كانت الضرائب الباهظة هي سبب لسقوط الكثير من الممالك نسبة لارهاق المواطنين بها مما يضطرهم للثورة على الملك ، وغالبا في آخر كل امبراطورية او مملكة أي في فترات الضعف والايلولة المؤكدة نحو الانهيار تزيد الممالك والحكومات الجبايات من ضرائب ورسوم. وهذا ما يحدث في يومنا هذا اذ يشتكي جميع الناس من ارتفاع جبايات الدولة وتنوعها وكثرتها بحيث لا يعلم بعددها ومداها الا الله والعاملين عليها . وفي اثر هذه الاستقطاعات الكثيرة تعاني المشاريع الصغيرة من اهمال دعم الدولة بل ومن تعرضها للكثير من الشروط المرهقة التي لا تنتهي والتي تفرضها كل محلية وكل وزارة ولائية وكل وزارة اتحادية وكل مرفق عام ، وهذا منذ بداية اي مشروع وبشكل مرهق وغير منطقي ، في الوقت الذي لا يتجاوز فيه رأس مال صاحب المشروع الصغير ثلاثين الف جنيه ، وما لا يزيد عن مائة الف جنيه رغم أننا لو قسنا القوة الشرائية للنقود فيجب أن نقول بأن من يملك رأس مال مائة وخمسين الف جنيه فهو لا زال صاحب مشروع صغير ، وأثناء انطلاقة المشروع الصغير لابد ان تأتيك زيارات مختلفة من الموظفين الجباة ، سواء كانوا تابعين للمحلية او الضرائب التي يفرضها القانون الاتحادي او تلك التي تفرضها قوانين الولاية ، وتظل أنت كصاحب مشروع تحاول الالتفاف على هذا الابتزاز القانوني بكل شكل كان ، الى أن تجد أمر اداري تنفيذي او حكم محكمة او حتى امر صادر من شركة جبايات خاصة فوضها الأمين العام للضرائب (رغم عدم قانونية هذا التفويض) والتي يرافق كل موظف جاب منها شرطي لمصادرة ما تملك. نعم يا سادة ، فليس ستات الشاي وحدهم من يعانون بل كلنا نعاني ايا كانت محاولة الواحد منا للافلات من كارثة الفقر في بلد لا تقدم اي خدمات جيدة صحية او تعليمية او خلافه مجانا للفرد او للاسرة. هذا طبعا بعيدا عن قرارات المحليات والولاية المتعسفة والتي قد تمنعك من ممارسة نشاط معين او تمنع نشاطك من الخروج خارج دائرة جغرافية محددة وتفرض عليك غرامات مرهقة ان كنت تجهل بهذه القرارات . ومن المدهش في هذا الوضع الكارثي ، أن قانون تشجيع الاستثمار مثلا يهتم بأصحاب الملايين فيقدم لهم اعفاءات جمركية وضريبية كقانون تشجيع الاستثمار لولاية الخرطوم ، في حين لا يهتم المشرعون (اتحاديون ام ولائيون) بأصحاب الدخل المنخفض ولا اصحاب المشاريع الصغيرة ، وهذا في حد ذاته اعوجاج في ميزان العدالة ، فلا يستقيم ان يعامل صاحب المليون دولار بأفضل من صاحب الثلاثين الف جنيه ، ولكن هذا هو قدرنا ومن كتبت عليه خطى مشاها. هناك أنواع كثيرة من الضرائب كضريبة الدخل وضريبة القيمة المضافة وضريبة رأسمال ، ولكن أهم هذه الضرائب هي ضريبة الدخل لأنها تشمل ضريبة أرباح الأعمال ، وهي التي تعترض أي صاحب مشروع صغير ، ولا يقدم قانون ضريبة الدخل ومن ثم ارباح الأعمال اي اعفاءات على المشاريع الصغيرة وهكذا فهو (سيك سيك معلق فيك) ، وازاء هذا فليس أمام صاحب المشروع سوى تجنب هذه الضرائب والتجنب الضريبي يختلف عن التهرب الضريبي فالتجنب يعني استخدام ثغرات القانون للافلات من الضريبة ، أما التهرب الضريبي فهو اي فعل غير مشروع يحول دون تقديم الضريبة للدولة. فمثلا ضريبة القيمة المضافة (وهي ضريبة غير ذات اهميةلأن صاحب السلعة او الخدمة يضيفها الى السعر) هذه الضريبة تفرض على من كان رأسماله أكثر من مائة الف جنيه (لا اعرف ان كان قد تم زيادة هذا الحد أم لا) ، كما تفرض على من ورط نفسه واضاف نفسه للقيد التجاري (دقس) ، وبالتالي فمن لم يضيف نفسه وكان رأسماله من مائة الف فما دون ذلك ليس عليه ضريبة قيمة مضافة. أما القانون الذي يهمنا فهو قانون ضريبة ارباح الأعمال وقد ساوى المشرع بين ضريبة الدخل وضريبة ارباح الاعمال باعتبار ان الارباح هي دخل لصاحب العمل. وقد نصت المادة العاشرة على أن الارباح تشمل الارباح الناتجة عن أي عمل عن أي مدة بوشر فيها ذلك العمل ، وهذه المادة بحسب فهمي تؤدي الى أن يكون المشروع الصغير خاضعا للضريبة وأن يكون ذلك في أي وقت . وفي الواقع لم يقدم هذا القانون اعفاءات تذكر لأصحاب المشاريع الصغيرة رغم أن المادة 17 أحالت الى الجدول رقم واحد فيما يتعلق بالاعفاءات وهذا ما سنورده في حينه. ذات هذه المادة (17 / 2 / أ) اجازت لوزير المالية بتوصية من الأمين العام لديوان الضرائب أن يقرر اعفاء أي دخل أو أي نوع من الدخل من الضريبة الى المدى المبين في ذلك الأمر. وتعتبر هذه المادة جيدة في حالة قيام الوزير بتطبيقها على المشاريع الصغيرة ،؛ومع ذلك فهي أيضا تعيد الأمر لوزير المالية ، وهذا يعني مزيدا من الاجراءات ، فأولا هناك اجراءات من قبل الأمين العام ثم اجراءات أخرى من الوزير . الاعفاءات وفق الجدول واحد كالتالي: يمنح الشخص الطبيعي المقيم اعفاء من ضريبة الدخل الشخصي وأرباح الأعمال ودخل ايجار العقارات مبلغا وقدرة 10.000 عشرة الاف دينار (قبل تغيير العملة) لكل واحد من الآتي: أ. الزوج. ب. الزوجات وان تعددن بما لا يجاوز الاربع. ج. الاولاد الذين في كفالته ويعتمدون عليه في معيشتهم شريطة أن: أولا. تكون اعمارهم دون الثامنة عشر ثانيا. اذا كانت اعمارهم تجاوز الثامنة عشر ولم تجاوز الحادي والعشرين ويتلقون تعليما ثانويا. ثالثا. اذا كانت اعمارهم لم تجاوز السادس والعشرين وكانوا يتلقون تعليما جامعيا. رابعا. اذا كانوا غير قادرين على الكسب بسبب العجز الجسماني أو العقل .. ومن ثم يستطيع صاحب المشروع الصغير اضافة هؤلاء ليخفف قليلا من عبء ضريبة الارباح ، وان كان يعيب على هذا القانون انه لم يدرج الأبوين تحت كفالة صاحب المشروع رغم أن قانون الاحوال الشخصية يفرض عليه ايضا نفقات للوالدين وفق المادة 85. وأخيرا ننتهز هذه السانحة لمطالبة الحكومة بالنظر الى أصحاب المشاريع الصغيرة بعين الاعتبار .. خاصة أن هؤلاء قد يندرجون في خانة الاسر المنتجة.
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
أمل الكردفاني
فيس بوك
تويتر
انستقرام
يوتيوب
بنتيريست