النخبة المثقفة في السودان هي في الواقع ليست مثقفة.. انها اما ان تتبنى المفاهيم من الخارج دون فهمها وبالتالي لا تستطيع تطويرها لتتواءم مع خصائص الدولة الثقافية والاجتماعية والسياسية.. او تحاول تطويرها بدون فهمها وهكذا تبوظ الدنيا وتبهدل المفاهيم ... لاحظ انكار الشيوعيين لتطبيق النظرية في عهد نميري وادعائهم ان ذلك ليس التطبيق الصحيح وان من شايعوا نميري كانوا متفلتين من الحزب... وهذا كله هربا من تحمل مسؤولية الدمار الذي الحقه بالدولة حتى اليوم تطبيق نظرية لا يفهمون ابعادها. شيء عجيب ان يتم الحديث عن منهج التحليل الثقافي... هذه الجملة اساسا خاطئة.. لأن المنهج هو طريق منضبط يفضي الى نتائج واضحة. اما التحليل الثقافي فهو كلمة واسعة النطاق بل لا حدود لها اساسا لأن الثقافة يمكن ان تشمل كل شيء او لا تشمل اي شيء.. يمكننا ان نقول تحليل ثقافي فقط ولكن ليس منهج. والتحليل الثقافي هنا يتم بصورة دائمة ومستمرة فهو وصف لعدة رؤى تنبثق عن تحليل ثقافة ما من زاوية ثقافية محددة وهذا التحليل قديم قدم الانسان . ذات الامر عندما تحدث ابن خلدون عن المجتمع الرعوي حينما تم تبني هذا المصطلح الان تحت مسمى العقل الرعوي دون ان يتمكن احد من تحديد مفهوم له... ومع ذلك سارت به ركبان المستثقفين السودانيين وكأنه معجزة الله في الأرض.. لاحظ ..حتى الشيوعيين السودانيين استجلبوا الشيوعية ولم يستطيعوا اضافة سطر واحد لها لكنهم يستخدمون مصطلحاتها ذات الجرس ؛ كالبناء التحتي والفوقي والجدلية المادية وفائض القيمة...الخ بشكل يصيبك بالغثيان...وحتى الليبراليون الجدد بائسون جدا في امكانية فهم الليبرالية بل وحتى شرحها على المستويين الثقافي والاقتصادي. أما التيار الاسلامي فحتى الان لم افهم ما هي نظريته المطروحة لعلاقة الاسلام بالدولة ، ولم يخرج لنا احد منهم بنظرية متكاملة ، وهكذا اوقعونا جميعنا معهم في مطب التبني الاعمى للاراء الفقهية المختلفة بشكل عشوائي ، ثم تطبيق اجتزائي لهذه الاراء اما خوفا او عن عدم فهم ...حقيقة هذه لعنة في ام دماغ هذه النخب التي لا تكتمل في ادمغتها فكرة ولا تستطيع حتى نقدها او تطويرها.....
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة