02:17 AM December, 12 2018 سودانيز اون لاين بقلم- علي تولي-USA مكتبتى رابط مختصرالآلياتُ القمعيَّةُ للدكتاتوريَّاتِ وَصناعَةُ الصَّمْتِ بقلم - علي أحمد تولي 12-12- [email protected]
حينَ تبُثُّ الدولُ القمعيّةُ من قبحٍ فهيَ تستخدمُ نظرياتٍ وأفكارَ ضدَّ المعرفة والعلوم، وضد مُحفزَّات التفكير والتساؤلِ والتعليل والتحليل من أجل أن تخضع الرأي العام تحت طائلة بروباقاندا مؤثرة بشكل مباشر وفاعل؛ فهذه النظريات في منبعها الأساسي علمية نشأت من بحوث اجتماعية ونفسية وغيرها أي أنها تخدم الإنسان ونشاطه الاجتماعي والاقتصادي والثقافي…الخ؛ إلا أن مثل هذه الأنظمة مررت أجندتها على أن تستخلص نقيضها من أمثال نظرية دوامة الصمت لإلزابيث نويل كواحدة من مجمل النظريات التي تسلِّم على أن وسائل الإعلام لها تأثير قوي على الرأي العام ويقوم اهتمامها على رصد تأثير الإعلام على المجتمع. وتحضرني بعض الآراء لدى جورج لوكاتش في حديثه عن الواقعية، حين عرض لمسألة الإبداع والطاقة الكامنة والمتحركة، أي؛ إن الفكرة الأساسية لنظرية دوامة الصمت هي فكرة وعي الذات الفردي في المجتمع ومدى تفاعله مع بيئة الرأي العام، والمكون للوعي الجمعي، تقوم على تثبيط الهمم امام القضايا المحورية وتحويل الطاقة المتحركة في المجتمع إلى طاقة كامنة، بمدى قوة وتأثير البث الإعلامي، هذا في الجانبين السيكولوجي والسوسيولوجي، إزاء الجوانب الأخرى وحمل الرأي العام إلى عملية تقبُّل القرارات وتمرير أجندة تخدم بقاء الأنظمة. ولم يكن هناك سانحة تُترَك ولو على شكل نسبي لأصحاب الرأي المعارض للأفكار والممارسات السياسية الخاطئة أو التي يكون مستقبلها الضرر بالمواطنين وباقتصاد الدول، ويتمُّ القمع المباشر وغير المباشر لمن يرفعون أصواتهم أو يعملون أقلامهم ضد هذه الأنظمة، ببث الرعب عن طريق الاعتقالات لغرض الاعتبار وتخويف الآخرين، وكسر الأقلام وإزالة النشطاء عن الساحة، ومحاربة الأحزاب المناهضة، ببث بعض المفاهيم قصيرة الأمد، لامتصاص حالات قد تنشأ مناهضة، وبث عوامل التخويف بالضرب والتعذيب والسجن لرموز الأحزاب والمعارضة، فيلتزم كثير من الناشطين السياسيين الصمت، أمام طغيان القهر، فينشأ التسليم بأدنى ما تقرُّه الأنظمة المتسلطة وكثيراً ما تستخدم الموضوعات العاطفية وتتحيَّن الفرص والمواقف، لتصبَّ في استغلال الجانب العاطفي للشعب، كعامل أساسي في النظرية لتبديد مظاهر النزوع إلى إحياء مُحفِّزات التحليلاتِ وإبداء الآراء المناهضة لغباء السلطة وتُرُّهَاتِها. وتستخدم السلطة الإعلام في وجه من يحملون أفكاراً تدحض ما يبثونه من أقوال وقرارات، فيلوذ كثير من المعارضين بالصمت خشية الاعتقال والعزل عن المجتمع، بل وفقدان المهنة.. وإذا أتى الحديث عن استخدام النظريات السيكولوجية والاجتماعية بجانب استغلال الجانب الاقتصادي والنشاط البشري مجملاً عند أي نظام دكتاتوري، فإننا نجد أن النظام القمعي السوداني قد غلا فيه غلواً كبيراً وذهب بالنظرية في أن تُروَّضَ ويُؤتَى بها في وثائق سرية أمنية، يستحثها خبراء الأمن في تمديد وإطالة عمر النظام، تم منذ البداية تكثيف الشعارات المغلفة بالعاطفة الدينية، وهي أكبر مخيِّب ومغيِّب لعقلية أغلبية أفراد الشعب، فكان نظام بدأ بالتنكيل لمعارضيه بالقتل والسحل والتعذيب وعزل الكثيرين عن المهنة في أعلى الوظائف وأدناها بالدولة، ووصل الحال من الضعف والخوف بأن يساق الشباب حتى من أهليهم وزجهم في حرب فارغة المحتوى، حيث صنع لها النظام مبرر القداسة الدينية والثواب الأعظم بالدخول إلى الجنة، ومعانقة الحور العين، بجانب شعاراتٍ خواء لم ير الشعب إلا نقيضها كشعار نأكل مما نزرع ونلبس مما نصنع، حيث باءت كل موارد الدولة القديمة بالخسران المبين، بتبديدها ومحوها عن الوجود، كما تم استغلال بعض القضايا، إلى استدرار العاطفة من خلال القيم الاجتماعية عندما أعلنت المحكمة الجنائية محاكمة الحاكم بارتكابه جرائم الإبادة الجماعية في إقليم دارفور وجبال النوبة والنيل الأزرق. ليقوم النظام بتأليب الراي العام وسحبه إلى الوقوف والانحياز لما يبثه الإعلام عن معنى رأس الدولة ممن باب العاطفة في الانتماء للدين وللوطن ، وسرى فعل الإعلام فيها كالسحر، وظلت أجهزة الإعلام في توافق تام على ما تبثه من تأثير قوي على الفرد والمجتمع، فيتم التصديق به والوقوف مع الحاكم والنظام بشكل مجمل، ويتم هذا تحت رقابة تامة وكبيرة من قبل جهاز الأمن الذي لم يزل يحكم قبضته القوية على الإعلام، وكان على أيام خوض النظام حروباً في أرض الجنوب قبل فصله أشد التأثير على استعداء الشباب المسلم، حيث كان لساحات الفداء ذلك البرنامج التلفزيوني أبلغ تأثير جذب من خلاله بعض الجماعات المتفلتة والتعصبة دينياً لما وجد من توافق بينه وبين ما يتبناه النظام من توجهات، فكان هناك وجود لشخصيات أصبح لها صدًى واسعاً في بث الرعب والإرهاب في العالم جرت وراءها الويلات للشعوب الاسلامية والعربية كما حدث في أفغانستان.. والذي كرست له تدريباً وتخطيطاً لتوسع من قواعدها من خلال وجودها بالسودان الذي تعمَّد إيواءها.. نعم إنه الإعلام حين تستغله الدكتاتوريات ويصبح لسان حالها، ونجد ذلك عند تشومسكي أن وسائل الإعلام لا تعبر بالضرورة عن رأي الأغلبية من الشعب بل تقوم بتمجيد رأي الأغلبية المزيفة ويتم الترويج لها في كتابه(السيطرة على الإعلام، الانجازات الهائلة للبروباقندا) ويلخص فيه قضايا كثيرة، يجب أن تفطن لها كل الشعوب، كاستخدام الشعوب في تجريد الديمقراطية من قوة تمثيلها للإرادة الشعبية وتزييفها لتصب في خدمة الطغمة الحاكمة.
(عدل بواسطة علي تولي on 12-13-2018, 04:29 AM) (عدل بواسطة علي تولي on 12-13-2018, 04:33 AM) (عدل بواسطة علي تولي on 12-13-2018, 04:34 AM)
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة