|  | 
  |  مصير مليشيات البشير !! بقلم اسماعيل عبد الله |  | 11:37 PM August, 02 2018
 سودانيز اون لايناسماعيل عبد الله-
 مكتبتى
 رابط مختصر
 ان نظام البشير هو النظام السياسي صاحب الامتياز الأول في السودان , الذي عمد الى تهميش دور المؤسسات العسكرية , وابتدع قوات ملائشية اصبحت بديلاً للجيش و القوات المسلحة , فقد بدأت عمليات صناعة مؤسسات موازية للمؤسسات الرئيسية للدولة منذ انقلاب الجبهة الاسلامية القومية , واحكام سيطرتها على مفاصل السلطة بعد جريمة نحر الخدمة المدنية عبر ما أسموه زوراً (الصالح العام) و (التمكين) , فكانت الشرطة الشعبية في مقابل الشرطة السودانية , و جعلوا قوات الدفاع الشعبي محازيةً وموازيةً للقوات المسلحة السودانية , فشهدت مدن السودان لأول مرة قيام المنظمات الحكومية باستئجار المنازل داخل الاحياء السكينة , فكانت ظاهرة غريبة على المواطن السوداني لم يعهدها منذ ان رأت عيناه النور , لكن لا غرابة ولا استغراب  مع سلوك الحزب الثيوقراطي , الذي ولج باب السطلة على حين غفلة من الشعب الطيب المسكين و المسالم , فسادت هذه الثقافة الناشزة في طريقة إدارة البلاد والدخيلة على حياة المجتمعات السودانية , والتي تبناها وتولاها بالرعاية رموز هذه الدولة الدينية التي اطلق عليها مناصروها فيما بعد اسم (الدولة الرسالية) , الى ان اندلعت الحرب في دارفور و اصبح النظام في مواجهة مع الثائرين الجدد صعبي المراس , فاخفقت الدولة عسكرياً في هزيمة الثوار نتيجة لاختلاف تضاريس ارض المعركة في اقليم دارفور , ونسبة للتباين في المنهاجيتين القتاليتين للمتمردين من جهة و جيش نظام الحكم في الخرطوم من الجهة الأخرى , فقد واجه جيش النظام صعوبات جمّة في طريقة شنه للحملات العسكرية لمكافحة التمرد , إلى أن وجد ضالته أخيراً في فرسان بعض القبائل البدوية , الذين يبحثون عن اشباع غريزة الفروسية الطافحة على نفوسهم بأي طريقة كانت , فكان للنظام ما أراد وساهمت هذه المليشيات في إنحسار مد الثائرين بشكل ملحوظ , نتيجة لا ستيعاب هذه المليشيات لذات الفنون القتالية التي يتقنها غرمائهم في الجانب الآخر , فحدث الفرق و انقلبت المعادلة في ميدان المعركة رأساً على عقب , وآثر الثوار عدم خوض المزيد من المعارك البينية , التي دائماً يكون المستفيد الاول منها هو النظام الذي يناهضونه سنين عدداً , فبحسب الخلاصة التي توصل اليها المكافحون والمنافحون عن حقوق السكان المسحوقين في الاقليم  المنكوب , أن الدماء المسكوبة و المراقة هي دماء انسان ذات الرقعة الجغرافية التي يناضلون من اجلها , فكانت آخر تلك المعارك قد تمثلت في المواجهات الدامية ألتي حدثت قبل عامين , وجرت احداثها بين الثوار و المليشيات الحكومية في اقصى شمال الاقليم , و من شدة ضراوتها كانت بمثابة المجزرة التي كاد ان يفنى فيها الجيشان.
 لا شك ان الصراع المسلح في البلاد بدأ منذ حروب الحكومات المركزية مع حركات التحرر الجنوبية , و مروراً بحروبها مع ثوار دارفور و جبال النوبة و النيل الازرق , لقد صقلت هذه الحروب كادراً عسكرياً مؤهلاً من شباب هذه الاقاليم المنكوبة , واصبح الكثيرون من شباب هذه المجتمعات يمتلكون الخبرة في طرائق استخدامات الاسلحة , الثقيل منها و الخفيف , فهم بمثابة المخزون الحربي البشري والاستراتيجي الذي يمكن الاعتماد عليه في اي وقت الوقات ومن اي جهة من الجهات , سواء كان هذا ألاعتماد و الاستخدام من قبل المنظومة الحاكمة او بواسطة الجيوش المتمردة , او استغلالاً من الدول ذات النفوذ في الصراعات الافريقية و الشرق اوسطية , فعملية التأهيل العسكري لشباب غض لم يتجاوز سن العشرين , يشبه الى حد بعيد مشاريع اعداد لعيبة  كرة القدم من مرحلتي  الناشئين والشباب , الى أن  يصبحوا محترفين كبار تتبارى حولهم ادارات الاندية المشهورة , ففي حال وصول البلاد الى الاستقرار و السلام الشامل , يمكن لهذا الكادر العسكري ان يصبح نواة لجيش وطني قوي , يكون هو الحافظ و الحارس الأمين لمقدرات البلاد و العباد , اما اذا ظل الحال كما هو حاصل اليوم من استقطاب و استقطاب مضاد , فان الفوضى المسنودة باالخبرات والعقول العسكرية المتمرسة سوف تكون هي سيدة الموقف , فان كل صاحب صنعة لن ينسى صنعته وسوف يقضي حياته مشتغلاً فيها و متنقلاً بها من ميدان الى آخر , لقد حذر قدامى العسكريين من مغبة استمراء واستمرار نظام الانقاذ لتدريباته الشاملة  لكل فئات المجتمع , عبر تلك المعسكرات المفتوحة التي شهدتها حقبة  تسعينيات القرن الماضي , و كان تحذيرهم ذاك نابع من خوفهم من مآلات الامور في البلاد , وسهولة انزلاق هذا المجتمع الذي يعرّفونه بالبسيط و العفوي الى هاوية الهرج و المرج , خاصة وان الكل كان يعلم مدى هشاشة  بنية دولة الاخوان المسلمين منذ بواكير ايامها.
 فاليوم غطى السلاح جميع سهول و غابات و جبال السودان , فلا تكاد  تجد بيتاً إلا وفيه قطعة  لسلاح اتوماتيكي متطور معلق على جنبات الجدران , وانه لم تستطع حملة نائب البشير لجمع السلاح ان تفعل شيئاً سوى الحشد الاعلامي المضلل , فلا يجب ان يظن المواطن انه في مأمن من انفجار الوضع السياسي و العسكري المحتقن في أي وقت , فبالامس القريب قام احد جنود مليشيات النظام بالاجهاز على جندي ملائشي آخر وتصفيته , وقد كان  هذا الأخير يرقد جريحاً  داخل احد العنابر بمستشفى نيالا , مما يعتبر مؤشراً واضحاً على شكل الصراع الذي سوف يؤول إليه حال الوطن عمّا قريب , في حال فشل الساسة  بشقيهم المناويء و الممسك بمقاليد الامور , في ايجاد حل للأزمة الوطنية الحادة و المختنقة , هذه الأزمة التي لا يُرى لها أفقاً من آفاق الحلول المتوقعة , فالاحتمال الاكبر و السنياريو المقبل سيكون سيئاً ومخيباً للآمال , وذلك بحكم الشواهد والاحداث اليومية المتحكمة  بحياة الناس المعيشية و الامنية , فانفلات الشارع ممكن الحدوث اذا لم تحل المعضلة الأمنية والاقتصادية , و نكوص افراد هذه المليشات على عقبيهم و تمردهم ايضاً من الاحتمالات الواردة , من حيث ان افراد هذه المليشيات يتقاضون امتيازات مالية كبيرة نسبياً , اذا ما قورنت امتيازاتهم هذه برواتب افراد الجيش النظامي و الحكومي , فانقطاع هذه المنفعة المادية لهؤلاء الملائشيين سيؤدي الى إنقلاب مفاجئيءً وسطهم لانهم غير منضبطين , و يحملون البندقية (المعمّرة) في حلهم وترحالهم  كما عرف عنهم تفشي ظاهرة سلوك الغاب , الذي يسلكونه في حال إنحسار المد (الدولاري) من مخدميهم , وسوف تحدث الطامة االكبرى اذا استطاع رمزا الحزب الانقاذي الحاكم الشهيران  استمالة هذه المليشيات الى صفيهما , واستخدامها في تصفية حساباتهما البينية في سعيهما المعلن , نحو الكرسي الذي ظل يجلس عليه غريمهما تسعة و عشرون عاماً.
 الحالة السودانية يشوبها الضباب الكثيف هذه الايام , و على الحالمين بهبوط وتنازل ناعم من العصبة الانقاذية عن دفة القيادة  سوف يطول حلمهم , فالدوائر الضيقة للمنظومة الحاكمة يمور ويفور فيها التربص الحذر فيما بين مكوناتها المتنافسة , والكل يمني نفسه بوراثة تركة الحكم الانقاذي الطويل الامد , و دول الاقليم ايضاً لم يتوقف بحثها وسعيها الحثيث عن كرزاي السوداني , لكي تهبط به من علٍ عندما يختلط حابل النظام بنابل المعارضة المسلحة , فمعظم الشباب الذين تخرجوا من معسكرات النظام في السنين الفائتة , و أولئك الذين صقلتهم الخبرة و التجربة العسكرية العملية في ميدان الثورة , سيكون لهم جميعهم وجود ماثل ومؤثر في مسرح الاحداث القادمة.
 
 
 [email protected]
 
 
 
 
 | 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 |  
  |     |  |  |  |