يتحدث الناس في مجالسهم عن ظواهر غريبة على المجتمع وثقافته ، ويكتب من يهتمون بالشأن العام عن سلوكيات لا تشبه أخلاق أهل البلد ، وتنقل الصحف ووسائل الإتصال الإجتماعي جرائم لم تكن معروفة من قبل ، وكل هذه الظواهر السالبة التي نتكلم عنها وغيرها نتحدث عنها ثم نتفرج عليها ولا نقوم بخطوة للتصدي لها ، بل نجاريها ونقلدها ، فإذا كنا نعتبرها منكراً فلماذا لا نسعى لتغيرها بإعتبارنا أعضاء في هذا المجتمع على قدر ما تسعه مقدراتنا ؟ السلوك السلبي تجاه مشكلة ما ، يوفر الفرصة للمشكلة للتمدد والإنتشار ، و المحاربة ، تعني أن نكون إيجابيين بمعنى أن يكون لأفراد المجتمع أنفسهم دورا أساسياً في هذه العملية ، إضافة إلي ما تقوم به أجهزة الدولة الرسمية ، من خلال القانون . فمثلاً ظاهرة التسول ، لا يحق لفرد أو مجموعة طوعية أن تمنع من يمارسون هذه الظاهرة ، هذا من إختصاص أجهزة الدولة ، والجرائم التي تحدث كذلك ، لكن هناك ظواهر يمكن للفرد والمجتمع التصدي لها ، مثلا ما يحدث في صالات الأفراح ، وحتى في هذه هناك جزئية تدخل في إختصاص أجهزة الدولة ، لكن ما يمكن أن يقوم به المجتمع له النصيب الأكبر في المحاربة ، فمثلا ما يحدث في صالات الأفراح مثل الزفة المستجلبة وما يتبعها من تفاصيل لم تكن من عادات وتقاليد الزواج التي ننسبها لمجتمعنا ، والذين أدخلوا هذه الممارسات هم فئة من الطحالب والإنتهازيين من بعض أصحاب هذه الصالات الذين يبحثون عن الربح على حساب تقاليد وأخلاقيات المجتمع ، ويشاركهم أغنياء الغفلة من الذين إغتنوا فجأة ، يجرون وراء كل ما هو غريب عن قيم وأخلاق المجتمع ، فليسألوا أنفسهم هل أصحاب أيا من السلوكيات التي يقلدونها نقل من عاداتهم السودانية شيء ؟ فلماذا يقلدون الآخرين هل هو شعور بالنقص أم شعور بأنهم أعلى من بقية الناس ؟ ثم نسأل أنفسنا لماذ نجاريهم نحن إذا كنا لا نقبل هذه الممارسات ؟ أرفض أنت يا صاحب الشأن أن تكون هذه الفقرات جزء من إحتفالك في الصالة ، لماذا ننقاد لأمثال هؤلاء من عديمي الإنتماء وميتي الضمير الذين لا يهمهم سوى التكسب من أخلاقنا ، هؤلاء ليس بقدوة صالحة حتى ننقاد لهم ونقلدهم ، ولماذا نكلف أنفسنا فوق طاقتها ليكون الإحتفال في صالة إيجارها بمبالغ خرافية ؟ أين الأندية في الأحياء ؟ . مثال آخر ظاهرة الغلاء ، نتحدث عن جشع التجار ولم نتوقف عن شراء السلع التي يرتفع ثمنها . إذا أردنا أن نقف في وجه هذه الظاهرة علينا التخلي عن السلعة التي يرتفع ثمنها وليكن ذلك تدريجيا ، إذا كنت تشتري مقدار معين من سلعة قلل من الكمية وإتخذ تدابير أخرى لا تحرمك من السلعة كليا حتى تتمكن أن تقلع عنها نهائيا بإيجاد بدائل ، فماذا يضيرك أن لم يحتوي ( الملاح ) على اللحم يوميا مثلاً ؟ . وهناك السلوكيات الغريبة على المجتمع الأكاديمي الوقور ألا وهي ظاهرة حفلات التخريج ، فما يحدث في هذه الحفلات سبة في جبين العلم ، هذه الحفلات التي تماثل حفلات الزار تتضمن طقوساً لا تشبه العلم وأهله ، فالذين يشاركون في هذه الحفلات من الجنسين يخضب يديه بالحناء ، ويختار له أغنية تصدح بها مكبرات الصوت عندما ينادى على أسمه ليعتلي المسرح والغريب أن بعض الأساتذة في بعض الجامعات يشاركون في هذه المهزلة ، أما الأهل فحدث ولا حرج يشاركون أبنهم أو بنتهم الرقص . ورغم قرار الوزارة بمنع هذه الحفلات لكنها تمارس . وكان على الجامعات أن تكون أكثر حزما وتدعم قرار الوزارة بإجراءات من شأنها أن تقضي على هذه الظاهرة التي لا تليق بالعلم ، وعلى الوزارة أن تلزم الجامعات بإقامة حفلات التخرج الرسمية حسب لوائح الجامعة . فالرسوم التي تدفع لهذه الحفلات أولى بها الجامعات لتنظيم حفل التخرج الرسمي ، وتماشيا مع وقار العلم إذا أراد أبناء الدفعة الإحتفال فليكن بعد حفل التخرج الرسمي من خلال حفل شاي مبسط ويمكن أن يختم بمشاركة مطرب وليكن في مقر إتحاد الطلبة أو حتى في الجامعة نفسها . البذخ في بيوت العزاء : الأغنياء الجدد جعلوا من بيوت العزاء مناسبة إجتماعية وفروا لها كل ما لذ وطاب من الطعام والشراب وأصبح بيت العزاء مثله مثل بيت العرس ، وكما قلدهم البعض في أعراسهم البذخية التي من عجائبها أن أحدهم أحضر الشيلة من الهند ، وأن شيلة أحدهم تضمنت عربات للعروس وذويها ، قلدوهم في بذخ بيوت العزاء ، وأصبحت الضيافة التي كان يقدمها شباب الحي والأقارب في بيوت العزاء ، يقدمها عمال الخدمات من محلات المناسبات ، والطعام الي كان يتم إعداده بواسطة نساء الجيران والحي الآن يتم إعداده طباخين مستأجرين ،التقليد المتبع في السابق كان يستند إلي مكونات المجتمع ، و كان أحد العوامل التي تعمل على تقوية أواصر التماسك في الإجتماعي ، وهو وسيلة من وسائل إنتقال القيم والتقاليد الإجتماعية للأجيال الجديدة . وهذه التغييرات يرى البعض فرضها التطور الذي حدث في مجتمع المدينة ، لكن حتى لو سلمنا بذلك هل التطور يعني القفز على ما هو إيجابي من قيم وتقاليد المجتمع ؟ هذا ليس تطورا بل هو تقليد أعمى . مجاراة ومحاكاة تلك الشرائح الطحلبية تكلف البعض ثمنا باهظا ، فهناك بعض الناس يكلف نفسه فوق طاقتها لهذه المظاهر التفاخرية الجوفاء . ويحضرنا في هذا المقام ما قامت به أحد المجموعات الإجتماعية نقدمه كنموذج للسلوك الإيجابي الذي يمكن أن يُحتذى إذ ألزمت هذه المجموعة كل أعضائها أن يكون الطعام الذي يقدم في بيوت العزاء موحدا ( فتة ) بمثل هذا الموقف يمكن تحجيم هذه الظواهر السالبة . مجاراة وتقليد مثل هذه الظواهر السالبة تجعلنا شركاء في هدم قيمنا وعاداتنا الحميدة التي تدعم تماسكنا الإجتما عي .
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
د.الصادق محمد سلمان
فيس بوك
تويتر
انستقرام
يوتيوب
بنتيريست