كم هو مؤلم، وقاسي ومزعج ومحبط حد الأسى والألم. . ؟ أن يجد المرء نفسه مضطراً للكتابة والتعبير عن رفضه، وإستنكاره، لسخافات وبذاءات وتقياءات وجهالات، بعض الجهلاء العنصريين في محيطنا العربي، الذين حاولوا، ومازالوا يحاولون السخرية والاستهزاء من السودان وشعبه من خلال فن التمثيل والكاركاتير وغيره من وسائل التعبير . . ! الفن عند الشعوب الحية المفعمة بالذوق والفن الحقيقي، هو إداة تهذيب للثقافة ورفع لمستوى الوعي وترقية للحس العام وإظهار لرؤية فنية للتفاهم والتواصل والتفاهم وبناء الجسور بين الشعوب والأمم. الفن عند الأمم المتحضرة هو عطاء وإبداع لصنع لحظة الفرح التي تجعل الإنسان يعيش زمانه الحاضر بكل تجلياته وإنهماره وتدفقاته ويشيع في نفسه الأمل، ويعطي حياته معنى وقيّمة. لكن للأسف هذا الفن تحول في عصر النكبة الثالثة الذي يعيشه العرب في معظم أقطارهم إلى سلاح للهدم والتحطيم والاساءة والتجريح وقتل مشاعر الإخوة التي نكنها لاخوتنا في محيطنا العربي والافريقي التي ما بخلنا بها على أحد في هذين المحيطين، بل حتى محيطنا الإنساني كانت لنا قطرات في محيطه من المحبة والعطاء والدعم والمساندة ونصرة المظلومين والمضطهدين والمقهورين، تعبيراً عن وعينا وحسنا الإنساني، بعذابات الإنسان حيثما كان في ارجاء المعمورة. التاريخ صفحاته حافلة بمواقف شعبنا المشرقة، كإشراق الشمس في كل صباح، وقف الشعب السوداني مع أخوته العرب إبان العهد الديمقراطي، حينما كان السودان دولة حية ونابضة بالحياة، وبراعة في صناعتها وقادرة على بعث الأمل وإجتراح الحلول في خضم النكبة ومخاضات الهزيمة، حينما كانت بلادنا عامرة برموز الفكر والوعي والثقافة والأدب، على رأسهم محمد أحمد محجوب، أبن الدويم، بل أبن كل السودان وزعيمه، وأحد رموز وعيه الحديث الناهض، ممثلاً في مؤتمر الخريجين. المحجوب لم يكن ابن السودان فَقَط، بل كان ابن القارة السمراء والوطن العربي والإنسانية، وقد مثل كل العرب في الأمم المتحدة في عام ١٩٥٦، وألقى نيابة عنهم خطابهم باللغة الإنجليزية فيها، كما في عهده الديمقراطي كانت الخرطوم فيها بقية من كرامة العرب التي إستباحها اليهود في حرب ١٩٦٧، وقد إحتلوا بعض المدن العربية، منها جزيرة سيناء، وهضبة الجولان والقنطيرة، والضفة الغربية وقطاع غزة ، والقدس الشرقية التي تعيش هذه الايام نكبتها الثلاثة، بعد مرور سبعين عاما على نكبتها الأولى في ١٩٤٨، والثانية ممثلة في حرب ١٩٦٧ . ونكبتها الثالثة في عام ٢٠١٨، وهي إعتراف امريكا بالقدس عاصمة ابدية لليهود، ونقل سفارتها الي القدس الغربية . . ! بعد نكبتها الثانية كانت الخرطوم هي كل ما تبقى من كرامة العرب، فكانت خيمتهم وقبلتهم التي حجا إليها كل الرؤساء والملوك والامراء العرب، وإلتقوا في رحابها وإنعقدت القمة العربية الرابعة هناك ، فكانت اللاءات الثلاثة: لا صلح، ولا إعتراف، ولا تفاوض مع العدو. وفي ذات القمة تم تجاوز الخلاف وتحقق الصلح والمصالحة، بين جمال عبد الناصر رئيس جمهورية مصر العربية، والملك السّعودي، فيصل آلِ سعود، في بيت رئيس وزراء السودان محمد احمد محجوب. السودان ذو تاريخ سياسي عريق وموقع استراتيجي ويتوفر على موارد هائلة، وشعب خلاق، وقد أنجز ثورتين في نوفمبر ١٩٦٤، وفي مارس ابريل عام ١٩٨٥، لكنه الان يعيش تحت حكم هو نتاج ثقافة التخلف والرجعية، قد أقعده كثيراً وشوه تاريخه وأضعف مواقفه وقلل من دوره، لكن هذا لا يعني موته، بل شعبنا مصمم على إسترداد حريته التي صادرها نظام الطغيان ، ويبني السودان الشامخ بحريته الواعي بمسؤوليته ودوره، ولا غرابة في ذلك لأننا شعب مسكون بالحياة والحرية ، لذا سنعمل للتغلب على كل تحديات الحياة وصعوباتها وتحويل كل ما لدينا من مزايا وفرص وخيرات وثروات وتطلعات وأشواق واحلام واهداف كبيرة لخدمة بلادنا وشعبها واشقاءنا في المحيطين العربي والافريقي بل كل الإنسانية، وتوظيف مواهبنا وابداعاتنا لخلق التواصل وتعميق مشاعر الاخوة وارساء قيم الاحترام بين الشعوب، لا كما يفعل بعض الجهلاء ورموز الإنحطاط . الطيب الزين
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة