يوسف كوة ألإنسان (ألذكرى ألسابعة عشر لإنتقاله) بقلم: محمود أ. يوسف

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 04-25-2024, 03:58 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
03-31-2018, 04:18 PM

محمود الحاج يوسف
<aمحمود الحاج يوسف
تاريخ التسجيل: 04-11-2017
مجموع المشاركات: 17

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
يوسف كوة ألإنسان (ألذكرى ألسابعة عشر لإنتقاله) بقلم: محمود أ. يوسف

    04:18 PM March, 31 2018

    سودانيز اون لاين
    محمود الحاج يوسف-Sudan
    مكتبتى
    رابط مختصر


    [email protected]


    ألزعيم يوسف كوة مكى

    مدخل: كتبت هذه الخواطر في الذكري السادسة لإنتقال الزعيم الراحل يوسف كوة مكي، وكنت أنوي كتابة مقالة أفند الذين إدعوا أنه السبب في وفاة المناضلين عوض الكريم كوكو وجبريل كرمبا ويونس ابو صدر، ورغم أن ذلك مضمن في هذه المقالة، كنت اريدها منفصلة ، وذلك من خلال تفاصيل ما ذكره لنا يوسف كوة شخصيا في إجتماعين مع اللجنة التنفيذية للمجلس الاسلامي للسودان الجديد، مرة معه واخري بحضور الاخ محمد هارون كافي، للاسف لم اجد الملف، ولكن ساكتب ذلك لاحقا لاهميته، ومع وصول الذكري قررت نشر هذه المقالة التي نشرتها عام 2007، لأننا احوج ما يكون اليوم لما فيها من خواطر عن يوسف كوة ألإنسان والسياسي والزعيم، لقد حذفت وأضفت ما قامت الايام بتعريته أو ستره.

    فى مثل هذه ألأيام قبل ستة أعوام فقدت الحركة ألشعبية وألجيش ألشعبى لتحرير ألسودان وشعب ألنوبي والشعب السودانى أحد مقاتليه ألأفذاذ، ذلك هو يوسف كوة مكي ألذى أرتحل عن هذا العالم فى يوم ألسبت ألموافق 31/3/2001 فى مستشفى نورويتش بالمملكة ألمتحدة، بعد صراع مع المرض لم يستمر طويلا. ورغم أنه قد تم إكتشاف داءه فى منتصف ألتسعينات، لكن تداعيات حدة الهجمات العسكرية والسياسية التى قامت بها الحكومة حينها، أبعدت فكره وقلبه عن كل ما لها صلة بذاته وخواصه إلى العام من الهواجس فإستشرى المرض فى جسده، ومع ذلك كان مهتما بمباشرة واجباته ألسياسية وإجتماعية حتى قبل وفاته.
    كان قد تم علاج يوسف فى نهاية عام 1998 بجرعة محقنة، كانت فى تجاربها الاولى، ونتيجتها كانت فى غاية من النجاح، لكنه سافر إلى الجبال فى مايو 1999 يرافقه القائد جيمس وانى إيقا للإحتفال بذكرى تأسيس الحركة الشعبية وألجيش الشعبى لتحرير السودان، و حضور ألورشة ألخاصة بالتعليم فى الجبال، الذى نظمه ألراحل تيسو، كان الوفد كبيرا، أذكر منهم ألراحلين المناضل باب الله محافظ المابان ألسابق وعبدالصمد مدير شرطة ألنيل ألأزرق ألراحل (اللهم أغفر لهما وأرحمهما، وأجعل الجنة مسكنهم)، وكان الترحال حينها مشيا على الاقدام، اربعة ساعات من مطار الوصول إلى معسكر القديل التى اقيم فيها ألإحتفالات والتى تقع على مسيرة ثلاثة ساعات من مدينة كودة التى تم فيها عقد ورشة التعليم والمسافة من كودة إلى رئاسته فى قلعة الصمود بشنغارو مسيرة ثمانية ساعات لأبناء النوبة وعشرة أو أكثر لغيرهم، والمسافة من كاودا إلى كبن قرب رئاسة القائد يوسف كرة والتى عقد فيها إجتماع قادة ألكتائب، هى سبعة ساعات نهارا وعشرة ليلا لتضاريسها الجبلية. بين مايو ويوليو 1999 قطع القائد يوسف كوة تلك المسافات وغيرها أكثر من مرة أو مرتين، وكانت ألمحصلة ألنهائية لتلك ألمسيرة (ومقابلته للبارونة كوكس في الجانب الغربي، لذا تجاوزت حركاته التسعين ساعة)، بالاضافة للمسيرات التى سبقتها، هى أنها وحدت ألنوبة داخليا وقوة إرادتهم نحو الهدف ألسامى لمطالب الشعب السودانى رغم الظروف الداخلية الحرجة، والحصار الذى شهدته المنطقة منذ عام 1991، لقد ساعدت تلك الزيارة ومثيلاتها ايضا فى وحدة أبناء المناطق المهمشة، ووضعت النوبة فى موقع متقدم فى مركز ألتأثير على صنع القرار المستقبلى للسودان، هذا رغم التشويشات الحادة من بعض ممن أعمتهم ضبابية المواقف ألآثنية، عن النظرة الحكيمة لمجريات ألأحداث المستقبلية، والتى تحتاج لبعض من الصبر وعدم نسيان الرؤية العامة وسط المصالح الخاصة، والعلاقات المشبوه الجديدة.
    كنت قد ذكرت من قبل (الذكرى الاولى لرحيل دكتور جون قرنق دى مبيور) اننى كنت فى رئاسة ألأخ الاكبر الزعيم الراحل يوسف كوة مكى بتشانغارو فى نوفمبر عام 1997 حين قال لى "أنا لو مت بموت وانا مرتاح البال والضمير" سألته ليه، فأضاف "لأن البذرة التى شاركنا فى غرسها قامت وستنمو براها". لا أريد ترديد كلماتى، فقط أقول أن الزعيم يوسف كوة مكى حينما ذهب لقيادة الحركة الشعبية والجيش الشعبى لتحرير السودان فى نوفمبر عام 1984، بتكليف من قيادة حركة الكومولو (حركة الشباب ألتى ساهمت فى إنشاءها ونشرها فى الجبال والمدن ألاخرى) للإطلاع على رؤية وأهداف الحركة الشعبية لتحرير ألسودان، توصل لقناعة تامة بانها رغم نشأتها فى الجنوب لكنها ذات رؤية وتجسيدا حقيقيا لتطلعات وطموحات كل أبناء المناطق المهمشة والإنسانيين من ألمناطق ألاخرى، وكان من المفترض ان يقوم بها ابناء النوبة إذا لم يتحرك الجنوبيين، لذلك بعث لرفاقه فى قيادة حركة كومولو للإلتحاق، فذهب كل من يوسف كرة هارون وتلفون كوكو ابوجلحة وعوض الكريم كوكو. كان ذلك قرار مصيريا، لأنه سيتبعه تضحيات جسام، ولم يكن دكتاتوريا حتى يوجه مصير النوبة وحده، لأنه أراد بحضورهم ان يكون إتخاذ القرار انعكاس للارادة الجماعية، وبعد وصولهم اول ديسمبر، ألقى خطابه فى 18 يناير 1985، ومن ثم إنضم دانيال كودى وبدأ سيل الإنضمام العفوى تتهادى صوب معسكرات التدريب فى شرق أعالى النيل.
    فى عام 1985 عاد القائد يوسف إلى الجبال مع دكتور رياك مشار فى كتيبة البركان قادمين من شرق أعالى النيل وهى مسافة كبيرة قطعوها مشيا على ألاقدام، وكانت اول ذهاب له بعد إنضمامه، والمرة الثانية فى عام 1987 عندما ذهب للإحضار المستجدين، حينها أحضر معه أكثر من عشرة آلاف مستجد، كان من بينهم من هم أقل من ثمانية عشر عاما، وجدوا حيلة بأنهم تتبعوا المسيرة من على مسافة بعيدة، بعد أن تم إرجاعهم ثلاثة مرات، فلم يظهروا للملاء إلا بعد دخولهم مناطق بارينق فى جنوب السودان، فادخلهم يوسف فى المدارس عند وصولهم، كانت حجة هؤلاء بأنهم قد شاهدوا تعذيب اسرهم واحراق منازلهم وحتى البذور والكثير من القصص التى تبدوا وكأنها الخيال لولا أن دارفور قام بتجسيدها مرة أخرى، لذلك صمم الصغار على الدفاع عن آمالهم واعراضهم.
    فى عام 1989 ذهب إلى الجبال للمرة الثالثة فى اول قوة جل مقاتليها من الجبال وهى إنتصار الذى سمى بها إبنته التى إرتحلت فى أكتوبر من 2006، كان مومنا بقيم الثورة لذلك سمى أبناءه بأسماء لها دلالت، كوة، مجاهد، نضال، إنتصار، منقستو، مؤمن .. ألخ.
    من تلك الفترة إلى إنقلاب الناصر عام 1991، ساد الجبال تفاهم وتعاون متكاملين، للإيمان المطلق بوحدة القضية والهدف، لكن بعد إنقلاب الناصر، حدث إتصال بين دكتور لام أكول وبعض ضباط الجيش الشعبى فى الجبال وكان منهم يونس أبوصدر وعوض الكريم كوكو حيث قاموا بتجنيد ألبعض وعقد إجتماعات سرية حتى وصلت بهم ألأمر بتحديد ساعة التحرك، وكانت ألإستخبارات العسكرية متتبعا لتحركاتهم من خلال متابعة الاتصالات السرية، حتى بلغت مرحلة الخطورة وقبل التحرك، فأمر ألقائد يوسف بإعتقالهم، فأبلغ يوسف ألأمر إلى ألقائد ألعام (دكتور جون قرنق دى مبيور) بحكم القواعد العسكرية، فطلب منه ترحيلهم إلى الجنوب حتى لايقوموا بأعمال تعرض المنطقة لمخاطر فى تلك الظروف الحرجة، فتم ترحيلهم إلى ألجنوب حتى يكونوا فى مأمن هنالك (أو هكذا كان ألتقدير العام)، ولكنهم مكثوا فترة بمنطقة باريانق والتى تكثر بها داء الكلازار، حيث اصيب بعضهم وحدث وفيات لهذه المجموعة أثناء الرحلة الطويلة جنوبا، ومات آخرون مع مارتن ماجير وصديقى أبوالقاسم حسين ابوبكر، له الرحمة والمغفرة ونسأل الله إدخاله جنة الفردوس. فيما بعد حاول بعض ممن تم إغرائهم إتهام يوسف بانه قتل هؤلاء المجموعة، لكن فى إجتماع لرءب الصدع بينه ومحمد هارون كافى، بتاريخ 16 يونيو 1986، وهى محاولة مننا في اللجنة التنفيذية للمجلس الاسلامي للسودان الجديد، لثنى محمد هارون عن الذهاب للخرطوم، حضرها كل من القائد ألطاهر بيور عبدالله الجاك وألقائد المناوب محمود خاطر وعمر كمندان وصديق احمد والزين السنوسى وشخصى مع اثنين آخرون، شرح لنا الزعيم يوسف كوة من ضمن أشياء اخرى كثيرة، تفاصيل ماحدث من هؤلاء الاخوة خاصة عام 1991 (وهى تفاصيل دقيقة، ولم أعهد ألكذب من يوسف مطلقا)، فطلب القائد عندما بدا الامرواضحا، وإقتنعنا وقمنا بإقناع محمد بألأدلة، وطلب بان يعتذر محمد هارون كتابة عما كتبه فى مجلة (South Sudan Human Rights) التى أصدرها مع ديفيد جوزيف ادوهو وعكاشة، وفيها هجوم على دكتور جون قرنق والقائد يوسف كوة، إعتذر محمد فى ألجلسة ووافق ووعد بتسليمى إعتذاره وأن انشرها فى مجلة أبديت (Update) التى تتبع لإعلام ألحركة ألشعبية، لكنه لم يفعل ذلك لأن ألضغوط كانت فد إشتدت عليه للذهاب إلى الخرطوم، حيث فعل، أذكر ذلك للتاريخ وتبرئة لأكثر من قابلته إنسانية وسط ألسودانيين.
    كانت الفترة من 1991 إلى 1995 من أكثر المراحل صعوبة فى تاريخ نضال الحركة الشعبية والجيش الشعبى لتحرير السودان وبخاصة فى جبال النوبة لأن مجموعة الناصر قد اغلقت طريق ألإمدادات جنوبا والحكومة شمالا، فأصبح الجبال معزولا ومنغلقا عن العالم، قامت خلالها الحكومة بكثير من الانتهاكات التى اوثقتها منظمة أفريكان رايتس فى كتاب "النوبة ومواجهة ألإبادة". وسط تلك الظروف عقد القائد يوسف كوة مؤتمرا جامعا الجيش الشعبى والمجتمع المدنى، للبت فى إما القبول بالإستسلام وألإنصهار فى ألمشروع ألحضارى ألمزعوم أو مواصلة الحرب حتى تتحقق النواتج المرجوة، وبعد ثلاثة أيام من المناقشات ألصريحة، كاد الوهن ان يصيب بعض الرجال، حين إنبرت مريم وقالت بالحرف "إنتو الرجال كان تعبتو، خلونا أنحنا حنحارب برانا". كانت جملة، لكنها غيرت مجرى التاريخ، فإتخذ ألشعب النوبى فى الجبال قرار مواصلة الحرب بالإجماع، وتقرر مصير النوبة والحركة والسودان من خلال مداولات ديمقراطية حرة شارك فيها الجميع، وظهر الدور ألإيجابى للمرأة فى رفع الهمم، من أجل مستقبل مشرق للجميع، وكان ذلك قرارا شجاعا وحكيما من الزعيم يوسف كوة، لانه لم يكن يحتمى وراء شعبه، بل تركهم يتخذون وبكل حرية قرارا مصيريا تحملوا فى سبيله مالم يشهده المناطق الاخرى من قسوة وظلم وإبادة. نظم القائد يوسف كوة مؤتمرا لكل الاديان فأحدث التعايش السلمى والتسامح الذى ننشده للسودان الجديد، ثم شكل المجلس الإستشارى لجبال النوبة، فأصبح ألبرلمان والمرجعية السياسية فى الحبال، أهله كل ذلك لتنظم المؤتمر ألأول العام للحركة الشعبية لتحرير السودان فى أبريل من عام 1994 ، وأختير رئيسا له، وكان مؤتمرا ناجحا بكل مقاييس الكلمة.
    فى تلك الفترة، قام أبناء النوبة فى الخارج من خلال منظمة تضامن النوبة فى ألخارج برئاسة الدكتور سليمان موسى رحال بمجهودات كبيرة ساهمت فى تعزيز وتقوية منظمة النوبة (Nuba Relief and Rehabilitation Organization) لتقديم خدماتها لمواطنى الجبال، فخفف كثيرا من الحصار الظالم الذى كان يرزح من تحته، وعكس قضية النوبة للرأى العالمى، بتنسيق كامل مع ألقائد يوسف.
    كان ألقائد يوسف كوة يولى عناية خاصة لشماليي ألشمال، فلقد كانت رئاسته محطة ومجمع لهم فى كل مدن الحركة مثل كوش الجديدة، توريت، ناروس، فقيرى، ياي ... ألخ. أذكر أنه قال لى فى أكتوبر عام 1997 بالجبال "أن له تقدير خاص للشماليين الموجودين فى ألحركة وبخاصة ياسر عرمان"، وشاءة المصادفة أن يحضر ياسر مؤتمر المجلس التشريعى الذى عقد فى الشهر التالى، وكان لحضوره أثر كبير على معنويات الحضور(طبعا توصلت لاحقا للسبب الحقيقي لزيارة ياسر وبعده إدوارد لينو للجبال)، وبخاصة مع الإرهاصات التى كانت قد سربتها ألخرطوم ومن حاموا بدائرتها بعد إنضمام محمد هارون ويونس ديمى كارلو عن تخلى الجنوبيين عن النوبة والفونج، وهى إسطوانة قديمة تستخدم متى مادعت الضرورة لضرب أبناء المناطق المهمشة بعضهم البعض.
    فى هذه السرد القليل، رئينا كم كانت حياة ألزعيم يوسف كوة مليئا بالقيم النبيلة والتى كانت موجهة للمجتمع، لذلك فإذا أردنا معرفة وتقييم الدور الكبير الذى لعبه ألزعيم يوسف كوة فى التاريخ السودانى المعاصر علينا الرجوع قليلا الى الوراء وعدم نسيان حكاوى الجرادل او خدم المنازل او ولد النوبة وغيرها من الكلمات والأنباذ التى كانت توجه لأبناء المناطق المهمشة عموما، ولأبناء جبال ألنوبة بصورة خاصة حتى أن بعضهم قد استكان للأمر الواقع وظن أنها سنة الحياه أو أنها مشيئة ربانية بأن يكونوا تبعا للغير، ألآن قد تغير الحال وهنالك نوباوية وزيرة، وتغيرت المفاهيم العامة عن النوبة وأهم من كل ذلك أن النوبة بعد أن حرروا أنفسهم قد بدأوا تدريجيا فى أخذ مواقعهم الطبيعية بحمل مشاعل ألتحرير والحرية، وهى المهمة التى كانوا لها دوما ومازالوا على دربها سائرون.
    من جانب آخر كان لإيمان القائد يوسف كوة بالمبادئ ألأساسية لحقوق ألإنسان وتطبيقها فى تعامله مع اسرته والمجتمع العام كبير ألأثر فى كسبه لحب وإحترام ومودة كل أعضاء الحركة الشعبية والجيش الشعبى لتحرير السودان، وأعضاء التجمع ألوطنى الديمقراطى ومنظمات حقوق ألإنسان عالميا، ظهر هذا التفهم والتعاطف جليا من خلال الحملات المنظمة التى قامت بها منظمات أفركان رايتس ومنظمة ألعدالة ألافريقية وأمريكان ووتش، لكشف إلإنتهاكات التى قامن بها الحكومة فى الجبال، ولقد وافق على طلب كلا من يوهانس أكول أجاوين وأليكس دى وال على فتح فرع للمنظمة يهتم بإنتهاكات حقوق الانسان فى مناطق الحركة فى ألجبال، تم تدريب مجموعة من ألنوبة على مراقبة والابلاغ عن ألإنتهاكات فى ألجبال وسلطوا ألأضواء على عدة قضايا منها تلك الخاصة بالقائد تلفون كوكو أبوجلحه (مضمنة فى كتاب: ألنوبة ومواجهة ألإبادة، نشرتها منظمة أفريكان رايتس البريطانية)، وافق يوسف على كل ذلك لإيمانه بالمبادئ العامة لحقوق ألإنسان، وهى حالة عالمية نادرة على مبلغ علمى وسط المجموعات التحريرية عموما خصوصا بعض الدول، وهى توضح أية معدن من الرجال كان هو.

    صورة للراحل يوسف كوة بيمين ألزعيم الراحل إليابا جيمس سرور، ودكتور تيسير بذراعه الشمال ومن خلفه ألاخ يوهانس أجاوين، عند حضورهم إجتماعات التجمع الوطنى الديمقراطى بأرتريا، سبتمبر 1999

    كان يعمل لقيام السودان ألجديد مع إحترام وتفهم كامل لإرادة ورغبة ألجنوبيين فى تقرير مصيرهم، ولقد حدث فى مفاوضات ألإيقاد بأديس أبابا سبتمبر عام 1998، أن ذكر مفاوضو الحكومة أنه لولا الجبال والفونج لكان بإستطاعتهم الموافقة على أن يقرر الجنوبين مصيرهم، فهم كل من ألقائدين يوسف كوة ومالك أقار ألمناورة ألمقصودة، فأعلنا عدم إعتراضهم ويمكنهم فصل القضيتين فورا، فبهت الوفد الحكومى.
    تلك المواقف وغيرها أكسبته ثقة الجنوبيين، وهي الثقة التي بدأت بعد الأدآء الكبير من الكتائب العشرة للنوبة فى حملة النجم الساطع بغرب ألإستوائية عام 1990، والتى كان جلها من النوبة، وفى معارك كثيرة اخرى ابلى النوبة فيها كعهدهم، ولكن غير مسخرين ولا مأجورين، وبخاصة وقفهم لجيش ومليشيات رياك مشار عام 1992 جنوب منقلا والذي كاد أن يقضي علي آخر معقل للجيش الشعبي في توريت لولا بسالة المحاب النوبي ، الذين كانوا يحاربون قضيتهم في البعد الجنوبي، وقضية ألإنسانية قديما وحديثا ومستقبليا، قضية ألحرية والعدالة والمساواة، حتى لو من أجل ألآخرين ألمستضعفين كما آمن يوسف بذلك.
    كانت حياة ألزعيم يوسف قصيرة، لكنها مليئة وغنية بالتجارب ألإنسانية، ولم يكن من منشئى الحركة الشعبية والجيش الشعبى لتحرير السودان، لكنه أوجد لها بعدا قوميا من خلال ألمشاركة المبكرة والفاعلة الحقيقية والصادقة، فأعطته هذه مكانة ألمنشئين وكان الرابع فى الترتيب التسلسلى للحركة عند وفاته ، فإنعكس كل ذلك فى جلالة ومهابة جنازته فى نيروبى ونيوسايت وياى وكاودا، كان عرفانا ممن أحبوه بصدق وعفوية وإخلاص، لإنه أشعر ألجميع أنهم جزء من بعض، وحدثنى ألرئيس ألقائد سلفا كيير فى ياى عام 2005 عن ألمكانة ألخاصة ليوسف عنده وفجيعته الكبيرة عند رحيله.
    قامت الحركة الشعبية لتحرير السودان من أجل تصحيح المسارات المهلكة التى ارادتها للسودان من لم يفهموا فى ألإنسانية غير إستغلال ألشعوب. فهى ملك للشعب السودانى جميعها، فليصحي من كان نائما وليغفو من أخذته الغفلة، فلا يمكن أن ننخدع بأية مسمى ، لاننا قد سمعنا وشاهدنا المجازر فى الجبال، والنيل ألأزرق، وألألغام التى زرعت قرب موارد المياه، و أقدام النساء والاطفال التى بترتها هذه الالغام، ومازلنا نشهد ألخزى فى دارفور.
    لقد إرتحل ألقائدين د. جون قرنق ويوسف كوة ولكن بعدما نما الغرس الذى زرعوه مع ألزعيم القائد سلفا كيير ميارديد، لن يصبح الجنوب جنوبا ولا ألنوبة كما أراد له البعض ولا ألسودان كما كان، لقد عرف الجميع بأنه هنالك قيم إنسانية (ما عدا جيوب قلة، هم كحراس المعابد المتهدمة)، ويمكننا بإرادة حقيقية أن نوجد مثل هذا ألمجتمع فى سودان ألقيم ألنبيلة الذى مازلنا نحلم به، والتى بدأت بعض ملامحه للعيان، السودان الذى ضحى من أجله د. جون قرنق ويوسف كوة وألمناضلين محمد جمعه نايل ومحمد توتو كوة و عوض الكريم كوكو وجبريل كرمبا ويونس ابو صدروصديقي أبوالقاسم حسين ابوبكر وآلاف من ألجنود ألذين روا بدماءهم فى الجنوب والشمال ذلك الحلم، وهو ما يعمل من أجله كل حادب علي المشروع الإنساني الكبير للسودانيين ، وهو مانطلق عليه إسم السودان الجديد. قد تحدث لنا كبوة، لكننا سوف نستسلم ولن نتخلى عن مبادئنا، وسنواصل المسيرة، لأننا متشربون بالقيم ألإنسانية، ونريدها لأحفادنا ولأحفاد ألظلمة.
    فى نوفمبر من عام 2006، وعرفانا لما قدمه يوسف كوة ورفاقه الذين استشهدوا فى مجلس القيادة، قررت حكومة جنوب السودان بأن يتم منح اسرهم راتب شهرى، مايعادل مرتب وزير إلى أن يبلغ أصغر أطفالهم عمر ألأربعة وعشرون عاما، وأصغرهم هو نيانغوارا الذى يبلغ التاسعة حاليا.
    ختاما، أللهم الرحمة والمغفرة ليوسف ورفاقه، أسقيته من معين الحرية، فأحبها وأرادها لغيره قبل ذاته، لذا كانت لحياته الدنوية قيمة حقيقية تكمن فى زرعه لبذور التحرير وسهر عليها حتى أينعت، فلتدم ذكراه، ونسألك أن تكرمهم لقاء ذلك بجنة الفردوس.

    أختتم هذه ألمقالة بتعليق ألأخت تراجي مصطفى (والتى تذكرنى بأختها مريم ألنوباوية، سابقة ألذكر)، لمقالتى فى يوليو من ألعام ألفائت بذكرى عام على رحيل ألدكتور جون قرنق دى مبيور (سودانايل وسودانيز أون لاين)، رغم عدم معرفقتى بها، لقد شاهدت فيها ألإنسانية المفقودة والتى نرجوها للسودان، حيث علقت:

    "شكرا بطلنا وشهيدنا يوسف كوة
    نم اخي مطمأن البال فان بذرتكم بخير في دواخلنا.
    نفتقدكم اخي....
    ورغم كل بذوركم الخيره نقول انا نفتقدكم ونفتقد حكمتكم وصبركم وتضحياتكم...
    في ذكرى الرائع د.جون قرن...نذكر كل الخيرين من ابناء السودان الذين صاغوا الوحده
    السودانيه وعملوا من اجلها، ونعاهدهم على الوفاء لدولة السودان الجديد.....
    شكرا اخي محمود أ. يوسف فانت جزء من هذا السودان الجديد و العظيم بأذن الله. تراجي."

    محمود أ. يوسف
    ألمواقع:
    http://exmfpropulsions.com/http://exmfpropulsions.com/
    http://dafurna.com/http://dafurna.com/

























                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>

تعليقات قراء سودانيزاونلاين دوت كم على هذا الموضوع:
at FaceBook




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de