اعتقد ان هناك تعقيدات لا معنى لها مما يحدث في منطقة الخليج ، ارى انها تعقيدات افتعلت بدون ترو ، وانتجت واقعا شديد الايلام . هناك مقولة اعتقد انها لكسينجر مفادها انك اذا بدأت حربا فيجب ان تكون قادرا على انهائها. وهذه المقولة مهمة جدا ، لأن ما لا تستطيع انهاؤه يتحول الى صداع مزمن وقد يفضي الى تفاقم الخسائر دون القدرة على احتوائها. من هذا المنطلق ارى ان كلا من قطر والسعودية يجب ان تعيدا حساباتهما بشكل اكثر واقعية. فايران لا تمارس حربا طائفية فالتشيع ليس اكثر من مبرر مقبول جماهيريا ، ولكن ايران تمارس شعوبية جديدة ، شعوبية تسعى من خلالها الى تدمير الثقافة العربية بشكل عام عبر وكلاء طائفيين. هم اقل من ان يستوعبوا المخطط الايراني الساعي الى اعادة مجد الامبراطورية الفارسية ، وهو نفس طموحات اردوغان الفانتازية ، هما ثقافتان هزمتا من قبل ؛ احداهما فقدت ذاتيتها عبر الغزوات الاسلامية والاخرى تم محوها عبر هزائم نكراء من القوى الاوروبية. ولم يبق أمام هذه الاخيرة سوى آثار لامبراطورية زائلة وبئر معطلة وقصر مشيد. لكن تركيا ليست كإيران فعوامل ضعفها وهشاشتها اكبر ، كما ان استخدام ايدولوجيا ذات خلفية دينية لا تمنحها قدرات كبيرة على مناورة تيارات علمانية قوية داخلها بالاضافة الى احلام الحصول على الهوية الاوروبية. ايران هي الأخطر. وايران لم تعمل ابدا على تهديد مصالح اسرائيل ، دعنا نتذكر ان الولايات المتحدة الامريكية قبل سنوات وقعت عقوبات على اكثر من مائة واربعين شركة اسرائيلية ضخمة بسبب تعاملها مع ايران. هناك علاقات اقتصادية بين ايران واسرائيل ، وليست خافية الا على الشعوب الاسلامية التي تصفق لمسرحية الاخوة الاعداء اسرائيل وايران. لن تتوقف ايران عن التدخل في شؤون الدول العربية ومحاولة زعزعة استقرارها كما فعلت في الامارات واليمن والعراق وانما وصولا الى اقصى الغرب العربي كما حدث في المملكة المغربية قبل ايام. نعم تدخلات لن تحقق شيئا كثيرا لايران فهي لن تصبح امبراطورية ولا دولة عظمى ولكنها ستتعب الدول العربية بشكل مستمر. وهذا ما يجب ان توجهه السعودية كرسالة لقطر لتحثها على تغيير منهجها السياسي الذي لا معنى له بل والمضر بمصالح قطر اكثر من ضرره على مصالح الدول العربية ، ولا زال سؤالي مطروحا ؛ ما الذي يمنع قطر من التخلي عن الاخوان المسلمين ونبذ تيار الاسلام السياسي هذا وهي دولة لا تحتاج لاتباع اي ايدولوجيا ، بقدر ما تحتاج الى الانفتاح على العالم ثقافيا ومعرفيا وفلفسيا بدلا عن الانزواء داخل مفاهيم سيد قطب وحسن البنا التي عفا عليها الزمن. وما الغرض من كل ذلك اذا كان الشعب القطري هو ابعد ما يكون عن هذا التيار . ومن ناحية اخرى فعلى السعودية ايضا ان تغير منهجها ، لقد بدأت حربا ولم تستطع انهاءها ، مرت سنوات الآن دون ان تتحقق نتائج حاسمة ، بل على العكس ، صار الحوثيون اكثر رغبة في الخضوع لإيران التي تمولهم بشكل واضح مفضوح دون ان تنبس ببنت شفة ودون ان ترد على ما يوجه لها من اتهامات. اعتقد ان على السعودية ان تبدأ مرحلة جديدة عبر محاولة استقطاب هذا المكون اليمني عبر الاعتراف بحقه في المشاركة في حكم دولته مع بقية الاطراف المتصارعة. اعتقد ان الحوثيين ليس لهم مصلحة في الاستمرار في حرب لا نتيجة لها سوى تشويه صورتهم وتدميرها ، كما ان خطابات القيادات الحوثية غالبا ما تتسم بقليل من الانفعال ورغبة في عقلنة ومنطقة هذه الخطابات وهذا يؤكد انه يمكن الجلوس مع الحوثيين والتفاوض معهم وطمأنتهم عبر منحهم ضمانات المشاركة كتفا بكتف مع باقي القوى السياسية اليمنية ، وان ذلك يمكن ان يتم اما عبر دستور يعطي الجميع حقوقا متساوية او يقر محاصصات مقبولة لجميع الاطراف وهكذا تسحب السعودية البساط من ايران تماما مستقطبة كل قوى اليمن الى جانبها. اما اذا قررت السعودية الاستمرار في الحرب فسوف تقع في ذات الورطة التي وقعت فيها امريكا في العراق والصومال وافغانستان. فهذا النوع من الحروب الذي لا يتم بين جيش نظامي وجيش نظامي آخر بل بين جيش نظامي ومليشيات لا يمكنها ان تنتهي ابدا. وما يثير مخاوفي الحقيقية من استمرار هذه الحرب هو ما يمكن ان تفتحه من ثغرات ضد السعودية في مجال القانون الدولي الانساني ، وما قد يترتب على ذلك من دعاوى جنائية دولية ، وهذا باب ان فتح فاغلاقه شديد الصعوبة وآثاره شديدة الوطأة. كذلك يجب ان تتخلى السعودية عن وقوفها ضد النظام السوري وان تحاول القيام بموازنات موضوعية ، لتقطع الطريق على ايران ، فبغض النظر عن الحق والباطل الا ان النظام السوري استطاع الصمود طوال هذه السنوات ، بل وهناك انقلاب كبير حدث فيما يتعلق بالعاطفة الجماهيرية العربية وخاصة بعد اعلان مصر ودول عربية أخرى رفضها لأي عدوان أجنبي على سوريا. لقد لاحظت ذلك في وسائل التواصل الاجتماعي حينما اعلن ترامب ضربته العسكرية ضد النظام السوري. في الحقيقة حقق اعلان ترامب هذا نصرا لنظام الاسد لم يكن يتوقعه ، وتم اعادة تاريخ العدوان الغربي على مصر في صورة سوريا باستخدام مسمى (العدوان الثلاثي) من جديد ، لقد وقفت غالبية الجماهير العربية ضد هذه الضربة ، لقد تابعت صفحة ترامب على الفيس وقد امتلأت بتعليقات تشجب وتندد بهذه الضربة حتى قبل ان تبدأ. ان النظام السوري حصل على نقطة دون ان يبذل مجهودا فيها مما استدعى ان يفي ترامب بوعده عبر قصف وهمي لم يعرف احد منطقه ولا قيمة نتائجه ولا حقيقته. ان سوريا -بغض النظر عن مكونها الطائفي- تنتهج منهجا عروبيا وهذا ما كان من المفترض ان يكون سبب عداء حقيقي مع ايران غير انها لم تجد من يقف معها سوى ايران والمصائب يجمعن المصابين. ان تعقيدات العلاقات السورية الخليجية قديمة جدا ، ولكن اعتقد ان السعودية قادرة على اعادة ترتيب اوراق اللعبة واستقطاب سوريا لخلق حزام عربي يحيط بايران. بدون هذه التغييرات في منهج السعودية سوف تجد ايران العديد من بؤر الصراع وهي كالفيروس الذي يبحث عن مواضع ضعف جهاز المناعة ثم يهاجمه فيها هجوما مستمرا ومرهقا حتى يتداهى الجسد بأكمله.
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
أمل الكردفاني
فيس بوك
تويتر
انستقرام
يوتيوب
بنتيريست