المازون- قصة قصيرة بقلم امل الكردفاني

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 05-06-2024, 04:05 AM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
02-28-2018, 03:31 PM

أمل الكردفاني
<aأمل الكردفاني
تاريخ التسجيل: 10-26-2013
مجموع المشاركات: 2506

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
المازون- قصة قصيرة بقلم امل الكردفاني

    02:31 PM February, 28 2018

    سودانيز اون لاين
    أمل الكردفاني-القاهرة-مصر
    مكتبتى
    رابط مختصر





    شاب نحيل الجسم ، يرتدي قميصا بنيا وبنطالا بنيا غامقا ، وحذاءا اسودا ، اسمر اللون ذو شعر ناعم كثيف بخصل مدورة .. يحمل حقيبة جلدية يعلق حزامها الطويل على كتفه الايسر ، برشاقة قفز الى القطار ، مسح شاربا كثا اسودا اخترقته شعيرات بيضاء ، وجلس الى المقعد المواجه لنافذة القطار ذات الزجاج السميك وغير قابل للفتح ، القى نظرة على جموع المودعين والمسافرين والباعة المتجولين والشرطيين والنشالين ، ثم وضع حقيبته على حجره وشبك كفيه ثم تمطى وتثاءب ، حتى دمعت عيناه ، كانت الساعة السابعة صباحا ، وزجاج القطار يحبس ازعاج الخارح ، والركاب صامتون الا من بعض السعال المتقطع الذي يأتي دائما من الخلف..فتساءل: لماذا دائما ياتي السعال ممن يجلسون خلفنا وليس أمامنا؟
    جاء رجل ستيني ، كان نحيلا ايضا وبدت العروق نافرة من ساعديه اللذان برزا من داخل كم جلباب واسع ، ثبت العجوز العمامة ، وجلس دون ان يسلم ، التفت اليه الشاب وحدجه بنظرة متفحصة اقلقت العجوز الذي حاول الا يلتفت الى الشاب ، عاد الشاب يراقب الجموع في الخارج ، وسمع صوت السعال من الخلف ، التفت الى العجوز ونظر اليه مليا بشكل اربك العجوز الذي ابتلع غصة وحاول الا يلتفت الى الشاب بل حدج في الافق الى اللا شيء ، كان من الواضح ان الشاب يربد ان يفتح باب الحديث مع العجوز قبل ان يطلق القطار صفارته ، وكان من الواضح ايضا ان العجوز لا يرغب في ذلك ، التفت الشاب الى النافذة ؛ كانت هناك فتاة سوداء تحمل في رأسها طبقا من السعف عليه حلوى وتمر وثمار شعبية ، غمغم الشاب: بيع هذه الاطعمة المكشوفة مضر بالصحة .. ثم التفت الى العجوز الذي نظر الى الافق بصرامة رافضا التجاوب مع الشاب .. اخذ الشاب يحدج العجوز بعينين ذاتا رموش كثيفة كرموش الجمل ، نظر الشاب امامه وقال: هل سيقدمون طعام افطار للمسافرين ام ان ثمن التذكرة لا يشمل الطعام؟
    نظر الى العجوز فاعتدل العجوز في جلسته ونظر الى الافق بصرامة ، عاد الشاب يقول وهو ينظر الى الامام: هذا قطار بائس جدا .. واعتقد انه قد اوجد لفك ازمة الزحام وغلاء اسعار المواصلات الاخرى ، نوع من انواع ترضية الفقراء...
    نظر الى العجوز ..الذي شعر بالخجل من عدم الرد فاكتفى بهز رأسه دون ان يفارق بصره الأفق.. ، سعد الشاب بمجرد هذه الهزة من رأس العجوز .. ادخل يده في جيبه واخرج كيس تمباك .. قال وهو يضع بعضا منه داخل شفته السفلى: الا تتفق معي ان هذا القطار هو ترضية سياسية فقط او نوع من الشو الاعلامي للنظام ليقول بأنه انجز شيئا عظيما؟؟؟ لم يجب العجوز فقال الشاب: ها .. نعم .. انت لا تعرف كيف يتلاعب النظام بأدمغة البروليتاريا ، في الواقع هم ضحايا جهلهم وهم سبب بقاء اي نظام دكتاتوري قمعي وفاشي ..
    حاول العجوز ايقاف الشاب عن الحديث فمد يده الى الجالس امامه ووكزه وقال : هل يمكن ارجاع مسند المقعد الى الخلف قليلا؟ التفت الجالس امامه اليه وعدل من نظارته وقال بصوت خفيض متردد: لا ..لا اعتقد..
    هنا تدخل الشاب وقال للعجوز: بل يمكن ..ثوان فقط....انحنى الشاب بظهره ومد يده النحيلة وضغط على جزء حديدي ناتئ تحت مقعد العجوز وقال: الآن ارجع بظهرك الى الخلف... نفذ العجوز ذلك .. وفعلا تراجع مسند الكرسي الى الخلف بشدة فقالت المرأة الجالسة خلف العجوز: هذا كثير انه يضايقني ، انا حامل ولا اتحمل هذا الضيق ، ثم تمخطت على منديل ورقي ، قال الشاب: حسنا سيدتي.. ثم جذب المسند قليلا الى الامام .. فقالت المرأة: نعم ..لا بأس بهذا..
    عاد الشاب الى اعتداله في جلسته ولم يجد العجوز بدا من شكره .. وربما كان هذا ما ينتظره الشاب فقط ، فقد سأله: هل انت مسافر الى المدينة .. اجاب العجوز: بل الى القرية..
    قال الشاب: اي قرية؟
    ضاقت عينا العجوز ذات البؤبؤ المغطى ببقعة من الماء الابيض وقال : العفيسات شرق ..
    عوج الشاب شفتيه ورفع حاجبية وقال: اممممم .. العفيسات .. انت من هناك اذن؟..
    اومأ العجوز برأسه ايجابا ؛ فواصل الشاب: من اسرة العمدة ام من اي اسرة؟ ضاق العجوز ذرعا لكنه شعر ببراءة الشاب فقال: لا لست من هناك .. انا ذاهب الى زواج .. انا مجرد مازون فقط ..
    - مازوووون ... قال الشاب ومد حرف الواو ... ثم اطلق صفيرا مستغربا : حقيقة هذه اول مرة التقي بمازون .. وهل تكاليف الرحلة عليك ام على اسرة العريس...
    قال العجوز بامتعاض: بالتأكيد يا بني على اسرة العريس...
    اهتز القطار وبدأ في التحرك ؛ انتهز العجوز ذلك واغمض عينيه مدعيا النوم ..القى الشاب نظرة طويلة على وجه العجوز .. كان يريد ان يستمر في الثرثرة ، لكنه مسح المقاعد الأمامية بنظرة سريعة وقال: المقاعد شبه ممتلئة او شبه خالية.... لكن عدد الركاب سيزداد في المحطة التالية ؛ انها المحطة التي تنتشر في منطقتها المصانع والاسواق ، لذلك فكثافتها السكانية عالية .. لقد ادى انشاء مصنع الألبان الى تشغيل المئات او ربما الالاف من العمال ، وتقاطر صغار التجار ففتحوا المطاعم والمقاهي حول المصنع .. وتزايد عدد الطالبين للعمل في هذه القرية الصغيرة التي تحولت الى المدنية بسرعة ، الحقيقة ان ادارة اجانب لهذا المصنع وربما هم يمتلكون الاسهم الغالبة فيه هو ما زاد من فائدة هذا المصنع ، فالاجانب منظمون جدا ، كما انهم لم يمنعوا الآخرين من الاستفادة من المساحات حول المصنع ..فوق هذا فقد دعموا القرية ببناء مركز صحي ليس فقط للعمال بل لأهل القرية كلهم بل وبناء مدرسة وتعبيد الطرق .. في الواقع فعلوا كما فعل المستعمر تماما لهذا البلد .. لقد جعلوا من هذه القرية التي لم يسمع بها احد من قبل معلما بارزا.. يقال بأن الشركة تشرع الآن في بناء مهبط للطائرات الصغيرة بتكلفة تتقاسمها مع الحكومة .. هذه اضافة قيمة لو حدثت بالفعل .. الا تتفق معي ان بناء هذا المصنع هو ما جذب باقي الرأسماليين لتشييد مصانعهم هناك ايضا .. بالتأكيد تتفق معي على ذلك ...
    لكن العجوز استمر في اغماض عينيه متظاهرا بالنوم .. فاستمر الشاب:
    - حتى قرية العفيساب استفادت من هذا المصنع لأن اغلب العفيساب يربون الابقار ، كانوا يعيشون على البانها وكانت تمرض وتموت ، قام المصنع بشراء الألبان منهم وبنى مركزا بيطريا للعناية بحيواناتهم كلها ، وهو يقدم لهم ادوية مجانية ، كما حفر لهم ترعة صغيرة لتوفير مياه الشرب للحيوانات وحفر آبار لشرب الآدميين .. فانتشت القرية ، وبعد ان كان العفيساب قوما لا يعرفون شيئا سوى الرعي صاروا يعرفون السيارات واستبدلوا طوب الاسمنت بالطين الذي كانوا يبنون به منازلهم ، وتوسع امتلاكهم لقطعان الابقار ، ودخلتهم الكهرباء التي كانوا يخافون منها حين يزوروا المدن .. أرأيت يا خالي المأزون كيف ان الرأسمالية ذات فوائد كبيرة..انها عكس ما يشيعه الماركسيون عنها ... صحيح أنني لا اتفق مع هجر الدولة لدورها الاجتماعي بالكامل لكن في نفس الوقت فان للرأسمالية فوائد جمة .. الا تتفق معي على ذلك ..
    اسبل العجوز جفنه متظاهرا بالنوم .. فقال الشاب:
    - يجب ان تنام رغم ان رحلتك قصيرة .. ولكن المدهش ان قرية كاملة ليس بها مازون .. شيء عجيب ..هل لديهم مسجد وامام ..نعم لديهم .. انا لا افهم جيدا في اجراءات الزواج فلست متزوجا ولا اؤمن بالزواج ولكني شاهدت زيجات يقوم بها ائمة المساجد .. لكن لا ادري هل هم لديهم صلاحية التزويج مسبقا ، هل كان هناك مازون في العهود القديمة ام ان هذا شيء جديد ..على اية حال ففكرة الزواج نفسها شيء مقلق جدا بالنسبة لي .. لاحظ انها فكرة تعتمد على احتكار العاطفة بين شخصين ..لا اجد مبررا لذلك حقا .. لماذا هذا الاحتكار ولماذا تترتب التزامات على شخصين فقط بناء على ورقة تسمى عقد زواج ، نعم يا خال انا ليبرالي حقا في هذا الامر .. اعتقد ان الزواج هو اجتماع قسري بين شخصين يجب ان يتحمل كل منهما الآخر حتى الموت وان لم يحدث ذلك فانهم يزعمون تشرد الابناء وحيرتهم فيما بين ابيهم وامهم .. ان الحياة تسير ولكن لا اعرف سبب هذا الالتزام الحرفي بكلمة زواج .. لماذا لا تكون العلاقة بدون الزام بشيء من ناحية قانونية لماذا لا يكون الالتزام شعوريا ورضائيا بالكامل .. حيث يمكن لكلا الطرفين ان يتحللا من العلاقة في اي وقت بدون ادنى التزام قانوني .. ولماذا يشترط ان يعيش الزوجان في مكان واحد وان يأكلا سويا وان يناما على سرير واحد وان يشاهدا التلفاز سويا ، لماذا كل هذا الالزام والتقييد للحرية ، ان الزواج مسألة يجب بحثها بعمق لأنها فكرة او اختراع بشري يجب فهمه ... دعني اقول ان لدي حتى الآن زملاء في الدراسة لم يتمكنوا من اكمال دراستهم بسبب مسؤوليات الزواج التي تقع على عاتقهم انني في الثالثة والعشرين من العمر وهم اقتربو من تجاوز الثلاثين ومع ذلك لم يتمكنوا حتى الان من مغادرة الجامعة ... لقد درست ايضا دبلوما في الكهرباء .. حقيقة انا اعمل بمهنتي ككهربائي وليس بشهادتي الجامعية .. فزملائي لا زالوا يبحثون عن عمل بشهاداتهم ..لكنني كنت اذكى منهم .. انني تجاوزت مشكلة نفسية هامة وهي ان احمل شهادة جامعية لكنني درست موقفي وموقف سوق العمل فوجدت ان عملي كموظف لن يمكنني ابدا من بناء حياتي التي اريد وتكوين اسرة ...
    فتح العجوز عينيه وقال وهو ينظر الى الشاب:
    - الم تقل بأنك غير مقتنع بالزواج؟
    قال الشاب:
    - لا لم اقل ذلك انني اتساءل فقط عن هذا الاختراع البشري ، حقيقة ارغب دائما في معرفة السبب وراء ان نلقي باعباء التزامات قانونية واجتماعية على انفسنا ..حقيقة انا متردد جدا في هذا الشأن ... الا تعتقد ان العلاقات بدون زواج او بدون ان نسميها كذلك كانت لتكون مريحة اكثر للطرفين ..
    غمغم العجوز : استغفر الله ... هذا زنا يا بني ...
    صمت الشاب ، القى نظرة من النافذة وهمس: زنا ... مالذي يجعل من ورقة بائسة معيارا لكون العلاقة شرعية ام غير شرعية ... لا استطيع ان افهم حقيقة ... هل لديك اجابة يا سيدي؟
    اغمض العجوز عينيه وارجع رأسه الى الوراء وهو يقول بصوت خفيض ليعلن رغبته في ايقاف نهائي لثرثرة الشاب:
    - الدين يا بني ..الدين ...
    لوى العجوز رقبته ورأسه ناحية كتفه الايمن وقال : اريد ان انام قليلا ..
    نظر اليه الشاب بملامح مندهشة ثم التفت الى النافذة ذات الزجاج السميك ... كان القطار يسير بسرعة متوسطة وصوت احتكاك العجلات الفولاذية بالقضبان كل ثانيتين يصنع ايقاعا رتيبا ، يدفع جميع الركاب الى النوم .. الا الشاب الذي نظر الى الصحراء الصفراء والشجيرات الشوكية وبعض منازل الطين التي تتوسط المفازة وكأنها مقابر اثرية ، كان رأسه مليئا بالاسئلة .. وكان محتاجا لإجابات لكن العجوز انهى ثرثرته بتعسف شديد وقمعه .. قال الشاب:
    لقد زرت العفيساب من قبل .. ربما كان هذا قبل سبع سنوات .. هناك وجدت سوقا قديما بناه المستعمرون .. والتفت من حوله منازل الطين ماعدا منزل العمدة الذي كان مبنيا من الطوب الأحمر ..هم اشخاص اغنياء جدا لكنهم لا يعرفون ذلك .. فحياتهم تسير على نمط واحد .. يأكلون نفس الطعام ويشربون نفس الشراب ويتزوجون من بعضهم البعض ونادرا ما يختلطون بالمجتمعات الحضرية ... انهم مكتفون ذاتيا حتى بعد ان تعلموا الاستحمام بالصابون وذاقوا طعم السكر في الشاي وضخوا المياه بالموتورات التي تعمل بالجاز ، لكنهم لم يختلفوا ابدا ..لم يتطور افقهم المعرفي ولم يتخلوا عن عاداتهم البتة ... الزواج الان هو نفسه قبل مائة سنة ..حتى قطع الرحط يتم وتكون الفتاة عارية الا من الرحط ... شيء عجيب جدا ... هم يعيشون كما وجدوا انفسهم ومتصالحون جدا مع الواقع .. سوف تهنأ بكرمهم حين تزورهم ..اعلم ان القطار ليس لديه عودة الا بعد اربع وعشرين ساعة ولذلك عليك ان تقضي هذه الساعات معهم ...
    تظاهر العجوز بأنه يشخر ..اطلق شخيرا طويلا ... ثم مسح انفه بيد ذات كف طويل الاصابع وتبدو سلاماته متورمة .. وعلى الخنصر خاتم فضي عليه حجر كريم ازرق اللون....
    صمت الشاب واستمر القطار في اندفاعه الى الامام بحزم ، جاءت مضيفة القطار وهي فتاة في العشرينات وهي تحمل علبتين كرتونيتين واخذت توزع كعكا ومياه غازية على الركاب ..فصدرت همهة من الجميع واشتعلوا حماسة لهذا الطعام المجاني الذي يخفف عليهم شعورهم بارتفاع ثمن التذاكر ... وفي هذه اللحظة بالذات فتح العجوز عينيه واستلم طعامه دون ان ينظر الى الشاب وفتح كيس الكعك واخذ يقضم منه قضمات كبيرة ويتجرح بعد كل قضمة جرعة من المياه الغازية فكانت تفاحة ادم في عنقه ترتفع وتنخفض حاملة اوردة لا تظهر الا بعد بلوغ الستين . اخذ الشاب يقضم الطعام بصمت وهو يتأمل الصحراء من النافذة ... لقد مضت ساعة الا الربع تقريبا .. هكذا قال... ثم سأل العجوز: كم بقى لك من الوقت لتصل العفيساب؟
    اتسعت عينا العجوز وقال : لا ادري حقا ولكنها لن تتجاوز العشر دقائق في كل الاحوال ...
    هز الشاب رأسه ثم قال:
    لقد اتخذت قراري بالنزول معك..سأزور العفيساب .. سوف احضر هذا العرس معك .. نعم ..ولم لا ... هناك شيء ما يدعوني لفعل ذلك ... ربما اتزوج فتاة منهم ... ما المانع فهم اهل كرم ... يمكنك ان تعقد قراني ايضا .. سوف انقدك اجرك بالتأكيد..
    قال العجوز: يشرفني جدا ان افعل ذلك .. انظر يا بني .. يجب ان تسمعني جيدا... لا شيء في هذه الحياة اسمه فلسفة ..ربما انت اكثر تعليما مني لكنني اكثر خبرة منك ... كل تساؤلاتك هذه تنتهي في لحظة واحدة حينما تكتشف ان الحياة ليست مكانا للتساؤلات ... نحن هكذا خلقنا .. ومهما تساءلنا فلن نجد اجابات .. لا تسأل لماذا نتزوج ونلقي باعباء ومسؤوليات على انفسنا .. هذه سنة الحياة .. المجانين فقط هم من يتساءلون هذه الاسئلة .. وفي النهاية فامامهم احد طريقين .. اما ان يتوقفوا عن الاسئلة ويعيشوا الحياة ..واما ان يستمروا في السؤال دون ان يعيشوا الحياة ودون ان يجدوا اجابات حتى يدخلوا قبورهم ... صديقي الحاج الجنيد لديه ابنة صغيرة في بداية العشرينات .. فتاة محترمة .. تعرف كيف تنظف المنزل وتغسل الملابس وتكويها وتحلب البقرة وتعلفها وتدخل الابقار للحظائر وكل شيء ..فهي ماهرة جدا .. جميلة ونحيلة ومتوسطة الطول .. سأزوجها لك ... لكن على ان تعدني بشيء واحد .. هو الا تتساءل مثل هذه التساؤلات ...على الاقل امامها او امام والدها ..هل توافق على هذا؟؟؟
    نظر الشاب بصرامة الى العجوز وقال: حسنا ..اعدك....
    قال العجوز: هل انت متأكد انك ستتوقف عن الثرثرة بهذه الخزعبلات وتكون شخصا طبيعيا؟
    قال الشاب: نعم متأكد ...
    قال العجوز: حسنا... فلنصمت الان ..
    مضى القطار في طريقه قاطعا الفيافي ولاحظ الفتى ظهور مساكن العفيساب من بعيد ، التفت الى العجوز وقال: سأكون طبيعيا يا خال..رغم انني لا اعرف معنى طبيعي هذه .. الا يمكن ان يكون الطبيعي هو انا والاخرون ليسوا بطبيعيين .. ما هو الطبيعي وما هو غير الطبيعي ..
    واستمر الشاب في الثرثرة الا ان العجوز ابتسم وهو يقول لنفسه: سازوجك رغم جنونك هذا ايها الفتى الاحمق .. وحينها ستصمت مثلنا .. ستصمت للأبد...























                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>

تعليقات قراء سودانيزاونلاين دوت كم على هذا الموضوع:
at FaceBook




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de