|  | 
  |  المغادرون لمركب البشير !! بقلم إسماعيل عبد الله |  | 05:51 PM January, 01 2019
 سودانيز اون لايناسماعيل عبد الله-
 مكتبتى
 رابط مختصر
 في بدايات عهد الدويلة الرسالية المزعومة , كانت هنالك فرق إنشاد (جهادية!) , قام على أمرها صبية بدت عليهم علامات الدعة والراحة والنعيم , كانوا يتلقون إنفاقاً مالياً مقدراً من بيت مال هذه الدويلة الإخوانية التي يدينون لها بالولاء , فهم يمثلون شريحة شبابها وطلابها الذين ظلوا يسوقون لمشروعها المهووس دينياً , عبر النشيد المدعوم بأنغام الموسيقى وإيقاع آلة الأورغ , و يبشرون  بأن الليل قد ولى  وجاء  صباح منظومة الجبهة الإسلامية , وبرز دورها في تشنيع وجه السودان حينما كتبت أولى سطور سفر مشروعها (الحضاري) الهلامي آنئذ , لتبدأ معه مأساة  الإنسان  في  بلادنا منذ فجر ذلك التاريخ الحزين , فقد أثار أولئك الفتية  الذين تشكك عامة الناس في صدق طويتهم   , زخماً من ضوضاء أصوات حناجرهم المراهقة في كل من التلفزيون  و الراديو , و في ساحات (أعراس الشهيد!) بتلك الأهزوجة الإنقاذية الرائجة وقتها , متوعدين سكان البلاد بأن مسيرتهم (القاصدة!) وسفينة الإنقاذ التي سارت , لا تبالي  برياح و أعاصير موقف و رأي أخوتهم الآخرين , وشركائهم الأصيلين في الوطن و المواطنة  , و رصفائهم المختلفين معهم في الرؤية  و الطريقة التي يجب أن تدار بها البلاد  , فهللوا وكبروا غير مكترثين  لحق اخوتهم هؤلاء  في أن يكونوا آخرين , وفي أن ينعموا بذات أعباء و مستحقات المواطنة , التي حصرها الإنقاذيون على أفراد كيانهم الميتافيزيقي  و(الما ورائي) هذا , وذلك بتبنيهم لمشروعهم وبرنامجهم الذي أطلقوا عليه اسم (التمكين) , و في بعض رواياتهم كانوا يسمونه (ربط قيم السماء بالأرض!) , فهي نفس الثقافة التي أنتجت العبارة التي تفوه بها (حسبو) النائب السابق للبشير , عندما قال :  (نحنا فاتحين خط ساخن مع الله!) , لكن إرهاصات هبة سبتمبر المجيدة مالبثت أن بدأت تعصف بشراع هذه السفينة الإنقاذية , التي تاهت في عرض بحر السياسة و شئون الحكم , وفشلت في الصمود أمام تيار الأمواج العاتية لتسونامي غضبة الشعب , وفورة بركان المقهورين و المحرومين بحممه المستمرة في التطاير والإحتراق , وأيقن ربان السفينة حتمية إنشطارها إلى نصفين و يقينية غرقها المؤكد , لذلك  شهدت ساحة الميديا المجتمعية هذه الأيام إعترافات و إعلانات للتوبة , وخروج جماعي  وكفر بواح  بالمشروع (الحضاري) , من قبل بعض الذين دعموا هذه (المسيرة الظافرة والقاصدة إلى الله سبحانه وتعالى!) , كما زعموا ويزعمون على مدى ثلاثين عاما , وهؤلاء المفارقون للجماعة هم من شاكلة الجميعابي و الكودة ومالك حسين و غازي صلاح الدين وآخرين كثر , فعندما تحدث الجميعابي عن رفقاء الأمس خصوم اليوم كان فاجراً في خصومته , فوصفهم  باقذر التعابير وأحط  الأوصاف ودمغهم بأسوأ الصفات , كأنه لم يكن بمعيتهم في مشوار إبحارهم الطويل الذي ساموا فيه الناس سوء العذاب , يوماً من الأيام , لقد سمعته يتحدى النيابات ودور القضاء و المواطنين الشرفاء والصالحين , ويدعوا من يملك دليلاً واحداً على إفساده للمال العام  لأن يتقدم  به  إلى الجهات القضائية , وتعهد بأنه على أتم الجاهزية لكي تتخذ بحقه الإجراءات القانونية , والمحاكمه في حال ثبوت إدانته , فيا لسخرية الأقدار!! , لقد تجاهل هذا الإنقاذي العتيق  أن مجرد المشاركة في منظومة الدويلة الدينينة الفاشلة هذه , كفيل بأن يضعه في قفص إتهام محكمة الشعب , بعد التغيير و إنجاز مشروع العدالة الحاسمة في منظومة الحكومة الإنتقالية المقبلة .
 بعد فترة وجيزة من الزمن سوف يصبح وصف النظام الاخواني المحتضر اليوم , بالنظام البائد و الهالك , فلن تشفع لمثل هؤلاء القافزين من مركب الإنقاذ الغارق صيحاتهم  وعواءهم , ولا يجديهم  زعيقهم وعويلهم الذي جاء متأخراً وبعد أن تمزقت أشرعة سفينتهم , فلن  يستدر لهم هذا الصياح عطف الشارع  الذي قال كلمته , وفي هذه المرة لن تسلم جرة سدنة نظام البطش و الطغيان الكهنوتي , كما سلم معاونو الدكتاتور السابق جعفر نميري من يد القانون , تحت تأثير تخدير سجية  هذا  الشعب الكريم  والمسامح , ففي مقبل الأيام سوف يتم  تجاوز قاعدة (عفا الله عما سلف) , وستغادر  كلمة (باركوها) مسرح الصراع السوداني السوداني , و يحل محلها مبدأ (من أين لك هذا) و (أفلا جلس في بيت أبيه وأمه حتى تأتيه هديته) , وإنّ قرار السلطة الإنتقالية القادمة  والخاص بملاحقة المختلسين لرأس المال السيادي للدولة , ممن خرّبوا الإقتصاد الوطني للبلاد  وشكلت لهم سلطة الحزب الواحد الحماية السياسية , ومنحتهم الحصانات  الدبلوماسية والدستورية , يعتبر مثل هذا القرار ضرورة قصوى  وأولوية  ثورية  , و واجب  وطني لا حياد عنه , ولا يجب أن يزول استشعاره عن وعي وضمير الذين سوف يؤتمنون من قبل شعبهم , على تسيير وتصريف أعمال المرحلة الإنتقالية , وما ضياع الستين عاماً من عمر بلادنا وتخلفها عن ركب الدول المتماسكة , إلا بسبب التهاون والتراخي و التكاسل و التواكل , في عدم ترسيخ وتمكين مبدأ سيادة حكم القانون , والإخفاق الكبير في استكمال عملية بناء مؤسسات حقيقية  للدولة السودانية غير خاضعة لأمزجة الحكام  أو رغبات الدستوريين والموظفين , فإعادة هيكلة هذه المؤسسات وتنظيفها من رواسب الترهل الإداري وإهدار الوقت في الإجراءات البيروقراطية , سيجعلها قادرة على الصمود في وجه ضعاف النفوس من الإنتهازيين و سماسرة السياسة غير الراشدين.
 إنّ علو كعب الإنتهازيين و الوصوليين و المتملقين يعتبر من اكبر العوامل  المدمرة لكينونة الوطن , هؤلاء الذين يطلق عليهم شعبياً اسم (كاسروا التلجة) , هذه الظاهرة التي تجسدت بصورة أوضح وأكبر في عصر نظام البشير أكثر منه في عصور الأنظمة السياسية السابقة ,  والتي استشرت و تمددت كسلوك بشري شائع , وبطريقة مذرية و خطيرة في أوساط العاملين في دوائر الجهاز التنفيذي العام للدولة , والذين من بينهم  خطباء ونجباء  إذا سمعتهم أعجبك قولهم في فصل الخطاب , من فرط سحر بيانهم وإبداعهم في التمسح  بآيات الله  , لكنهم يفتقرون إلى أبسط قيم  وأخلاق الإنسان السوداني المعهود , فهم شريحة كبيرة من قطاع الخدمة المدنية نمت و ترعرعت واشتد عودها وقوي , تحت ظلال شجرة المؤتمر الوطني هذا الحزب الشمولي والثيوقراطي الباطش , وما الأمثلة التي اوردتها في متن هذه المقالة لهؤلاء المتملقين إلا عدد يسير من صنف (كاسري التلجة) , فهم أشبه بذلك الذي سرق الحليب وأنكر فعلته وما يزال ذلك الدليل القاطع من بقايا الحليب ملتصق على شفتيه , فاليحذر القادمون لانتشال جسد الوطن المريض من (كاسري التلجة) , وينتبهوا لألاعيب السماسرة  والمرابين والمزايدين في أملاك وثروات الشعب , الذين رهنوا وطن فاحش الثراء بمورده  الطبيعي  لمؤسسات المال و الأعمال العالمية وجعلوه غارق في الديون.
 
 إسماعيل عبد الله
 [email protected]
 
 | 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 |  
  |     |  |  |  |