كارل ماركس كتب مذكراته لدى أميرة ست الشاي بقلم محمد كمال الدين (أبو كمال)

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 04-26-2024, 10:13 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
06-30-2018, 07:46 AM

محمد كمال الدين
<aمحمد كمال الدين
تاريخ التسجيل: 06-13-2018
مجموع المشاركات: 23

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
كارل ماركس كتب مذكراته لدى أميرة ست الشاي بقلم محمد كمال الدين (أبو كمال)

    07:46 AM June, 30 2018

    سودانيز اون لاين
    محمد كمال الدين-UK-لندن
    مكتبتى
    رابط مختصر


    فتحت حقيبتي لإخراج جهاز اللابتوب ففوجئت بوجود دمية كبيرة و بعض أكياس البلاستيك الفارغة بداخلها. بين مستغرب و منتش لسخافة الموقف أطلقت ضحكة اهتزت لها رؤوس كل من بالمكتبة إحتجاجاً. إنتبهت لذلك فتمالكت نفسي و صدر من داخلي صوت هامس يقول "تاااااااني يا مريومة!!!". نعم إنها صغيرتي مريم لا أحد غيرها يقوم بمثل هذه الأفعال الغريبة. لم أتهم مريم إفتراءاً بل كان ذلك تخمينا منطقياً للتعرف على الفاعل من خلال الفعل. فإختفاء مجوهرات من الخزانة مثلاً يدل على وجود سارق و بابٌ كُتب عليه " حضرنا و لم نجدكم" يدل على قدوم زائر وهكذا. بنفس هذا المنطق يراودني أحيانا شعور بأن المفكر الشيوعي كارل ماركس كتب مذكراته وهو جالس على بمبر يحتسي شاياً باللبن المقنن مع صحن من الزلابيا لدى ست الشاي الشهيرة أميرة. لا تسألوني كيف لكاتب توفي أيام المهدية أن يفعل ذلك، لأن ردي سيكون إذهبو إلى ماركس و أسألوه من أين أتى بهذه القدرات السحرية. أما من ناحيتي فإن ماركس كتب عن حال السودان في مذكراته ما يكفي للجزم بأن شاي أميرة ساهم بشكل واضح في توثيق نتاجه الفكري.
    كتب ماركس كثيرا عن الإنشقاق الطبقي الذي يقسم المجمتع إلى طبقيتين: طبقة كادحة و مطحونة تتهافت على رزق اليوم و تخشى عتمة المستقبل و يسميها بالبرولتاريا. و طبقة برجوازية تستعبد البوليتاريا المنتجة بإحتكار رؤوس الأموال و أدوات الإنتاج. البرجوازية تعمل قليلا لتكسب كثيرا و تقوم كل يوم بتوسيع الهوة بينها وبين البرولتاريا "الغبشاء". هذا ما دفعني أن أشك أن ماركس كان لدى أميرة بالذات و ليس لدى أي ست شاي أخرى. أميرة ست الشاي هذه تديرعملها التجاري من تحت مظلة صغيرة في العمارات شارع 21 و شاءت الاقدار أن تطل مظلتها هذه على فسحة كبيرة. عشاق الشاي الأميري يأتون من كل صوب و حدب من حي الديم البسيط و من كافوري الأرستوقراطية، من الدخينات التي لا يزيد معدل دخل الفرد فيها عن دولار واحد في اليوم ومن الرياض التي تصل قيمة الأرض فيها إلى مائة ألف دولار. طلب ماركس عدد واحد شاي لبن (كباية كبيرة) و زلابيا بقيمة خمسة جنيهات ثم سحب بمبره إلى ركن يتيح له رؤية هذا التنافر المجتمعي المذهل ثم خلع سفجنته و سحب من أذنه القلم ومن حقيبته الكراسة و قرر أن يكتب.
    جلس إلى جانب ماركس شابان في منتصف الثلاثينات يرتديان أبرولات زرفقاء ملطخة بالبقع السوداء التي تفوح بترولا و زيت فرامل. جلسا يتسامران إلى حين أن دخلت سيارة فارهة الفسحة و إختارت لها موقعا للتخزين وسط كم السيارات الهائل المتواجد بالمكان مسبقاً. لاحظ ماركس أن نقاش الشابين تحول إلى نقاش عن السيارات الفارهة و عن طرق تصنيعها. ظلا يسردان و بالتفصيل الطريقة التي تتنج بها هذا النوع من السيارات. ماركس لم يكن ميكانيكياً لذا لم يفهم من ذلك شيئا و قرر تجاهلما لكنه لم يستطع أن يقاوم فضوله في متابعة الحوار حين سمع احده الشابين يقول للآخر: " ياخي نحن شغالين نصنع في العربات دي كل يوم يا الله يكون عندنا حديدة زي دي متين؟". صعق ماركس مما سمعه فهرع بسحب القلم مرة أخرى من أذنه و كتب على كراسته Alienation أي بالعربية "إستلاب". هذان العاملان لفتا إنتاه ماركس إلى الطبيعة البشعة للعمل في عالمنا المعاصر. عمل يعزل الصانع عن صنعته و يسلب المخترع من إختراعه. إنه عمل لا يحسس الفرد بأهمية ما تقوم به يداه أي بالقيمة التي يضيفها بخبرته إلى الإنسانية. أو ليس ما قاله ماركس عن الإستلاب صحيحاً؟ فكم من بائع دجاج لم يتذؤق طعم الدجاج منذ سنوات وكم من عامل في مصنع ملابس لا يمتلك كسوة شتاء و لا صيف وكم من ميكانيكي لا يعلم ان لولاه لعادت الأمة لإمتطاء الدواب و السير على الأقدام.
    نظر ماركس الى كبايته فإذا هي فارغة من شايها الأميري الملهم فقرر أن يطلب شاياً آخر ولكن ذلك كلفه زمناً طويلا لأن طابور الطلبات كان طويلا. وقف أمامه في الطابور رجل أربعييني أنيق المظهر يرتدي جينزديزل و حذاء كلاركس و يتحدث في هاتفه الباهظ الثمن في لغة عربية منمقة و ممزوجة بإنجليزية ممتازة النطق. و فجأة صاح الرجل في من يحدثه على الهاتف " ياخي قلت ليك أفصلهم كلهم فصل تعسفي، المكنة الجديدة دي حتوفر علينا كتير". بعد ما سمعه ماركس من هذا الرجل غادر الطابور و هرع صوب بمبره خوفاً من أن تتبخر أفكاره في الفضاء وأمسك بكراسته مرة أخرى ثم كتب عليها Insecurity أي إنعدام الأمن. تباكى في سطوره هذه على الطريقة التي يعامل بها العامل كوسيلة لتحقيق الربح يمكن التخلص منها بمجرد ظهور تقنيات جديدة تخفض من التكلفة و تضاعف هذا الربح. في هذا الشطر من مذكراته تجلت إنسانية ماركس الذي لا يود للإنسان أن يعيش مرتعداً من كابوس الطرد من العمل و شدد على أن الانسان كائن يستحق الإحترام وأن يكون له مكان في قلب العالم يحتله دون الخوف من زواله يوما ما. نظر ماركس مرة أخرى إلى حذاء الرأسمالي فتأكد من أنه كلاركس ثم نظر إلى حذاء جاريه الميكانيكين و عرف أنها من النوع الذي يباع في سوق الكلاكلة اللفة فجن جنونه و ندد في كراسته بوسائل الرأسمالين التي تخفض أجورالعمال لتضحيم ثرواتهم و التي أسماها primitive accumulation أي التراكم البدائي. و يقصد بذلك انه و بالرغم مما يدعيه الرأسماليون من أن أرباحهم هي نتاج لذكائهم التجاري فإن ماركس يرى أن مكاسبهم هي و بكل بساطة ليست إلا إحتيالا على حقوق الضعفاء الذين يكدحون ليلا و نهارا.
    غرق ماركس في كتابته ساعات طوال لدرجة أنه لم يشعر بأن كل من حوله كانوا قد غادروا المكان. و في هذه الأثناء جاءه صوت نساءي جميل يقول "شنو يا ماركس الليلة ما ماش البيت و لا شنو" كانت تلك أميرة تحاول في أدب تسريح آخر زبون لها في هذه الليلة. إلتفت ماركس حوله و أدرك أن الشعب قد خلد للنوم. راحت البروليتريا لترتاح لسويعات قبل العودة للمناجم و المصانع عند الصباح الباكر و عادت البرجوازية إلى قصورها المكيفة و أسرتها الناعمة لإعطاء أدمغتها المنهكة من الحسابات الرياضية قسطاً من الراحة قبل إستهلال يوم إستغلال جديد. لملم ماركس أغراضه، لبس سفجنته، ابتسم في وجه أميرة ثم إختفى وسط عمارات العمارات الشاهقة و تلاشى في ظلام تلك الليلة المتعبة نفسياً.

    ******
    علمنا بعد ذلك بأن تشخيص ماركس للحالة السودانية كان مختلاً بعض الشيء. و أنه مات بشكل غريب في إحدى أرجاء العاصمة المثلثة.
    كيف و أين؟ لنا حديث آخر عن ذلك قريبا....


    محمد كمال الدين (أبو كمال)
    [email protected]
























                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>

تعليقات قراء سودانيزاونلاين دوت كم على هذا الموضوع:
at FaceBook




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de