحد من هؤلاء ، فمن سيكون الرئيس القادم. هل سيكون من الشباب الحالي: ذو النون أو البوشي او الضي بشارة أو غيرهم؟ بالتأكيد لا فهؤلاء لا يملكون النضج الكافي ناهيك عن خلفياتهم الآيدولوجية البائسة. إن القادم لرئاسة الدولة يتم تحميمه بعد تشطيفه وتنظيفه ثم البدء بتلميعه وتجهيز صورة محسنة بالفوتوشوب لابهار الشعب ، ربما سيكون شبيها بجعفر نميري الذي كان صاحب قوام عسكري مثالي وملامح جمعت بين الصرامة والرقة.. لكن من هو هذا الرئيس...؟ سآتيكم بالخبر اليقين دون أن أحرق الشخصية ، فحرق الشخصية يعني حرقها امام الولايات المتحدة قبل حرقها امام الشعب. بعد تقلد هذا الشخص لقيادة الدولة ، سينتهي الخنق الاقتصادي فجأة وبسرعة ، هناك دول ستوجه لها أوامر مباشرة بفعل ذات ما فعلته مع أثيوبيا لتلميع شخصية آبي أحمد ابن الاستخبارات البار لربيبته أمريكا. كل من ترونهم اليوم وهم يزعقون ويصخبون ويضربون بأجنحتهم ومناقيرهم مكاء وتصدية سيجدون أنفسهم خارج الزفة. ستحدث انتعاشة اقتصادية ضخمة جدا ، وهنا ستتبدل أمذجة المواطنين ، وستتم عمليات تطويق للقوى المسلحة بحيث تحصل على بعض المزايا المالية مقابل تفكيك قواها. ولن تكون مزاياهم سياسية بأي حال من الأحوال. هناك شخصيات ستموت فجأة ، فجأة هكذا وبدون مقدمات ، وتغيب عن الذاكرة الشعبية تماما وخلال أشهر تتعاقب فيها الأحداث بحيث يتلهى الناس بكل ما هو جميل قادم ، لكن هذا لا يعني نهاية المأساة ، فالحلول الشاملة لن تكون مرغوبة ، فمصالح أمريكا لا تتحمل حلولا كهذه في قلب القارة الأفريقية.لكنها ستكون مستقرة الى حد كبير وغير مسبوق. سنشهد تحالفا ضمنيا بين اربعة دول وهي مصر وليبيا وأثيوبيا وجنوب السودان ويتم الترابط بين الأربعة بدولة مركزية هي السودان. وغالبا ما سينشأ هذا التحالف تحت ترتيبات أمريكية قوية وواضحة...وبعد التفاهم مع فرنسا حول دول أخرى كتشاد وأفريقيا الوسطى واريتريا. وهكذا سيكون الحزام قد تم حزمه ليقف سدا أمام أي نفوذ صيني أو روسي محتمل داخل قلب القارة الأفريقية والحدائق الخلفية إلى ما قبل ناميبيا وجنوب أفريقيا جنوبا. الأوضاع المائية ستكون مستقرة بحيث تحافظ مصر على حصتها منعا لأي قلاقل أو توترات. وعبر هذا التحالف ستكاد الهجرة غير الشرعية أن تتوقف تماما ، وسيكون من المناسب أن تقبل إيطاليا وبريطانيا وألمانيا إنهاء بعض القوى المسلحة التي تعمل تحت امرتهم في ليبيا. وسيكون موت حفتر محققا لمصالح الجميع. إن قائمة القيادة القادمة ستتلخص في قيادة ذات خلفية عسكرية تتمتع بالوجاهة الجاذبة للشعب وستزداد هذه الجاذبية عبر عمليات الدعم الاقتصادي والتلميع الإعلامي. أما الباقون فسيدورون كما يدور الكلي حول ذيله...ويضل عنهم ما كانوا يتوهمون.
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
أمل الكردفاني
فيس بوك
تويتر
انستقرام
يوتيوب
بنتيريست