الفاعل الحقيقي وراء اغتيال خاشقجي بقلم فتحي الضَّو

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 04-26-2024, 12:48 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
12-02-2018, 01:36 PM

فتحي الضَّـو
<aفتحي الضَّـو
تاريخ التسجيل: 10-26-2013
مجموع المشاركات: 156

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
الفاعل الحقيقي وراء اغتيال خاشقجي بقلم فتحي الضَّو

    12:36 PM December, 02 2018

    سودانيز اون لاين
    فتحي الضَّـو-شيكاغو-الولايات المتحدة
    مكتبتى
    رابط مختصر




    على مدى أكثر من شهرين، تواصل اهتمام الرأي العام الدولي بجريمة اغتيال الكاتب الصحافي السعودي جمال خاشقجي. وقد ظلَّ هذا الاهتمام يتضاعف يوماً إثر يوم، نظراً لأن القضية في خلفية مشهدها المأساوي، تشابكت فيها عدة خيوط جعلت غموضها يزداد وضوحاً، فقد اختلطت فيها المعايير الأخلاقية، مع المصالح الدولية، مع الظروف الإقليمية، إضافة إلى تقاطعات أخرى يطول شرحها، ولكنها قطعاً لن تخفى على أي مراقب. ويمكن القول ابتداءً إن هناك شبه إجماع انبثق من مؤشرات قياس الرأي العام، وأشار إلى أن الجريمة بالطريقة التي نُفذت بها، انطوت على استخفاف بالغ بالقيم والمثل والأخلاق الإنسانية، كما أنها استهانت بالقوانين الوضعية، علاوة على تلك السذاجة التي صاحبت تنفيذها، ولربما ضحكت لها الأجنة في الأرحام!
    (2)
    من المؤكد أن جريمة بهذا الحجم لا يمكن أن تكون قد تمت دون علم من لا يُعصى له أمراً. وهو افتراض دفع بالمراقبين لوضعها تلقائياً على كاهل ولي العهد محمد بن سلمان، بحكم المسؤولية التراتبية والواقعية في هيكل المملكة.. سواء صدرت عنه التعليمات مباشرة أو ذرَّها أحد على أسماع مساعديه. ولقد بات جلياً أن الأمور لو مضت في هذا الاتجاه، ستكون عواقبها وخيمة على الأمير النزق لسلطة مطلقة. وفي محاولة لقطع الطريق أمام هذه الفرضية، عمدت السلطة السعودية لتسخير ماكينتها الإعلامية الضخمة، واستخدمت امكانياتها السياسية المؤثرة، ووظفت علاقاتها الدولية الواسعة، وفعَّلت شبكاتها (اللوبيات) المتعددة الجنسيات كافة، وذلك بغية الخروج من هذه الورطة الكبيرة. ولكن عوضاً عن ذلك ظلت القضية - منذ حدوثها - تأخذ مناحٍ أكثر تعقيداً، وذلك إثر محاولات جماعة الإسلام السياسي تجاوز مأزق الأمير الشاب، ووضع المملكة السعودية برمتها في امتحان عسير باستغلال رمزيتها الدينية، كرد فعل لاستغلالها هي نفسها لذات الرمزية في حربها الخفية والعلنية معهم، وهي الحرب التي ظلَّ يدور رحاها منذ اعتلاء ولي العهد سنام السلطة!
    (3)
    بيد أن الذين سلكوا هذا الطريق لن يستطيعوا أن يمضوا قُدماً في توجيه أصابع الاتهام للفاعل الحقيقي موضع تساؤلنا أعلاه. ذلك لأن الطرفين ينهلان من نفس المشرب. ويخوضان حرب خداع الذات بعورتين مكشوفتين. الأمر كان محرضنا ودافعنا في قراءة حيثيات الجريمة بصورة مغايرة، أي الصورة التي تتجاوز أُطر المسكوت عنه. ومن هنا جاء مدخلنا لهذه القراءة بعدة تساؤلات لربما وجدنا فيها ترياقاً لما نرمي إليه: فما الذي جعل خمسة عشر رجلاً محترفاً، تمّ اختيارهم بعناية، يقدمون على تنفيذ جريمة تقشعر لها الأبدان، وهم في كامل الهدوء والسكينة والطمأنينة؟ من أين لهم هذا اليقين في أن المهمة التي هم بصددها مهمة نبيلة وليست شيطانية لزهق روح إنسان؟ وهل تمرسوا على مهمات مماثلة، ولذلك بدأوا كأنما هم ذاهبون لنزهة أو قضاء عطلة ترفيهية؟ كيف آن لهم أن يضحكوا ملء أشداقهم – مثلما ظهر بعضهم في الكاميرات – بعد أن فرغوا من تلك المهمة المُرعبة، وكأنهم كانوا في وليمة حافلة بما لذ وطاب؟ وبالقدر نفسه مضى بنا سيل التساؤلات إلى ما هو أبعد. فما الذي دفع ولي العهد محمد بن سلمان، لأن يتقمص روح الحجاج بن يوسف الثقفي، ويقول لمساعديه – وفق ما تسرب – (أئتوني برأس خاشقجي) تماماً على نسق (هات السيف والنطع يا غلام)؟ ما وراء تلك القناعة الصمدية التي ارتكز عليها محمد بن سلمان؟ إزاء هذا السيل الجارف من الأسئلة اللولبية، توصلنا لقناعة إلى أن ثمة دوافع أخرى تقف وراء القتل. بما يعني أن هناك فاعلاً آخر لهذه الجريمة النكراء ولم يجر ذكره على ألسنة وأقلام المحللين!
    (4)
    (كلما اتسعت الرؤية ضاقت العبارة) قول مأثور نطق به محمد بن عبد الجبار النفري، أو الصوفي الغامض كما يُطلق عليه. أما قوله المشار إليه فلن تجد له تطبيقاً واقعياً أصدق من الصورة التي غرقت في لُججها المملكة العربية السعودية اليوم. ولعلني (وجدتها.. وجدتها) أي وجدت إجابة عملية لهواجسي، مثل تلك التي أرهقت (أرخميدس) وجعلته يركض عارياً في الطرقات. ففي إطار الضخ الإعلامي الكثيف التي تحاول المملكة أن تدرأ به الاتهام عن ولي العهد. شاهدت مادة (فيديو) يتحدث فيه (الشيخ) صالح الفوزان، وهو أحد أعضاء (هيئة كبار العلماء) أي علماء السلطان من الوهابيين الذين يحيطون بالسلطة إحاطة السوار بالمعصم، وهم الذين دأبوا على تزيين الحرام لها وتحريم الحلال. بل من المفارقات أن هؤلاء افتضح محمد بن سلمان أمرهم بعد تصعيده وتنصيبه ولياً للعهد. إذ استوجب التصعيد الإقدام على خطوات تجديدية كما سُميت، فانبرى لها أولئك (الشيوخ) بالنسخ. أي لعق فتاويهم التي كانوا يحرِّمونها على مدى ما يناهز القرن من الزمان، لتصبح بين عشية وضحاها حلالاً بلالاً. فما الذي قاله (الشيخ) صالح الفوزان في جريمة اغتيال جمال خاشقجي دون أن يطرف له جفن؟
    (5)
    بسمل وحوقل واتكأ على حديث منسوب للرسول الكريم (حدثني عثمان بن أبي شيبة، حدثنا يونس بن أبي يعفور، عن أبيه، عن عرفجة قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: من أتاكم وأمركم جميع على رجل واحد يريد أن يشق عصاكم أو يفرق جماعتكم فاقتتلوه). ثم أردف الرجل قائلاً: (نعم أقتلوه، هذا إذا دلَّ الحديث على أنه لو تم الأمر وانعقدت البيعة لواحد من المسلمين وتآلفت الجماعة، ثم قام شخص يريد شق عصا الطاعة ويفرق الجماعة، فإنه يجب قتله، يجب قتله لإراحة المسلمين، لأنه لا يقتل إلا لأمر كبير، فدل على أن الخروج على ولي الأمر أنها كبيرة تستحق القتل، عقوبة له وتعزيراً له وردعاً لأمثاله، وهذا من دفع الشر الأعظم بالشر الأقل. بما في ذلك القضاء على دابر الفتنة. يُقتل وإن كان مسلماً. لأنه يريد شق عصا الطاعة، وتفريق الجماعة، ويريد الإخلال بالأمن، ويترتب عليه مفاسد كثيرة، أدلها على ألا نطيع دعاة الظلام).
    (6)
    ثم سكت الفوزان برهة كأنه يستجمع أنفاسه وواصل حديثه، بنفس البرود الذي اتسم به المجرمون الذين نفذوا فعلتهم الكارثية وقال: (الآن هناك دعاة ظلام يهيجون على ولاة الأمور، يتلمسون لهم العثرات. وينسون مالهم من الحسنات، يغمرونها ويدفنونها، يتلمسون زلاتهم وينفخون فيها، ويمشون بها وسط الناس، من أجل تهييج الفتنة وشق عصا الطاعة، فيجب أن نحذر من دعاة الظلام.. دعاة السوء. والذين يحرشون بين المسلمين وبين ولاة الأمور ورعيتهم، يجب أن نحذر من هذا الصنف من الناس وأن نكون ضدهم، لأن الدولة دولة الجميع والمصلحة للجميع) انتهى الاقتباس، لكن المحنة لم تنته، فعلى النهج نفسه سار بقية علماء السلطان، صالح المغامسي، محمد العريفي، عبد الرحمن السديس ومن لف لفهم. أتخذوا المنابر منصات لإطلاق الفتاوى التي أصبحت تنهال على رؤوس الملأ كما الصواريخ القاتلة. أما أنا فلعمري لأول مرة أعلم أن هناك صحابي أسمه عرفجة وآخر أسمه ابن يعفور! ويبدوا أنهما فضحا قراءاتنا المتواضعة في السيرة النبوية!
    (7)
    نعود لجادتنا، هل يمكن أن يشك أحد ممن شاهد هذا الفيديو في أن القتلة المجرمين - الذين بينهم طبيب شرعي – مضوا لإنجاز تلك المهمة (المقدسة) بهذه الفتوى؟ ألا يوحي الأمر لناظره أن القتلة حملوا تلك الفتوى في جيوبهم بحسبها الضوء الأخضر، أو الوازع الذي يذكرهم بأنهم ينفذون شرع الله، وأنهم مكلفون بلا جُناح ولا تثريب؟ وهل يظن أحد أن محمد بن سلمان نفسه لم يستند على ذات الفتوى الكارثية وهو يطلب بكل هدوء رأس المغدور؟ لا سيَّما، وهو يعلم سلفاً أن علماء السلطان الذين يحيطون به من (الشيوخ) هم رهن إشارته وقيد الطلب، يسارعون الخطى له وبين أيديهم كتب التراث الصفراء البالية؟ وفي ظل الشكوك التي ضربت أطنابها كل مفصل في هذه القضية، هل يستبعد عاقل أن القتلة بعد أن فرغوا من مهمتهم المقدسة، هرعوا للصلاة جماعة تقرباً وزلفى لرب العالمين، ولربما قرأ إمامهم الآية (... أَنَّهُ مَن قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا) وأناس بمثل هذه الغيبوبة، من المؤكد ألا أحد منهم وقف عند المعنى الرباني لقتل النفس أو المعنى المضاد له وهو إحيائها!
    (8)
    في تقديري أن الذي اغتال جمال خاشقجي ليس محمد بن سلمان، وليس الخمسة عشر كوكباً، ولكنها تلك المؤسسة الوهابية العميقة والقميئة، المؤسسة التي قطعت رؤوس آلاف البشر، وعذبت أضعافهم بشتى صنوف العذاب، المؤسسة التي أكسبت الإسلام ذلك الوصف الإرهابي وقبَّحت وجهه الوضيء. أما إذا اندهش الناس في كل مكان من ممارساتها، فينبغي ألا ندهش نحن في السودان، فقد خبرنا عارها وعرفنا شنارها في مقتل شهيد الفكر الإنساني الأستاذ محمود محمد طه. وهو الذي قام بتعريتها في مواقف كثيرة، إلى أـن تمكن منه إخوتهم الذين استقوا بالسلطان الجائر. لهذا لم يكن غريباً أن تنبري العصبة ذوو البأس للإشادة بأفعال المؤسسة الوهابية تلك. فقد جاء ذلك في بيان صدر عن وزارة الخارجية السودانية يعلن الوقوف إلى جانب المملكة العربية السعودية (ضد قوى البغي والعدوان) وكانت بذلك الدولة الوحيدة في العالم التي تقف مع القاتل من قبل أن يعرف الناس ليل القضية من ضحاها، ذلك لأن الطيور على أشكالها تقع كما يقولون!
    (9)
    صفوة القول، لن تعترف المؤسسة الوهابية بهذه الجريمة النكراء، ولن ينزوي محمد بن سلمان من مسرح السلطة، بل سوف يعمل على إيجاد كباش فداء، بشرط ألا تُقطع رؤوسهم، وهو أمر مقدور عليه طالما أن علماء السلطان أقرب إليه من حبل الوريد، والذين لن يألوا جهداً في صناعة فتاوى مضادة يلوون بها عنق الحقيقة. وسوف تمضي القافلة غير عابئة بدماء المسلمين التي انهمرت أمطاراً، ولا بأحزانهم التي ترسخت أجيالاً، ولا بفجائعهم التي تقادمت سنيناً عددا. ستمضي القافلة بتخلفنا وكل خيباتنا التي نرزح في كهفها البالي منذ ألف عام، بل يزيد!
    آخر الكلام: لابد من المحاسبة والديمقراطية ولو طال السفر!!
    [email protected]























                  

12-02-2018, 08:54 PM

Yasir Elsharif
<aYasir Elsharif
تاريخ التسجيل: 12-09-2002
مجموع المشاركات: 48739

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الفاعل الحقيقي وراء اغتيال خاشقجي بقلم فت (Re: فتحي الضَّـو)



    فوق


                  

12-03-2018, 06:32 AM

Yasir Elsharif
<aYasir Elsharif
تاريخ التسجيل: 12-09-2002
مجموع المشاركات: 48739

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الفاعل الحقيقي وراء اغتيال خاشقجي بقلم فت (Re: Yasir Elsharif)

    هذه هي فتوى الشيخ صالح الفوزان التي أشار إليها الأستاذ فتحي الضَّو

    في بداية الشريحة تظهر الفتوى كتابة ثم في الموضع 3:47 تظهر صورة الشيخ وصوته.

                  

12-03-2018, 02:21 PM

Yasir Elsharif
<aYasir Elsharif
تاريخ التسجيل: 12-09-2002
مجموع المشاركات: 48739

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الفاعل الحقيقي وراء اغتيال خاشقجي بقلم فت (Re: Yasir Elsharif)

    كتب الأستاذ فتحي الضَّو في مقاله المنشور بعاليه:
    Quote: في تقديري أن الذي اغتال جمال خاشقجي ليس محمد بن سلمان، وليس الخمسة عشر كوكباً، ولكنها تلك المؤسسة الوهابية العميقة والقميئة، المؤسسة التي قطعت رؤوس آلاف البشر، وعذبت أضعافهم بشتى صنوف العذاب، المؤسسة التي أكسبت الإسلام ذلك الوصف الإرهابي وقبَّحت وجهه الوضيء.

    أعتقد أن الفاعل الحقيقي وراء اغتيال خاشقجي هو الذي أمر بالقتل وهو الذي يستفيد من إزاحة معارضيه، وهو في هذه الحالة ولي العهد محمد بن سلمان، على الأرجح، بقرائن كثيرة لا مجال الآن لإيرادها. أما علماء السلطان فهم الذين يعطون التبرير والتسويغ للجريمة، وهم في الحقيقة أسوأ من الفاعل الحقيقي وذلك لأنهم يزينون للحاكم الظالم أفعاله.
    كتب الأستاذ فتحي الضَّو:
    Quote: أما إذا اندهش الناس في كل مكان من ممارساتها، فينبغي ألا ندهش نحن في السودان، فقد خبرنا عارها وعرفنا شنارها في مقتل شهيد الفكر الإنساني الأستاذ محمود محمد طه. وهو الذي قام بتعريتها في مواقف كثيرة، إلى أن تمكن منه إخوتهم الذين استقووا بالسلطان الجائر.

    أيضا في حالة الأستاذ محمود، كان القاتل الحقيقي هو الرئيس جعفر نميري الذي أراد استخدام ورقة "قوانين سبتمبر" "لإرهاب الشعب وسوقه إلى الاستكانة عن طريق إذلاله". أما المستفيدون من قتل الأستاذ محمود فقد كان على رأسهم نظام الحكم السعودي وقتها وحلفاؤه في الحكم وهم المؤسسة الوهابية، وقد استغلوا ضوءا أخضرا جاءهم من ناحية أمريكا باعتبار أن الفكرة الجمهورية تدعو للاشتراكية، خاصة إذا استحضرنا استخدام السعودية للفكر الوهابي السلفي في تجييش المجاهدين ضد الاحتلال السوفيتي لأفغانستان في تلك الأيام من النصف الأول من عقد الثمانينات. وهناك مستفيدون آخرون من تصفية الأستاذ محمود والتخلص من دعوته، وهؤلاء هم جماعة الأخوان المسلمين وحلفاؤهم من الوهابية أيضا وبقية خصوم الأستاذ محمود، وهم كثر، حتى وسط بعض المحسوبين على التصوف كالشيخ عبد الجبار المبارك والشيخ النيَّل أبو قرون أحد كتبة قوانين سبتمبر. وقد استغل النميري غرابة فكر الأستاذ محمود، وكونه مرفوض ومُجرَّم لدى علماء السعودية والأزهر، لاستصدار التأييد منهم لتنفيذ القتل. فهو كان يعلم أنهم سبق أن أصدروا في ذلك فتاوى مشهورة؛ وما شجعه على المضي قدما في تنفيذ جريمته علمه أن ليس للأستاذ قوة جماهيرية يُعمل لها أي حساب، وأن أتباعه القليلين هم مسالمون ولا ينتهجون العنف سبيلا لهم، فعمد إلى تنفيذ تلك الخطة الجـبانة الآثمة، ظانا أنها تثبت أركان حكمه بنشر الخوف والذعر وسط الزعماء السياسيين والقادة الشعبيين.
    وبهذه المناسبة نلاحظ أن النميري لم يقف عند حكم المحكمة الصورية التي قضت بقتل الأستاذ محمود محمد طه وإنما أقام محكمته الخاصة، وصرح في موضع الدقيقة 53 من الوثائقي أدناه، والذي هو من إنتاج قناة الجزيرة عن النميري، بأنه عكف على "دراسة أوراق تلك القضية ومستنداتها على مدى 27 ساعة متصلة، مستعينا بالله وكتب الفقه والقانون ومستشيرا ومستخيرا، فلم أجد لمحمود محمد طه وحزبه مخرجا ولا شبهة تدرأ هذا الحكم الحدي، الذي لا يجوز لحاكم أن يعفو فيه أو يتنازل عنه ولا لشخص أن يشفع فيه". وقد اعترفت السيدة بدرية سليمان، أحد ثلاثة أشخاص قاموا بصياغة قوانين سبتمبر، أن النميري كان على اتصال مستمر مع علماء من السعودية ومن الأزهر يسألهم عن تأييد حكم قتل المرتد بحق الأستاذ محمود وأنا هنا أنقل كلامها من موضع الدقيقة 52:32 في نفس الوثائقي:
    "فيما يتعلق بمحمود محمد طه الجمهوري، عندما صدر الحكم في الردة بالإعدام، وكان الليل داك كلو بيعمل تلفونات على مكة وعلى الأزهر بيسأل عن إنو ــ طبعا تأييد الأحكام يعني كيف تؤيد الحكم ضد مرتد. كانت في وساطات كتيرة. يعني في الأيام ديك هو كان عندو مشكلة في رجلو وكان بنجتمع عندو في البيت. تدخل أخوهو وقتها ؛ تدخلت أستاذة نفيسة أحمد الأمين؛ بعض القوى الاجتماعية الكبيرة تدخلت يعني في إنو ما يكون حكم الردة هو الإعدام لمحمود محمد طه" وواصلت بدرية: "عشان كدا كان هو تلفوناتو مع مكة ومع الأزهر، في أنو الشخص العالم المتفقه عندما يرتد ما هي عقوبته يعني. وكم ليلة يستتاب. فكل هذه الأشياء كانت على مرأى ومسمع مننا يعني. كل الأشياء دي كنا نحن حضور."


    هذا وثائقي من الجزيرة عن الأستاذ محمود يلاحظ فيه مدى التشويه الذي ينشره المتحدثون من خصوم الأستاذ محمود، خاصة الدكتور شوقي بشير عبد المجيد والدكتور الحبر يوسف نور الدائم، ولكن لا ضير فأصحاب العقول النيرة سوف يتمكنون من تمييز الغث من السمين.


    وقد اخترت هذه المحاضرة للأخ الباحث الأستاذ عبد الله الفكي البشير الذي جاء إسمه في ختام وثائقي الجزيرة عن الأستاذ محمود بعاليه:

    Quote: محمود محمد طه ملامح من السيرة الفكرية

    Alfikra
    Am 11.02.2018 veröffentlicht
    محمود محمد طه ملامح من السيرة الفكرية
    اعداد: استاذ عبدالله الفكي البشير
    السبت 20 يناير 2018
    مدينة كالجاري - كندا
    تصوير الفيديو محمد عبدالله البشير..
    تصوير فوتوغرافي فاطمه المهدي وايمان الحكيم
    مونتاج و اخراج محمد عبدالله البشير
                  

12-04-2018, 12:30 PM

Yasir Elsharif
<aYasir Elsharif
تاريخ التسجيل: 12-09-2002
مجموع المشاركات: 48739

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الفاعل الحقيقي وراء اغتيال خاشقجي بقلم فت (Re: Yasir Elsharif)

    قلت في مداخلتي بعاليه:
    Quote: أيضا في حالة الأستاذ محمود، كان القاتل الحقيقي هو الرئيس جعفر نميري الذي أراد استخدام ورقة "قوانين سبتمبر" "لإرهاب الشعب وسوقه إلى الاستكانة عن طريق إذلاله". أما المستفيدون من قتل الأستاذ محمود فقد كان على رأسهم نظام الحكم السعودي وقتها وحلفاؤه في الحكم وهم المؤسسة الوهابية، وقد استغلوا ضوءا أخضرا جاءهم من ناحية أمريكا باعتبار أن الفكرة الجمهورية تدعو للاشتراكية، خاصة إذا استحضرنا استخدام السعودية للفكر الوهابي السلفي في تجييش المجاهدين ضد الاحتلال السوفيتي لأفغانستان في تلك الأيام من النصف الأول من عقد الثمانينات.


    في موضع الدقيقة 51 من وثائقي قناة الجزيرة عن الرئيس جعفر النميري، الموضوع بعاليه نشاهد صورة من صحيفة نقرأ فيها ما يلي:
    ((وثائق من المؤسسات الإسلامية والعلماء
    ضد محمود محمد طه
    الخرطوم : سونا
    تحصلت سونا على مجموعة من الوثائق التي سبق أن قدمت من العديد من المؤسسات الإسلامية والعلماء داخل السودان وخارجه والتي ظلت تنادي وتدعو لبتر محمود محمد طه باعتباره خارجا عن العقيدة والشريعة الإسلامية وكافرا ومرتدا وداعية للضلال بطريقة خبيثة وشيطانية أملاها عليه أعداء الإسلام.
    وتحصلت سونا كذلك على الدعاوى المرفوعة ضد محمود .....))

    بالبحث في المصادر تبين لي أن هذه القصاصة المصورة في الوثائقي من صحيفة قد نشرت تحت اسم وكالة السودان للأنباء بتاريخ 20 يناير 1985 يوافق 29 ربيع الثاني 1405 هـ.
    (("مجموعة من الوثائق التي قدمت من المؤسسات الإسلامية والعلماء داخل البلاد وخارجها ضد المرتد محمود محمد طه ودعوته الباطلة"، النشرة اليومية (سونا)، وكالة السودان للأنباء، الخرطوم، في 29 ربيع الثاني 1405 هـ))
    من ضمن هذه الوثائق خطاب سري وخاص من الشيخ عبد العزيز بن باز نشر هذا الخطاب في صفحة 1158 و 1159 من كتاب "صاحب الفهم الجديد للإسلام ... محمود محمد طه والمثقفون
    قراءة في المواقف وتزوير التاريخ
    لمؤلفه عبد الله الفكي البشير
    باب الملاحق
    ملحق رقم (42)
    وهذا هو نص الخطاب:
    تاريخ الخطاب يوافق ، حسب محوِّل التاريخ الهجري إلى ميلادي في الإنترنيت: 1981/3/9

    بسم الله الرحمن الرحيم
    المملكة العربية السعودية ــ ـــ الرقم: 148/أس
    مكتب الرئيس ــ ــ التاريخ: 1401/5/4 هـ
    سري، وخاص

    من عبد العزيز عبد الله بن باز إلى حضرة الأخ الكريم فخامة جعفر بن محمد النميري رئيس جمهورية السودان الديمقراطية وفقه الله لما فيه رضاه آمين

    سلام عليكم ورحمة الله وبركاته بعده. حفظكم الله.

    أود أن أعرض على فخامتكم أنه قد تواترت أخبار عما يقوم به المدعو محمود محمد طه سوداني الجنسية من الفساد العظيم والإلحاد والتشريعات عن الإسلام ما لم يأذن به الله ولا رسوله وأن له أتباعاً على باطله.

    ولا شك أنه يترتب على تركه والإعراض عنه فساد كبير إضافة إلى السمعة السيئة لفخامتكم داخل المجتمع السوداني المسلم خاصة والشعوب الإسلامية عامة.

    وإن الواجب على فخامتكم إحالة أمره إلى لجنة القضاة لديكم المعروفين بالعلم والفضل وأحكام الشرع الإسلامي للنظر في أمره والحكم فيه بما يقتضيه الشرع المطهر من قتل أو سجن أو غيرهما ثم تنفيذ الحكم تبرئة للذمة ونصحا للأمة وحماية للمسلمين من خطره العظيم وصيانة للشرع الإسلامي من عبثه وأمثاله وأتباعه.

    أعانكم الله على كل خير ومنحكم البطانة الصالحة وأعزكم بالإسلام وجعلنا جميعاً من أنصار دينه وحماة شريعته إنه ولي ذلك والقادر عليه.

    والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته،،

    الرئيس العام
    لإدارة البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد
    ورئيس المجلس التأسيسي لرابطة العالم الإسلامي
                  

12-04-2018, 04:49 PM

Yasir Elsharif
<aYasir Elsharif
تاريخ التسجيل: 12-09-2002
مجموع المشاركات: 48739

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الفاعل الحقيقي وراء اغتيال خاشقجي بقلم فت (Re: Yasir Elsharif)
                  

12-06-2018, 07:54 AM

محمد حاتم الطاهرالنعي


للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الفاعل الحقيقي وراء اغتيال خاشقجي بقلم فت (Re: فتحي الضَّـو)

    كل ما بنيت عليه كلامك هو محض نقل مفبرك من اليوتيوب والأولي بك أن تتثبت قبل أن تصيب قوماً بجهالة؛ فهذه الصناعة منك تدل على أنك إما حاطب ليل، أو خبيث ذو غرض، فاتق الله فيما تكتب.
    واعلم أن هذه ليست فتوي مستقلة في خصوص هذه المسألة كما حولت أن توهم قرائك، وإنما كلام قيل في درس قديم بالمسجد لعموم المصلين، أي قيل في معرض شرح حديث للنبي صلي الله عليه وسلم وفيه تقرير مسألة في العقيدة تتعلق بالخروج علي الحاكم، فلماذا الكذب والبهتان والاستماته في اجتزاء الكلام من سياقه وجعله فتوي في هذه الواقعة بعينها؟
    وما أدراك أن من قاموا بهذه الفعلة قد استفتوه فعلا؟
    وكيف ساغ لك الربط بين كلام قديم قيل في معرض التقرير لتجعل منه مادة فطيرة وخبيثة للمشاركة في هذه القضية.
    أما حديثك عن محمود محمد طه فيدل علي أنك جاهل بدين الإسلام، فالرجل صدرت فتاوي وأحكام قضائية في حقه قبل مقدم حكومة النميري؛ من المحكمة العليا بالسودان، و الأزهر، ورابطة العالم الإسلامي بمكة. فموضوع الردة أصلا محل إجماع والنصوص فيه مؤتلفة غير مختلفة، وجري عليه عمل السلف؛ كما في قتل الحلاج الصوفي ردة بإجماع قضاة عصره، وغير ذلك من السوابق القضائية.
                  

12-06-2018, 08:37 AM

Yasir Elsharif
<aYasir Elsharif
تاريخ التسجيل: 12-09-2002
مجموع المشاركات: 48739

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الفاعل الحقيقي وراء اغتيال خاشقجي بقلم فت (Re: محمد حاتم الطاهرالنعي)

    التكفير بوصفه فعلاً عشوائيا .. بقلم: د. النور حمد
    التفاصيل
    نشر بتاريخ: 02 كانون1/ديسمبر 2018
    الزيارات: 785

    يمكن القول، دون أدنى تردد، إن التكفير يمثل، في زمننا الراهن، هذا، ظاهرةً عربيةً إسلاميةً، محضة. بعبارة أخرى، هو ظاهرةٌ لا وجود لها، البتة، إلا في هذا الفضاء العربي الإسلامي، الذي يُعدُّ أكثر الفضاءات تخلفًا، في عالم اليوم. ولا نقول هذا تجنيَّا، أو افتئاتًا، إذ أن تخلف أكثرية أجزاء العالم العربي والإسلامي، أمرٌ تثبته، كل عامٍ، المؤشرات الدولية، المتعلقة بالديمقراطية، ورعاية حقوق الإنسان، والتنمية الاقتصادية، والإنتاج المعرفي، والتنمية البشرية، والتعليم، والشفافية، وغيرها من الجوانب التي يقاس فيها مدى تقدم الأمم.
    إذن، لا غرابة أبدًا، ألا توجد ظاهرة التكفير، في زماننا الراهن هذا، إلا في هذا الفضاء، المتخلف، وبخاصةٍ في أكثر أقطاره تخلُّفًا، ووزنًا حضاريا. ولكن، ربما بسبب ضغط قيم الحداثة، وبسبب الخشية من المنظمات الحقوقية المعنية بكشف الخروق لمبادئ الإعلان العالمي لحقوق الانسان، وبسبب ضغط الرأي العام العالمي، أصبحت أكثرية الحكومات العربية والإسلامية، لا تصل بأحكام الردة حدَّ تنفيذ عقوبة القتل. هذا، مع وجود استثناءاتٍ قليلة، كان أبرزها، على الاطلاق، حادثة اغتيال المفكر الإسلامي، الإصلاحي، الأستاذ محمود محمد طه، بتهمة الردة، في السودان، في 18 يناير، من عام 1985.
    لكن الشاهد في الأمر، أن عددًا معتبرًا، من الحكومات العربية الإسلامية، لا تقف موقفًا مبدئيًا ضد حكم الردة. فهي تبقيه ضمن منظومة قوانينها، وتسمح، من ثَمَّ، لرجال الدين بإصدار أحكام الردة، وفقه. لكنها، في غالب أحوالها، تتجنب تنفيذ القتل، كما سبق أن أشرنا، اعتبارًا لموازنات، تتعلق بالسياسة الدولية، وليس بالدين، بأي حال. فهذه الحكومات أصلا لا تقيم وزنًا للدين، وإنما، فقط، تستخدمه للتضليل، والسيطرة على عقول البسطاء، ليتسنى لها أكل الدنيا عن طريقه.
    هذا الصنف من الحكومات العربية والإسلامية، حكوماتٌ خبيثة، وماكرة. فهي تعلم أنها بتركها رجال الدين، يصدرون فرمانات التكفير، إنما تفتح الباب، على مصراعيه، للمتهوسين من عامة الناس، ليقوموا بتنفيذ أحكام الردة، نيابة عنها. وهي بهذا تنفذ ما تريد تنفيذه حقيقة من وراء ستار. وتعفي، من ثم، نفسها، من المسؤولية والحرج، أمام الرأي العام العالمي. فحين يصدر رجال الدين حكمًا بالردة على مصلحٍ، أو كاتبٍ، أو فنان، فإنهم يكونون، ضمنًا، قد أهدروا دمه، بناءً على هذا النوع من الفقه السلطوي، القروسطي، الجائر. وجعلوا، من ثمَّ، من قتله، واجبًا دينيًا، يُثاب فاعله. بذلك، ينفتح الباب أمام أي جاهلٍ مهووسٍ، لكي يقوم بقتل كاتبٍ، أو مفكرٍ، أو فنانٍ، لأن هناك من قال بردته. وقد حدث هذا بالفعل في حادثة اغتيال الدكتور فرج فودة في مصر. ولسوف نعرض لما يتضمنه هذا النهج من تشجيعٍ للجهلاء، لكي يأخذوا القانون في أيديهم، وذلك، حين نتحدث، لاحقًا، عن شهادة الشيخ محمد الغزالي في محاكمة مغتالي فرج فودة، ومحاولته إبعاد العقوبة عن هؤلاء الجناة.
    ست دول عربية بها قانون للردة
    لربما يُدهش كثيرون إن علموا، أن القوانين في ثمانية بلدانٍ عربيةٍ، واسلامية، تتضمن مادةً للردة، عقوبتها الإعدام. هذه البلدان هي: المملكة العربية السعودية، والإمارات العربية المتحدة، وقطر، واليمن، والسودان، وموريتانيا، وأفغانستان، وسلطنة بروناي. وكما يظهر من هذه القائمة، أن ستًا من هذه الدول الثمانية، دولٌ عربية. بل، ولربما ستزداد الدهشة، إذا علمنا، أن جامعة الدول العربية، قد ضمنت مادة الردة، في مشروع القانون الجنائي العربي الموحد. وهو قانونٌ اعتمده مجلس وزراء العدل العرب، كقانونٍ نموذجيٍّ، في نوفمبر 1996. هذه الخاصية التي تتفرد بها الدول العربية الإسلامية، في عصرنا هذا، عن بقية دول العالم، إنما تقدم أبلغ الأدلة، على التخلف المعرفي، والدستوري، الشنيع، لهذا الفضاء الذي نعيش فيه.
    ربما لا تفوت على فطنة من يقرأون التاريخ بتدبر، ملاحظة زواج الاستبداد والدين، في التاريخ السياسي للإسلام. هذا الزواج بين المفاهيم الدينية المتخلفة، والاستبداد، هو ما جعل نطاقنا العربي الإسلامي هذا، أكثر النطاقات في عالم اليوم، تخلفًا؛ معرفيًا، وتقنيًا، واقتصاديًا، وتنمويًا. فالحكومات التي أبقت على حكم الردة، ضمن منظومة قوانينها، ليست حكوماتٍ دينية. بل هي أبعد ما تكون عن روح الدين، وطهارته، ونقائه، وما يريد تحقيقه من الخير للناس، كما سبق أن أشرنا. لكنها، رغم ذلك، حرصت على أن تنتقي من جملة أحكام الشريعة الإسلامية، حكم الردة، وتجعله جزءًا من منظومة قوانينها. وهي إنما اختارت حكم الردة، على وجه الخصوص، لكي تحرس به أنظمتها الاستبدادية، من مخاطر البعث الحقيقي، لجوهر الدين وقيمه. وهي القيم النقيضة بالكامل لما عليه حال هذه السلطات الاستبدادية. بوجود قانون للردة، يجري إخراس صوت الحق، ويبقي الجمهور، العريض، غارقًا في الجهل بروح الدين، وبجوهر قيمه. وهكذا، تصبح قضايا الحرية، والديمقراطية، والعدالة الاجتماعية، خارج دائرة المناقشة. لينفتح المجال لاستبدال نقاش القضايا الجوهرية، بقضايا أخرى، انصرافية.
    لقد عَرفت السلطات، في العالمين العربي، والإسلامي، من مختلف مراحل التاريخ الإسلامي، الطويل، أن حكم الردة كان الأداة المفضلة للحكام المستبدين، لتنفير الجمهور من المصلحين، والمفكرين، ولإطفاء نور العقل، ووأد التفكير الناقد. ولقد كان الوصم بالردة، بالفعل، أقوى الأسلحة التي استُخدمت لعزل المفكرين، والمصلحين، عن عامة الجمهور. إذ بعزلهم، بتهمة الكفر، يضعف سندهم، ويسهل التنكيل بهم، في نهاية المطاف، إن اقتضى الأمر. فحكم الردة ظل، في التاريخ الإسلامي، أكثر الأدوات فعالية في إسناد الأنظمة الاستبدادية، والمد في أعمارها.

    التكفير بوصفه فعلاً عشوائيا
    يظن كثيرون أن التكفير، والإخراج من الملة، أمرٌ يطال أولئك الذين يأتون بآراء تشذ عما تواضعت عليه الأكثرية. أيضًا، يظن كثيرون، أن هناك فهمًا للدين تتشاركه غالبية الناس، ويشذ عن تلك المفاهيم التي تتشاركها الأغلبية، بعض الشواذ، الذين ينبغي ردعهم. غير أن كل ذلك، غير صحيح. فالتكفير والإخراج من الملة في تاريخ الثقافة العربية الإسلامية، ظاهرةٌ، انتقائية وعشوائية، يمكن أن تلحق، في غرابتها، باللامعقول.
    لربما لا يعرف أكثرية المسلمين، على سبيل المثال، أن الإمام أبا حنيفة النعمان، قد تم تكفيره من قبل خصومه في الرأي، وأنه أستتيب، في حياته، بضع مرات. بل إن سفيان الثوري، حين بلغه خبر وفاة أبي حنيفة قال: "الحمد لله الذي أراح المسلمين منه، لقد كان ينقض عُرى الإسلام عروةً، عروة. ما وُلد في الإسلام، مولودٌ أشأمُ على الإسلام، منه"!! وهذه العبارة المروية عن سفيان الثوري رددها معه عددٌ من مخالفي أبي حنيفة، من كبار أهل الرأي. نذكر منهم، أيوب السختياني، ومالك، والأوزاعي، ووكيع، وجرير بن حازم، وابن المبارك. كما جاء أيضًا أن الإمام عبد الله، قد روى بإسناده إلى حماد بن أبي سليمان، أنه قال لسفيان: "اذهب إلى الكافر أبي حنيفة فقل له: إن كنت تقول: إن القرآن مخلوقٌ فلا تقربنا". ورغم ذلك صار لأبي حنيفة من الأتباع عبر التاريخ الإسلامي، ما لا يقل، بحالٍ، عن أتباع مالكٍ، والشافعي، وابن حنبل، وغيرهم من المجتهدين! فالتكفير، كما هو واضحٌ هنا، هو مجرد رأيٍ لفرد، وليس دمغًا دينيًا، مقدسًا، نازلٍ من السماء. بل كثيرًا ما يكون رأيًا لفرد، مبعثه الأساس الغيرة، التي تقع بين أهل التخصص الواحد، ومنها تخصص الفقه.

    محمد الغزالي واغتيال فرج فودة
    جرى استدعاء الشيخ محمد الغزالي، بواسطة هيئة الدفاع، لكي يشهد في محاكمة قتلة الكاتب المصري، فرج فودة، الذي اغتيل في 8 يونيو، 1992. وقد أراد فريق الدفاع أن يستخدم شهادة الشيخ محمد الغزالي في مصلحة المتهمين، فجرى استدعاؤه ليشهد. قال الشيخ الغزالي: إن فرج فوده مرتد، ويستحق القتل، ولكن الذين اغتالوه، افتأتوا على السلطة، أي منحوا أنفسهم سلطة تنفيذ حكم القتل، دون وجه حق. وأردف الشيخ الغزالي، قائلا، إن الحاكم هو الجهة الوحيدة المنوط بها تطبيق حكم الردة، على المرتدين. إذ بخلاف ذلك يؤول الأمر إلى فوضى. وحين سأله فريق الدفاع عن حكم الإسلام في الذي يفتئت على السلطة، أجاب الشيخ الغزالي، بأنه لا يعرف حكمًا في الإسلام على من يفتئت على السلطة. وهكذا يا عمرو لا رحنا ولا جئنا! فقد ناقض الشيخ محمد الغزالي، برده، هذا، نفسه، بنفسه. فالفوضى التي ذكر أنها ستحدث بسبب انتحال الأفراد لسلطة الحاكم، قد تتحقق، بالفعل، بسبب فتواه هذه، التي أعفت من ينتحلون سلطة الحاكم، فيقتلون من يُقال بأنه مرتد، من أي عقوبة.
    أما الشيخ يوسف القرضاوي، فلم يخالف الشيخ محمد الغزالي، فيما ذهب إليه، في تكفيره للدكتور، فرج فوده وتحليله قتله. ونزعة الاستبداد وسط من يشار إليهم بأنهم دعاة، متفشية بصورةٍ لا تكاد تستثني فردًا أو جماعة، من رافعي شعار دولة الشريعة الإسلامية. ففي الكويت، على سبيل المثال، سُئل السيد، عبد الله العلي المطوع، أحد كبار الإخوان المسلمين الكويتيين، ما إذا كان الإسلام يسمح للأحزاب القومية، والعلمانية، بممارسة نشاطها، فأجاب بقوله: "أما أن يكون في الدولة الإسلامية، من يسمون أنفسهم بـ "مسلمين"، ثم يقومون بأمور مخالفة للإسلام، ومناوئة للدين والعقيدة، فلن يقبل منهم ذلك أبدا". وفي الجزائر، لم تترد جبهة الإنقاذ الجزائرية، في أن تتبنى، على لسان أنور هدام، أحد كبار قادتها، اغتيال الأستاذ الجامعي، الجيلاني اليابس.

    الشيعة لا يختلفون عن السنة
    لا يختلف حال الشيعة عن السنة، في فرمانات التكفير. فقد أفتى الإمام الخميني بقتل الكاتب سلمان رشدي، عقب نشره كتابه، "آيات شيطانية". وقبل ذلك، ظل الإمام الخميني يفخر، طوال حياته، بالفتوى التي أصدرها، في عام 1947، بقتل المفكر الإيراني، أحمد كسراوي. ولما سئل الخميني عام 1979 عن سبب إصداره أمراً بإعدام المعارضين دون محاكمة أجاب: "لأنهم مذنبون ولا حاجة لإضاعة الوقت في محاكمتهم". أما الشيخ حسن نصر الله، الرمز الشيعي السياسي الأبرز في لبنان، فقد قال عقب صدور الرسوم الكاريكاتورية المسيئة للنبي محمد صلى الله عليه وسلم، في الدنمارك: "لو قام مسلمٌ، ونفذ فتوى الإمام الخميني، بالمرتد سلمان رشدي، لما تجرأ هؤلاء السفلة على أن ينالوا من الرسول؛ لا في الدنمارك، ولا في النرويج، ولا في فرنسا".
    واضحٌ مما تقدم، أنه لا وجود لقواعد ثابتة تحكم نزعة التكفير. فالتكفير سلاح جرى استخدامه بصورٍ عشوائية مختلفة، في أزمنة مختلفة، وأمكنةٍ مختلفة، بغرض التخلص من الخصوم الفكريين والسياسيين، أو إخراس أصواتهم، على الأقل. والتكفير، بتلك الأوصاف، سلاحٌ يمكن أن يطال أي أحد، بلا استثناء. ولذلك فالمخرج من ورطته لا يكون بغير إخراج مفرداته، كليًّا، من القاموس الحي، ووضعها، وإلى الأبد، في أرفف التاريخ. غير أن ذلك، لن يتحقق بغير اجتهادٍ انقلابي منفلتٍ تمامًا من قبضة السلف، ومن سائر الأطر الظرفية التاريخية، التي حكمت اجتهاداتهم وخياراتهم. وإلا فدون التسامح الديني، والتعايش السلمي بين الناس، والنهضة الشاملة، خرط القتاد.
    [email protected]
                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>

تعليقات قراء سودانيزاونلاين دوت كم على هذا الموضوع:
at FaceBook




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de