من أتعس أبواب جدلنا حول السياسة والمجتمع امتناع صفوتنا الكاتبة الناشرة من الرجوع إلى أرشيف الصحافة السودانية. وهو المرجع الأولي الذي لا يعلى عليه. واستعاضوا عن ذلك، متى صدق عزمهم على البحث، بالكتب المؤلفة من المطبوع ورسائل جامعية أو غيرها المعدودة من المراجع الثانوية. ودور نشرنا سوى دار نشر جامعة الخرطوم من كانت تأخذ بتقويم ما تنشر بعرض المخطوطات على أنداد يوسعونه نظراً وتقويما. وعليه فنوعية النشر عندنا مطلوق بلا قيد إحسان ولا شرط تربص وتقييم. ومتى صار مثل هذه الرجوع القاصر لكتب بلا أعراف لا غيرها صرنا مثل من يقولون عنه "من دقنو وفتلو". ينسخ الكاتب من مؤلف سبقه فتلاً من الدقن، ثم يأتي بقول من هذا الفتل يفسد به المسألة فساداً متوارثاً. لا خلاف أن الصحافة السودانية ما تزال هي المرجع الاستثنائي لمجريات السياسة والمجتمع عندنا منذ بدأت الصدور. وتفادتها صفوة السياسة الكاتبة كما قلت وصرنا ندور مثل الثيران في الدرين، أي نوحل في ما نفرزه من كتابات. وربما وجدتني استنكر من يخوضون في شأن تاريخ حزبنا الشيوعي من لم يقرأ "الميدان" العلنية أو السرية منذ 1954 (وقبلها "اللواء الأحمر"). هذا عن الصحف ناهيك عن قراءة "الشيوعي" و"الوعي" وغيرها من مجلاتنا. وتصدر عنه الفتاوى عن وجودنا جزافاً وجربت أن أحصي سعة مؤلفاتنا السياسية للصحف وبعض المراجع الأولية الأخرى ناظراً لكتاب "خمسون عاماً على ثورة أكتوبر السودانية (1964-2015) تحرير الدكتور حيدر إبراهيم وآخرين في طبعته الثانية (2015). وأحصيت استعانة مقالاته ال18 بالمصادر الأولية الآتية 1) الصحف، 2) كتاب "ثورة شعب" الحاوي لبيانات ومواقف الحزب الشيوعي السوداني خلال النظام العسكري (1958-1964)، 3) مذكرات القانوني الأمريكي كليف تومسون شاهد العيان على الثورة حين درّس بكلية القانون بجامعة الخرطوم. وعربها الدكتور بدر الدين الهاشمي ونشرها في كتاب في جريدة" على جريدة الأحداث يوم 21 أكتوبر 2009. واختبرت أيضاً رجوعهم إلى مرجع ثانوي هو كتابي "ربيع ثورة أكتوبر. وتجد حصادي المؤسف أدناه:
من 18 مقالاً بالكتاب رجع لكتاب "ثورة شعب" 8 ولكليف تومسون 1 ول"ربيع ثورة أكتوبر" 1 وللصحف (الأرشيف) مقال واحد من صحف فترة أكتوبر مقال رجع للأخبار المصرية ومقال لجريدة الأخبار المصرية صادرة في 2008 ومقال لجريدة الشرق الأوسط 2004
وسميت هذا الازورار الفاحش عن المصادر الأولية في كتاب يراجع مفهومنا لحدث مركزي في تاريخنا بعد خمسين من وقوعه، شائناً. فمثلاً قال بعضهم إنها ليست ثورة. وكان من رأسه لا من كراسه. وترتب على هذا الازورار ما سميته "ضقلمة" الثورة. فهي لن تنمو في وجداننا وواعيتنا وعزائمنا طالما نزّلنا زانة دراستها إلى أسفل سافلين نكتب عنها كيفما اتفق. ومنعاً ل"ضقلمة" علم السياسة والمجتمع عندنا كما رأينا أعلاه يسعدني أن أطلع شباب الباحثين على موقع للصحافة السودانية بأمريكا استفدت منه قبل سنوات. ويقع ضمن أرشفة الصحف العربية في مكتبة الأبحاث الجامعية (University Research Library) بمدينة شيكاغو. وكنت لما استعنت به قبل سنوات كان ما يزال يرسل لك أشرطة المايكروفيلم بالمادة المطلوبة. ولما عدت له قبل أسابيع وجدته قد صور المادة ديجتل. وعليه بإمكانك تنزيل ما بالأرشيف بنقرة إصبع. وبالطبع ليست حصيلة هذا الأرشيف وافية سابغة كما يشتهي الباحث. ولكنه لالوبك حتى ينضج بلحك. والرابط أدناه والخير أردنا:
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة