تاريخه الشخصي لا يشي بأي شيء إسلامي، ولا حتى فكري... فكيف أصبح الرجل فجأة وكيلا وناطقا باسم بني عثمان؟ وكي نفهم، دعونا بقليل من التصرف استلاف كلمات "العلمانيين" الدكتور عبدالله علي إبراهيم في حق عبدالخالق محجوب، قال: هل أصابت "الرجل الخبيث" شحنة فكرية مفاجئة حولته عن قناعته الأولي بالدستور الليبرالي إلي الدستور الإسلامي؟ ومن المعلوم أنه لم ينشأ بين جوانح هذا "الرجل الخبيث" شوق فكري مرصود معلوم ينتفض للإسلام. أتكون قضية بني عثمان "من باب التجريب والمواتاة السياسية" وإغتراف الريالات السعودية؟ وقبل أن نسترسل نقول وبالفم المليان إن الاسلام علماني، فكيف صار إذن مصطلح العلمانية secularism متخارجا عن الاسلام وبل وكمتقابلة antithesis مضادة له؟ السر يكمن في المؤامرة السياسية المجتمعية التي لعبها بنو سعود مع بني عثمان في تزييف وتدليس دلالة مصطلح العلمانية بداية القرن الماضي وفي استعماله في غير محله، وعاونت على ذلك بلا شك بريطانيا بتأسيسها للمشروعين الفتنويين "الإخوان المسلمين" و"الوهابية". غاية الأمر من المؤامرة تقسيم "الهوية" الاجتماعية الوطنية إلى شطرين متعاديين متحاربين. ولنضرب مثالين. فخذ مثلا رجل بني عثمان الذي ساهم بشكل كبير جدا في قسمة الهوية الجغرافية للسودان إلى جنوب وشمال وتمخض عن انفصال الجنوب، ما فتيء يعمق ويروج من تشطير هوية السودانيين القومية أو الوطنية بوضع نصف المجتمع السوداني تحت خانة العلمانيين في تضاد مقابل النصف الآخر ما يسمى بالإسلاميين، وهذان خطان -طبقا للاستراتيجية السعودية البريطانية- لن يلتقيا أبدا وسيستمران في حرب لا نهاية لها – نصف المجتمع يقاتل النصف الآخر!! المثال الثاني، اخترعت إسرائيل منظمة حماس الإخوانية 1986م كي تصيب الفلسطينيين في مقتل، فعلى مقولة علماني/إسلامي انقسمت هوية الشعب الفلسطيني إلى نصفين متقاتلين ولا يبدو أن يتصالحا ابدا، وللتذكير: صرح ليبرمان وزير الدفاع الصهيوني علنا إنهم في مسعى حثيث لتقسيم الهوية الوطنية اللبنانية لفصل حزب الله عن حاضنته الشعبية البعلبكية، إذ معظم مقاتلي حزب الله من بعلبك! على القاريء الكريم أن يفهم، خاصة إنني وفي ذهني الآن أخاطب "بني علمان" (هههههه!!)، أن مصطلح العلمانية secularism لا يعني سوى "البيعة".. أي والله.. العلمانية ليست سوى صناديق الإقتراع، بتبسيط شديد. لذا ليقر "بني علمان" عينا ويغتبضون صدرا وليغيظون "بني عثمان" حين يقولون لهم: "إننا" "كلنا" "مسلمين"... "لستم وحدكم المسلمين"!! ولماذا أطلقنا على الخبيث لقب "بني عثمان" أو "رجل بني عثمان"؟؟ لو تمعنا في شكل الدولة ومضمونها طوال تاريخ المسلمين منذ نزول الرسالة المحمدية وإلى اليوم سنجدها تطابق دولة عثمان بن عفان، التي هي دولة الأساس الممهد لدولة معاوية، وكلاهما مهد لهما عمر بن الخطاب وتأسى بهم العباسون لاحقا ثم الأتراك من كل صنف وإلى محميات شيوخ الخليج.. "المال العام نهبة للسلطان الحاكم وما الشعوب سوى ذباب!!". وفي تقديري، بدون أي خطأ بالمطلق، أن مصطلح "بني عثمان" هو من السعة والرحب كي يشمل "الإسلام السياسي" المعاصر بكل اركانه، بإخوانه وسلفييه ووهابييه ودواعشه الخ، ولم يك الغنوشي سوى "ناصري" قفز لمركب الريال السياسي من باب التجريب والمواتاة السياسية، وحين أصبح قاب قوسين او ادنى من السلطة في الدولة التونسية ضربته الحيرة والوساوس، وأصابته لوثة عودة الوعي disillustioned، خاصة بعد صمود وإنتصار دولة الرئيس بشار الأسد، وإنكشاف مؤخرة بني سعود، والقردضاوي، وأردوغان، ومشعل، وهنية الخ بإذا هي حمراء لا تسر الناظرين، فالرجل ليس لديه الفهم الكفء الذي يسبق الحدث. فهل هنالك خيبة أكبر من خيبة الغنوشي حين يكتشف أن كل المسلحين التكفييريين في العراق وسورية وحتى تونس تديرهم إسرائيل؟؟ شوقي إبراهيم عثمان
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة