ان المشهد السياسي الداخلي والاقليمي الذي تتسارع وتيرته بشكل مخيف هذه الايام يجب ان يقرأ في سياقاته المنطقيه حتى لا تمارس على المواطن فزاعات لباس الامن فيكفيه لباس الجوع الذي هو فيه. هل دخل الاقليم مرحلة الحرب ؟ ستجيب على سؤالنا هذا عده نقاط.
الجنجويد:-
كانت الرمزيه صارخة في ارسال الجنجويد لكسلا هذه الايام . فالمليشيا التي عرفت بانها تأخذ تعليماتها من الرئيس مباشرة وخلقت لحمايته . لا تمثل رمز لسيادة الوطن وحماية ترابه فلو كانت الانقاذ تخاف حقيقة من مهدد خارجي ينوي شن حرب مباشره على الوطن كان استعراض قوة الجيش الوطني ابلغ اثرا على نفس المواطن اذ كان سيشعر بالطمأنينه التي طالما خبرها مع جنوده البواسل . وفي نفس الوقت كانت ستكون الرسالة للعدو قوية باستعراض وحدات متكامله من مدرعات وصاعقة ودفاع جوي ومشاه وغيرها . ولكن لان المواطن هو المقصود بالتخويف فقد اختارت الانقاذ ارسال رمز البطش والارتزاق المحلي الذي لا يعرف له تاريخ سوى الاساءة لمواطن هذا البلد العزيز .
مصر:- مصر ومنذ حروب الانتكاسات وحرب اكتوبر. وعت الدرس تماما. فصار. خوض الحرب المباشرة شئ مستبعد تماما عندها . فهي تخوض كل حروبها سياسيا فقط وهي والحق يقال تعرف كيف تكسب هذه الحرب دون ان تبدد طلقة واحدة . ومن الغباء ان نعتقد ان مصر ستحشد جيش ليضرب السودان من شرقه في قضية المياه والسد العالي يرقد على الاراضي السودانية يمكن ان يطاله التخريب بكل سهولة . وان كان في نية مصر مهاجمة سد النهضة عسكريا وهذا شئ مستبعد تماما فاعتقد ان الاوان لم يحن لذلك ومصر تخوض مفاوضات طويله للان مع اثيوبيا ستحاول ان تخرج منها ببعض المكاسب فغايه مصر هي المياه فان هي استطاعت استبعاد السودان من مفاوضات سد النهضه تستطيع ان تعمل مع البنك الدولي للضغط على اثيوبيا لتحفظ لها حصص ثابتة تمر عبر السودان دون ان يستفيد منها . والا سترضخ مصر لواقع السد بحسب الرؤية الاثيوبية فماتزال اتفاقيات مياه النيل ساريه في ظل تواطء الانقاذ مع مصر بخصوص اتفاقية عنتيبي فلو استطاع السودان التوقيع على الاتفاقيه حينها ستبدأ مخاوف مصر الحقيقية .
اثيوبيا:- اثيوبيا التي انتبهت لنفسها في الاونة الاخيرة وانكفأت على شأنها الداخلي تجاوزت كثير من الملفات مع جارتها اريتريا وفي الفترة الاخيرة تعيش المنطقة استقرار نسبي مرده الى ان الدولتين الجارتين قد اختارتا حسن الجوار على التناوش دون طائل . وفي مايخص سد النهضة ايضا يعني اثيوبيا جدا ان ينجح هذا المشروع دون اثارة اي حروب او زعزعه في المنطقة وهي قد وضعت رؤية متكاملة لهذا الامر بدعم عالمي استقطبته بوعي و دبلوماسية رفيعة.
اريتريا:- اخر ماتفكر به دولة اريتريا خوض مغامرة مع جارتها وسندها الحقيقي السودان . فالحكومه الاريتريه وان اتهمها البعض بعض اليد التي امتدت لها . ذات علاقة عضوية مع نظام الانقاذ وتوجد ملفات اقتصادية شائكة بين الطرفين في ظل حصار عالمي مفروض عليهما لا يستطيع اي طرف التفريط فيها وخصوصا اريتريا التي مالت بشكل مخيف على رواقها الغربي . ومع ذلك للنظام الاريتري مخاوفه التي يجب ان يضعها في الاعتبار إذ ان اعداد مهولة من ابناءه وشبابه المغبونون الذين هربوا من الوضع المعيشي هناك خلال العشر سنوات الماضية يتواجد عدد مقدر منهم داخل الاراضي السودانية سواء في معسكرات اللاجئين او من اندغم منهم في المجتمع والذين عملت الانقاذ على استقطابهم فكثير منهم صار يتمتع بالجنسية السودانية مضافا اليها بطاقه المؤتمر الوطني . هذا بالاضافة لكثير من فصائل المعارضة التي ظلت تأويها ثورة الانقاذ كورقة ضغط في حال قلب لها النظام الاريتري ظهر المجن . كما ان لافورقي تجربة فاشله من قبل في شن هجوم بري عبر المعارضه السودانيه أساء كثيرا لعلاقته مع الخرطوم ولكن تم تجاوزها تحت الضروره الاقتصاديه لكلا البلدين لايمكن ان يكررها الان من اجل عيون مصر التي لم تقدم له اي شئ .
السعودية:- لا ننكر ان ازمة الخليج قد رمت بظلالها القاتمه على محيط حوض البحر الاحمر . ورغم موقف السودان السياسي المتأرجح بين طرفي النزاع الا انه عسكريا مازال ملتزما مع حلف السعوديه والذي يعني بالضروره حلف مصر الامارات اريتريا . والسعوديه يهمها ان لاتفقد اي عنصر في ازمتها هذه وخصوصا ان هي ناصرت مصر ضد السودان في فكره الغذو سيعني حتما التعجيل بدخول تركيا الحليف الاخواني على خط النزاع المباشر وهكذا ستنجر الاقدام الكبيرة لهذه المنطقه الامر الذي بدأت السعوديه بتفاديه بالمناداه بضروره اصلاح ذات البين بين الشقيقتين .
مما سبق يبدو ان الامر ومافيه نوع من الضغوط السياسيه تمارسه مصر في المنطقة لارسال رساله تفهمها اثيوبيا . ولكن اثيوبيا التي خبرت الجانب المصري تماما تعاملت مع الوضع بما يقتضي الظرف عندما طار رئيس وزراءها للقاهرة ووزير خارجيتها للخرطوم . وهكذا ستبين لنا الايام . ان البالون الذي نفخت فيه قناة الجزيره لا يعدو كونه نوع من الصخب الغير منتظم . تسللت اليه الانقاذ بليل لتجني شئ ما.
تواجه الانقاذ هذه الايام حرب ضروس داخل اروقتها والسبب في ذلك غلاء المعيشة فالقصاصات الاخباريه المنتشرة وراءها ما وراءها فخبر مثل الاطاحة بوزير المالية الركابي او الخبر الذي يتكهن بحل الحكومه الحاليه كلها تنبئ بان بيت الانقاذ ليس بخير . لهذا لن تضيع الانقاذ هذه الظروف السياسية الاقليمية هباء وستعمل على الاستفادة منها بشكل كبير لاشك.
والاحتقان الذي خلفه هذا الوضع هو مايخيف الانقاذ حقيقة فلقد بلغ السيل الزبى وفاض بالناس والمشهد قاب قوسين او ادنى من الانفجار ...ولكن!!! تأتي دعوة الشيوعي غدا للخروج. والانقاذ تتنفس الصعداء . كيف؟ اولا:- عندما كانت الانقاذ في المعارضة كانت هي من تخرج الناس للشارع وذلك عبر آليات وطرق مدروسة تلعب فيها القيادات الوسيطة دور كبير في تحريك القواعد والخلايا النائمه المنتشرة في المدارس والمؤسسات المختلفة وكان هذا الامر يتم في غاية السرية . حيث يكون عنصر المفاجأة هو الفيصل في نجاح المظاهرة ( وعمرنا لم نسمع بمسيرة سلمية في زمانهم) فكان كل العمل تخريب وفوضى عارمة تربك الجهات النظامية كثيرا. بغياب عنصري السرية والمفاجأة غابت اهم معالم نجاح الخروج غدا.
ثانيا:- لا يملك الحزب الشيوعي اي قواعد بالتالي قيادات وسيطه موزعة لقيادة هذه الجماعات وهو ماجعله يلجأ للاعلان عن مسيرته عبر الوسائط الاعلانية المختلفة للاستقطاب . ممايعني ان الانقاذ ستحشد يوم غدا قواعدها لهذه المسيرة وتستحوذ عليها من حيث لا يعلم منظموها . وبهذا تضرب الانقاذ عصفورين بحجر . تنفيس حده الشارع بخروجه والاستحواز عليه في نفس الوقت . وبهذا يقدم الحزب الشيوعي من حيث لا يدري خدماته الجليله للانقاذ . فلو انه ترك الامور تتموضع بوضعها الطبيعي وتكتمل لهذا الاحتقان اركانه المنطقيه للانفجار لكان الوضع كارثي على الانقاذ .
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
حيدر الشيخ هلال
فيس بوك
تويتر
انستقرام
يوتيوب
بنتيريست