ربما يتساءل الكثيرون كيف نفهم هايديجر ..كيف نفهم باشلار ، كيف نفهم دولوز لغير المتحصصين أمثالي ... الحقيقة ان فهم هؤلاء وخصوصا هايديجر لا يتم بالمعالجات العقلية المنطقانية الكلاسيكية ، عندما قرأت كتاب الكينونة والزمان BEING AND TIME لأول مرة وجدت صعوبة جمة في فهمه ، كانت هناك فقرات عالقة في ذهني عن الدازاين والالقاء في الوجود والكينونة وخلافه ، اغمضت عيني ونمت وعندما استيقظت خطرت ببالي مفاهيم واضحة عن تلك الفقرات ، وكاكتكتشاف مذهل توصلت الى اسلوب معالجة النص الهايدجري ، ان معالجتي له كان عبر اعتبار نصه نصا شعريا أكثر منه نصا فلسفيا ، وقررت التأكد من ذلك الاكتشاف فأعدت قراءة الكتاب من جديد بذهنية مختلفة ، ذهنية التوقع الشعري لا الفلسفي ، وعلى افق الخيال رأيت الكينونات والسقوط في الوجود والاغتراب والعدمية الهايديجرية ، ووجدت عمقا ميتافيزيقيا رغم انه يزعم نقضه للميتافيزيقا ، لأن لهايدجير مفهوما خاصا به عن الميتافيزيقا ، وهكذا شرعت ابواب بيت الوجود تنفتح امامي باتساع شديد ، وانتقلت من الحيرة الى الغوص في عالم هايديجر الذي لا يبدو بغير فلسفته الشعرية هذه ذا نفع او قيمة... ربما تجاوزت الان هايديجر متخذا موقفا من هذا النوع من الفلسفة لأن عقلي نفسه لم تصممه الطبيعة لتلقي الفلسفة الشعرية بحبور ... هذه الفلسفة تتقلب مع مزاجي فتارة انتشي بها وتارة اضجر منها ، كما انني لا اميل إلا للنظريات المباشرة تلك التي تتعامل مع الانسان بفهوم فينومينولوجي ، تلك الحدسية التي تقص الريش التخيلي والماورائي من اجنحة المفاهيم وربما كان ذلك بسبب الاعتياد على النظريات القانونية شديدة الارتباط بالواقع والحياة كما هي وكما يجب ان تكون باعتبار ان قواعد القانون هي قواعد سلوك . لقد شعرت بأن تلك الفلسفة الشعرية لم تقدم لي الكثير سوى جموح الخيال ، وارتياده لأفق فانتازي لذيذ...ولكن ليس على مستوى الطرح البوبري او الراشينباخي على سبيل المثال .
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة