شظايا البلور المكسور برحيل محمد عظيم أبوصباح بقلم سيد أحمد حسن بتيك

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 04-25-2024, 05:55 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
08-03-2017, 04:03 PM

سيد أحمد حسن بتيك
<aسيد أحمد حسن بتيك
تاريخ التسجيل: 06-12-2017
مجموع المشاركات: 12

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
شظايا البلور المكسور برحيل محمد عظيم أبوصباح بقلم سيد أحمد حسن بتيك

    03:03 PM August, 03 2017

    سودانيز اون لاين
    سيد أحمد حسن بتيك-sudan
    مكتبتى
    رابط مختصر


    في ثمانينات القرن الماضي ونحن في مطلع حياتنا العملية - بعد أن اكتمل بدر تعليمنا الجامعي في مؤسسة سمقت وتطاولت حتى غدت علما في سماء التعليم العالي في زمان مضى وليته يعود - شددنا الرحال الى عاصمة الجبال - تلك اللوحة الجمالية المتفردة في مواسم الخير وزمان السحاب المنهمر- وأني لأي مدينة أخري في سوداننا الحبيب غير كادقلي أن تأسرك بطبيعتها الخلابة حتى يخيل إليك بأن شاعرا كبيرا في قامة أحمد شوقي عناها وهو يخاطب لبنان برائعته المشهورة: أنت الخيال بديعه وغريبه.... الله صاغك والزمان رواك. ولقد سبق أن هام بعروس الجبال زائر سعودي دخلها في أوج خريف عام ماطر ونحن وقتئذ بين ظهرانيها شهودا على حدث افتتاح مؤسسة تربوية، فانتشى الزائر بروعة المشهد ولم يتمالك نفسه من جمال ما رأي فما كان منه - وهو القادم من عمق الصحراء- إلا أن يطالب الحضور بُعيد ارتقائه منصة الخطابة بتسمية المدينة "كاد يحلو" بديلا عن "كادقلي".
    وعلى الرغم من أن أول عهدنا بكادقلي تزامن مع فصل الشتاء إلا أننا شهدنا خريفا من نوع أخر، ولك الحق كل الحق – يا أعزك الله – أن تعجب كل العجب إن علمت أن ذلك الخريف لم يكن سوى شاب في الثلاثينيات من عمره، أمد لنا يد الترحاب في المدخل الجنوبي للمدينة حيث محطة البحوث الزراعية. ولعلي لا أذيع سرا إن زعمت بأن كل من حظي باستقبال من ذلك الشاب – وما أكثرهم عددا – إلا دخل السرور في قلبه من أول وهلة، تماما مثلما حدث لكل من ولج المدينة لأول مرة في حين غفلة من أهلها، فما سمع ولا رأي ولا عرف شيئا عن خريف كادقلى قبل ذلك المجئ.
    وأحسب أنك في شوق لمعرفة ذلك الشخص المتفرد ولكن أستميحك عذرا في أتوقف قليلا في مدلولات اسمه قبل الخوض في كنه الرجل وصفاته، وذلك لأن الأسماء أحيانا تكون مرآة حقيقية لشخصية المسمى. وهذا بالضبط ما لمسناه وعايشناه عبر سنوات عديدة ونحن نشارك صاحبنا العمل والسكن والترحال في جبال النوبة. لقد اختار له أهله - على غير عادة السواد الأعظم في بلادي - اسما مركبا من اسم النبي مقرونا بصفة العظمة، فاسموه محمد عظيم، على الرغم من أن محمدا وحده يكفي لتحقيق المراد من اطلاق اسم خير البرية – صلى الله عليه وعلى آله وسلم- على المولود، إلا أننا نحسب أن المبتغي من تلك الاضافة كانت الرغبة في التفرد بين الأقران ممن يحملون نفس الاسم، وهذا هو عين ما كان وعين ما كنا عليه شهودا.
    علم الله أن أخينا وحبيبنا محمد عظيم أبو صباح ابن الجزيرة المعطاءة قد حبب إلينا عروس الجبال وأسبغ علينا نعمة الا رتباط بتلك الأرض سنوات عديدة، ولولا ما حاق بتلك البقعة الفريدة من نزاع مسلح لربما طال عهدنا بالمدينة وبرفقة صاحبنا زمانا أطول مما كان وللبثنا فيها عمرا مديدا ندعم جهود كوكبة كبيرة من العاملين وقتها في تنمية انسان المنطقة عبر حسن الاستفادة من الموارد الطبيعية التي لا تحصى ولا تعد.
    لقد كان أبو صباح بحق شعلة من النشاط ومصدرا فريدا للمعلومات الثرة عن كل جبل من جبال النوبة وقد وظف جل تخصصه كباحث اجتماعي في الولوج إلى العديد من المجتمعات التي كانت معزولة في ذلك الزمان واستطاع ببراعة شديدة أن يكون جزءا من عادات وطقوس أهل الجبال يشاركهم في احتفالاتهم التقليدية (السبر) كفرد أصيل منهم ويتابع مراحل تجهيز المصارعين الأشداء لأيام مجموع لها الناس ويحكي لك بطريقته المشوقة عن كيفية اختيار لقب حماسي لكل مصارع من أمثال "نمر أكل شوابنه" و"ترابي جاب شريعة" وغيرهما من عجائب الألقاب. ومما يحزن كل غيور على تاريخ وطنه وإرثه ضياع مثل تلك الثروة القومية من جراء الحرب حينا أو بموت أعلامنا أحيانا أخرى، يحدث كل ذلك دون توثيق وتواتر معلومات بين الأجيال، فمن يا ترى له المقدرة ليحكي لنا الكثير من عاداتنا وثقافاتنا المميزة في تلك البقاع وغيرها وقد رحل عن دنيانا بالأمس محمد عظيم أبو صباح وهو يكابد متطلبات العيش في ديار الغربة بعد أن ضاقت عليه أرض الوطن بما رحبت؟
    على المستوى الشخصي تفرد محمد عظيم بجملة من الصفات التي نادرا ما تجتمع في شخص واحد، فهو الأقدر على التواصل مع الغرباء في زمن قياسي وهو الأفضل في تقديم كل عون أو معلومة وهو الصبورعلى مشقة الترحال وهو المثابر في تحقيق المرام وهو الخدوم للكل وبلا ملل، وفوق هذا وذاك يجذبك جذبا للاستمتاع بصحبته حين تدخل إلى عالمه الخاص من خلال طقوسه المتفردة في إعداد الشاي لزوم التواصل البناء. رحمك الله يا أبا الوليد فما زلت أذكر تفاصيل تلك الطقوس وقد تقادم عهدنا بها.
    ولعل من فضل الله علينا أن تزاملنا في بداية تدرجنا في السلم الوظيفي مع كوكبة نيرة من أبناء السودان وردوا من كل أصقاع الوطن جمعتهم الرغبة في تنمية المنطقة وفرقتهم الحروب، ولقد زادني شرفا أن تقاطعت طرقي مع محمد عظيم أبو صباح مرة أخرى في ديار الغربة ولسنوات عديدة قاربت العشر فضلا عن سابق سنوات تلاقينا في كادقلي، فما زادت الغربة صفاته إلا صقلا وما أعملت في سودانيته إلا ألقا فكان نعم الصباح في أوقات العتمة. وأحسب أن تقاطع طرقنا في بلاد الحرمين الشريفين من أهم أسباب بقائي في الغربة لعقد من الزمان رغم عدم قناعتي الشخصية بالهجرة من أجل دنيا نصيبها، فكان ملاذا أمنا لشحن بطارية الغربة كلما نضبت بفعل متلازمة الحنين للوطن و جدارة من لا يعرفون حدود ما أنزل الله.
    في اللقاء الثاني ورغم فرحتي بجمع الشمل، إلا أننى خرجت من أول لقاء جمعنا في الغربة حزينا، وكيف لا أحزن على وطن فرط في ثروة قومية بلا ثمن أو وطن أخر كل ما قدمه له فرصة عمل في مجال أبعد ما يكون عن تخصصه وعلمه وثقافته التي بُنيت عبر سنوات طويلة من المشقة والجهد. رحمك الله يا محمد عظيم وأنت تلقى ربك بعيدا عن وطن عشقته وقدمت له الكثير، وهنيئا لك بحسن الخاتمة وقد فاضت روحك الطاهرة لبارئها بعد ما أتممت صيام الشهر الفضيل وأكملت مناسك عمرة رمضان وأتبعتها بصلة الأرحام فحللت ضيفا عزيزا على ابنك وليد في معية الزوجة الفضلى مريم وابنتك سماح. وبمثل ما وريت الثري في ديار غير ديارك وبمثل ما كان فقد الغربة ألما على ألم بقدر ما تعاظم حزننا لرحيلك أضعاف مضاعفة لعجزنا أن نقوم بالواجب الأخير تجاه عزيز قدم لنا ولوطنه الكثير.
    اللهم إنا نشهد لأخينا محمد عظيم أبو صباح بجميل صفاته وحسن معشره وكريم خصاله وفضله علينا وعلى كثير من الزملاء ونسألك يا كريم بحق تلك المزايا وبشاهدتنا وشهادة مجموعة الباحثين من زملاء الفقيد في كادقلي والأبيض أن تكرم وفادته وتحسن عقبه وترد غربة كل مغترب غانما لوطنه أمنا في سربه وأن تحيل بلادنا إلى واحة تغنينا بها عن ما سواها من البلاد ولا حول ولا قوة ألا بالله و"إنا لله وإنا إليه راجعون".























                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>

تعليقات قراء سودانيزاونلاين دوت كم على هذا الموضوع:
at FaceBook




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de