لم تغمض عينا ندى..غداً يوم الامتحان.. أربع سنوات من التخرج.. معاينة إثر معاينة.. الحصاد لا شيء.. معاينة الغد تفرق كثيراً.. الوكيل بعد أن اطلع على سيرتها الذاتية طلب مقابلتها.. شعرت لأول مرة أنها باتت قريبة من الهدف.. وظيفة سكرتيرة بعيدة عن تخصصها في الكيمياء الحيوية.. طمأنت ندى نفسها بعد أن جذبت نفساً عميقاً كل إنسان في هذا البلد في غير موضعه.. السيف عند جبانه والمال عند بخيله. أغمضت عينيها كأنها تستدعي سلطان النوم.. أطل عليها طيف عماد ابن خالتها.. أحبها منذ زمن الصبا الناهد.. أول رجل ولج قلبها وتذوق طعم شفتيها.. لم يفعل أكثر من ذلك وظل في حالة انتظار.. دراسته للحاسوب انتهت به سائقاً لعربة أمجاد.. المهر الذي طالبت به ندى كان مجرد وظيفة.. البنت الكبيرة كانت تريد أن تساعد أمها التي ترملت منذ أن كانت ندى في الثانوية. خافت أن يعترض حبيبها على هذه الوظيفة.. تدرك أنه غيور لدرجة الجنون.. لن يسمح لها أن تختلي برجل حتى ولو كان ذلك في مكان العمل.. ليس لديها خيارات.. ستكون هذه الوظيفة المدخل الصحيح لوظيفة أخرى تناسب مؤهلاتها.. أخيراً أقنعت نفسها ألا تخبر الحبيب بتفاصيل العرض الوظيفي. .لن يجرؤ سائق سيارة أجرة على دخول ذاك البرج الوزاري. ولجت ندى إلى مكتب الوكيل.. المسؤول كان دون توقعاتها.. بدا الرجل شاباً وأنيقا ولطيفاً.. قام من مقعده وحياها.. من الثلاجة الصغيرة أخرج علبة مياه غازية.. بعدها ارتدي الجاكيت الذى كان معلقاً بجانبه.. أخبرها أنه سيمضي لاجتماع مهم.. سألت ندى ببراءة عن الموعد الجديد للمعاينة.. ابتسم الوكيل وببساطة أخبرها "تم تعيينك في الدرجة التاسعة". في عربته الفارهة لم يغب عنه مظهر السكرتيرة الجديدة.. تبدو جميلة وبسيطة.. هذه المرة الأولى التي يعين فيها سكرتيرة شابة.. قطع تفكيره هاتف زوجته آمنة.. أخبرته بجملة من الطلبات المفترض تجهيزها قبل سفرها إلى الرياض لحضور مراسم استقبال المولود الأول لكريمتهما.. أغلق الهاتف بعد إكمال المحادثة.. خالجه شعور أن هذه السيدة دائماً تشعره أنه أصبح عجوزاً. الوكيل والسكرتيرة الحسناء بدا كل منهما يشعر بأن الآخر يكمله.. تعد له في الصباح كوباً من القهوة.. يحكي لها ذكرياته.. تحدثه عن توجسها من المستقبل.. الوكيل يتحدث عن الحاجة آمنة دون أن يذكرها بالاسم.. الزوجات ينشغلن بالأبناء ويصبح الزوج في خبر كان.. ندى تؤكد أن بنات جيلها لا يثقن في شباب (الزمن دا).. عند نقطة معينة يهرب كلاهما من الإقرار أن الحب لا يعرف فوارق العمر. ذات صباح جاء الوكيل يحمل ابتسامة عريضة.. سألته ندى "يا أستاذ مبسوط كدا ليه".. رد لا شعورياً "آمنة سافرت".. ابتسمت السكرتيرة الجميلة .. صوبت نظرها إلى قلب السيد الوكيل.. وجدت ربطة العنق في غير موضعها.. مضت يدها إلى القلب مباشرة لاستعدال (الكرفتة).. أمسك الكهل الكف الناعم بحنان بالغ. في مساء اليوم التالي تزوج الوكيل من سكرتيرته سرًا.. عماد كان مشغولاً بمطاردة رزقه.. آمنة اقترحت أن يسمى الحفيد باسم زوجها الذي نجح في تقلّد المنصب الرفيع.
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
عبدالباقي الظافر
فيس بوك
تويتر
انستقرام
يوتيوب
بنتيريست