تعليق حول الإتفاقية العربية لمكافحة الفساد لسنة 2010 بقلم: د. محمود أبكر دقدق

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 04-25-2024, 09:49 AM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
04-10-2018, 04:35 PM

محمود ابكر دقدق
<aمحمود ابكر دقدق
تاريخ التسجيل: 03-06-2016
مجموع المشاركات: 57

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
تعليق حول الإتفاقية العربية لمكافحة الفساد لسنة 2010 بقلم: د. محمود أبكر دقدق

    04:35 PM April, 10 2018

    سودانيز اون لاين
    محمود ابكر دقدق-الدوحه
    مكتبتى
    رابط مختصر

    قانوني وباحث mailto:[email protected]@gamil.com
    وتساب: 0097470600296
    المقدمة
    لقد تركت إتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد أث ًرا إيجاب ًيا على بقية التجمعات الإقليمية؛ حيث كانت هناك خطوة عظيمة وعمل مقدام في مكان آخر من الكرة الارضية وتحدي ًدا في العالم العربي، الذي لم يشأ متخذي القرار فيه أن يبقوا بعي ًدا عما يجري حولهم، فاتخذ الوطن العربي خطوة مماثلة بتبني الاتفاقية العربية لمكافحة الفساد لسنة ٢٠١٠، وهي اتفاقية ذات أهمية خاصة لما تمثله من تقدم نحو الاتجاه الصحيح في مواجهة ظاهرة الفساد التي باتت تأخذ أشكا ًلا مختلفة وأوضا ًعا متفاوتة، وبخاصة الفساد المؤسسي الذي يع ُّد الأخطر أث ًرا ويصيب مؤسسات الدول بالدمار والتخلف، وذلك عندما يتكامل الفساد الإداري مع الفساد المالي، وفي ظل غياب الرقابة أو ضعفها، فض ًلً عن التأثيرات الكارثية على التنمية والاستقرار والرفاه الاجتماعي؛ مما يؤدي إلى تعميم مظاهر الفساد وتوطينه في القيم المجتمعية. وهنا يأتي دور الاتفاقية العربية لتعمل كحائط صد في مواجهة الفساد المستشري لأجل تصويب عملية متراكمة من الممارسات الفاسدة؛ مما سيرتد في آخر المطاف إيجا ًبا على التنمية البشرية والاجتماعية والنهوض بحقوق
    الإنسان، والاستقرار السياسي.
    الجهود التي سبقت الاتفاقية العربية لمكافحة الفساد
    تعتبر الاتفاقية العربية لمكافحة الفساد لسنة 2010 (الاتفاقية العربية – فيما بعد) من الاتفاقيات العربية الحديثة في مجال مكافحة الفساد على مستوى العالم العربي، ولقد جاءت الاتفاقية متأخرة بعض الشيء مقارنة بالتقدم الهائل الذي شهدته المناطق الأخرى؛ حيث نجد أن التجمعات الإقليمية والقارية الأخرى قد حققت تقد ًما ملحو ًظا في مجال التقنين لمكافحة الفساد من سنين خلت؛ حيث نجد منظمة الدول الأمريكية تبنت اتفاقية البلدان الأمريكية لمكافحة الفساد عام 1996، ثم نجد من بعد ذلك القارة الأوروبية حيث اتفاقية مكافحة الفساد بين موظفي الجماعات الأوروبية أو موظفي الدول الأعضاء، في الاتحاد الأوربي، التي اعتمدها مجلس الاتحاد الأوربي في 26 مايو1997 واتفاقية مكافحة رشوة الموظفين العموميين الأجانب في المعاملًت التجارية الدولية، التي اعتمدتها منظمة التعاون والتنمية في الميدان الاقتصادي في 21 نوفمبر1997، واتفاقية القانون الجنائي بشأن الفساد، التي اعتمدتها اللجنة الوزارية لمجلس أوروبا في 27 يناير ١٩٩٩، واتفاقية القانون المدني بشأن الفساد، التي اعتمدتها اللجنة الوزارية لمجلس أوروبا في 4 نوفمبر 1999، واتفاقية الاتحاد الإفريقي لمنع الفساد ومحاربته، التي اعتمدها رؤساء دول وحكومات الاتحاد الإفريقي في 12 يوليو 2003. وجاءت الاتفاقية
    العربية على إثر هذه الجهود الدولية والإقليمية كعملية ثرة لها ما بعدها.
    1
    مشروع الاتفاقية العربية لمكافحة الفساد
    في الاجتماع المشترك لخبراء مجلسي وزراء العدل والداخلية العرب بالجامعة العربية لمناقشة مشروع الاتفاقية العربية لمكافحة الفساد، قال السيد/عبد الله الكيلًني نائب رئيس الإدارة القانونية بالجامعة العربية وممثل الجامعة في الاجتماع: "إن الاتفاقية العربية لمكافحة الفساد توفر فرصة طيبة للدول العربية الأعضاء في الاتفاقية لإجراء المواءمة التشريعية اللًزمة لأنظمتها القانونية، حتى تبدو أكثر تواف ًقا واتساقًا مع أحكام هذه الاتفاقية، مع ضرورة إنشاء هيئة وطنية لمكافحة الفساد ليتسنى لها متابعة تنفيذ الالتزامات الواردة في الإتفاقية من قبل الجهة المعنية. وأضاف نستطيع أن نلمس جدية الدول الأعضاء وإظهارها للإرادة السياسية في الالتزام بنصوص ومواد الاتفاقية من حيث مراجعتها وتعديلها وتطويرها للتشريعات والقوانين الناظمة لمحاربة الفساد، وليس فقط من إصدار قوانين غير قابلة للتطبيق، أي مجرد حبر على ورق، ودون تفعيلها على أرض الواقع، وبدون وجود نصوص عقابية رادعة حتى نكون جمعاً شركاء في عملية الرقابة والتنمية والإصلًح والتغيير) ومثل هذا الحديث من ذوي الاختصاص يشرح
    الأسباب التي دعت الدول العربية لتبني هذه الاتفاقية ذات الأهمية التي لا تقدر بثمن.
    ومن جهة أخرى نجد أن مشروع الاتفاقية كان قد عبر عن حالة القلق العميق للدول العربية نسبة للصلًت المباشرة بين الفساد وسائر أشكال الجريمة، وخصو ًصا الجريمة المنظمة والجريمة الاقتصادية بما فيها غسل الأموال. ويشتمل مشروع الاتفاقية على سياسات التصدي للفساد، والتي تتضمن تدابير عامة لمنع الفساد، وكذلك تدابير خاصة في مجالات الإدارة وإنفاذ القانون. وفي تقديرنا يأتي مشروع اتفاقية مكافحة الفساد تعبي ًرا عن اقتناع الدول العربية
    بضرورة التعاون العربي لمنع الفساد ومكافحته باعتباره ظاهرة عابره للحدود الوطنية. البناء الهيكلي والقانوني للًتفاقية أو ًلا: الاتفاقيات العربية لمكافحة الفساد لسنة 2010
    وضعت الاتفاقية العربية مجموعة متباينة من الالتزامات على عاتق الدول الأطراف فيها، كصياغة أنظمة تج ّرم أفعا ًلا معينة، كالرشوة، واستغلًل النفوذ، وغسل الأموال، والإثراء غير المشروع، وغسل عائدات الفساد، ونحو ذلك، كما تهدف لعدة أمور أخرى، منها: تعزيز التدابير الرامية إلى الوقاية من الفساد ومكافحته وكشفه بكل أشكاله، وسائر الجرائم المتصلة به وملًحقة مرتكبيها، وتعزيز النزاهة والشفافية والمساءلة، وتعزيز التعاون العربي في ذلك، وتشجيع الأفراد ومؤسسات المجتمع المدني على المشاركة الف ّعالة لمنع ومكافحة الفساد، ومن الأهداف سالفة الذكر هذه تتضح أهمية الاتفاقية العربية، والتي نجاحها يقوم ويرتكز في النهاية على التعاون الدولي الف ّعال ، حيث إن التعاون في مجال مكافحة الفساد، هو لب هذه الاتفاقية وجوهرها، وهو عنوانها الأساسي، وبدونه لن يتم تحقيق أهدافها؛ لأن الفساد في عالم اليوم يتحرك بين الحدود الدولية تما ًما كما ينشط في داخل الدول، لأجل ذلك جاءت أغلب مواد هذه
    الاتفاقية مل ِزمة بالتعاون، ومب ّينة أهميته في مكافحة الفساد.
    حررت هذه الاتفاقية العربية لمكافحة الفساد باللغة العربية على اعتبارها اللغة الرسمية الوحيدة لجامعة الدول العربية - وهو أمر نادر الحدوث أن يجد المرء تجم ًعا إقليم ًيا يتحدث لغة واحدة كما هو الحال لدى جامعة الدول العربية - وقد حررت الاتفاقية بمدينة القاهرة في جمهورية مصر العربية في 1432/1/15هـ، الموافق 2010/12/21م من أصل واحد، وبلغة واحدة هي اللغة العربية، أودعت بالأمانة العامة لجامعة الدول العربية، وتحدي ًدا لدى الأمانة الفنية لمجلس
    2
    وزراء العدل العرب، ونسخة مطابقة للأصل تسلم للأمانة العامة لمجلس وزراء الداخلية العرب، على أن تسلم كذلك نسخة مطابقة للأصل لكل دولة من الدول الأطراف. وإثباتًا لذلك، قام أصحاب السمو ومعالي وزراء الداخلية والعدل العرب، بتوقيع هذه الاتفاقية نيابة عن دولهم. وذلك اقتنا ًعا منهم بأن التنسيق والتعاون والتكامل فيما بين الدول الأطراف إنما يخدم الأهداف السامية للأمة العربية، وتمثل استكما ًلا لما بدأته من جهود في مختلف المجالات الحيوية التي تهم
    شعوبها وتحقق طموحاتها نحو مستقبل أفضل وصو ًلا إلى وحدة دولها.
    ولقد جاءت الاتفاقية العربية علي إثرتبني اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد لسنة 2003، وقد مثلت الأخيرة ال ِنّ ْب َرا َس واِتَّ َخذَتهُ الدول العربية قُ ْد َوةً َومثا ًلا والذي إهتدت بموجبه وهي تضع إطا ًرا قانون ًيا موح ًدا للدول الأطراف لمكافحة الفساد، وفق نظامها الداخلي وذلك حتى تتمكن هذه الدول من إنشاء هيئات وطنية لمكافحة الفساد في كل دولة، والاستفادة من الخبرات المتبادلة في هذا المجال. وتطبيقًا لذلك فقد أقرت الدول العربية الاتفاقية العربية، استجابةً منها، وتف ّه ًما
    لمخاطر الفساد.
    ثان ًيا: الديباجة
    تظهر الديباجة رغبة الدول العربية الموقعة لتبني هذه الاتفاقية واقتنا ًعا منها بأن الفساد ظاهرة إجرامية متعددة الأشكال ذات آثار سلبية على القيم الأخلًقية والحياة السياسية والنواحي الاقتصادية والاجتماعية. وتظهر الديباجة الرغبة في تفعيل الجهود العربية والدولية الرامية إلى مكافحة الفساد والتصدي له بما في ذلك تسليم المجرمين وتقديم المساعدة القانونية المتبادلة، وكذلك استرداد الممتلكات، باعتبار الفساد ظاهرة عابرة للحدود الوطنية. وتتميز ديباجة هذه الاتفاقية بأنها قصيرة حيث تتكون من خمس فقرات فقط، بينما تتكون ديباجة اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد لسنة 2003 من خمس عشرة فقرة حسب صياغة النص الأصلي
    للًتفاقية.
    وبينت ديباجة الاتفاقية العربية لمكافحة الفساد اقتناع الدول العربية بأن الفساد ظاهرة إجرامية متعددة الأشكال، سلبية الآثار وقد أظهرت الدول رغبتها في مكافحة الفساد والتصدي له، وأكدت ذلك بقولها: "والتزاما منها بالمبادئ الدينية السامية والأخلًقية النابعة من الأديان السماوية ومنها الشريعة الإسلًمية الغراء وبأهداف ومبادئ ميثاق جامعة الدول العربية وميثاق الأمم المتحدة والاتفاقيات والمعاهدات العربية والإقليمية والدولية في مجال التعاون القانوني والقضائي والأمني للوقاية ومكافحة الجريمة ذات الصلة بالفساد، والتي تكون الدول العربية طرفًا فيها
    ومنها اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد".
    ثالثًا: محتوى الاتفاقية العربية وتقسيماتها
    تتكون الاتفاقية العربية لمكافحة الفساد لسنة ٢٠١٠، من خمس وثلًثين مادة شاملة، بعكس النهج الذي اتبعته اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد لسنة ٢٠٠٣ من حيث تقسيم الاتفاقية إلى فصول تتناول مختلف المواضيع، فإن الاتفاقية العربية أوردت المواد الخمس والثلًثين جملة واحدة دون تقسيمها إلى فصول تحمل رؤوس تلك المواضيع، بيد أن ترتيب المواد من حيث تناول الموضوعات جاء على نسق الاتفاقية الأم وأعني بذلك اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد لسنة ٢٠٠٣، مع ملًحظة أن الاتفاقية العربية لمكافحة الفساد أوردت خمس وثلًثين مادة، وهي أقل من نصف مواد اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد والتي تتكون من إحدى وسبعين مادة،
    ُمقسمة إلى ثمانية فصول، تسبقها ديباجة شاملة.
    3
    راب ًعا: الأحكام العامة للًتفاقية
    المادة الأولى تتناول التعريفات اللًزمة، لبيان القصد من أهم الكلمات التي تعول إليها الاتفاقية لإيصال معنى محد ًدا لكل كلمة إستخدمت في صياغة الاتفاقية ، والتعبير بصورة قاطعة تعبر عن قصد المشرع. وتبدأ الاتفاقية بتعريف الدولة، وهي الدولة الطرف في الاتفاقية أي تلك التي صادقت أو انضمت إلى الاتفاقية، وقد جعل المشرع الدولة التي أودعت وثائق الانضمام أو التصديق دولة طرفًا في الاتفاقية، والحكمة وراء ذلك تبدو واضحة، وهو عدم رهن عضوية الدولة المودعة للوثائق بأي إجراءات لاحقة تتخذها الأمانة العامة لجامعة الدول العربية، حيث تعتبر طرفا في الاتفاقية ، وفق المادة ٣٥ فقرة ٤ من الاتفاقية، والتي تقرأ: "يجوز لأية دولة عضو في جامعة الدول العربية غير موقعة على هذه الاتفاقية أن تنضم إليها بعد سريانها ودخولها حيز النفاذ، وتعتبر الدولة طرفًا فيها بمضي ثلًثين يو ًما على إيداع وثيقة التصديق أو
    الانضمام لدى الأمانة العامة لجامعة الدول العربية".
    خام ًسا: مفهوم الموظف العام
    عرفت المادة الأولى الموظف العمومي تعريفًا مان ًعا جام ًعا، وأوردت مختلف مسمياته، وأهمية ذلك أن الموظف العمومي هو مفتاح الخدمة العامة التي تؤديها الدولة في جميع المجالات ومختلف الأصعدة، كما أن الموظف العمومي عنص ًرا حاس ًما في تلك الأعمال التي تفضي إلى الفساد، فقد عرفت الاتفاقية الموظف العمومي بأنه: "أي شخص يشغل وظيفة عمومية أو من يعتبر في حكم الموظف العمومي وفقا لقانون الدولة الطرف في المجالات التنفيذية أو التشريعية أو القضائية أو الإدارية، سواء أكان معينًا أو منتخ ًبا دائ ًما أو مؤقتًا، أو كان مكلفا بخدمة عمومية لدى الدولة الطرف، بأجر أم بدون أجر". وهنا أحسن المشرع صن ًعا عندما وضع الموظفين العموميين في السلطات التشريعية الثلًث على قدم المساواة، وأهمية ذلك أن معظم الموظفين العمومين في السلطة القضائية يتمتعون بحصانات قوية تجعلهم بمنأى عن المساءلة، كما أن التعريف أعلًه يشمل أعضاء الأجهزة التشريعية أو البرلمانات بحسبهم موظفين منتخبين، وهو ما قصده المشرع بعبارتي ( ُمعينا أو ُمنتخبا) ويستوي وضع الموظف العام إذا كان يتقاضى أج ًرا أو يعمل دون أجر، ودون النظر لما يتقاضاه من أجر أو يؤدي العمل دون أجر، فالعبرة هو التكليف بالعمل من قبل الدولة سواء كان بصفة دائمة أم مؤقتة، وفي ذات السياق نجد أن الاتفاقية العربية ع َّرفت الموظف العمومي الأجنبي بأنه: "أي شخص يشغل وظيفة تشريعية أو تنفيذية أو إدارية أو قضائية لدى بلد أجنبي، سواء أكان معينا أم منتخبا، دائما أو مؤقتا، وأي شخص يمارس وظيفة عمومية لصالح بلد أجنبي، أو لصالح جهاز عمومي أجنبي أو مؤسسة عمومية أجنبية"، وتعتبر جهة العمل الأجنبية هي الفيصل بينه وبين الموظف العمومي. أما موظف المؤسسة الدولية العمومية هو أي موظف مدني دولي أو أي شخص تأذن له مؤسسة
    دولية عمومية بأن يتصرف نيابة عنها.
    أي ًضا عرفت المادة الأولى الممتلكات بأنها: "الموجودات بكل أنواعها، سواء أكانت مادية أم غير مادية، منقولة أم غير منقولة، والمستندات أو الصكوك القانونية التي تثبت ملكية تلك الموجودات أو وجود حق عليها"(). وهذا التعريف مهم لتطبيق الاتفاقية عندما يتعلق الأمر بالإجراءات القانونية اللًزمة لتنفيذ الاتفاقية بالشرط المتعلق بضبط العائدات الإجرامية، والتجميد أو الحجز أو المصادرة، عندما يتعلق الأمر بالتعاون الدولي في مجال إنفاذ القانون. وعرفت المادة الأولى الفقرة (6) العائدات الإجرامية بأنها: "أي ممتلكات متأتية أو متحصل عليها، بشكل مباشر أو
    غير مباشر، من ارتكاب أي من أفعال الفساد المجرمة وفقا لهذه الاتفاقية".
    4
    ساد ًسا: أهداف الاتفاقية
    المادة الثانية تتناول أهداف الاتفاقية، لقد اتبعت الاتفاقية العربية نه ًجا مغاي ًرا لذلك النهج المتبع من قبل اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد لسنة ٢٠٠٣، حيث أوردت الأخيرة معظم أهداف ومرامي الاتفاقية ضمن الديباجة التي جاءت شاملة لكل ما تسعى الاتفاقية إلى تحقيقه. فيما
    أوردت الاتفاقية العربية الأهداف في المادة (2) على النحو التالي:
    1. تعزيز التدابير الرامية إلى الوقاية من الفساد ومكافحته وكشفه بكل أشكاله، وسائر الجرائم المتصلة به وملًحقة مرتكبيها.
    2. تعزيز التعاون العربي على الوقاية من الفساد ومكافحته وكشفه واسترداد الموجودات. 3. تعزيز النزاهة والشفافية والمساءلة وسيادة القانون.
    4. تشجيع الأفراد ومؤسسات المجتمع المدني على المشاركة الفعالة في منع ومكافحة الفساد.
    وبقراءة الأهداف الأربعة أعلًه يكون المشرع العربي قد أوصد الباب على نفسه من أن يحقق مزي ًدا من الأهداف والغايات التي تتجدد مع الأيام بشأن مكافحة الفساد، والتي تمليها الممارسة العملية، فعلى سبيل المثال لم نجد هدفًا يرمي للتعاون بين المنظمة العربية وغيرها من المنظمات غير العربية وخارج الوطن العربي، حيث حصرت الفقرة ٢ من المادة الثانية التعاون تحت عبارة "تعزيز التعاون العربي على الوقاية من الفساد ومكافحته وكشفه واسترداد الموجودات"()، وفي تقديرنا أن التعاون يمكن أن يتجاوز حدود العالم العربي لتعقب الأموال والعائدات الإجرامية والكشف عن الجرائم ذات الصلة بالفساد. كما أن الفقرة الرابعة من ذات المادة أغفلت القطاع الخاص كأهم شريك في محاربة الفساد ومنعه، عندما تحدثت عن أهداف الاتفاقية بينما عاد المشرع ليتحدث عن التعاون بين السلطات الوطنية والقطاع الخاص في مجال التحقيق والملًحقة، كما جاء بالمادة العاشرة من الاتفاقية، ومن جهة أخرى اكتفت الاتفاقية العربية بذكر الأفراد ومنظمات المجتمع المدني، وغني عن القول إن الأشخاص الاعتباريين يختلفون عن الأفراد الذين ورد ذكرهم بهذه المادة، وإن كنا نرى أن إيراد كلمة أشخاص بد ًلا عن كلمة أفراد لكونها تغطي الشخص الطبيعي والشخص المعنوي، لذلك فإن كلمة شخص
    أشمل.
    ساب ًعا: التجريم ومسؤولية الشخص الاعتباري
    المادة الرابعة تناولت بعض الأفعال على سبيل الحصر باعتبارها أفعالا مجرمة وفقا للًتفاقية على أن تقوم كل دولة وفقا لنظامها القانوني الداخلي بتجريم تلك الأفعال عندما ترتكب قص ًدا أو عم ًدا، إلا أن ذلك لا يعني بأي حال أن الدول الأطراف في الاتفاقية مقيدة بهذه الأفعال حص ًرا، بل يمكن أن تجرم المزيد من الأفعال إذا رأت الدولة العضو ضرورة لذلك التجريم، إلا أنه لا يجوز الأخذ ببعض الأفعال الواردة في الاتفاقية وترك البعض الآخر؛ لأنها تشكل الحد الأدنى من الأفعال التي يجب أن تجرم والتي تم التوافق عليها بين الدول الأعضاء في الاتفاقية، وهذه
    الأفعال هي: 1- الرشوة في الوظائف العمومية.
    5
    2- الرشوة في شركات القطاع العام والشركات المساهمة والجمعيات والمؤسسات المعتبرة قانونا ذات نفع عام.
    3- الرشوة في القطاع الخاص.
    4- رشوة الموظفين العموميين الأجانب وموظفي المؤسسات الدولية العمومية فيما يتعلق بتصريف الأعمال التجارية الدولية داخل الدولة الطرف.
    5- المتاجرة بالنفوذ. 6- إساءة استغلًل الوظائف العمومية. 7- الإثراء غير المشروع. 8- غسل العائدات الإجرامية. 9- إخفاء العائدات الإجرامية المتحصلة من الأفعال الواردة في هذه المادة. 10- إعاقة سير العدالة. 11- اختلًس الممتلكات العامة والاستيلًء عليها بغير حق. 12- اختلًس ممتلكات الشركات المساهمة والجمعيات الخاصة ذات النفع العام والقطاع
    الخاص.
    13- المشاركة أو الشروع في الجرائم الواردة في هذه المادة.
    وتجدر الإشارة هنا إلي التطور النوعي في تجريم الرشوة حيث كان المفهموم التقليدي السائد في العالم العربي بل وفي جميع أنحاء العالم أن الرشوة جريمة مرتبطة بالموظف العمومي الذي له علًقة بعمل الدولة، لكن نجد أن الإتفاقية العربية سارت علي نهج إتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد لسنة 2003م وذلك بتجريم الرشوة في القطاع الخاص الأمر الذي يتطلب مواءمة تشريعية تقوم بها الدول الأعضاء بشأن تعريف الرشوة للخروج عن المفهوم
    التقليدي للرشوة.
    المادة الخامسة تناولت مسؤولية الشخص الاعتباري وذلك للدور المتعاظم للشركات والهيئات والمؤسسات وخلًفها من الأشخاص الاعتبارية الأخرى، في منظومة الأفعال المرتبطة بالفساد، وقد تركت الاتفاقية الباب مفتو ًحا للدول الأعضاء لكي تعتمد ما قد يلزم من تدابير، بما يتفق مع نظامها القانوني؛ لتقرير المسؤولية الجزائية أو المدنية أو الإدارية للشخص الاعتباري عن
    الجرائم الواردة في هذه الاتفاقية، دون المساس بالمسؤولية الجزائية للشخص الطبيعي.
    ثامنًا: الملًحقة والمحاكمة والجزاءات والولاية القضائية
    عالجت المادة السادسة من الاتفاقية العربية لمكافحة الفساد الملًحقة والمحاكمة والجزاءات، وذلك من خلًل إجراءات التحقيق والمحاكمة وتنفيذ العقوبة، مع مراعاة خطورة الجرائم ذات الصلة بالفساد، بشرط ألا تؤثر تلك التدابير في نزاهة المحاكمة أو المساس بمعايير المحاكمة
    العادلة المتعارف عليها دول ًيا، ونذكر بعض أهم تلك المعايير وهي: 1. الحق في الاستعانة بمحام قبل المحاكمة.
    6
    2. الحق في الاتصال بالعالم الخارجي. 3. الحق في المثول أمام قاض أو مسؤول قضائي آخر على وجه السرعة. 4. الحق في الطعن في مشروعية الاحتجاز. 5. الحقوق والضمانات خلًل مراحل التحقيق . 6. الحق في أوضاع إنسانية أثناء الاحتجاز، وعدم التعرض للتعذيب وغيره من ضروب
    المعاملة القاسية. 7. الحق في المساواة أمام القانون والمحاكم. 8. الحق في المحاكمة أمام محكمة مختصة مستقلة ونزيهة ُمش َّكلة وفق أحكام القانون. 9. حظر تطبيق القوانين الجنائية بأثر رجعي، أو محاكمة المتهم على الجريمة نفسها
    مرتين.
    10. الحق في الاستئناف.
    تلك هي الحدود الدنيا التي يجب مراعاتها كقواعد عامة بشأن أي محاكمة عادلة سواء تعلقت بالفساد أم بغيره من الجرائم، فالذي يهتم بجريمة ذات صلة بالفساد يجب أن يعامل كمتهم له كامل الحقوق وفق المبادئ التي تحفظ كرامة البشروهي مبادئ منصوص عليها في أغلب دساتير دول العالم بما فيها دساتير الدول العربية. أما عن التدابير الواجبة على الدول، هي أن تتخذ كل دولة طرف التدابير اللًزمة وفقا لنظامها القانوني؛ لتكفل لسلطة التحقيق المختصة أو المحكمة حق الاطلًع أو الحصول على أي بيانات أو معلومات تتعلق بحسابات مصرفية إذا اقتضى ذلك كشف الحقيقة في أية جريمة من الجرائم المشمولة بهذه الاتفاقية، وإقرار الجزاءات على أن تراعى فيها خطورة تلك الجريمة، مع اتخاذ أية عقوبات تبعية أو تكميلية على المحكوم عليهم بارتكاب الجرائم المشمولة بهذه الاتفاقية، وتحديد مدة تقادم طويلة لأي جريمة مشمولة
    بهذه الاتفاقية.
    وإذا نظرنا إلى المادة السابعة من الاتفاقية العربية نجدها تتناول التجميد والحجز والمصادرة، وذلك بأن تعتمد كل دولة طرف - إلى أقصى حد ممكن وفقا لنظامها القانوني - التدابير اللًزمة للتمكن من مصادرة العائدات الإجرامية والممتلكات أو المعدات أو الأدوات الأخرى التي استخدمت أو كانت معدة للًستخدام في ارتكاب جرائم، وأن تعتمد كل دولة طرف ما قد يلزم من تدابير تشريعية وتدابير أخرى لتنظيم وإدارة واستخدام الممتلكات المجمدة أو المحجوزة أو المصادرة أو المتروكة والتي هي عائدات إجرامية وفقا لقانونها الداخلي، ويجب أن تشمل هذه التدابير معايير بشأن إرجاع الممتلكات المضمونة التي تظل تحت تصرف الشخص الذي له حق فيها. فيما تتناول المادة الثامنة التعويض عن الأضرار من جراء فعل من أفعال الفساد والتأكيد على الحق في رفع دعوى للحصول على تعويض عن تلك الأضرار، وهو أمر معمول به في
    جميع الدول وفق المبدأ القائل: "كل فعل سبب ضر ًرا للغير يلزم من ارتكبه بالتعويض".
    بينت المادة التاسعة مسألة الولاية القضائية والتي بموجبها تخضع الجرائم المنصوص عليها في هذه الاتفاقية للًختصاص القضائي للدولة الطرف، وذلك في أي من الأحوال التالية إذا:
    أ- ارتكب الجرم أو أي فعل من أفعال ركنه المادي في إقليم الدولة الطرف المعنية.
    7
    ب- ارتكب الجرم على متن سفينة ترفع علم الدولة الطرف أو طائرة مسجلة بمقتضى قوانينها وقت ارتكاب الجرم.
    ج- ارتكب الجرم ضد مصلحة الدولة الطرف أو أحد مواطنيها أو أحد المقيمين فيها.
    د- ارتكب الجرم أحد مواطني الدولة الطرف أو أحد المقيمين فيها إقامة اعتيادية أو شخص عديم الجنسية يوجد مكان إقامته المعتاد في إقليمها.
    هـ- كان الجرم أحد الأفعال المجرمة بموجب المادة (الرابعة/ح) من هذه الاتفاقية ويرتكب خارج إقليمها بهدف ارتكاب فعل مجرم داخل إقليمها.
    و- كان المتهم مواطنا موجودا في إقليم الدولة الطرف ولا تقوم بتسليمه.
    تتناول المادة العاشرة تدابير الوقاية والمكافحة بغية منع الفساد، وذلك بوضع وتنفيذ وترسيخ سياسات فعالة منسقة للوقاية من الفساد ومكافحته، والتي من شأنها تعزيز مشاركة المجتمع بكافة ألوان الطيف فيه، وتجسيد مبادئ سيادة القانون وحسن إدارة الشؤون والممتلكات العمومية والنزاهة والشفافية والمساءلة، وذلك عبر تقييم دوري للتشريعات والتدابير الإدارية ذات الصلة، ودعم نظم الشفافية ومدونات ومعايير سلوك الوظيفة العامة بغية الوقاية من الفساد ومكافحته. كما نصت الفقرة الثامنة من المادة العاشرة على الإجراءات اللًزمة لمنع الفساد في القطاع الخاص بأن تتخذ كل دولة طرف ما قد يلزم من تدابير، وفقًا لقوانينها الداخلية ولوائحها المتعلقة بمسك الدفاتر والسجلًت، والكشف عن البيانات المالية، ومعايير المحاسبة ومراجعة الحسابات؛ لمنع القيام بالأفعال التي تجرمها الاتفاقية. وتطبق هذه التدابير على القطاعين الخاص والعام
    بحسب السياق والمقتضى في كل حالة.
    تاس ًعا: هيئة أو هيئات لمنع ومكافحة الفساد
    في تقديرنا بأن جوهر التنفيذ يعتمد ليس فقط على قيام الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد، بل على ضرورة خلق هيئة قوية ومستقلة مال ًيا وإدار ًيا، وأن يكون لها دور في تعزيز التعاون مع الهيئات النظيرة في الدول الأخرى؛ بهدف التعاون في شأن مكافحة الفساد، والجريمة المنظمة عبر الوطنية ذات الصلة بالفساد، وذلك نسبة لأنه لم يعد بإمكان أي دولة مهما بلغت قوتها أن تواجه بمفردها هذه الجرائم، التي تشكل خط ًرا داه ًما على كيان الدول وأسسها الاقتصادية والاجتماعية والسياسية، وفي هذا الصدد نجد الفقرتين (11-10) من المادة العاشرة من الاتفاقية العربية تنصان على أن تكفل كل دولة طرف، وفقا للمبادئ الأساسية لنظامها القانوني، وجود
    هيئة أو هيئات، حسب الاقتضاء، تتولى منع ومكافحة الفساد، بوسائل مثل: أ- تنفيذ السياسات المشار إليها في هذه المادة والإشراف على تنفيذها عند الاقتضاء. ب- زيادة المعارف المتعلقة بالوقاية من الفساد وتعميمها.
    وتقوم كل دولة طرف، وفقا للمبادئ الأساسية لنظامها القانوني، بمنح الهيئة أو الهيئات المشار إليها في الفقرة (10) من هذه المادة ما يلزم من استقلًلية؛ لتمكين تلك الهيئة أو الهيئات من الاضطلًع بوظائفها بصورة فعالة وبمنأى عن أي تأثير لا مسوغ له. وينبغي توفير ما يلزم من موارد مادية وموظفين متخصصين، وكذلك ما قد يحتاج إليه هؤلاء الموظفون من تدريب للًضطلًع بوظائفهم. فض ًلً عن ذلك نجد أن هناك آلية تنشأ عن طريق مؤتمر الدول الأعضاء للقيام بمهام تحددها الدول الأطراف، وتعمل على مستوى الدول الأطراف وذلك وفق ما نصت
    8
    عليه المادة (33) فقرة 7 من الاتفاقية العربية والتي جاء فيها: "ينشئ مؤتمر الدول الأطراف، إذا ما رأى ضرورة لذلك أي آلية أو هيئة مناسبة للمساعدة على تنفيذ الاتفاقية تنفيذًا فعا ًلا". وفي تقديرنا أن تعاو ًنا فعا ًلا يجب أن ينشأ بين الأجهزة الوطنية وهذا الجهاز المشار إليه، من أجل
    التنسيق والتطبيق الأمثل للًتفاقية العربية.
    عاش ًرا: دور منظمات المجتمع المدني في مكافحة الفساد
    منظمات المجتمع المدني دائ ًما ما تكون على تماس مباشر مع كل مكونات الدولة وعلى كافة المستويات، وهي تملك قاعدة من المعلومات عن الممارسات في معظم أنشطة الحياة اليومية، بما في ذلك الممارسات الفاسدة ومكمن الفساد، وفي أحيان كثيرة تكون على دراية وعلم بتفاصيل كثيرة عن الفساد، لذلك نرى أنه من الممكن الاستفادة من هذه البيانات عند القيام بأي عمل من أعمال مكافحة الفساد ومنعه، وفي هذا المقام نجد المادة الحادية عشرة من الاتفاقية تتناول المشاركة الفعالة للمجتمع المدني في منع الفساد ومكافحته، وفي ذلك اعتراف من المشرع العربي على الأدوار ال ُمهمة التي يمكن أن تضطلع بها شبكات ومنظمات المجتمع المدني؛ بما في ذلك تعزيز الحماية المجتمعية من آثار الفساد، والتعريف به، وتقديم الدعم إلى ضحاياه ومساعدتهم من أجل اللجوء إلى القضاء والحصول على التعويض اللًزم. وفي تقديري أن لهذه المادة أهمية كبيرة، وذلك لما لمؤسسات المجتمع المدني من دور حيوي كشركاء حقيقين بشكل عام، وكقوى للرقابة الشعبية بشكل خاص، ويعتبرون من الركائز الأساسية والمهمة
    المرجوة من مكافحة للفساد ومنعه.
    وقد نصت المادة الحادية عشرة من الاتفاقية على أن: "تتخذ كل دولة طرف تدابير مناسبة لتشجيع مؤسسات المجتمع المدني على المشاركة الفعالة في منع الفساد ومكافحته وينبغي تدعيم هذه المشاركة بتدابير مثل:
    1- توعية المجتمع بمكافحة الفساد وأسبابه وجسامته وما يمثله من خطر على مصالحه.
    2- القيام بأنشطة إعلًمية تسهم في عدم التسامح مع الفساد وكذلك برامج توعية تشمل المناهج المدرسية والجامعية.
    3- تعريف الناس بهيئات مكافحة الفساد ذات الصلة المشار إليها في هذه الاتفاقية وأن توفر لهم سبل الاتصال بتلك الهيئات ليتمكنوا من إبلًغها عن أي حوادث قد يُرى أنها تشكل فع ًلً مجر ًما وفقًا لهذه الاتفاقية".
    حادي عشر: التدابير القضائية وحماية المبلغين والشهود
    مما لا شك فيه أن العدل أساس الحكم وعنوان سيادة القانون، ومن المتفق عليه أن مسؤوليه إقامة العدل تقع على كاهل القضاء بمعناه الواسع والذي يشمل القضاء الواقف والجالس - كما يحلو للبعض ذلك - فالقاضي ووكيل النيابة العامة والمحامي والشرطي القائم على تنفيذ أوامر القضاء جميعهم يؤدون مهام قضائية يكمل بعضها البعض ؛ لتشكل ما يعرف بتنفيذ القرارات القضائية ولأهمية ذلك فقد تناولت المادة الثانية عشرة من الاتفاقية استقلًل الجهاز القضائي وأجهزة النيابة العامة، إدرا ًكا من واضعي الاتفاقية بأهمية ذلك لضمان مكافحة الفساد؛ خاصة وأن مرتكبي جرائم الفساد لن يدخروا جه ًدا من أجل التأثير على استقلًل ونزاهة القضاء. ونظ ًرا لأهمية استقلًل القضاء وما له من دور حاسم في مكافحة الفساد، نصت المادة الثانية عشرة على أن: "تتخذ كل دولة طرف، وف ًقا للمبادئ الأساسية لنظامها القانوني، كل ما من شأنه
    9
    ضمان وتعزيز استقلًل القضاء وأعضاء النيابة العامة وتدعيم نزاهتهم وتوفير الحماية اللًزمة لهم".
    ثاني عشر: عواقب أفعال الفساد
    المادة الثالثة عشرة من الاتفاقية عالجت مسألة عواقب أفعال الفساد، والتي تتطلب إجراءات قانونية فيما يتعلق بالأعمال المرتبطة بالفساد بغرض محاصرتها ومنعها من الاستمرار، وإنتاج آثار قانونية بأي صورة كانت، مع إيلًء الاعتبار الواجب لما اكتسبته الأطراف الأخرى من حقوق بحسن نية، حيث إن المتصرف بحسن نية يجب ألا يضار؛ لأنه لم يكن سيء النية ولم يكن يعلم عند الإقدام على الفعل على أنه مرتبط بالفساد، ولا يعلم بما يشوب العلًقة السابقة من عمل غير مشروع، وهو مبدأ من المبادئ القضائية، والقواعد القانونية والفقهية المستمدة من الأديان ومن النظريات الفكرية. على أن تقوم كل دولة طرف، وفقا للمبادئ الأساسية لقانونها الداخلي، باتخاذ تدابير تتناول عواقب الفساد. وفي هذا السياق، يجوز للدول الأطراف أن تعتبر الفساد عاملً ذا أهمية في اتخاذ إجراءات قانونية لإلغاء أو فسخ العقد أو سحب امتياز أو غير
    ذلك من الصكوك المماثلة أو اتخاذ أي إجراء آخر يحفظ الحقوق ويحميها ويعيدها لأصحابها.
    ثالث عشر: حماية المبلغين والشهود والخبراء والضحايا
    تتناول المادة الرابعة عشرة حماية المبلغين والشهود والخبراء والضحايا، وهو إجراء متعارف عليه في الأوساط القانونية بحيث يحق للشاهد أو الخبير في أي قضية ـــ إذا ما كانت هناك أسباب جدية من شأنها أن تعرض حياته أو سلًمته الجسدية أو مصالحه الأساسية أو حياة أفراد أسرته أو أقاربه أو سلًمتهم الجسدية أو مصالحهم الأساسية للخطر أو لضرر مادي أو معنوي إذا ما أدلى بشهادته أو إفادته ـــ أن يطلب من وكيل الملك أو الوكيل العام للملك أو قاضي التحقيق -حسب الأحوال- تطبيق إحدى الإجراءات اللًزمة مثل: إخفاء هوية الشاهد أو الخبير في المحاضر والوثائق التي تتعلق بالقضية المطلوبة وتضمين هوية مستعارة أو غير صحيحة للشاهد أو الخبير في المحاضر والوثائق التي ستقدم أمام المحكمة بشكل يحول دون تعرف الغير على هويته الحقيقية؛ أو عدم الإشارة إلى العنوان الحقيقي للشاهد أو الخبير. وعلى الدولة الطرف أن توفر الحماية القانونية اللًزمة للمبلغين والشهود والخبراء والضحايا الذين يدلون بشهادة تتعلق بأفعال تجرمها الاتفاقية، وتشمل هذه الحماية أقاربهم والأشخاص وثيقي الصلة بهم
    من أي انتقام أو ترهيب محتمل.
    رابع عشر: مساعدة الضحايا
    مساعدة الضحايا أحد المحاور الأساسية في مكافحة الفساد، وهي تعني اتخاذ القواعد الإجرائية الملًئمة لتعويض الضحايا عن الضرر الذي لحق بهم، عن طريق متابعة تفعيل القانون الوطني الذي يعتمد مبادئ ومعايير ووحدات حسابية دقيقة تراعي جبر الضر وإنصاف الضحية جراء الممارسات المرتبطة بالفساد، والتعويض وجبر الضرر يتم في تقديرنا في الحالات الفردية والجماعية، ففي حالة تعدد الضحايا يجب مراعاة المساواة بينهم كأساس للتعويضات، ونرى ضرورة اتخاذ تلك الإجراءات بصورة عالية من الشفافية، وقد بينت ذلك المادة (15) من الاتفاقية، والتي جاء فيها: "يتعين على كل دولة طرف أن تضع قواعد إجرائية ملًئمة توفر لضحايا الجرائم المشمولة بهذه الاتفاقية سبل الحصول على التعويض وجبر الأضرار. ويتعين على كل دولة طرف أن تتيح، رهنا بقانونها الداخلي، إمكانية عرض آراء الضحايا وأخذها بعين
    10
    الاعتبار في المراحل المناسبة من الإجراءات الجنائية المتخذة بحق الجناة على نحو لا يمس بحقوق الدفاع".
    خامس عشر: التعاون لإنفاذ الاتفاقية
    تضمنت الاتفاقية العربية مفهوم التعاون بين الدول الأعضاء للوصول إلى شراكة تفضي إلى مكافحة ومنع الجرائم المرتبطة بالفساد، وفي الواقع فإن المادة (16) تشكل مجموعة من الحوافز معززة بالخدمات المتبادلة التي تريدها كل دولة عضو من الأخرى. فيما تهدف المادة (17) لوضع الضوابط لآلية للتعاون بين السلطات والأفراد الذين يشاركون في ارتكاب جريمة؛ بما يمكن لذلك التعاون إذا ما تم العمل بفاعلية أن يؤدي إلى تحقيق فوائد ملموسة بشأن التحقيق
    والإثبات، وسوف نتناول التعاون المشار إليه فيما يلي:
    1. التعاون في مجال إنفاذ القوانين
    الدولة لا تستطيع أن تعمل علي تحقيق أهداف الاتفاقية لوحدها مهما حاولت فعل ذلك؛ لأن العديد من عمليات الفساد تتم في أكثر من دولة، وأحيانًا في أكثر من قارة وأكثر من إقليم؛ لأجل ذلك فالدولة دائ ًما ما تكون بحاجة إلى غيرها من الدول والمؤسسات لإنفاذ الاتفاقية، ومن هنا كان لزا ًما على الدول أن تكون قابلة وقادرة على التفاعل والتعاطي مع الآخرين على أساس العوامل المشتركة بين الدول الساعية لمكافحة الفساد. وقد نظمت المادة السادسة عشرة من الاتفاقية العربية لمكافحة الفساد مسألة التعاون في مجال إنفاذ القوانين وطبيعة هذا التعاون، وعلًقه الدولة العضو مع باقي الدول التي تقاسمها ذات القيم والمفاهيم في مجال مكافحة الفساد. وتنص المادة السادسة عشرة على أن: "تتعاون الدول الأطراف فيما بينها تعاونا وثيقا، بما يتفق والنظم القانونية والإدارية الداخلية لكل منها، من أجل تعزيز فاعلية تدابير إنفاذ القوانين الرامية
    إلى منع ومكافحة الجرائم المشمولة بهذه الاتفاقية، وذلك من خلًل":
    1. تبادل المعلومات عن الوسائل والأساليب التي تستخدم لارتكاب الجرائم المشمولة بهذه الاتفاقية أو إخفائها بما في ذلك الجرائم التي ترتكب باستخدام التكنولوجيا الحديثة والكشف المبكر عنها.
    2. التعاون على إجراءات التحريات بشأن هوية الأشخاص المشتبه في ضلوعهم بجرائم مشمولة بهذه الاتفاقية وأماكن وجودهم وأنشطتهم، وحركة العائدات والممتلكات المتأتية من ارتكاب تلك الجرائم.
    3. تبادل الخبراء.
    4. التعاون على توفير المساعدة التقنية لإعداد برامج أو عقد دورات تدريبية مشتركة، و خاصة بدولة أو مجموعة من الدول الأطراف عند الحاجة للعاملين في مجال الوقاية ومكافحة الجرائم المشمولة بهذه الاتفاقية، بغية تنمية قدراتهم العلمية والعملية ورفع مستوى أدائهم.
    5. عقد حلقات دراسية وندوات علمية للوقاية ومكافحة الجرائم المشمولة بهذه الاتفاقية.
    6. إجراء وتبادل البحوث والدراسات والخبرات المتعلقة بالوقاية ومكافحة الجرائم المشمولة بهذه الاتفاقية.
    7. إنشاء قاعدة بيانات عن التشريعات الوطنية وتقنيات التحقيق وأنجح الممارسات والتجارب ذات الصلة في مجال الوقاية ومكافحة الجرائم المشمولة بهذه الاتفاقية.
    11
    والمجالات السبعة المذكورة أعلًه تشكل إطا ًرا عري ًضا لمجالات التعاون بين الدول الأعضاء في الاتفاقية لضمان حسن تنفيذ الاتفاقية، لكنها ليست حصرية، أي بمعني أنها لا تق ّيد الدول فيما إذا أرادت أن تتعاون حول المزيد من المجالات طالما أنها لا تتعارض مع الأهداف والمرامي التي تنشدها الاتفاقية. وفي المقابل نجد المادة السابعة عشرة تحدثت عن التعاون مع سلطات إنفاذ القانون، وذلك بأن تتخذ كل دولة طرف تدابير مناسبة لتشجيع الأشخاص ـــ الذين يشاركون أو شاركوا في ارتكاب جريمة مشمولة بهذه الاتفاقية ـــ على تقديم معلومات مفيدة إلى السلطات المختصة لأغراض التحقيق والإثبات، وعلى توفير مساعدة فعلية محددة للسلطات المختصة يمكن أن تسهم في حرمان الجناة من عائدات الجريمة واسترداد تلك العائدات. وذلك بالنظر في إمكانية تخفيف عقوبة المتهم أو إعفائه من الملًحقة إذا قدم عونًا كبي ًرا في عمليات التحقيق أو الملًحقة بشأن جريمة مشمولة بهذه الاتفاقية. وفي تقديري أن تعاون الأشخاص متصور وبقدر كبير في هذه الحالة لإحساس العامة بأن لهم نصيب في الأموال العامة التي يتم اختلًسها أو سرقتها، وبالتالي من المصلحة أن يتعاون العامة أفرا ًدا ومؤسسات لمحاربة الفساد
    ومحاولة منعه وبالتالي صيانة المال العام وحفظه.
    وليس بالضرورة إخضاع جميع المتهمين للمعايير الجنائية نفسها، بل هي سلطة تقديرية للجهات المعنية بتقدير العون الذي يقدمه كل متهم منفر ًدا، هل هو عون كبير يساعد في عمليات التحقيق أو الملًحقة بشأن جريمة مشمولة بهذه الاتفاقية، أم هو عون ثانوي. والحكمة من وراء إقرار هذه المادة ـــ في تقديري ـــ تخدم مصالح العدالة وتسهل الوصول إلى البينات واسترداد الموجودات المتعلقة بالجريمة. وفي حالات الملًحقة المنصوص عليها في الفقرة (3) من هذه المادة تكون المصالح المادية المتحصلة من الفساد في أغلب الأحيان مغرية ج ًّدا؛ مما تضعف الرغبة في التعاون مع السلطات المعنية بالتحقيق والتقاضي؛ مما يتطلب اعتماد أخلًقيات صارمة وآليات مراقبة مقرونة بالتحفيز من أجل تقديم معلومات مفيدة إلى السلطات المختصة
    لأغراض التحقيق والإثبات.
    2. التعاون بين السلطات بين الاجهزة الداخلية للدولة العضو
    المادتان الثامنة عشرة والتاسعة عشرة من الاتفاقية تتناولان التعاون بين السلطات المدنية داخل الدولة العضو في الاتفاقية؛ بما في ذلك التعاون مع القطاع الخاص وخصوصا المؤسسات المالية، على أن تتخذ كل دولة طرف ـــ وفقا لقانونها الداخلي ـــ "ما قد يلزم من تدابير لضمان التعاون بين سلطاتها العمومية، وكذلك موظفيها العموميين من جانب، وسلطاتها المسؤولة عن التحقيق في الأفعال الإجرامية وملًحقة مرتكبيها من جانب آخر، على أن يشمل ذلك التعاون المبادرة بإبلًغ سلطات التحقيق حيثما تكون هناك أسباب وجيهة للًعتقاد بأنه جرى ارتكاب أي من الأفعال المجرمة الواردة في المادة الرابعة من هذه الاتفاقية"(). على أن: "تشجيع رعاياها وغيرهم من الأشخاص الذين يوجد مكان إقامتهم المعتاد في إقليمها على إبلًغ السلطات الوطنية
    المعنية بالتحقيق والملًحقة عن ارتكاب فعل مجرم وفقا لهذه الاتفاقية".
    3. المساعدة القانونية المتبادلة
    المادة العشرون وتعتبر هي المادة الأطول في الاتفاقية العربية من حيث عدد الفقرات والتي بلغت ثمان ًيا وعشرين فقرة، تنظم المساعدة القانونية المتبادلة بين الدول الأطراف في الاتفاقية؛ بهدف تعزيز التعاون وتبادل الخبرات فيما بينها، وتبادل المشورة والمساعدة القانونية في
    12
    المسائل المتعلقة بهذه الاتفاقية. وقد تناولت المادة العشرون مجالات المساعدة القانونية بشكل مفصل مع بيان التزامات الدول الأعضاء في هذا المجال، وعلى رأسها ـــ في تقديرنا ـــ تسمية كل دولة طرف سلطة مركزية تكون مسؤولة عن تلقي طلبات المساعدة القانونية المتبادلة وتنفيذها، ويجوز أن تكون هذه السلطة قائمة بذاتها أو مندمجة في جهاز آخر، مع إبلًغ الأمين العام لجامعة الدول العربية باسم تلك السلطة المركزية. وأن تقدم الدول الأطراف بعضها إلى بعض أكبر قدر ممكن من المساعدة القانونية المتبادلة في التحقيقات والملًحقات والإجراءات
    القضائية المتصلة بالجرائم المشمولة بالاتفاقية، وذلك لأي من الأغراض التالية:
    ♣ الحصول على أدلة أو أقوال أشخاص، وتبليغ المستندات القضائية، وتقديم المعلومات والمواد والأدلة وتقييمات الخبراء، والكشف عن عائدات الجريمة وتجميدها واقتفاء أثرها فض ًلً عن تيسير مثول الأشخاص طواعية في الدولة الطرف الطالبة.
    ♣ تنفيذ عمليات التفتيش والحجز والتجميد، وفحص الأشياء ومعاينة المواقع. وتقديم أصول المستندات والسجلًت ذات الصلة، وتحديد العائدات الإجرامية أو الممتلكات أو الأدوات أو الأشياء الأخرى أو اقتفاء أثرها لأغراض إثباتية. وأي نوع آخر من المساعدة لا يتعارض مع
    القانون الداخلي للدولة الطرف متلقية الطلب.
    سادس عشر: التوفيق بين سرية العلًقة المصرفية، وتنفيذ بنود الاتفاقية
    نصت المادة (20) من الاتفاقية العربية التي نحن بصددها في فقرتها رقم (21) على أنه: "لا يجوز للدولة الطرف أن ترفض تقديم المساعدة القانونية المتبادلة بمقتضى هذه المادة بحجة السرية المصرفية". وهنا يثور تساؤل حول كيفية التوفيق بين سرية العلًقة المصرفية، وتنفيذ بنود الاتفاقية، وفي هذا نقول: إن العلًقة بين البنك وعملًئه تتسم بما يسمى بــ "الخصوصية"، وبموجبها تقوم أعمال البنوك ونشاط دور الصرافة وتصريف أمور التجار بالسرية اللًزمة والكتمان، حتى صارت عرفًا بين الناس. إلا أن عد ًدا من الدول اتجهت اليوم إلى تقي ّيد هذه الخصوصية والسرية بتشريعات تلزم المصارف بالكشف عن أسرار عملًئها، وتمنح الجهات الخارجية حق الاستفادة من خفايا أعمال المشتبه بهم، أو إذا ما انتاب نشاط العميل شك أو شبهة فساد أو قامت بينة على تعلق الموجودات بفعل مخالف لهذه الاتفاقية، أو غيرها من الاتفاقيات، نذكر منها اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد، واتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الجريمة عبر الوطنية، وبهذا باتت هذه السرية اليوم على المحك. ونضيف بأن الإفشاء يجب أن يشمل كل المعلومات التي يقدمها العميل في جميع مراحل تعامله مع البنك بما في ذلك المعلومات التي يقدمها عند فتح الحساب، بل وحتى لو لم يفتح العميل ذلك الحساب وإنما اكتفى بإبداء الرغبة في
    ذلك.
    ونرى أنه يجب ألا يقتصر التعاون على الإفادات التي يقدمها العميل عند فتح الحساب أو بعد ذلك، بل يشمل كل ما يتعلق بالعميل من معلومات؛ حتى تلك التي يجمعها البنك بنفسه عنه من مصادر أخرى، وكذلك الاستنتاجات والملًحظات التي يسجلها البنك في دفاتره عن ذلك العميل. ليس للبنك أن يقرر ما إذا كانت المعلومات عن عميل من العملًء مهمة أو غير مهمة، بل كل ذلك يرجع للجهة التي تتطلب البيانات؛ حتى مجرد كون أن حسا ًبا قد فتح للعميل يعد أم ًرا سر ًيا، كما أنه ليس للمعلومات المطلوبة حد زمني؛ فحتى بعد إقفال ذلك الحساب وسحب أموال من
    البنك. سابع عشر: نقل الإجراءات الجنائية
    13
    الفقرة (22) من المادة (20) من الاتفاقية عالجت مسألة غاية في الأهمية؛ ألا وهي حالة وجود شاهد أو خبير في إقليم دولة طرف في الاتفاقية، وأن سماع إفادته تعتبر منتجة في إجراءات متخذة في دولة أخرى طرف، وذلك عندما يكون شخص ما موجو ًدا في إقليم دولة طرف ويُراد سماع أقواله، كشاهد أو خبير، أمام السلطات القضائية لدولة طرف أخرى، ويكون ذلك ممكنا ومتسقا مع المبادئ الأساسية للقانون الداخلي، يجوز للدولة الطرف أن تسمح ـــ بناء على طلب الدولة الأخرى ـــ بعقد جلسة الاستماع عن طريق البث المباشر، إذا لم يكن ممكنًا أو مستحسنًا مثول الشخص المعين في إقليم الدولة الطرف الطالبة.() ويجوز للدولتين الطرفين أن تتفقا على أن تتولى إدارة جلسة الاستماع سلطة قضائية تابعة للدولة الطرف الطالبة وأن تحضرها سلطة قضائية تابعة للدولة الطرف متلقية الطلب. على أن تتحمل الدولة الطرف متلقية الطلب التكاليف العادية لتنفيذ الطلب، ما لم تتفق الدولتان الطرفان المعنيتان على غير ذلك. وإذا كانت النفقات
    ضخمة أو غير عادية، وجب على الدولتين الطرفين المعنيتين التشاور بشأن التكاليف.
    المادة (20) الفقرة (25) من الاتفاقية تناولت مسألة ُمهمة؛ ألا وهي حماية الشهود والخبراء، وهي ذات الحماية التي أقرتها اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد في المادة (٣٣)، ولعل الحكمة من هذه الحماية واضحة لكون الشهود والخبراء هم مصدر المعلومة والبينة الأولى حول الجريمة المدعى ارتكابها، وهذا يجعل الشخص المبلغ في وضع يحتاج فيه إلى الحماية القانونية أثناء وبعد إجراءات التقاضي. وللقيام بمهمات حماية الشهود والمبلغين والتي قد تكون معقدة، أو تأخذ بع ًدا إقليميا أو دوليا، فإن الأمر يتطلب درجة من التعاون بين الدول الأطراف لإقرار تلك الحماية التي ترمي إليها الاتفاقية. وبنا ًء على ذلك لا يجوز ملًحقة أو احتجاز أو معاقبة أي شاهد أو خبير أو شخص آخر يوافق ـــ بناء على طلب الدولة الطرف الطالبة ـــ على الإدلاء بشهادة في إجراءات قضائية، أو على المساعدة في تحريات أو ملًحقات أو إجراءات قضائية في إقليم الدولة الطرف الطالبة، أو إخضاعه لأي إجراء آخر يقيد حريته الشخصية في ذلك
    الإقليم، بسبب أي فعل أو إغفال أو حكم إدانة سابق لمغادرته إقليم الدولة الطرف متلقية الطلب.
    ثامن عشر: التعاون لأغراض المصادرة
    المادة (21) من الاتفاقية تتضمن التعاون الدولي لأغراض المصادرة والتصرف في عائدات الجرائم المصادرة أو الممتلكات المصادرة، هو شكل آخر من أشكال التعاون الدولي، وهو ما تناولته المادة (55) من اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد لسنة 2003، ولم يختلف عن ذلك المشرع العربي فقد سار على ذات النهج في المادة (21) من الاتفاقية العربية لمكافحة الفساد، وذلك عند تلقي دولة طرف في الاتفاقية طلبا من دولة طرف أخرى لها ولاية قضائية على جريمة مشمولة بالاتفاقية من أجل مصادرة ما يوجد في إقليمها من عائدات إجرامية أو ممتلكات أو معدات أو أدوات أخرى، أن تقوم، إلى أقصى مدى ممكن في إطار نظامها القانوني الداخلي
    – دون المساس بحقوق أطراف ثالثة حسنة النية - بأي مما يلي:
    أ) أن تحيل الطلب إلى سلطاتها المختصة لتستصدر منها أمر مصادرة، وأن تضع ذلك الأمر موضع النفاذ في حال صدوره.
    ب) أن تحيل إلى سلطاتها المختصة أمر المصادرة الصادر عن محكمة في إقليم الدولة الطرف الطالبة، بهدف إنفاذه بالقدر المطلوب.
    ويجوز رفض التعاون بمقتضى هذه المادة أو إلغاء التدابير المؤقتة إذا لم تتلق الدولة الطرف متلقية الطلب أدلة كافية في حينها، أو إذا كانت الممتلكات ذات قيمة لا يعتد بها، على أن تقوم
    14
    كل دولة طرف بتزويد الأمين العام لجامعة الدول العربية بنسخ من قوانينها ولوائحها التي تضع هذه المادة موضع النفاذ، وبنسخ من أي تغييرات تدخل لاحقا على تلك القوانين واللوائح، أو بوصف لها. وتجدر الإشارة إلى أن أحكام المادة العشرين من هذه الاتفاقية تنطبق على هذه المادة، مع مراعاة ما يقتضيه اختلًف الحال. وفي تقديرنا أن التعاون لأغراض المصادرة تتصل بمجموعة أنشطة، وإن كانت تتم على مستوى العالم العربي وبين الدول الأطراف في الاتفاقية، فإن ذلك لا يغل يد الدول الأطراف بمفردها أن تبحث مع جهات دولية أخرى خارج الوطن العربي مثل: البنوك الدولية والمؤسسات المالية ومكتب الأمم المتحدة المعني بالمخ ِّدرات والجريمة، ووحدات المخابرات المالية وفرقة العمل المعنية بالإجراءات المالية، من أجل التعاون لأغراض المصادرة بهدف استرداد الموجودات المسروقة ، في إطار مبادرات فردية أو
    جماعية، خارج نطاق الاتفاقية العربية لمكافحة الفساد.
    تاسع عشر: نقل الإجراءات الجنائية وتسليم المجرمين ونقل المحكوم عليهم
    تعالج المواد: 22، 23، 24، من الاتفاقية العربية كيفية نقل المسائل الإجرائية، والأشخاص المحكوم عليهم والمجرمين من دولة طرف في اتفاقية إلى دولة طرف أخرى، متى ما كان ذلك في صالح العدالة، ويشترط عند تسليم المجرمين أن تكون الجرائم الخاضعة للتسليم مدرجة في عداد الجرائم المنصوص عليها في هذه الاتفاقية، ولا يجوز للدولة الطرف التي يسمح قانونها بذلك أن تعتبر أيا من الجرائم المشمولة بهذه الاتفاقية جرما سياسيا إذا ما اتخذت هذه الاتفاقية
    أساسا للتسليم.
    1. تسليم المجرمين
    ينظم القانون الدولي في أكثر من اتفاقية تسليم المجرمين الهاربين وتسليم المتهمين الذين لم تتم محاكماتهم بعد، أو ترحيل المحكوم عليهم في قضايا جنائية إلى الدولة ذات الولاية القضائية؛ باستثناء السياسيين الذين يتم اتهامهم على أساس سياسي وليس جنائي، ويخضع التسليم الدولي لمعاهدات خاصة واتفاقيات ثنائية وعامة، مع الإشارة إلى أنه تعتبر كل من الجرائم التي تنطبق عليها هذه الاتفاقية مدرجة في عداد الجرائم الخاضعة للتسليم في أي معاهدة لتسليم المجرمين قائمة بين الدول الأطراف. وتتعهد الدول الأطراف بإدراج تلك الجرائم في عدد الجرائم الخاضعة للتسليم في كل معاهدة تسليم تبرم فيما بينها. ولا يجوز للدولة الطرف أن ترفض طلب تسليم بحجة أن الجرم يتعلق بأمر سياسي أو مالي، وقد عالجت المادة (23) مسألة تسليم المجرمين بالمزيد من التفاصيل والجزئيات الإجرائية والموضوعية، وذلك عندما يكون الشخص موضوع طلب التسليم موجو ًدا في إقليم الدولة الطرف متلقية الطلب، شريطة أن يكون الفعل الذي يطلب بشأنه التسليم مجرما بمقتضى القانون الداخلي لكل من الدولة الطرف الطالبة
    والدولة الطرف متلقية الطلب.
    2. نقل الأشخاص المحكوم عليهم
    عالجت المادة (24) من الاتفاقية مسألة نقل الأشخاص المحكوم عليهم، في تقديرنا تأتي هذه المادة للتأكيد على حرص ورغبة الدول الأعضاء في الاتفاقية العربية في تمكين المحكوم عليهم من قضاء ما تبقى من العقوبة السالبة للحرية داخل وطنهم، وذلك لتسهيل عملية إدماجهم الاجتماعي، في إطار تمتين وتطوير علًقات الصداقة والتعاون بينها، ويجوز للدولة الطرف أن تنظر في إبرام اتفاقيات أو ترتيبات ثنائية أو متعددة الأطراف بشأن نقل الأشخاص الذين يحكم عليهم بعقوبة الحبس أو بأشكال أخرى من الحرمان من الحرية؛ لارتكابهم أفعالا مجرمة وفقا
    15
    لهذه الاتفاقية. ونضيف بأنه يمكن تقديم طلب النقل إما من طرف المحكوم عليه شخصيا، أو بواسطة ممثله القانوني الذي يرفع في هذا الشأن ملتمسا إلى إحدى الدولتين، ويكون هذا الطلب معززا بالوثائق اللًزمة، وفيما يتعلق بالعقوبات التي فرضتها الدولة المصدرة للحكم يكون
    مباشرة قابلً للتنفيذ في الدولة المنفذة. عشرون: التحقيقات المشتركة وأساليب التحري الخاصة 1. التحقيقات المشتركة
    في تقديرنا أن الهدف من التحقيقات المشتركة هو توفير منظومة تتيح للمحاكم وسلطات التحقيق المختصة فحص أساليب البينات والحقائق ومجريات التحقيق وإكماله بشكل قانوني سليم، وضمان أكبر فاعلية للتحقيقات أو الملًحقات أو الإجراءات القضائية في دولة واحدة أو أكثر، وفي حالة عدم وجود اتفاقيات أو ترتيبات من هذا القبيل، أو وفق ترتيبات ثنائية أو متعددة الأطراف. وأي ًضا حماية التحقيقات من الضياع بسبب غياب التنسيق بين الدول المعنية، وبمقدور التحقيقات المشتركة أن تؤدي إلى خلق منظومة التوثيق المستندي وتبادلها بين الدول، والتي يمكن أن تشمل كافة المستندات والوسائط بما فيها تقنية الصورة والصوت؛ وفق نظام شامل وواسع لعدد من القوانين تهدف لحماية كل من يخضع للتحقيق، تسمح للمحاكم بإجراء رقابة على التحقيقات، مع ملًحظة أن إجراء التحقيقات المشتركة تفتح الباب لتطبيقها على أي تهمه يمكن إدراجها تحت تعريف للفساد؛ بما في ذلك البيانات والأدلة الجنائية، وتحتم المنظومة على كافة الأطراف التعاون التام مع آلية التحقيق، وفقًا لقانونها الداخلي وأن تتخذ ما قد يلزم من تدابير لتمكين سلطاتها المختصة من استخدام أسلوب التسليم المراقب على النحو المناسب؛ من
    أجل تأمين التطبيق الفعال للمادتين(25)، (26) من الاتفاقية العربية .
    اثنان وعشرون: استرداد الممتلكات ومنع وكشف إحالة العائدات الإجرامية
    لعل مكافحة الفساد بصورة فعالة تتطلب تبني وسائل فعالة من قبيل آليات لكشف أدوات الفساد وعائداته وتجميدها وحجزها ومصادرتها وإرجاعها، وذلك عن طريق تيسير تبادل المعلومات والممارسات الجيدة والأفكار فيما بين الدول؛ وبناء الثقة وتشجيع التعاون بين الدول الطالبة والدول متلّقية الطلبات والاستجابة للًحتياجات في مجال بناء القدرات، وتشجيع التعاون بين المبادرات الثنائية والمتع ّددة الأطراف القائمة ذات الصلة. وتطبيقًا لذلك فقد تناولت الاتفاقية العربية هذه المسألة في المادة 27 منها والتي جاء فيها: "يعد استرداد الممتلكات مبدأ أساس ًيا في هذه الاتفاقية العربية، وعلى الدول الأطراف أن تمد بعضها البعض بأكبر قدر من العون
    والمساعدة في هذا المجال".
    وإنفــــاذًا للًتفاقيـــة العربيـــة وتطبيقًا للمادة ـــ ســالفة الذكر ـــ، فقد دعا وزراء العدل العرب في دورتم رقم 28 ـــ والتي انعقدت في القاهرة ـــ إلى ضرورة استرداد الأموال العربية المهربة، وناقش الاجتماع مقتر ًحا مصر ًيا بإنشاء محكمة عربية يكون اختصاصها رد الأموال المنهوبة والفصل في الطلبات المقدمة إليها من أي دولة عربية لاسترداد أموالها المنهوبة منها والموجودة لدى دولة عربية أخرى. وطلب المجلس من وزارة العدل المصرية إعداد مسودة أولية لمشروع اتفاقية عربية بإنشاء محكمة عربية يكون اختصاصها النظر والفصل في طلبات أي دولة عربية لاسترداد الأموال المنهوبة، وتعميم هذه المسودة على الدول العربية لإبداء ملًحظاتها، وعرضها على لجنة مشتركة من خبراء مجلس وزراء العدل العرب لمراجعة
    المشروع لعرضه على المجلس ومكتبه التنفيذي.
    16
    فيما عالجت المادة 28 من الاتفاقية مسألة منع وكشف وإحالة العائدات الإجرامية، وترمي هذه المادة إلى تب ِّين التحديات المرتبطة بتنفيذ المواد ذات الصلة والتدابير الممكنة للتص ِّدي بفعالية لتلك التحديات. والتدابير الواجب اتخاذها لحظر ونقل ملكية الممتلكات ومنع استيرادها وتصديرها بطرق غير مشروعة، والتي تتيح للأطراف المتعاقدة إمكانية تمديد التطبيق ليشمل الأقاليم التي تتحمل الأطراف المتعاقدة مسؤولية علًقاتها الدولية، على أن تتخذ كل دولة طرف، ما قد يلزم من تدابير ـــ وفقا لقانونها الداخلي ـــ لإلزام المؤسسات المالية الواقعة ضمن ولايتها القضائية بأن تتحقق من هوية العملًء وأن تتخذ خطوات معقولة لتحديد هوية المالكين المنتفعين
    بالأموال المودعة في حساباتهم، وأن تتخذ ما يلزم لمكافحة غسل الأموال، بما يلي:
    أ- إصدار إرشادات بشأن أنواع الشخصيات الطبيعية أو الاعتبارية التي يتوقع من المؤسسة المالية القائمة ضمن ولايتها القضائية أن تطبق الفحص الدقيق على حساباتها، وأنواع الحسابات والمعاملًت التي يتوقع أن توليها عناية خاصة، وتدابير فتح الحسابات والاحتفاظ بها ومسك
    دفاترها التي يتوقع أن تتخذها بشأن تلك الحسابات.
    ب- إبلًغ المؤسسات المالية القائمة ضمن ولايتها القضائية، عند الاقتضاء وبناء على طلب دولة طرف أخرى أو بناء على مبادرة منها هي، هوية شخصيات طبيعية أو اعتبارية معينة يتوقع من تلك المؤسسات أن تطبق الفحص الدقيق على حساباتها، إضافة إلى تلك التي يمكن
    للمؤسسات المالية أن تحدد هويتها بشكل آخر.
    فض ًلً ع َّما تقدم تتخذ كل دولة طرف تدابير تضمن احتفاظ مؤسساتها المالية، لفترة زمنية مناسبة، بسجلًت وافية للحسابات والمعاملًت التي تتعلق بالأشخاص المذكورين في الفقرة (1) من هذه المادة، على أن تتضمن، كحد أدنى، معلومات عن هوية العميل، كما تتضمن، قدر الإمكان، معلومات عن هوية المالك المنتفع بهدف منع وكشف عمليات إحالة العائدات المتأتية من أفعال مجرمة وفقا لهذه الاتفاقية، تتخذ كل دولة طرف تدابير مناسبة وفعالة لكي تمنع إنشاء مصارف ليس لها حضور مادي، ولا تنتسب إلى مجموعة مالية خاضعة للرقابة مع جواز رفض أو تجنب الدخول أو الاستمرار في علًقة مصرفية مع تلك المؤسسات؛ سواء كانت وطنية أم أجنبية. وإنشاء نظم فعالة لإقرار الذمة المالية، وفقا لقانونها الداخلي، بشأن الموظفين العموميين، وتنص على عقوبات ملًئمة على عدم الامتثال، وإلزام الموظفين العموميين المعنيين ـــ الذين لهم مصلحة في حساب مالي في بلد أجنبي أو سلطة توقيع أو سجلًت ملًئمة فيما يتعلق بتلك الحسابات ـــ بأن يبلغوا السلطات المعنية عن تلك العلًقة وأن يحتفظوا بسجلًت ملًئمة بشأنها. ويتعين أن تنص تلك التدابير ـــ أيضا ـــ على جزاءات مناسبة على عدم الامتثال
    لتلك التدابير المشار اليها.
    ثالث وعشرون: التعاون الخاص وإجراءات إرجاع الممتلكات والتصرف فيها
    وهي فكرة لم تكن إلا وليدة الرغبة الأكيدة في التعاون الدولي بشأن محاصرة الجريمة منذ فترة طويلة، والعالم العربي ليس ببعيد عن ذلك التعاون، ومن هنا كانت فكرة التعاون الخاص وهي أكثر تطو ًرا، من مضمون التعاون الذي بينته المادة (16) من هذه الاتفاقية في مجال إنفاذ القانون. فالتعاون الخاص وفق المادة 29 من الاتفاقية يتم بمبادرة خالصة من دولة ترى ضرورة إخطار دولة أخرى طرف بمعلومات قد تساعد الدولة الطرف المتلقية على استدلال أو إجراء تحقيقات أو ملًحقات أو إجراءات قضائية، أو قد يؤدي إلى تقديم تلك الدولة الطرف طلبا بمقتضى هذه المادة. وهي خطوة متقدمة في مجال التعاون، وقد تبنت الاتفاقية فكرة التعاون
    17
    الخاص التي تقوم على إحالة المعلومات لدولة طرف أخرى دون الحاجة لتوحيد السياسيات والإجراءات الداخلية لكل دولة.
    ويتب ّين من المادتين (27)، (30) من هذه الاتفاقية أن على كل دولة اتخاذ ما يلزم من إجراءات لإرجاع الممتلكات ذات الصلة بالفساد والتصرف فيها، وهي تقابل المواد من 51-59 المنصوص عليها في الفصل الخامس من اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد لسنة 2003. وبنا ًء على ذلك فإن على كل دولة طرف ـــ وفقا للمبادئ الأساسية لقانونها الداخلي ـــ اتخاذ ما قد يلزم من تدابير تشريعية وتدابير أخرى لتمكين سلطاتها المختصة، عندما تتخذ إجراء ما بناء على طلب دولة طرف أخرى، من إرجاع الممتلكات المصادرة، وفقًا لأحكام الاتفاقية، ومع مراعاة حقوق الطرف الثالث حسن النية. وعليه فإن عملية استرداد الممتلكات تتطلب درجة عالية من التعاون والتنسيق والثقة بين الدول الأطراف، وفي حالة المصادرة أن تنظر على وجه الأولوية في إرجاع الممتلكات المصادرة إلى الدولة الطرف الطالبة، أو إرجاع تلك الممتلكات إلى أصحابها الشرعيين السابقين، أو تعويض ضحايا الجريمة. ويجوز للدول الأطراف، عند الاقتضاء، أن تنظر بوجه خاص في إبرام اتفاقيات أو ترتيبات متفق عليها، تبعا للحالة، من أجل
    التصرف نهائيا في الممتلكات المصادرة.
    انتهج المشرع العربي ذات النهج الذي سارت عليه اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد، وذلك بإيراد مسألة التدريب والمساعدة التقنية. وإدرا ًكا من المش ٍرع على أن التطبيق الأمثل للًتفاقية لا يتأتى إلا من خلًل رفع قدرات العاملين بالدولة ذوي الصلة بإنفاذ الاتفاقية العربية، وذلك عن طريق تدريب وتطوير العاملين لتحقيق أهداف الاتفاقية؛ لأن العاملين هم الوسيلة لبلوغ تلك الأهداف وتنميتها، وهو ما ورد بعنوان المساعدة التقنية وتبادل المعلومات بالمادة (31) من هذه الاتفاقية، يقابلها الفصل السادس المواد 62/61/60 من اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد
    لسنة 2003.
    وذلك بأن: "تقوم كل دولة طرف، بالقدر اللًزم، باستحداث أو تطوير أو تحسين برامج تدريب خاصة لموظفيها المسؤولين عن منع الفساد ومكافحته"(). وفي تقديري أن ذلك يعني أن تسعى الدولة الطرف في الاتفاقية إلى تقديم وتسهيل التعليم والتدريب للعاملين والممارسين في مجال مكافحة الفساد في الدولة، وتعمل على تقديم البحوث والدراسات، وإنشاء منابر للحوار والتواصل، هدفها الجمع بين المتخصصين في مجال مكافحة الفساد لمساعدتهم في تطوير استراتيجيات وأسس وأساليب مكافحة الفساد، بالإضافة إلى التشجيع على معرفة أوسع لسياق انتشار الفساد وسبل مكافحته، ويمكن أن تتناول تلك البرامج التدريبية، ضمن جملة أمور،
    المجالات التالية:
    أ- وضع تدابير فعالة لمنع الفساد والكشف والتحقيق فيه أو المعاقبة عليه ومكافحته، بما في ذلك استعمال أساليب جمع الأدلة والتحقيق.
    ب- بناء القدرات في مجال صياغة وتخطيط سياسة استراتيجية لمكافحة الفساد.
    ج- تدريب السلطات المختصة على إعداد طلبات بشأن المساعدة القانونية المتبادلة تفي بمتطلبات الاتفاقية.
    د- تقييم وتدعيم المؤسسات وإدارة الخدمات العمومية وإدارة الأموال العمومية بما في ذلك المشتريات العمومية، والقطاع الخاص.
    18
    هـ- منع ومكافحة إحالة العائدات الإجرامية وفقا لهذه الاتفاقية وإرجاع تلك العائدات. و- كشف وتجميد إحالة العائدات الإجرامية. ز- العائدات الإجرامية والأساليب المستخدمة في إحالة تلك العائدات أو إخفائها أو تمويهها. ح- استخدام آليات وأساليب قانونية وإدارية ملًئمة وفعالة لتيسير إرجاع العائدات الإجرامية. ط- الطرائق المتبعة في حماية الضحايا والشهود الذين يتعاونون مع السلطات القضائية. ي- التدريب على تطبيق اللوائح الوطنية والدولية.
    على أن تنظر الدول الأطراف في مساعدة بعضها البعض، عند الطلب، على إجراء تقييمات ودراسات وبحوث بشأن أنواع الفساد وأسبابه وآثاره وتكاليفه في بلدانها، لكي تضع، بمشاركة السلطات المختصة والمجتمع، استراتيجيات وخطط عمل لمكافحة الفساد.
    ونظ ًرا لأهمية المعلومة في مكافحة الفساد ومحاربته فقد بينت المادة 32 من الاتفاقية، جمع المعلومات المتعلقة بالفساد وتبادلها وتحليلها، وهذا يعني الاستفادة من التطور الهائل في مجال تكنولوجيا المعلومات والاتصالات في صنع الفارق بشأن تبادل المعلومات، على أن تنظر كل دولة طرف في القيام، بتحليل اتجاهات الفساد السائدة داخل إقليمها، وكذلك الظروف التي ترتكب فيها جرائم الفساد. مع تطوير الإحصاءات والخبرة التحليلية بشأن الفساد والمعلومات وتقاسم تلك الإحصاءات والخبرة التحليلية والمعلومات فيما بينها ومن خلًل المنظمات الدولية والإقليمية؛ بغية إيجاد معايير ومنهجيات مشتركة قدر الإمكان وكذلك المعلومات عن الممارسات الفضلى لمنع الفساد ومكافحته، عبر المعلومات والتي تعتبر من إحدى العوامل ذات
    الأهمية القصوى لمكافحه الفساد.
    خامس وعشرون: مؤتمر الدول الأطراف والأمانة العامة
    مؤتمر الدول الأطراف، أو ما يطلق عليه أحيا ًنا المؤتمر الاستعراضي، هو ممارسة معروفة في جميع الاتفاقيات الدولية تقري ًبا، حيث تهدف إلى تش ِجيع الدول الأطراف على مواصلة تقاسم المعلومات مع بعضها والآراء وتبادل والخبرات بهدف تطوير الاتفاقية، وقد بينت المادة 33 من الاتفاقية، قيام مؤتمر للدول الأطراف من أجل تحسين قدرة الدول الأطراف وتعاونها على تحقيق الأهداف المبينة في هذه الاتفاقية، ومن أجل تشجيع تنفيذها واستعراضه على أن يتولى الأمين العام لجامعة الدولة العربية الدعوة لعقد مؤتمر الدول الأطراف في موعد أقصاه سنة واحدة بعد بدء نفاذ هذه الاتفاقية. وبعد ذلك، تُعقد اجتماعات منتظمة لمؤتمر الدول الأطراف وفقًا للنظام الداخلي الذي يعتمده المؤتمر، وذلك لاستعراض تنفيذ هذه الاتفاقية من جانب الدول الأطراف فيها وتقديم توصيات لتحسين هذه الاتفاقية وتحسين تنفيذها وتذليل الصعاب التي تواجه التنفيذ، وإنشاء الآليات ذات الصلة والنظر في مسألة التعاون مع المنظمات والآليات الدولية والإقليمية والمنظمات غير الحكومية ذات الصلة. وأخذ العلم باحتياجات الدول الأطراف من المساعدة التقنية فيما يتعلق بتنفيذ هذه الاتفاقية والتوصية بما قد يراه ضرور ًيا من إجراءات في هذا الشأن، وعلى كل دولة طرف تزويد الدول الأطراف بمعلومات عن برامجها وخططها
    وممارساتها، وكذلك عن تدابيرها التشريعية والإدارية الرامية إلى تنفيذ الاتفاقية.
    المادة 34 بينت مهام الأمانة العامة لجامعة الدول العربية ودورها في إنفاذ الاتفاقية، وهي مهام تتعلق بتوفير الخدمات المناسبة لمؤتمر الدول الأطراف في الاتفاقية. ومساعدة مؤتمر الدول
    19
    الأطراف على الاضطلًع بالأنشطة المبينة في الاتفاقية، واتخاذ الترتيبات لعقد دورات مؤتمر الدول الأطراف وتوفير الخدمات اللًزمة لها. ومساعدة الدول الأطراف، عند الطلب، على تقديم المعلومات إلى مؤتمر الدول الأطراف وفقا للفقرات (4، 5، 6) من المادة الثالثة والثلًثين من
    الاتفاقية. وضمان التنسيق الضروري مع أمانات المنظمات الدولية والإقليمية ذات الصلة.
    سادس وعشرون: الأحكام الختامية
    تناولت المادة 35 الأحكام الختامية، وهي لا تختلف كثي ًرا عن لغة الأحكام الختامية في الأغلب الأعم من الاتفاقيات الدولية؛ حيث ألزمت الاتفاقية الدول الأعضاء على العمل عن طريق الجهات المختصة لديها على اتخاذ الإجراءات الداخلية اللًزمة لوضع هذه الاتفاقية موضع التنفيذ. على أن تكون هذه الاتفاقية محلً للتصديق عليها أو الانضمام إليها من الدول العربية، وتودع وثائق للتصديق أو الانضمام لدى الأمانة العامة لجامعة الدول العربية في موعد أقصاه ثلًثين يوما من تاريخ التصديق أو الانضمام، وعلى الأمانة العامة إبلًغ سائر الدول الأعضاء وأمانتي مجلسي وزراء العدل والداخلية العرب بكل إيداع لتلك الوثائق وتاريخه. على أن تكون مدة سريان الاتفاقية بعد مضي ثلًثين يوما من تاريخ إيداع وثائق التصديق عليها من سبع دول عربية. وبطبيعة الحال يجوز لأية دولة عضو في جامعة الدول العربية غير موقعة على هذه الاتفاقية أن تنضم إليها بعد سريانها ودخولها حيز النفاذ، وتعتبر الدولة طرفا فيها بمضي ثلًثين
    يوما على إيداع وثيقة التصديق أو الانضمام لدى الأمانة العامة لجامعة الدول العربية.
    يجوز للدولة الطرف أن تقترح تعديل أي نص من نصوص هذه الاتفاقية وتحيله إلى الأمين العام لجامعة الدول العربية الذي يقوم بإبلًغه إلى مؤتمر الدول الأطراف في الاتفاقية، ويبذل المؤتمر جهده في التوصل إلى إجماع الدول الأطراف بشأن التعديل. ويكون التعديل الذي يعتمد وفقا للفقرة (6) من هذه المادة خاضعا للتصديق عليه أو القبول أو الإقرار من جانب الدول الأطراف وعند إقرار هذا التعديل من مؤتمر الدول الأطراف يصبح ملز ًما في حق الدول الأطراف. من جهة أخرى تسمح الاتفاقية العربية لأية دولة طرف أن تنسحب منها بناء على طلب كتابي ترسله إلى أمين عام جامعة الدول العربية، ويرتب الانسحاب أثره بعد مضي ستة أشهر من تاريخ تسلُّم الطلب، وتظل أحكام هذه الاتفاقية نافذة بالنسبة إلى طلبات التسليم التي قدمت خلًل
    تلك المدة ولو حصل هذا التسليم بعدها.
    سابع وعشرون: القانون العربي الاسترشادي لمكافحة الفساد
    يعتبر القانون العربي الاسترشادي لمكافحة الفساد مرحلة متقدمة في طريق توحيد التشريعات العربية، وتمهي ًدا لمكافحة الفساد على مستوى الدول العربية بدرجة عالية من التنسيق والذي يقوم على التشريع الموحد، ولابد من القول إنه لا توجد ازدواجية بين الاتفاقية العربية لمكافحة الفساد، وبين مشروع القانون الاسترشادي العربي لمكافحة الفساد، ومرجع ذلك أن الاتفاقية تضع مبادئ عامة وملزمة للدول العربية، أما القانون الاسترشادي فهو عبارة عن نصوص تسترشد بها الدول لوضع قوانينها الداخلية؛ وبالتالي تصبح التشريعات العربية في مكافحة الفساد موحدة أو متقاربة، لأنها تأخذ من منبع واحد، ونعتقد أنه جهد مقدر من جامعة الدول العربية
    ممثلة في الأمانة العامة قطاع الشؤون القانونية.
    وعلى الرغم من أهمية مشروع القانون هذا إلا أن المجال لا يتسع لتسليط الضوء عليه، بيد أنه لا يمكننا أن نتجاوزه دون الإشارة وبصفة خاصة إلى المادة (4) من الفصل الثاني من مشروع القانون، والتي نصت على إنشاء هيئة (جهاز) لمكافحة الفساد والوقاية منه، كشخصية اعتبارية
    20
    تتمتع باستقلًل مالي وإداري وتحدد اختصاصاتها ومهامها وصلًحياتها، ويكون من بين مهامها رسم السياسة العامة لمنع ومكافحة الفساد، وبيان آثاره الاقتصادية والاجتماعية، واتخاذ الوسائل القانونية اللًزمة لعلًجها والحد منها، ودراسة وتحديث التشريعات الوطنية، والتنسيق على المستوى الداخلي للدولة والمستوى الخارجي والقطاع الخاص، بهدف منع ومكافحة الفساد. ويبقى أن نشير إلى أن هذه الهيئة هي ذاتها التي نصت عليها الاتفاقية العربية لمكافحة الفساد لسنة 2010 في المادة العاشرة الفقرة (10)، والمادة (6) من اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد لسنة 2003. "ان مشروع القانون العربي الاسترشادي لمكافحة الفساد يمثل جهدا مه ًما في إطار توحيد القوانين العربية وقد سعى إلى خلق الانسجام بين القوانين العربية واتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد وهي مهمة ليست يسيرة بالنسبة لقانون عربي استرشادي يقوم على
    خلفية قوانين عربية غير موحدة".
    التوصيات
    هذه مجموعة توصيات نوردها في سياق مكافحة ومنع الفساد، وإن كانت غير حصرية حيث إن الباب كان ولازال مفتو ًحا بشأن المقترحات والتوصيات التي تحارب الفساد وتقلل من وجوده. وهذه محاولة متواضعة منا نضعها بين يدي القارئ لعلها تكون مناسبة لمكافحة الفساد ومنعه،
    وهي:
    1. التشخيص الدقيق لظاهرة الفساد، وإدراك الأسباب العملية والأخلًقية لوجوده والعمل على معالجتها.
    2. تفعيل وتحسين وتقوية نظم النزاهة الفعالة، المحلية والعالمية؛ وبخاصة الهيئات الوطنية لمكافحة الفساد، مع ضرورة تفعيل برنامج الحكومة الإلكترونية.
    3. تحسين النظم الاجتماعية والسياسية والاقتصادية والثقافية والاهتمام بالمشاركة اللًمركزية، والتنوع، والمساءلة والشفافية على المستوى المحلي داخل كل دولة.
    4. إصدار مدونات أخلًقيات الوظيفة العمومية، ومبادئ قانون الصفقات العمومية الخاصة بالمناقصات وغيرها.
    5. تحديد الوسائل الوقائية والردعية المعتمدة للحد من الفساد، وسن الأنظمة والتشريعات والقوانين والشفافية وتشديد العقوبات والجزاءات، ويجب أن تكون رادعه وواضحة تناسب كل فساد وتحد من ظهوره مره ثانية وتكون معلنه ومتاحه للجميع.
    6. تعزيز التنسيق وتبادل الخبرات والمعارف والمعلومات، وإنشاء الفرق المشتركة محل ًيا وإقليم ًيا ودوليا ذات الصلة بالفساد، وبناء تحالفات على المستوى المحلي والإقليمي والعالمي تض ّم: الحكومات، والمجتمع المدني، والقطاع الخاص من أجل محاربة الفساد الداخلي
    والخارجي.
    7. تسهيل وتبسيط إنجاز المعاملًت وخاصة المهمة والمستعجلة؛ كمعاملًت الجمهور اليومية والجنسية والهجرة ووثائق الأراضي وتأييد صحة صدور الشهادات أو الكتب الرسمية وخلًفها.
    8. توفير قنوات اتصال مباشرة مع الجمهور لتلقي بلًغاتهم المتعلقة بتصرفات منطوية على فساد، والتحقق من صحته، والعمل مع الجهات المعنية ومؤسسات المجتمع المدني على
    21
    تنمية الشعور بالمواطنة وبأهمية حماية المال العام والمرافق والممتلكات العامة؛ بما يحقق حسن إدارتها والمحافظة عليها.
    9. تجميع وتحليل ونشر المعلومات المتعلقة بالفساد وزيادة الوعي العام بأضرارها المهلكة (خاصة في الدول ذات الدخل المنخفض) على الإنسان والتنمية الاقتصادية.
    10. كسر حاجز الحذر المفروض على تناول مناقشة قضايا الفساد وكشفها.
    11. الاستفادة من استراتيجيات وتجارب الدول ذات الريادة في مجال التصدي للفساد وتقييمها.
    الخاتمة
    وفي الختام نقول، حمدا هللّٰ بما لا يتناهى من الحمد، حمدا هللّٰ بما يليق من الحمد، حمدا هللّٰ بما هو أهله، بعد أن قدمنا هذا الجهد المتواضع، وعلى الرغم من وجود الكثير من المشاكل والتحديات التي تؤرق المخططين وصانعي السياسة لكل دولة بشأن مكافحة الفساد وإن اختلف حجمه وآثاره، تب ًعا لاختلًف التركيبة السياسية والاقتصادية والاجتماعية. إلا أننا ولحسن الطالع وجدنا ولمسنا، إدرا ًكا من جميع الدول الأطراف في الاتفاقية العربية، أن مخاطر الفساد تتع ّدى حدود الحالات الفردية؛ إلى المجتمع والدول بأكملها، وأنها أدركت مؤخ ًرا بما لا يدع مكانًا للشك أن مكافحة الفساد شرط ضروري لسلًمة وفعالية الأنشطة الاقتصادية والاجتماعية والتنموية في بلدانها، كما أنه شرط أساسي لترسيخ المنافسة العادلة وخلق بيئة مواتية لجذب الاستثمار الوطني والأجنبي والذي هو كلمة السر في تقدم ونهضة الشعوب، وهو ما حدا بها إلى تبني هذه الاتفاقية محل هذا المقال. وللوصول إلى التنفيذ المطلوب والتطبيق الأمثل لهذه الاتفاقية، فإن الطريق لم يكن مفرو ًشا بالورد، بل يتعين على الدول العربية بذل جهود إضافية لتوفير متطلبات مواجهة الفساد المتمثلة في سيادة القانون القائم على دعائم هذه الاتفاقية والقوانين ذات الصلة؛ من أجل خلق دول توفر الخدمات بمزيد من الفعالية والكفاءة والشفافية والأمانة في استخدام الموارد العامة وحماية حقوق الملكية العامة والخاصة؛ حتى يعم الأمن والسلًم والرخاء في جو من
    الحرية أرحب.























                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>

تعليقات قراء سودانيزاونلاين دوت كم على هذا الموضوع:
at FaceBook




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de