الإنسان في الحضارة الغربية الحلقة السادسة بقلم محمد الفاتح عبدالرزاق عبدالله

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 04-23-2024, 11:22 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
12-11-2018, 07:10 PM

محمد الفاتح عبدالرزاق
<aمحمد الفاتح عبدالرزاق
تاريخ التسجيل: 09-14-2018
مجموع المشاركات: 59

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
الإنسان في الحضارة الغربية الحلقة السادسة بقلم محمد الفاتح عبدالرزاق عبدالله

    06:10 PM December, 11 2018

    سودانيز اون لاين
    محمد الفاتح عبدالرزاق-Sudan
    مكتبتى
    رابط مختصر

    بسم الله الرحمن الرحيم
    (هَلْ يَنظُرُونَ إِلاَّ أَن يَأْتِيَهُمُ اللّهُ فِي ظُلَلٍ مِّنَ الْغَمَامِ، وَالْمَلآئِكَةُ، وَقُضِيَ الأَمْرُ، وَإِلَى اللّهِ تُرْجَعُ الأمور)


    الباب الثاني
    الحياة
    الفصل الرابع
    نماذج من العقبات التي واجهت الحياة

    لم يكن الأمر بالسلاسة والسهولة التي تبدو من السرد الذي عرضناه.. فقد اكتنف نشوء الحياة، وتطورها، العديد من العقبات، والصعاب، التي يبدو معها أن الحياة لم تكن لتنشأ وتتطور، لو لم يتم تجاوزها، بصورة إعجازية.. ونحن هنا، كمثال، سنتحدث عن عقبتين أساسيتين تتعلقان بأهم مقومات الحياة: الضوء والأوكسجين.
    لقد كانت الأشعة فوق البنفسجية القادمة من الشمس ضرورية كمصدر للطاقة لتشكيل العناصر العضوية الأولى للحياة، ولكن عندما تشكلت هذه العناصر، وجب حجب الأشعة فوق البنفسجية عنها، وإلا أدت إلى تفكيكها ثانية!! يشرح هويمارفون القضية، فيقول: "كانت الأشعة فوق البنفسجية القادمة من الشمس تصل بدون عائق تقريباً إلى سطح الأرض وبالتالي إلى سطح المحيطات الأولى، أدت هذه الحالة فوراً إلى نتيجة مزدوجة.. كانت جزيئات الميثان وغاز الفحم والأمونياك، بالإضافة إلى بعض الروابط الأخرى، التي تحتوي عناصر الفحم والآزوت والأوكسجين الموجودة في الغلاف الجوي قد تواجدت أيضاً وبصورة مركزة إلى حد ما في جميع المياه الراكدة، أي في المحيطات والبحار.. وكانت قد وصلت إلى هناك بواسطة عملية الخلط المتواصلة التي تسببها الرياح والأمواج بين طبقات الماء العليا، والهواء الجاثم فوقها.. كما أنه من الممكن أن يكون القسم الأعظم منها قد خُلِّص من الغلاف الجوي بواسطة الأمطار الهائلة التي استمرت الآف السنين خلال الحقبة الأسبق من تاريخ الارض." (2 ص 58).
    وبسبب أن الأشعة فوق البنفسجية قد نفذت إلى عمق عدة أمتار في الماء الغني بهذه الجزيئات، تم تحريض الجزيئات المعنية في طبقة بهذا العمق لتنجح عملية (قطع بناء) أكبر.. ولكن نفس الأشعة التي سببت نشوء هذه القطع قامت بتفكيكها بعد نشوئها إلى مكوناتها الأولى!! بذلك نتجت دورة متواصلة ومتكررة من الترابط والتفكك، في جميع الطبقات العليا لجميع المياه المتجمعة.. وقد وصل العلم الحديث لوجود سببين للخروج من هذا الطريق الذي يبدو أنه كان مغلقاً.. السبب الأول هو: هذه الدورة وصلت نقطة بالقرب من سطح الماء، في طبقة قد يصل عمقها إلى عشرة أمتار، ولم يتجاوز بأي حال الخمسة عشر متراً.. ولم تستطع الأشعة فوق البنفسجية أن تعمل في أعماق أبعد من ذلك، لأن طبقات الماء فوقها تعمل كمصفاة واقية.. والفرضية، أن قسم من الجزيئات الأكبر المتشكلة بتأثير الأشعة فوق البنفسجية يتحرك نتيجة لتأثير تحركات الماء الهائج إلى أعماق لا تصل إليها الأشعة القاتلة مبتعداً عن خطر التفكك!! وعلى ذلك بدأت هذه الجزيئات الكبيرة، الهامة جداً لعملية التطور اللاحق، تتجمع آمنة في الأعماق.
    وفي نفس الوقت، يرى العلماء، أن الأشعة فوق البنفسجية قامت بعملية ثانية هامة، وهي أنها قامت بتفكيك جزيئات الماء نفسها، هذا بالنسبة لسطح محيطات وبحار الأرض الأولى.. فالضوء يفكك الماء، فتنتشر الرابطة فيه إلى هيدروجين حر وأوكسجين حر.. وبما أن الهيدروجين هو أخف العناصر، فيفترض أنه يعلو بدون أي إعاقة، نحو الأعلى عبر الغلاف الجوي، ويتبدد في الفضاء.. أما الأوكسجين فقد بقي في الغلاف الجوي.. والأوكسجين، هو مصفاة شديدة الفعالية ضد نفاذ الأشعة فوق البنفسجية، ولذلك لم تستمر عملية التفكك بالضوء بصورة متواصلة، بحدوث نوع من الدورة المتكررة، وإنما حدث ما يسمى "قانون الكبح العكسي"، وهذا يعني: أن العملية كبحت نفسها عندما بلغ الأوكسجين في الغلاف الجوي حداً معيناً، وهو الحد الكافي لحجب الأشعة فوق البنفسجية، وبالتالي وقف إنتاج الأوكسجين عن طريق تفكك الماء بالضوء.
    هذه العملية جعلت نسبة الأوكسجين الموجودة في الغلاف الجوي تحدد بدقة كبيرة، على مقدار معين!! فعند نقطة محددة تماماً، يتوقف إنتاج الأوكسجين.. عندما ينخفض تركيز الأوكسجين تحت هذا المقدار ـ وهذا يحدث بواسطة عملية تأكسد على سطح الأرض تسحب الأوكسجين من الجو.. عندما يحدث هذا، تتراجع فعالية التصفية للأشعة فوق البنفسجية مما يؤدي إلى تواصل عملية التفكك الضوئي، حتى يعود التركيز الأصلي إلى المستوى الذي كان عليه.. وقد سُمي هذا التأثير المتعاكس "مؤثر يوري" تكريماً للكيميائي الأمريكي هارولد يوري، الذي اكتشف هذه الخطوة الهامة في تطور الغلاف الجوي.
    الخطر الثاني الذي هدد الحياة في بدايتها هو الأوكسجين لقد كان تركز الأوكسجين في الغلاف الجوي، في البداية ضعيف جداً، يساوي 1% بالمائة.. أي واحد من ألف مما هو عليه الآن.. والسبب في قلة الأوكسجين هو أن تفكك الماء بالضوء ليس مصدراً غزيراً للأوكسجين.. والأوكسجين يعمل كمصفاة فعالة للأشعة فوق البنفسجية.. والضوء فوق البنفسجي يتكون من عدة أطوال موجية.. فطول الموجة الضوئية يقاس علمياً بوحدة قياس تسمى "الأنقستروم".. والمجال المرئي من الأشعة الكهربائية، يشكل مجالاً ضيقاً جداً نسبياً.. فنحن لا نرى سوى الذبذبات الكهربائية التي لا يقل طولها عن 4000 أنقستروم ـ وهذا هو طول الموجة التي نراه بنفسجياًـ أما بقية الموجات التي نراها، فتتراوح بين هذا الطول، وطول الموجات التي تبلغ 7000، ونراها حمراء داكنة.. أما الموجات فوق البنفسجية فتتمدد في شريط حتى الطول الذي يبلغ 100 أنقستروم فقط.. وتأتي بعد ذلك أشعة ذات موجات أقصر، هي أشعة رونتجن.. فالضوء فوق البنفسجي ليس شكلاً واحداً من أشكال الطاقة.. والضوء فوق البنفسجي بما له من ذبذبات مختلفة، له أيضاً تأثيرات مختلفة على الجزيئات المختلفة.. تفكيك الماء بالضوء يتم بموجة مختلفة تماماً عن تلك التي تفكك جزيئات البروتين، أو أي رابطة كيميائية أخرى.. فالنتائج الكيميائية المتعلقة بتأثيرات الأشعة فوق البنفسجية، تتعلق بطول الموجة المسيطرة _أي التي كميتها أكبر_ في الحزمات الإشعاعية المعينة.
    لقد توصل العالمان الأمريكيان (بيرنكر ومارشال) أن نسبة الأوكسجين المنتج، إلزامياً وآلياً، بمفعول "مؤثر يوري" بلغت في الجو 0.1 بالمائة مما هي عليه اليوم.. وهذه النسبة هي التي شكلت مع الشروط الحيوية الأخرى السائدة آنذاك مصفاة الأشعة فوق البنفسجية لتؤمن أقوى وأفضل حماية ضد الموجات الموجودة في المجال بين 2600 و 2800 أنقستروم.. وهذا هو المجال بالضبط الذي تكونت فيه: البروتينات والحموض النووية (التي تخزن في نواة الخلية مخطط بناء الكائن الحي _الشفيرة الوراثية_) على أكبر قدر من التحسس للأشعة!!
    نتيجة للظروف المذكورة، وظروف أخرى متشابكة نشأ على ظهر الأرض أهم مركبي الحياة، وحرضت الظروف المذكورة تكاثرهما.. وكان هذا قبل حوالي 4 مليار سنة.. يقول هيومارفون ديتفورت: "إن التطور بكل ما فيه من احتمالات وإمكانات، قد سلك بالتحديد وبالضبط الطريق الذي أدى إلى نشوء هذين المركبين _البروتين والأحماض الأمينية_ وليس إلى نشوء غيرهما من الإمكانات والاحتمالات اللامحدودة من التركيبات الذرية الأخرى" (2 ص 66).
    كما بينا، فإن الغلاف الجوي، في البدء، كان يكاد يكون خالياً من الأوكسجين، وكان هذا سبباً أساسياً لقدرة المتكونات العضوية الأولى على الحياة، بل هو السبب الذي جعل نشوءها ممكناً، والسبب في هذا هو أن الأوكسجين هو أكثر المصافي الجوية فعالية لحجب الأشعة فوق البنفسجية القادمة من الشمس.. وعلى ذلك، فإن غياب الأوكسجين كان شرطاً ضرورياً لنشأة الحياة على الأرض!!
    من أين كانت الخلايا، الموجودة تحت الغلاف الجوي البدئي الخالي من الأوكسجين، تستمد الطاقة اللازمة لحياتها؟ مما سهل مهمة العلماء، في الإجابة على هذا السؤال، إن بعض الأحياء، التي لا تعتمد على الأوكسجين لا زالت موجودة.. وهذه الأحياء تسمى "أنيروبية"، وهي كلمة تعني: حياة بدون أوكسجين.. تحصل الإنزيمات على الطاقة التي تحتاجها، ليس عن طريق التنفس وإنما عن طريق "التخمير".. ويعتبر جزييء سكر العنب "الفلكوز" الجزييء النموذجي الذي يحتوي على طاقة ربط كبيرة نسبياً، وتتفكك بسهولة، ولذلك هو واحد من أهم المواد الغذائية انتشاراً.. تقوم جميع الخلايا الحية بتفكيك الفلكوز عبر 24 خطوة متتالية.. وتتم الخطوات العشر الأولى، حتى لدى خلايا المتعضيات التي تتنفس الأوكسجين، أنيروبياً _أي بدون استخدام الأوكسجين_، أما بقية الخطوات فلا تتم إلا عن طريق الأوكسجين.
    عندما نشأت الجسيمات الخضر "التي تتغذى على الضوء" كانت إنقاذاً للحياة على الأرض، من أزمة غذاء طاحنة.. ولكن عملية التركيب الضوئي، كما أنها تنتج طاقة، هي أيضاً _كأي عملية تمثيل ضوئي أخرى_ تؤدي إلى وجود "نفايات"، لما تقوم به من هدم!! فعندما تقوم "الجسيمات الخضر" بتفكيك الماء إلى مكوناته الأساسية _الهيدروجين والأوكسجين_ فهي تستخدم الهيدروجين في عملية التمثيل الضوئي، وتلقي الأوكسجين كنفاية فائضة!! فالجسيمات الخضر لا تستخدمه في أي شيء.
    لقد تكاثرت هذه الجسيمات الخضر بكميات هائلة، وأنتجت كميات كبيرة من الأوكسجين، الذي بدأ يتجمع في الغلاف الجوي، وأصبحت كميته في ازدياد مطرد.. ونتيجة لهذه الزيادة في الأوكسجين، أصبح هنالك تهديداً خطيراً وشاملاً لجميع أشكال الحياة التي نشأت على الأرض.. حيث لم تكن في ذلك الوقت توجد متعضية واحدة قد هيأت نفسها لظهور هذا الأوكسجين، الذي لم يكن موجوداً إلا بكميات ضئيلة، في البدء، كما رأينا.. وراح الأوكسجين بسبب نشاطه الكيميائي الكبير، يهاجم جميع المواد العضوية، وجميع المتعضيات التي لم تكن قادرة على حماية نفسها ضد قوة الأكسدة التي يسببها هذا الغاز الجديد، الذي أصبح يشكل جزءاً من الغلاف الجوي للأرض.. وهكذا، هدد الأوكسجين عند بداية ظهوره جميع أنواع الكائنات الحية على الأرض.
    يقول هويمارفون، عن انتشار الأوكسجين، وزيادته في الغلاف الجوي: "كانت النتيجة تهديداً خطيراً شاملاً لجميع أشكال الحياة التي كانت قد نشأت على الأرض حتى الآن.. لم تكن توجد متعضية واحدة كانت قد هيأت نفسها لظهور هذا الأوكسجين الذي لم يكن حتى ذاك الوقت موجوداً إلا بكميات جد ضئيلة.. كانت المشكلة تزداد خطورة لأن الأوكسجين راح خلال فترة جد قصيرة بسبب نشاطه الكيميائي الكبير يهاجم جميع المواد العضوية بلا استثناء. كان هذا ينطبق أيضاً بداهة على جميع المتعضيات التي لم تكن قادرة، بواسطة انزيمات تحييد مثلاً، على حماية نفسها ضد قوة الأكسدة لهذا الغاز الجديد الذي أصبح يشكل جزءاً من الغلاف الجوي الأرضي. عندما ظهر الأوكسجين لأول مرة على الأرض كان، بكلمات أخرى، غازاً خطيراً هدد حياة جميع أنواع الكائنات الحية الأرضية"..(2 ص157)..
    ويقول: "مهما كانت معلوماتنا عن هذه الحقبة المغرقة في القدم ناقصة فإن جميع العلماء يتفقون اليوم على أن جميع أشكال الحياة، التي كانت قد تشكلت آنذاك، يجب أن تكون قد راحت ضحية هذه الكارثة الشاملة التي عمت العالم الأرضي بكامله.. لقد ماتت متسممة بالأوكسجين"..(2 ص 159)..
    لقد تجاوزت الحياة أزمة الغذاء الأولى، بظهور خلايا جديدة، هي (آكلات الضوء)!! أي الخلايا المحتوية على (البورفيرين)، التي تمكنت من العيش حتى في المحيط المفتقر إلى المواد الغذائية العضوية، بأن كونت هي نفسها بمساعدة ضوء الشمس الروابط العضوية اللازمة.. فتعايشت الخلايا التي كانت تعتمد في غذائها على المواد العضوية.. أو في الحقيقة المتبقي من هذه الخلايا، تعايشت مع الخلايا التي كانت تتغذى بالتركيب الضوئي.. ولكن آكلة الضوء، كانت تنتج الأوكسجين، كمخلّفات، كما ذكرنا.. ولقد زاد عدد الخلايا التي تقوم بالتركيب الضوئي، بالصورة التي أدت إلى زيادة الأوكسجين في الغلاف الجوي، وهددت الحياة على الأرض.
    كان الخروج من هذا المأزق بظهور نوع من الحياة، يستفيد من الأوكسجين، يقول هويمارفون: "كانت بكتيريا واحدة تكفي. كانت قدرتها على استغلال الأوكسجين لسد حاجتها من الطاقة في عملية تمثلها العضوي يجب أن يحقق لها تفوقاً هائلاً على جميع منافساتها وأن توفر لخلفها، الذي يرث ويُوَرث هذه الموهبة، فرص بقاء أكبر بكثير بدرجة لا تقبل المقارنة. غير أن هذا لم يكن يعني سوى أن هذا الطراز الجديد المتقدم من الخلايا، كأول "متنفس للأوكسجين" في تاريخ الأرض، قد تمكن خلال عدد قليل من مئات آلاف السنين من السيطرة على مسرح الأحداث بكامله" (2 ص160).. لقد مكن هذا الاكتشاف من الاستفادة من الشمس كمصدر للطاقة، الأمر الذي جعله تحولاً هائلاً جداً. لقد أصبحت جميع الحيوانات الموجودة اليوم، من وحيدة الخلية إلى الإنسان "تتنفس". لقد ظهر ما يعرف ب "الجسيمات الكوندرية"، وهي عبارة عن عضيات داخل الخلية يحصل فيها عملية التنفس، وهذا ما ظل يجري إلى اليوم.
    ويلخص هويمارفون الصورة كما يلي: "لقد بدأ الحوار بين الحياة والمحيط الأرضي الذي نشأت فيه بأن كان المحيط، كما نتذكر، هو الذي أنتج الحياة. أي أن المحيط الذي يبدو في نظر معظم الناس سلبياً كان في الواقع الشريك الإيجابي الفعال الذي وضع أصلاً عملية الحوار على طريق التحرك. كان أيضاً للغلاف الجوي الخالي من الأوكسجين، بواسطة الأشعة فوق البنفسجية وأنواع أخرى من الطاقة، تأثير على المحيطات الأولى، التي كانت مياهها في البداية معقمة، أدى شيئاً فشيئاً إلى تشكل الجزيئات المعقدة ثم الأعقد وأخيراً إلى تشكل المركبات البيولوجية المتضاعفة. لكن تركيز هذه المركبات في المحيطات بدأ يتراجع بلا توقف فور ما تشكلت منها الخلايا الحية الأولى لأنها أصبحت الآن تشكل غذاء لهذه الخلايا ولذلك كانت الكميات المستهلكة منها أكبر من الكميات المتشكلة من جديد.
    كانت نتيجة هذا التأثير الذي مارسته الحياة على المحيط فور ظهورها هي الأزمة الغذائية الأولى التي ذكرناها. تم تجاوز هذه الأزمة بأن أدت تأثيرات المحيط المفتقر إلى الغذاء بدورها إلى ظهور طراز جديد من الخلايا وإلى تكاثرها السريع. كان هذا الطراز هو "آكلات الضوء"، أي الخلايا المحتوية على بورفيرين التي تمكنت من العيش حتى في المحيط المفتقر إلى المواد الغذائية العضوية بأن ركبت هي نفسها بمساعدة ضوء الشمس الروابط العضوية اللازمة.. في هذا الوسط الغني بهذا النوع من الخلايا توفرت بعدئذ أيضاً فرص البقاء لبعض الأنواع الأخرى من الخلايا التي كانت تعتمد في غذائها حتى ذاك الوقت على المواد العضوية. كان عليها فقط أن تتحول في غذائها إلى الخلايا الحية الأخرى.
    هكذا بدا، وكأن التوازن قد تحقق في النهاية على أحسن ما يرام. لكن المظهر كان خادعاً. إذ أن الخلايا التي كانت تقوم بعملية التركيب الضوئي والتي أنقذت الموقف في الأزمة الأولى هيأت مرة أخرى بسبب نشاطها الجديد التغيير الخطير الثاني للمحيط: لقد غيرت الغلاف الجوي الذي كان يبدو حتى هذه اللحظة من التطور مستقراً لدرجة مُطَمئِنة. لأول مرة منذ نشوء الأرض بدأ الأوكسجين يتجمع شيئاً فشيئاً في غلافها الجوي."..(2 ص 160).

    11/12/18م























                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>

تعليقات قراء سودانيزاونلاين دوت كم على هذا الموضوع:
at FaceBook




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de