الإنسان في الحضارة الغربية الحلقة السادس والعشرون بقلم محمد الفاتح عبدالرزاق عبدالله

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 05-14-2024, 01:06 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
03-07-2019, 01:40 AM

محمد الفاتح عبدالرزاق
<aمحمد الفاتح عبدالرزاق
تاريخ التسجيل: 09-14-2018
مجموع المشاركات: 59

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
الإنسان في الحضارة الغربية الحلقة السادس والعشرون بقلم محمد الفاتح عبدالرزاق عبدالله

    00:40 AM March, 06 2019

    سودانيز اون لاين
    محمد الفاتح عبدالرزاق-Sudan
    مكتبتى
    رابط مختصر



    بسم الله الرحمن الرحيم
    (هَلْ يَنظُرُونَ إِلاَّ أَن يَأْتِيَهُمُ اللّهُ فِي ظُلَلٍ مِّنَ الْغَمَامِ، وَالْمَلآئِكَةُ، وَقُضِيَ الأَمْرُ، وَإِلَى اللّهِ تُرْجَعُ الأمور)
    الإنسان بين الإسلام والحضارة الغربية
    الحلقة السادس والعشرون
    الإنسان في الإسلام
    الباب الثالث
    التطور
    الفصل الثاني
    البقاء للأصلح

    تقول نظرية التطور أن البقاء للأصلح.. وتقول أن الكائنات الأكثر تكيفاً مع البيئة، بصورة عامة، هي التي تبقى وتتزايد على حساب الكائنات الأقل تكيفاً.. ولكن البيئة تتغير، وليست ثابتة على صورة واحدة.. فما الذي يحدث، ويجعل الأحياء تتغير لتتواءم مع الواقع البيئي الجديد؟ إجابة العلم هي، أن الذي يتغير أو يؤدي للتغير، بالصورة التي تجعل الحي يتواءم مع البيئة الجديدة، هو المادة الوراثية!! ما الذي يحدث في المادة الوراثية، ليؤدي لهذه النتيجة؟ الإجابة هي أنه تحدث (طفرة)، وهي تحدث عندهم بصورة عشوائية!! والتحول الذي يحدث عن طريق هذه الطفرة، قد يكون تحولاً خطيراً جداً، به يتم إنقاذ الحياة من الإنقراض، كما رأينا في الفصل الأول، عندما تحدثنا عن أزمة الغذاء، وأزمة الضوء.. فلولا وجود حي، استطاع أن يتواءم مع الأوكسجين، بل يعتمد عليه في حياته، لربما انقرضت الحياة على الأرض، بسبب ما تعرضت له من تسمم، عن طريق الأوكسجين _ راجع الجزء الأول.
    ونحن هنا سنتناول قضية البقاء للأصلح، من الناحية الدينية.. والناحية الدينية قد تتفق مع النظرة العلمية، في أجزاء، ولكنها في عموم الحال، تختلف عنها بصورةٍ جذرية.
    من المؤكد أن الأصلح هو الأكثر مقدرة على التواؤم مع البيئة.. لا خلاف بين العلم والدين حول هذا الأمر بصورة مبدئية.. ولكن ما هي البيئة؟ وما معنى الصلاح؟ ها هنا يكون الاختلاف جذرياً!! فالبيئة حسب العلم، هي بيئة مادية، والتواؤم معها هو تواؤم بيولوجي.. أما في الدين، فالبيئة في جوهرها روحية، وفي مظهرها مادية.. والتواؤم إنما يكون مع الجوهر، والمظهر معاً، وفي نفس الوقت.
    قبل ظهور الإنسان المكلف، وظهور العقل، في هذا المستوى، لم يكن أمر التكيف الروحي أمراً ظاهراً، وكان الأمر كله يتم في إطار القانون الطبيعي _ الإرادة الإلهية.. ولكن بعد ظهور الإنسان المكلف، وظهور العقل، ظهرت ثنائية الجسد والعقل.. وأصبح للعقل دوره الأساسي، في عملية التكيف.. وأصبح التكيف جسدي/عقلي.. التكيف الجسدي يقوم على الاعتبارات البيولوجية، والتكيف العقلي يقوم على الاعتبارات الروحية.. وفي الحالتين، بالنسبة للإنسان، عملية التكيف شريعةً، يقوم بها العقل.. بالطبع العقل قد ينجح في التكيف، ويكون الصلاح الذي يكون به البقاء.. وقد يفشل، فيكون الانقراض.. هذا بالنسبة للجنس الإنساني، وبالنسبة للإنسان كفرد.. التكيف المادي، يقتضي إشباع الحاجات الجسدية، من ماء وغذاء وهواء ...إلخ، أما التكيف الروحي فيقتضي إشباع الحاجات الروحية، التي ميز بها العقل الإنسان، عن بقية ما دونه من الأحياء.
    نحن لا نحتاج هنا للحديث عن التكيف المادي _ البيولوجي _ فهو معروف، بل لا يكاد غيره يكون معروفاً.. ثم أنه مهما حدث من تكيف مادي، فهو لن يعدو التكيف مع ظاهر البيئة.. ولذلك هو في جميع الحالات، ناقص، ومن المؤكد أنه لا ينتج عنه إلا بقاءاً ناقصاً ومحدوداً.. فالموت أمر حتمي، ولا يمكن أن يحول دونه إشباع جميع الحاجات المادية.. وفي هذه الحالة، عبارة البقاء للأصلح، تعني البقاء المؤقت، ولفترة معينة، وهي عمر الحي.. أما البقاء حسب المفهوم الديني، فهو البقاء الدائم السرمدي.. ولا بد أن يكون مفهوم الأصلح هنا يتناسب مع هذا البقاء.
    لقد سبق أن تحدثنا عن قوله تعالى: "كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ* وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ".. وعبارة "يبقى وجه ربك" عبارة ذات معنيين.. في المعنى الأول، يبقى البقاء المطلق، "وجه ربك"، بمعنى ذاته المطلقة.. ويبقى البقاء النسبي، الوجه الذي يلي الله من الأشياء، وهذه هي الروح.. فدائماً الذي يفنى هو الجانب الغليظ، البعيد عن الله، والذي يبقى هو الوجه اللطيف القريب من الله.. وعلى ذلك البقاء للأصلح، يعني البقاء للوجه، الذي يلي الله من الأشياء، الوجه القريب من الله..
    أعتقد أنه أصبح مفهوماً أن القرب الذي نتحدث عنه، مستويات، والسير في مجاله سرمدي.. وعلى ذلك نستطيع أن نقول، أن الأصلح، هو الأكثر قرباً من الله.. وهو وحده الباقي، وبقاؤه دائماً مرتبط بدرجة قربه.. بمعنى آخر، الباقي هو الله تعالى، والإنسان باقٍ بقدر إعداد المحل فيه، أو إعداد مواعينه، لتلقي البقاء من الباقي.. هذا الإعداد يكون بخلق الصلة بالباقي _الله تعالى.. وخلق هذه الصلة، هو وظيفة الدين كله.. وعلى ذلك، يمكن أن يقال أن الدين هو وسيلة الصلاح والتواؤم مع البيئة في جوهرها ومظهرها بالصورة التي توفر للإنسان أسباب البقاء الباقي.. البقاء الذي يتجاوز عتبة الموت، ويتجاوز حواجز الزمان والمكان.. نذكر بقولنا أن الذي يفنى دائماً، هو الأقل استجابة للحياة _ البعيد عن الله.. وفناؤه يعني تحوله من البعد إلى القرب، ومن الغلظة إلى اللطافة.. هذا بالنسبة لكل الوجود، وبالنسبة لكل فرد من الأفراد في الوجود.
    لا مجال هنا للحديث المفصل عن الصلاح، الذي به يتم تواؤم الإنسان مع البيئة، وبه يتم البقاء.. بصورة عامة نقول أن هذا الصلاح هو طاعة الله.. وطاعة الله تعني طاعة مرضاته.. فقد قلنا إن البيئة هي إرادة الله.. والإرادة يدخل بها الحق والباطل والخير والشر.. والمطلوب هو طاعة الحق والخير.. طاعة مرضاة الله، وهي ما جاء بها رسله.. فبهذه الطاعة يكون تواؤمنا مع جوهر البيئة، وهذا الجوهر هو مرضاة الله.. الصلاح الذي يكون به التواؤم هو التخلق بأخلاق الله.
    يقول تعالى: "وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ مِن بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الْأَرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِيَ الصَّالِحُونَ".. الصالحون تعني: المقربون، العارفون بالله، الطائعون له، المتخلقين بأخلاقه.. والأرض تعني الكوكب الأرضي، كما تعني أرض الجسد عند العارفين.. وكل عملية التطور، منذ أن كانت، تستهدف هذه الغاية الشريفة.. فهي في جميع أطوارها عبارة عن إعداد المحل في الأرض للميراث الأعظم ـ ميراث الصالحين لها.. وقد ظل هذا الإعداد دائماً يسير على رجلي المادة والروح.. وقد اكتمل جانب رجل المادة، أو كاد، وبقى أن تتقدم رجل الروح، فتتم المزاوجة، ويتم الصلاح المنشود.
    في عملية التطور في جميع أطوارها، كان الذي يبقى هو ما يحقق هذا الصلاح، وما يفنى هو ما يحول دونه.. يقول تعالى: "فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَاء وَأَمَّا مَا يَنفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الأَرْضِ".. الزبد هنا هو ما لا ينفع الناس، فهو يفنى.. أما ما ينفع الناس، فيبقى "يمكث في الأرض".. وهذا ظل يجري في جميع المراحل، وسيظل يجري في المستقبل، كما جرى في الماضي.. فالوجود كله يعمل لغاية واحدة، هي الإنسان.. فما يحقق هذه الغاية _حسب حكم الوقت_ هو الذي يبقى، وما يعوق هذه الغاية حسب حكم الوقت هو الذي يفنى.. وقد كان الذي فني، قبل فنائه صالحاً لخدمة الغاية، فلما تجاوزه الوقت، وأصبح غير صالح، استحق الفناء بعد أن أدى رسالته، ليفسح المجال لما هو أكمل منه في تحقيق الغاية، حسب حكم الوقت الجديد، أو حسب ظروف البيئة الجديدة.
    هنالك خطأ أساسي جداً، في تصور الماديين والعلمانيين عموماً، هذا الخطأ يتعلق بالظن بأن مستقبل البشرية، يمكن التنبؤ به من رصد ماضيها، وإستقراء تطور هذا الماضي!! وقد نبه الأستاذ محمود كثيراً لخطأ الماركسيين، حين زعموا أن القوة والعنف هما الوسيلتان الوحيدتان لأحداث أي تغيير أساسي في المجتمع، فربطوا العنف بالتغيير، وجعلوه مع القوة، الوسيلة الوحيدة للتغيير.. وقد بنى ماركس موقفه هذا على تجربة التاريخ، التي كان فيها العنف دائماً ملازماً للتغيرات الأساسية.. وهذا الخطأ الذي وقع فيه ماركس، وكثيرون غيره، هو أنهم سحبوا الماضي على المستقبل.. والحقيقة التي يعطيها الدين، وتغيب تماماً عن العلمانية، هي أن حاضر المجتمع البشري، في أي لحظة من لحظات تطوره، إنما يصنعه، تفاعل، وتلاقح، بين قوى المستقبل، وقوى الماضي.. هذه القوى التي تجيء من المستقبل هي التي تعين على تطوير الحاضر، وتحفزه، وتوجه خطوات التغيير فيه.. الحاضر دائماً هو الإرادة الإلهية.. وهو يشمل الإرادة والرضا.. يشمل الحق والباطل.. والباطل دائماً منسحب نحو الماضي، والرضا هو ما يؤول إليه الواقع، فهو بالنسبة للماضي، والحاضر، يمثل المستقبل، الذي ينتظر له أن يكون حاضراً، عندما ينتصر على الباطل، ويبعده.. حركة التطور دائماً تمخض اللطيف من الكثيف.. فهي حركة دائماً في إتجاه اللطيف.. واللطيف يمثل المستقبل.. فكل لطيف يتحقق هنالك ما هو ألطف منه، ينتظر أن نحققه في المستقبل، وهذا الأمر يغيب تماماً عن العلمانية.. وهو يغيب أولاً، لأنه يقوم على اعتبارات الغيب والإيمان به، وليس للعلمانية إيمان بالغيب.. وثانياً، لأنه يقوم على الغائية الكونية، والعلمانية ترفض الغائية الكونية.. ففي الإسلام التطور ليس عشوائياً، وإنما هو تطور نحو غاية محددة، وكل شيء فيه لا يحدث إلا في وقته.. ومن يكن مع الله يعلمه مراحل التطور القادمة، وهي أساساً موجودة "فِي كِتَابٍ مِّن قَبْلِ أَن نَّبْرَأَهَا".. فهي غيب بمعنى أنها غائبة عن إدراكنا نحن، ولكن بالنسبة لله هي شهادة.. فلا يوجد أي شيء في الوجود غائب تماماً، حيث أن (الوجود كله موجود).. والله تعالى يقول: "وَمَا مِنْ غَائِبَةٍ فِي السَّمَاء وَالْأَرْضِ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُّبِينٍ".. فهو يعلم غيب السماوات والأرض، ويعلّمه لمن شاء من عباده "وَمَا هُوَ عَلَى الْغَيْبِ بِضَنِينٍ".. والعلم كل العلم، هو تحويل لما في الغيب إلى شهادة.
    حتى علمياً، مؤشرات المستقبل، موجودة بصورة من الصور، في الحاضر.. يقول د. أحمد مستجير: "إن البيئة إذا ما تغيرت وكأنها تحدد مسبقاً خصائص أفضل من الناحية المورفولوجية والفيسيولوجية والسلوكية، يلزم أن يتصف بها الكائن كي (ينتخب طبيعياً)..إن تفوق الفرد في البيئة الجديدة، إنما يعبر عنه في صورة البقاء التفاضلي، لكنه لا (يعرَّف) به" (9 ص 178)..
    بالطبع هذا ليس كافياً لرؤية البيئة الجديدة التي نحتاجها للتواءم معها.. أما في الدين، فالمستقبل كله، بتفاصيله موجود في الحاضر!! لكن العبرة بالمنهج الذي يمكّن من قراءة المستقبل.. يقول الأستاذ محمود: "من الناس من لا يرى أبعد من أنفه، ومنهم من تنجاب عن بصيرته سحب الظلمات، وحجب الأنوار، فيرى ورود الحياة وصدورها، ويرى سيرها فيما بين ذلك".. فالعارف كالذي يدخل الفيلم السينمائي للمرة الثانية، فهو في كل مرحلة يعرف الأحداث التالية..

    اعتذار:
    نعتذر للقراء الكرام إذ أن محتوى الحلقة السادس والعشرون قد نزل خطأ، والصحيح أن الحلقة السادس والعشرون هي الحلقة أعلاه، بعنوان (البقاء للأصلح)، لذا فقد لزم الاعتذار عن هذا الخطأ حتى يتمكن القراء من المتابعة الصحيحة.. وشكراً
    محمد الفاتح




























                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>

تعليقات قراء سودانيزاونلاين دوت كم على هذا الموضوع:
at FaceBook




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de