الشمس العروس - قصة قصيرة ربع حقيقية بقلم د.أمل الكردفاني

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 04-19-2024, 06:21 AM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
06-19-2018, 02:21 AM

أمل الكردفاني
<aأمل الكردفاني
تاريخ التسجيل: 10-26-2013
مجموع المشاركات: 2496

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
الشمس العروس - قصة قصيرة ربع حقيقية بقلم د.أمل الكردفاني

    02:21 AM June, 18 2018

    سودانيز اون لاين
    أمل الكردفاني-القاهرة-مصر
    مكتبتى
    رابط مختصر






    استيقظت ونظرت كالعادة الى الساعة في هاتفي ؛ كانت الثامنة وزيادة ، القيت نظرة الى النافذة وكانت السماء شبه مظلمة وشاحبة ؛ اعتقدت ان برمجة ساعة هاتفي قد تعطلت ، اعدت القاء نظرة الى السماء ، من المفترض ان الشمس قد اشرقت في الثامنة صباحا ، فهل انقلب دوران الارض. كانت لا تزال هناك بقايا حلم في رأسي ، حلم مشوش ، لا اتذكره ، وغثيان وثقل في الرأس كما لو كنت قد نمت بعد شرب عشرات الكؤوس من العرقي صناعة (جارتي السكيرة) ، لكنني لم اشرب منذ وقت طويل ، ربما اكثر من سنتين ، لم احب الشراب يوما ولكني احب خيال الشراب ، لأنني مهما شربت لم اكن اسكر ، كان رأسي يدور واحيانا اتقيأ ، ولكنني لا افقد وعيي بما يحيط بي ولذلك لم اجد زبدة ما اطلبه من الخمر ، وهو فقدان الوعي او الذاكرة. الذاكرة المحشوة ببيوت العناكب ، بالثعابين ، بالوطاويط ، بجثث الموتى الناطقة ، بتاريخ شديد الفوضى وشديد العبثية كان من المفترض أن يلقي بي في فضاء العدمية المطلقة.
    كنت ظمآنا واضطررت للصبر دقائق حتى استاك ، ثم ذهبت واجترعت كمية مهولة من الماء نزلت باردة الى امعائي ، ومعجون الاسنان لا زال يتفاعل معها فيسلق فمي ببرودة سخيفة.
    لماذا لم تشرق الشمس رغم أن الساعة صارت الثامنة صباحا ؛ عدت الى الغرفة واضأت مصباح النيون الشاحب ، لماذا لم تشرق الشمس بعد؟ القيت جسدي على السرير ، انفاسي تضيق ، لكنني لأول مرة منذ اسابيع اخلد الى نوم عميق كهذا... خاصة أن النوم ليلا لا يمنحني شعورا بالراحة والتشبع أبدا... هنا تذكرت شيئا ... شيئا سخيفا جدا ، وهي أنني لم انم ليلا ، انا نمت نهار عصر هذا اليوم... واستيقظت في المساء ولذلك لم تشرق الشمس... لم تشرق بالتأكيد... ولن تشرق في هذا الوقت... الشمس كموظف ارشيف عجوز ملتزم بمواعيد العمل.. الحضور والانصراف... يأتي الى عمله ويجلس الى كرسيه ، ويظل يحدق في طاولة مكدسة بالورق والصمغ والاقلام ، وطقم اسنانه على كوب زجاجي شفاف يضحك بلا سبب ، وقرب الكوب منديلا قديما حاكته له المرحومة زوجته قبل عشرين سنة ، يحمله معه ولا يتمخط فيه لأنه يشعر بقداسة الذكرى ، قداسة رائحة جسد زوجته حين كان يلتحم مع جسده في ساعة الذروة العاطفية متناسين الفقر والأنظمة الشمولية.
    لم تشرق الشمس لأنها الآن خارج دوام العمل ، ورغم عدم ايماني بوجود قوة ما ورائية الا ان انتظام هذا النجم الملتهب في اداء عمله الروتيني بالظهور والاختباء يدهشني حقا. وهذه الدهشة هي التي تتحول الى خطاب ايماني يستند الى النظام الكوني لدى الناس.
    لقد عبد الكثيرون الشمس ، عبدوها قبل ان يدركوا دورها الأساسي في عملية التمثيل الغذائي ، هذه العملية التي لولاها لانقرضت البشرية بل وكل كائنات الكوكب. فليس بالماء وحده تحيا الكائنات.. انها تحيا بكل شيء وعلى نحو متكامل ، وبكل المتناقضات ، بالماء والنار ، بالاوكسجين وثاني اوكسيد الكربون ، بالمعادن النفيسة والخسيسة ، بالتراب وبالهواء ، ..الخ كل ذلك واكثر يجب أن يتكامل ليمنح الكائنات قدرتها على الاستمرار والتناسل للاستمرار.
    كانت درجة الحرارة قد تجاوزت الاربعين رغم حلول المساء ، ولحمي يستحم بالعرق ، ولا زال رأسي لم يستقر فيتزن...وانفاسي لا زالت تقاوم انعدام الاوكسجين ، فاتجهت الى النافذة ، اخرجت رأسي لاتنفس بعض الهواء الطازج ، رفعت انفي قليلا وسحبت نفسا طويلا ؛ لم يكن الهواء باردا ، رغم ان مرور الهواء من الانف وحتى الرئتين كان يجب ان يؤدي الى تبريده ، نظام بيولوجي آخر يمكن الاستناد اليه ايمانيا... فتحت عيني ، مر في السماء المظلمة شبح طائر سريع يصدر جلجلة صوتية مزعجة ، ثم اختفى صوته وراء الأفق ، لاحظت ان السماء مضطربة ، انها تعاني حيرة في اختيار ردائها المناسب للخروج ، كان هناك شيئا ما يبدو خاطئا تماما ، كان لونا رماديا يغزو السواد من اسفل التماس الوهمي بين السماء وحافة الارض ، ويبدو ان جيوشه تزحف لتسحق مقاومة الظلام ، وكلما تقدمت الى الأمام ازدادت بياضا ، وعلى نحو ما ، كانت جيوش النور تتقدم الشمس العروس المحتفى بها ، أشرقت الشمس في غير موعدها ... تأملتها وهي تضحك بين اشابينها من الطيوف الضوئية.
    هل نمت ليلا أم نهارا ، ارتبكت، هل انا في المساء ام الصباح؟
    اغلقت نافذتي ، ثم عدت والقيت بجسدي على السرير ، اشعلت سجارة وأخذت ادخن... ادخن بصمت... لا فرق حقيقة ان كنت قد نمت مساءا ام نهارا ... المهم انني قد نمت... المهم انني لا زالت داخل ملعب الوجود.























                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>

تعليقات قراء سودانيزاونلاين دوت كم على هذا الموضوع:
at FaceBook




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de