في هذه الايام ونتيجة للاحتقان الشعبي الجماهيري العام ، ارتفعت اصوات النظام الاعلامية وشيوخ المساجد يحذرون من ان ما يحدث مفتعل من الشيوعيين ، وبات كل حدث يتم الصاقه بالحزب الشيوعي الذي لا انتمي له بل اختلف معه ايدولوجيا بالكامل . يعتقد البعض من المثقفين ان هذا غباء من النظام ، لكن هذا ليس حقيقيا. فما يقوم به النظام ليس لأن انصار النظام خائفين من الشيوعية ، بل لأن هذا في علم النفس الامني يسمى بحصر العدو الواحد... اي خلق عدو واحد يتم اشاعة انه خطر على الشعب واستقراره وامنه .. مما يوفر غطاء لاي عمليات قمع ضد اي شخص اخر سواء شيوعي او غير شيوعي بحجة انه شيوعي ... هكذا تفعل اغلب الانظمة تماما كما حدث في امريكا في عهد المكارثية ، حيث قام جهاز الاستخبارات الامريكي باثارة الخوف لدى الشعب الامريكي من الشيوعية وترتب على ذلك اعتقالات وقمع بالجملة لاشخاص ليس لهم علاقة بالشيوعية ومنهم علماء وادباء وفنانين ... وكذلك تفعل باقي الدول في حالة الازمات ... فمنهج حصر العدو الواحد منهج في علم النفس الامني يتم تدريسه لدى الكليات الامنية. ويترتب على خلق عدو واحد وتصويره كجوهر اسباب الاختناق الذي يعاني منه المواطن شعور الشعب فعلا بالكره لهذا العدو ويصبح مبررا امامه اي عمليات قمع تتم حتى ولو كانت عمليات كيدية لا علاقة لها بالعدو المحصور. لقد قام هتلر ايضا بخلق عدو واحد وشيطنته في عقول الشعب الالماني وهو اليهود وما ترتب على ذلك من عمليات ابادة ومحرقة بشعة جدا ، وايضا الاسرائيليين اليوم خلقوا من حماس عدوا واحدا يتم تصديره للشعب الاسرائيلي لتبرير عمليات القمع ضد الفلسطينيين ، وذات هذا الامر حينما يتم توجيه مشاعر الشعوب الى عدو واحد لتحصل الانظمة على شرعية ارتكاب عمليات خارج نطاق القانون والشرعية الدولية. ولذلك فصراخ اعلام النظام وابواقه وخطبائه وشيوخ دينه باسم الشيوعية هو عمل منظم وممنهج لخلق حالة سخط وحنق لدى الجماهير التي ستعتقد بالفعل ان الشيوعيين الكفار هم سبب ازماتهم الاقتصادية والاجتماعية. منهج حصر العدو الواحد مستقى اساسا من المرض النفسي ، فبعض المرضى النفسيين يخلقون عدوا واحدا ويعتبرونه سبب آلامهم ومأساتهم. فمثلا قابلت شابا لديه اشكالية تجاه الاحباش ، فهو يعتقد انهم سبب ضياع البلد ويمارس عنفا لفظيا وجسديا مستمرا ضدهم . وهناك من يعتبر شخصا ما او جنسا ما او عرقا ما او لونا ما هو سبب اشكالياته عموما. فعقل الانسان غالبا ما يبحث عن شماعة يعلق عليها مشاكله وآلامه . الا تلاحظوا معي كيف ان الكثير من الناس يؤمنون بالعمل كسبب من اسباب امراضهم التي هي في الحقيقة امراض نفسية. وكيف يستغل الدجال وهم حصر العدو الواحد حين يقول للمرأة بعينين متسعتين جزعتين: في مرأة عاملة ليك عمل.... فينقبض صدر المرأة ويكفهر وجهها حنقا وكرها لهذه المرأة الموهومة التي صورها لها الدجال كحقيقة. فالمرأة لم يتم عمل لها ولا شيء ولكنها مستعدة نفسيا لتعليق مشاكلها على وجود شخص آخر يكرهها ويعمل لها السحر الاسود لالحاق الضرر بها. وكذلك تفعل الانظمة دموقراطية او دكتاتورية وان كانت اكثر في الدكتاتوريات حيث يتم حصر عدو واحد أمام اعين الشعب وتصويره كسبب للبلاء كتبرير للقمع.
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة