من العجائب أن بعض دعاة الصوفية يقولون: إن الشرك بالله تعالى لن يقع في هذه الأمة!! وقد استمعت إلى مقاطع لبعضهم يحاولون فيها ليَّ عنق الحقيقة والتلبيس بإدعاء أن الشرك بالله تعالى لن يقع في هذه الأمة، وأنه لن يشرك بالله أحدٌ من هذه الأمة.
وهذا الفهم (الخاطئ) من هؤلاء المتصوّفة هو من جملة ما يجتهدون لأن يفهموه لأتباعهم بالتلبيس والتمويه لتسويغ ما هم عليه من باطل، وللتشويش على دعوة التوحيد التي يسعى دعاتها لانتشال المغشوشين من هؤلاء الأتباع من وحل الشرك إلى نور التوحيد لله جل وعلا خالق العبيد. ومن أمثلة تلبيساتهم خداعهم في معنى الحديث الصحيح الذي رواه البخاري ومسلم، وفيه قول النبي عليه الصلاة والسلام : (...وَإِنِّي وَاللَّهِ مَا أَخَافُ عَلَيْكُمْ أَنْ تُشْرِكُوا بَعْدِي وَلَكِنْ أَخَافُ عَلَيْكُمْ أَنْ تَنَافَسُوا فِيهَا). وشأن أهل البدع والضلال فهم النصوص الشرعية بأهوائهم وليس بالفهم الصحيح بعد الذي يجب أن يكون بعد جمع كل ما ورد في الباب من النصوص الأخرى. فأما معنى الحديث: * فقد قال الحافظ ابن حجر العسقلاني رحمه الله في فتح الباري : ( قوله : (ما أخاف عليكم أن تشركوا ) أي على مجموعكم لأن ذلك قد وقع من البعض أعاذنا الله تعالى ..). * وقال النووي رحمه الله في شرح مسلم: (وفي هذا الحديث معجزات لرسول الله صلى الله عليه سلم، فإن معناه الإخبار بأن أمته تملك خزائن الأرض وقد وقع ذلك، وأنها لا ترتد جملة وقد عصمها الله تعالى من ذلك، وأنها تتنافس في الدنيا وقد وقع كل ذلك). * وقال الشيخ محمد العثيمين رحمه الله في شرح رياض الصالحين : (....لكن لا يفهم من هذا أي من كونه لا يخاف الشرك على أمته ألا يقع، فإن الشرك وقع الآن فهو موجود الآن من المسلمين من يقول إنه مسلم وهو يطوف بالقبور ويسأل المقبورين ويذبح لهم وينذر لهم فهو موجود، والرسول صلى الله عليه وسلم لم يقل إنكم لن تشركوا حتى نقول إن ما وقع ليس بشرك، لأن الرسول نفى أن يكون الشرك، وهو لا ينطق عن الهوى، لكن قال إني لا أخاف وهذا بناءً على وقوع الدعوة في عهده صلى الله عليه وسلم وبيان التوحيد وتمسك الناس به، لكن لا يلزم من هذا أن يستمر ذلك إلى يوم القيامة، ويدل لهذا أنه صح عن الرسول صلى الله عليه وسلم لا تقوم الساعة حتى تعبد فئام من أمته الأوثان أي جماعات كبيرة ....). وبمعنى هذا القول قال جميع من وقفت على قولهم في شرح هذا الحديث.. وقد دلت السنة الصحيحة على أن من هذه الأمة من يشرك بالله تعالى، ولا أدري بماذا يجيب الصّوفي الملبّس عن هذه الأحاديث الواردة من النبي صلى الله عليه وسلم : 1/ روى البخاري ومسلم عن أَبي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : (لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى تَضْطَرِبَ أَلَيَاتُ نِسَاءِ دَوْسٍ عَلَى ذِي الْخَلَصَةِ) وَذُو الْخَلَصَةِ طَاغِيَةُ دَوْسٍ الَّتِي كَانُوا يَعْبُدُونَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ. 2/ وروى مسلم عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: (لَا يَذْهَبُ اللَّيْلُ وَالنَّهَارُ حَتَّى تُعْبَدَ اللَّاتُ وَالْعُزَّى . فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنْ كُنْتُ لَأَظُنُّ حِينَ أَنْزَلَ اللَّهُ : (هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ) أَنَّ ذَلِكَ تَامًّا؟ قَالَ إِنَّهُ سَيَكُونُ مِنْ ذَلِكَ مَا شَاءَ اللَّهُ، ثُمَّ يَبْعَثُ اللَّهُ رِيحًا طَيِّبَةً فَتَوَفَّى كُلَّ مَنْ فِي قَلْبِهِ مِثْقَالُ حَبَّةِ خَرْدَلٍ مِنْ إِيمَانٍ، فَيَبْقَى مَنْ لَا خَيْرَ فِيهِ فَيَرْجِعُونَ إِلَى دِينِ آبَائِهِمْ ). فتبين بهذا أن بعض المسلمين سوف يقع في الشرك والردة، من دون أن يعم ذلك جميع الأمة، فإنها معصومة من أن تجتمع على ضلالة. 3- وثبت في سنن أبي داود وغيره عنه صلوات الله وسلامه عليه أنه قال: (لا تقوم السّاعة حتى تلحق قبائل من أمتي بالمشركين، وحتى تعبد قبائل من أمتي الأوثان). 4/ وجاء عنه عليه الصلاة والسلام أنه قال: (لتتَّبعن سَنن من كان قبلكم شبراً شبراً ذراعاً ذراعاً حتى لو دخلوا جحر ضبّ لدخلتموه). كل ذلك قاله عليه الصلاة والسلام نصحاً للأمّة وتحذيراً لها من هذا الذنب العظيم والجرم الوخيم أعاذنا الله جميعا منه. 5/ ما جاء في المسند وغيره أن النبي صلى الله عليه وسلم قال للصّحابة رضي الله عنهم: (إنّ أخوف ما أخاف عليكم الشرك الأصغر)، فسألوا عنه فقال: (الرياء). قال العلماء: إذا كان النبي عليه الصلاة والسلام خاف على الصحابة ــ وهم من هم في الطاعة والتوحيد ــ من الشرك الأصغر، فكيف الشأن بمن هو دونهم ومن لم يبلغ عُشْرَ معشارهم في التوحيد والعبادة؟! بل جاء في الأدب المفرد بسند حسن بما له من شواهد أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (لَلشرك فيكم أخفى من دبيب النّمل) فقال بعض الصحابة: أو ليس الشرك يا رسول الله أن يتخذ ند مع الله وهو الخالق، فقال عليه الصلاة والسلام: والذي نفسي بيده لَلشرك فيكم أخفى من دبيب النمل ثم قال عليه الصلاة والسلام: (أو لا أدلكم على شيء إذا قلتموه أذهب الله عنكم قليل الشرك وكثيره) قالوا: بلى يا رسول الله، قال: تقولون: (اللهم إنا نعوذ بك أن نشرك بك ونحن نعلم ونستغفرك لما لا نعلم). إن من المؤسف أن بعض المسلمين يسمعون مثل هذه المقاطع ثم يصدّقون ما ينشر فيها، وكيف يصدّقون بها وكثير من المتصوفة يعكفون عند الأضرحة وينادون الأموات ويدعونهم من دون الله تعالى في كثير من المدن والقرى، ويطوف بعضهم بالقبور وينذرون لها ويحلقون الرؤوس عندها وغير ذلك مما هو مشاهد في الواقع ؟! إن هذا التلبيس من بعض دعاة المتصوفة من الأمور الخطيرة التي يجب على دعاة الحق العناية بكشفه وتبيين الحق للناس بأدلته الشرعية. قال الشاطبي رحمه الله في الموافقات: (ومدار الغلط في هذا الفصل إنما هو على حرف واحد: وهو الجهل بمقاصد الشرع، وعدم ضم أطرافه بعضها لبعض، فإن مأخذ الأدلة عند الأئمة الراسخين إنما هو على أن تؤخذ الشريعة كالصورة الواحدة بحسب ما ثبت من كلياتها وجزئياتها المرتبة عليها، وعامّها المرتب على خاصّها، ومطلقها المحمول على مقيدها، ومجملها المفسر بِبَيّنها، إلى ما سوى ذلك من مناحيها، فإذا حصل للناظر من جملتها حكم من الأحكام فذلك الذي نظمت به حين استنبطت ...). وإذا كان الشرك بالله هو الخطر الأكبر على الإنسان في هذه الحياة، وأنه المخلّد في النار والمحبط للأعمال فإن ذلك يحتّم التحذير منه في كل زمان ومكان، ويحتّم العناية بذلك في التعليم بمراحله المتنوّعة. والموفّق من وفّقه الله.
اذا معنى الحديث المذكور أنه لا محالة من أن بعض المسلمين سوف يقع في الشرك والردة، من دون أن يعم ذلك جميع الأمة، فإنها معصومة من أن تجتمع على ضلالة، فماذا أنتم فاعلون وما فائدة دعوتكم للمسلمين بالتوحيد وهم موحدون والصوفية بالذات هم أصدق المسلمين ايماناً وتوحيداً وأن من المشاهد أن بغضهم يدعوا الله بالغيث فيستجيب ربه بانزال المطر والا لماذا يستجيب الرحمن لصلاة الاستسقاء من العامة فيغيثهم وشيوخ الصوفية الذين يقال إنهم ينزلون المطر لا يفعلون شيئا غير الدعاء بصدق واخلاص ونقاء نفس ويستجيب الله لهم فكيف يكونوا مشركين وهم يدعون الله ويستجيب لهم؟ هل قال أحدهم إنه ينزله بمشيئته هو أم باستدعاء مشيئة صاحب المشيئة الله؟ وبالمناسبة الصوفي لا يرى لنقسه مشيئة البتة حتى تلك المشيئة المعتبرة شرعا والتي خير الله الانسان فيها يربأ الصوفي بنفسه على أن يقول فعلت أو سأفعل، فأين أنتم من هؤلاء القوم!!؟
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة